الشارع السياسىتحقيقات صحفيهعرب وعالم

محمد عبدالله يكتب || مذكرات داعش «4».. القصة الكاملة لمقتل «صائد الدبابات»

داعش
داعش
تواصل “المساء نيوز ” نشر مذكرات أحمد ساهر الجهادى المصرى، فى سوريا “الدولة التى رأيت”، ونعرض هنا الجزء الرابع من المذكرات، دون أى تدخل، لتكون أول مذكرات تنشر عن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من الداخل، لمعرفة حقيقة التنظيم الإرهابى.
كان متخفيًا بين «الكتيبة الخضراء» واكتشفه مقاتلو «الدولة» ثم فصلوا رأسه عن جسده
مكالمة عبر «سكايب» تكشف كيف يكفر «داعش» كل الفصائل الإسلامية المقاتلة فى سوريا
قصة الانتحارى المنشق عن «الدولة» الذى بكى ندمًا وهو يروى شهادته عن عمليات التنظيم

الدولة التى رأيت “الجزء الرابع”

بذلت الدولة جهدًا كبيرًا لتدفع عن نفسها شبهة القتل والتكفير ورددت عشرات المرات أنها لا تكفر المسلمين وأنها لم تبدأ خصومها بالعداوة وقد وضحنا بجلاء فى الأجزاء السابقة وبالتسلسل التاريخى ومن كلامها هى أنها هى من بدأت الاعتداء والاستعلاء على باقى إخواننا المجاهدين وفى هذا الجزء سنبين بوضوح أن الدولة غارقة فى مستنقع التكفير الذى أدى بها لكل تلك الجرائم.. سأسرد بعض القصص التى عشتها بنفسى وسأنقل شهادة بعض الشهود الذين وثقت شهادتهم بنفسى وسأسلط الضوء ببساطة على بعض بيانات الدولة التى لم ينتبه أغلب الإخوة لما فيها من تكفير صريح لخيرة المجاهدين أدى بعد ذلك لاستحلال دمائهم.

أذكر القارئ أنى أكتب مذكرات، والمذكرات هى مجموعة قصص وأحداث عاشها صاحبها ومعلوم أن اقتناع كل واحد منا بفكرة يمر بعدة مراحل تبعًا للوقائع التى يمر بها وكنت فى بداية الأحداث ميالًا للدولة وكان هذا الميل يزيد كلما سمعت شبهات “بل أكاذيب” عن الدولة لا زال بعض الإخوة يرددها حتى اليوم ولازلت أذكر أكثر من مجلس دافعت فيه عن الدولة “فى البداية” حتى بدأت أسمع همس الهامسين بأنى “متعدشن على الطريق”.

1- مواقف تكفيرية متفرقة قبل الاشباكات

فى البداية لم أكن ألقى بالًا لعشرات العبارات والمشاهد التكفيرية التى كنت أظنها مجرد أفكار شاذة لا يترتب عليها عمل أو خطورة ولكنى أدركت بعد ذلك أنى كنت متهاونًا فى تقدير حجم الخطر وشيئًا فشيئًا وقصة تلو أخرى بدأ جهاز الاستقبال عندى يصبح أكثر حساسية.. ولا زلت أذكر أول تلك المشاهدات “المضحكة المبكية” قصة حكاها لى أحد الإخوة الثقات وكان شاهد عيان على بعض تفاصيلها:

أمر أحد الشرعيين بالدولة أحد الآباء “منتسب للدولة أيضًا” أن يفرق بين ابنته وبين زوجها “زوجها هذا هو صديق صديقى الذى يروى القصة” لأن زوجها هذا مرتد فقد شارك فى الانتخابات المصرية!! وبالفعل امتثل الأب لأمر ذلك الشرعى ومنع ابنته من زوجها وفعلًا لم تعد له حتى وقع الزوج على ورقة استتابة!!

وكان هذا قبل وقوع أى صدامات بين الدولة وخصومها والله أعلم بدقة هذه القصة وهى لا تهمنا كثيرًا ولكنى أشرك القارئ فى التدرج النفسى الذى مر بى تجاه الدولة منذ البداية ومثل تلك القصص على بساطتها عندما تضمها لبعضها قد يتضح لك شئ ما.. ولكنى لم أكن أعتمد مثل هذه القصص مهما كثرت لتغلب المنهج العلمى البحثى على شخصيتى..

أبو المقدام السورى

موقف آخر.. أخبرنى أحد الإخوة مستغربًا أنه حضر دورة شرعية عند الدولة سمع فيها بأذنه تكفير الدولة للشيخ ابن باز رحمه الله “وغفر له زلته” بسبب فتواه الشهيرة بجواز الاستعانة بالأمريكان أيام حرب العراق الأولى.

ومرة ثالثة كنت فى زيارة لمقر به عشرات المهاجرين وبعد أن صلينا الفجر قدمنى أحد من يعرف عنى اهتمامى بباب السياسة الشرعية فسألنى أحد الإخوة السؤال الملغم الشهير: ما رأيك فى مرسى “وكان مرسى لازال يحكم مصر” ولخبرتى بهذا النوع من الأسئلة اعتذرت عن الإجابة ونصحت بأن نكمل أذكار الصباح فألح باقى الإخوة على أن أجيب ولكن ليقينى أن السائل يريد أن يسمع إجابة معينة ولعلمى بتنوع معتقدات الحاضرين وأن ردى ربما يسبب فتنة كررت الاعتذار عن الإجابة وتحدثت عن أحوال مصر عمومًا فما كان من أحد الإخوة إلا أن قال كلامًا معناه: لماذا تتهرب من الإجابة؟ وقبل أن أتكلم رد آخر باندفاع وهجومية قائلًا: ماذا سيقول.. مرسى والإخوان مرتدون ردة أوضح من الشمس.. وبعدها علمت أن كل هؤلاء الإخوة التحقوا بالدولة.. مواقف عديدة جدًا “قبل أى اشتباكات” كانت تقول لى: هؤلاء الإخوة سيتسسبون فى مشاكل كثيرة مستقبلًا.

2- تفاصيل جديدة عن قتل الدولة لأبى المقدام “صائد الدبابات”

بعد مقتل أبى المقدام بعدة أسابيع راسلت أحد الإخوة القريبين جدًا منه وسألته: ما سر تأكد الأحرار أن الدولة هى من قتلت أبى المقدام؟ فقال لى: سألت خبيرًا. ثم أردف قائلًا: سأروى لك بعض التفاصيل التى لم يتيسر نشرها ولازال لا يعرفها إلا أسرة أبى المقدام وقلة من أصدقائه رحمه الله. فسررت أنى وصلت لخيط جديد فى توثيق هذه اللقطة الدموية من تاريخ الثورة.

قال لى: أرسلت الكتيبة الخضراء وفدًا صغيرًا لمنزل أبى المقدام بعد استشهاده ليقصوا على أسرته تفاصيل اعتقاله قبل قتله وكنت حاضرًا لهذا المجلس وكان فى هذا الوفد شهود عيان يحكون لنا ما رأوه مباشرة دون وسيط.. ثم توقف هذا الراوى عن الحديث لانشغاله فقد كنت أحادثه على الإنترنت ووعدنى بإرسال ما سمعه من وفد الكتيبة الخضراء كاملًا وبالفعل أرسل لى الأسطر التالية بعد عدة أيام “تركت أغلب أخطائه اللغوية كما هى وصححت فقط ما يستعصى على القارئ فهمه”:

قصة أبو المقدام – تقبله الله

تراسل الأخ أبو المقدام مع الأخوة فى جبهة القلمون وأخبروه بأنه يوجد عندهم صواريخ كونكرس ولا يوجد شخص محترف والمعركة هناك عصبها الحيوى المضادات بعيدة المدى، ومع أن المسافة بعيدة جدًا كونه يقيم فى مناطق قريبة من الحدود التركية ويلزمه أن يقطع سورية كاملة حتى يصل إلى حدود لبنان والطريق فيه ما فيه فاعتبر هذا النداء أمانة يسأل عنها يوم القيامة.

وبالفعل ذهب بمفرده واصطحب معه قاعدة إطلاق كونكرس وكان برفقة الكتيبة الخضراء وهى كتيبة مستقلة أغلبها من المهاجرين ولها شبه هدنة مع “داعش” وتستطيع المرور من مناطقهم وبالفعل ذهب متخفيًا على أنه تابع لهم ضمن قافلة إغاثة وأخفى قاعدة الإطلاق ضمن الإغاثة ووصل إلى القلمون وخاض معارك ودمر دبابات ووفقه الله أن يوقف رتل لحزب اللات وأوجع الاحتلال هناك كثيرًا وسطر بطولات وملاحم وفكر أن يبقى يعمل فى ذاك الثغر كونه يسده.

ثم عاد ليزور عائلته ويخبرهم بقراره وفى طريق عودت أبو المقدام رحمه الله تعالى أوقفت داعش الرتل التابع للكتيبة الخضراء فقال له أبو عويد مسؤول المنطقة لداعش لك الأمان إن أخبرتنا بالجهة التى تتبع لها فأخبره أبو المقدام أنه من أحرار الشام وقد كان الوحيد الذى تورع فى قتالهم ولعله حين أخبرهم بهويته ظن أن هذا يشفع له عندهم لأنه فعلًا يوم المعركة معهم لبس لباس مدنى وذهب لأحد أصدقائه من الدولة “أبو البراء الجزائرى” وأخبره أنه شخصيًا لن يقاتلهم، فلما تعرف الحاجو على شخصيته اعتقلوه وغادرت الكتيبة الخضراء بدونه وعندما عاد قيادات الكتيبة الخضراء شاهدوا أبو أيمن العراقى يجر أبو المقدام من رأسه ويضعه فى سيارته وجاء إليهم وقال لهم: لم تنقلون معكم أحرار الشام؟

وفى اليوم الثانى أو الثالث من هذا الكلام ظهرت صور نحره والذى تعرف على شخصيته بالحاجز هو سائق “أبو… قيادى معروف بالدولة” والذى اعتقله “أبو…. قيادى بالدولة” وهذه القصة أنقلها عن إخوة الكتيبة الخضراء الذين كانوا معه منذ خروجه إلى القلمون حتى اعتقل من بينهم.

انتهت شهادة صديق أبى المقدام

ومرت الأيام وهذه الرواية لا تفارق رأسى حتى كنت مرة بمدينة سراقب فقررت زيارة أسرة أبى المقدام وقابلت أحد إخوة أبى المقدام فحكى لى نفس الرواية تقريبًا من أولها إلى أن زارهم وفد الكتيبة الخضراء بالبيت وحكوا لأسرته التفاصيل السابقة.

وبالأمس فقط 20 – 10 – 2014 قابلت أحد أصدقاء أبى المقدام فقال لى: مرة كان أبو المقدام فى السوق عند محل حلويات فسأله أحد الإخوة قائلًا: ماذا ستفعل لو دخلت الدولة مقر كتيبتكم؟ فقال: سأضيفهم بهذه الحلوى.

وهذا الفيديو المهم بجوار هذه الرواية كاف جدًا للرد على إنكار مشجعى الدولة وأنا مؤمن جدًا بمحتوى هذا الفيديو لأنى رأيت بنفسى جميع هذه الصور المعروضة بالفيديو على حساب قاتل أبى المقدام قبل أن يحذف.

3- نقطة التحول الكبرى “البيان الذى أزال الغموض”

من أعجب الأمور أن مئات المعجبين بالدولة ينفون عنها تهمة الغلو فى التكفير بينما الدولة نفسها لا تنفى أنها تكفر خيرة الجماعات الجهادية وليس هذا رأيًا فرديًا من بعض شرعييها بل هذا موقف رسمى يدرس فى معسكراتهم ودوراتهم الشرعية بل ومذكور فى بياناتهم الرسمية ويكفى أن تقرأ فقط بيانهم فى الجبهة الإسلامية الطافح بالتكفير.. لازلت أذكر لهفتى وكيف كنت ألتهم هذا البيان حين نزل ولازلت أذكر الصدمة التى صدمتها عند قراءتى بعض الجمل التى وردت فيه مثل:

“إن أمراء ما يسمى بالجبهة الإسلامية قد تلبسوا بمناطات كفرية قبل إنشاء جبهتهم وبعدها، ومن أهمها: تقرير وتصحيح مذهب الكفار فضلا عن تولى المرتدين فى هيئة كفرية، وهى هيئة الأركان”.

ولن أقف عند تكفيرهم لهيئة الأركان هنا “بالقبول أو الرفض” ولنا عودة علمية تأصيلية خارج هذه المذكرات إن شاء الله وإنما هالنى ما تلى ذلك من تحكم وتعنت فى إسقاط حكم الردة عنوة بالجبهة الإسلامية وإلزامها بما ليس بلازم واقرأ:

“فإذا عُلم حكم هيئة الأركان، تقرر لدينا الناقض الأول الذى تلبس به أمراء ما يسمى بالجبهة الإسلامية وهو: تولى أمراء الجبهة للمرتدين وموافقتهم لما هم عليه من الكفر وذلك لعضويتهم فى هيئة الأركان”.

ولم يكتفِ البيان بتكفير الجبهة الإسلامية بل قعد قاعدة تكفيرية عجيبة تقول:

“وكل من تولى الأركان والائتلاف، أو ناصرهم، أو أعانهم، أو قاتل تحت رايتهم، فحكمه حكمهم سواء بسواء قال تعالى ومن يتولهم منكم فإنه منهم” انتهى.

بل راحوا لأبعد من ذلك فقد كفروا الجبهة الإسلامية حتى لو كانت تنكر فى باطنها على الأركان:

“فإذا تقرر هذا فمن ادعى من أمراء الجبهة أنه يخالف هيئة الأركان ومجلسها العسكرَّى فى الباطن مع موافقته لهم فى الظاهر، تحت أى ذريعة كانت، فإن هذا الادعاء لا يرفع عنه حكم الردة” انتهى.

بل انظر إلى التحكم العجيب فى إسقاط الأحكام فالإنكار بالقلب عندهم فى هذا المحنة الملتبسة المتشابكة لا يخرجك من الردة “رغم أن رموز الجبهة الإسلامية أنكروا أصلًا كل مشروع يفكر بعلمنة سوريا” لكن هذا لا يكفى عندهم بل ولا يكفى حتى ترك هيئة الأركان:

“ولو أن أمراء ما يسمى بالجبهة الإسلامية تركوا العمل فى هيئة الأركان، فإن مجرد الترك – على فرض حصوله – لا يكفى لإعادتهم إلى دائرة الإسلام ما لم يستوفوا شروط التوبة الآتى ذكرها، ويعلنوا أنهم تركوا العمل فى هيئة الأركان لكونها موطن ردة” انتهى.

ورغم صفرية حججهم فى تكفير الجبهة الإسلامية عند البحث العلمى “الذى أعد القراء مرة أخرى أن أفرده برد خاص ويمكن مراجعة هذا الرد مؤقتًا http://justpaste.it/i2s5 فقد ضربوا عرض الحائط بباقى أدبياتها وصيحاتها المحكمة التى تنادى بالشريعة فقال البيان:

“فإذا تقررت ّردة أمراء ما يسمى بالجبهة الإسلامية بما تقدم من النواقض قبل تشكيلها.. فلا اعتبار بما أوردوا من بيانات ومواثيق وتصريحات؛ إذ ليس فيها ما يدل على تحقق أى شرط من شروط التوبة” انتهى بتصرف يسير.

ولمن ظن أنهم يكفرون القادة لا الجنود نقول اسمع لهذا المقطع الطافح بالتكفير الجمعى:

“فإذا تقررت ردة أمراء ما يعرف بالجبهة الإسلامية.. فليعلم أن كل من التحق بهؤلاء المرتدين بعد العلم بحالهم وقاتل تحت رايتهم فحكمه حكمهم سواء بسواء، فلا خلاف بين أمة التوحيد فى حكم من صار مع المرتدين وأعداء الدين، فى أنه من جملتهم وحكمه حكمهم”.

وقد وردت جملة جعلت بعض الإخوة يظن أن الدولة لا تكفر قواعد الجبهة الإسلامية:

“فإذا تقرر هذا فليعلم أن حكم الردة لا يطَّرد عندنا فى أفراد وأتباع ما يسمى بالجبهة الإسلامية”.

وللإجابة نقول لمن ظن هذا الظن أكمل باقى المقطع واقرأه كاملًا:

“حكم الردة لا يطَّرد عندنا فى أفراد وأتباع ما يسمى بالجبهة الإسلامية، إلا بعد علمهم بحال رايتهم المتمثلة فى امرائهم، فلا يحكم بردة أعيان هذه الطائفة إلا بعد علمهم بحال أمرائهم وردة هؤلاء الأتباع يكون من جهة اتباعهم المرتدين من أمراء ما يسمى بالجبهة الإسلامية” انتهى.

لم يقولوا “أتباع الجبهة الإسلامية مسلمون” بل قالوا “نحن لا نكفر أتباع الجبهة الإسلامية إلا بعد علمهم بحال رايتهم” وهذا يعنى أنهم يكفرون الأتباع أيضًا “بشرط معرفتهم بتلك الأحكام التى بينها البيان” فلا يقولن قائل أنهم لا يكفرون الأتباع بهذا الإطلاق مجددًا بل يكفرونهم بأعيانهم ويقتلون الإخوة فى المعركة قتال المرتدين لذلك يُجهزون على الجريح ويتتبعون الفار ويغتنمون أموال إخواننا بالجبهة إلى آخر أحكام قتال الردة لا البغى وبذلك تعرف سبب ذبحهم لأبى المقدام وغيره رغم القبض عليهم فى أوضاع مدنية ورغم ثبوت عدم مشاركتهم فى قتال الدولة وهو ما أكده البيان عندما ختم هذه الفقرة بقوله:

“فالقاعدة أن التابع له حكم المتبوع، وهذه التبعية والمشاركة لهؤلاء الأمراء ردة عن دين الإسلام، فهم كالطائفة الواحدة فى الأحكام الدنيوية وكذلك فى الأخروية” انتهى.

بعد هذا البيان اتضح لى كل شئ واتضح لى مصدر الخلل عند الدولة ورغم أن الدولة هى من كتبته لتوضيح موقفها فقد كان هذا البيان نقطة تحول كبيرة عندى وعند كثير من الباحثين وطلاب العلم وبدأت رحلة بحثية جديدة هى رحلة البحث عن إجابة هذا السؤال:

هل الدولة تكفر “جبهة نصرة/ القاعدة بالشام” أيضًا؟

لم يكن سؤالًا فضوليًا لكن كان لى هدف بحثى من ورائه هو:

التعرف على حدود التكفير عند الدولة.. أين تتوقف الدولة عن التكفير بدعوى الولاء والبراء؟

إذا كانت “جبهة نصرة/ القاعدة بالشام” التى رماها العالم كله بالإرهاب كافرة مرتدة عند الدولة فأين تقف الدولة عن التكفير؟

والحقيقة أن رحلتى فى توثيق إجابة هذا السؤال لم يكن لها معنى فلو صبرت قليلًا لتكشفت الإجابة بيسر ففيديو واحد كهذا الفيديو كان كفيلًا بتوقفى عن البحث.

ولكن قدر الله وما شاء فعل فقد استفدت من تلك الرحلة أشياء أخرى كثيرة وغصت فى بحث مسائل جديدة فى بابى المفضل “السياسة الشرعية” ولكن دعونى أثبت لكم أن هذا الفيديو ليس حالة فردية.

4- مكالمة “سكايب” مع أحد المنتمين للدولة

فى رحلة الإجابة عن هذا السؤال: “هل تكفر الدولة جبهة النصرة؟” حدثت هذه المكاملة على السكايب بينى وبين صديق سورى تعرفت عليه فى المناطق المحررة قبل أن يبايع الدولة وفجأة اختفى فلما سألت عنه قالوا: بايع الدولة.. تواصلت معه على السكايب ودار بينى وبينه حوار طويل أقتطع ما يعنينا منه ولن أتصرف فى شئ من كلامه بل سأنقله بكل أخطائه الكتابية “ملحوظة: gam هى أول حروف اسم حسابى على السكايب”:

gam: هل الدولة تعتقد بكفر أحرار الشام؟ اريد أجابة دقيقة مقتضبة جدا يا (ابو …).

(ابو ….): اخي الكريم انا حجوبك على بعرفو ويلي مابعرفو رح اخلي الشرعي يجاوب ان شاء الله.

(ابو ….): اخي الدولة حكمت على احرار الشام بلردة لتعاونه مع الجيش الحر على قتال الدولة ولغدر عناصر احرار الشام بلدولة.

gam: جزاك الله خيرا.

gam: السؤال الثانى.

(ابو ….): بدك جواب شرعي مع أدلة ان شاء الله الشرعي يعطيك الجواب المفيد.

gam: هل الدولة تعتقد بردة جبهة النصرة ايضا؟

gam: مستعجل كتيررر يا ابو محمد وصلك السؤال الثاني الخاص بجبهة نصرة؟

(ابو ….): نعم اخي لشتراكها القتال معى الجيش الحر والبيككه (الأكراد) ضد الدولة وكانت تكفر الجيش الحر والبيككه.

(ابو ….): كيف تقاتل معهم وتكفرهم؟

gam: جميل .. أنا سعيد جدا بتعاونك معي وسعيد اكتر بهذا الوضوح.

gam: هل ممكن اكمل اسئلتى؟

(ابو ….): هههههههههه اخي انا ما عم اوضحلك شي ان شاء الله الشرعي سوف يعطيك الجواب المفيد اكثر من ذلك شكرا اخي على المجاملة.

(ابو ….): تفضل اخي اكمل اسئلتك.

(ابو ….): قال شيخ الإسلام ابن تيمية : لو رأيتموني اقاتل في صفوف التتار وعلى رأسي مصحفا فاقتلوني ! فكيف لو رأى طائرات ابن سعود تقاتل في صفوف الصليبين؟

gam: جميل.. لكن قبل ما اكمل خليني اتاكد من شئ .. اتت سمعت الاجابات السابقة على السؤالين اللي فاتوا بأذنك ولا اجاباتك مجرد استنتاجات منك؟

(ابو ….): اخي انا اعرف انت ماذا تريد ان شاء الله الشرعي حيشفي صدرك وحيجاوبك على كل الأسألة.

(ابو ….): انت اكيد عم تشوف اعلام شو رايك بيلي عم يصير اخي انت جاوبني.

gam: انا الاعلام كله لا يعنيني بشئ وانا يا ابو …. لا احكم على الاخوة الا اذا سمعت منهم بنفسي الاعلام كذاب ولو صدقته ما سألتك يا أخي.

gam: بس قبل ما ننتقل لأي نقطة خلينا نقفل النقطتين السابقتين تماما .. واسمحلي اعيد السؤال .. اجاباتك السابقة انت سمعتها بنفسك صح؟ يعني ليست استنتاجات لاني لا اريد ان اُُكوّن فكرة ثم يقال لي : هذا الكلام كلام اخ بالدولة لا يعبر عنها لذلك اسألك هل هذا كلام الشرعيين ولا توقعاتك.

ابو محمد الميداني: هذا كلام شرعيين طبعا اخي بس مو دقيق الشرعي حيجاوبك جواب دقيق وان متأكد رح يشفيلك صدرك ويغيرلك رايك بلدولة.

gam: صدقني انا ابحث عن الحق ومشتاق جدا للحديث مع شرعي فعلا لان المعلومات اللي بتوصل للعالم عنكم غير دقيقة وانا اوعدك اني ابلغ صوتكم بدقة.

gam: عفوا ما قصدك بكلمة (غير دقيق؟) يعني هل ممكن اسمع من الشرعي كلام مختلف كعدم كفر النصرة والاحرار ولا انت قصدك انهم كفار اكيد والتوضيح اكتر سيكون عنده؟

(ابو ….): وين رحت اخي؟

(ابو ….): اخي ان شاء الله حتسمع جواب موضح وجيد ومن اجل كفرهم لا مجال الى الكلام فيه

ثم ختم بهذه الجملة الصادمة ذات الدلالات البعيدة:

“اخي نسينا تكفيرهم من زمان الان المشكلة فيمن لا يكفرهم”!!!!!!

5- صلاح الدين الشيشانى يدق مسمار التكفير الأخير فى نعش الدولة

هناك فصائل قليلة جدًا بالشام تأذن لها الدولة بالمرور على أراضيها: جند الأقصى، الفجر، جيش المهاجرين والأنصار ويرأسه صلاح الدين الشيشانى وقد اندمجت تحته الكتيبة الخضراء ثم اجتمعت هذه الفصائل فى تجمع أطلقوا عليه “أنصار الدين” وبالتالى لا يمكن الطعن فى شهادة الرجل بحجة عدم الحياد فالدولة تفرق بين خصومها وبين هذه الفصائل الثلاثة بالذات وكانت تعاملهم فى أشد أوقات الفتنة معاملة مختلفة ومن عاش بالشام يعرف معنى أن يسمح لك حاجز الدولة أن تمر بسلام وأنت تنتمى لفصيل آخر.

خرج صلاح الدين منذ أيام فى مقطع فيديو قال فيه أنه ذهب للدولة فى محاولة تهدئة يبدو أن “الجبهة الإسلامية” و”جبهة النصرة” كانوا موافقين عليها ولكن الدولة قابلت ذلك بالرفض بل قال ما نصه فى الترجمة:

فأجاب تنظيم الدولة بالرفض وعللوا ذلك بأنهم كفار ولا عهود لهم “يقصدون النصرة والجبهة الإسلامية”.

وكالعادة شغب بعضهم على هذه الشهادة وطعنوا فيها بحجة أن الأحرار لم يفوضوه! وهذا لا يسقط شهادة هذا القائد الثقة فالمتأمل يلحظ أن الرجل لم يقل أن “جبهة النصرة والأحرار” هم من فوضوه بل قال “جبهة النصرة والجبهة الإسلامية” ومعروف أن الجبهة الإسلامية لا تتكون من الأحرار فقط ولعل بعض عناصر أو قيادات آخرين بالجبهة الإسلامية هم من طلبوا منه ذلك باسم تنظيماتهم أو بصفة شخصية.

6- منوعات تكفيرية

تكرر فكرة معينة بكثرة داخل تنظيم معين لدرجة أن تصبح سمة بارزة على أفراده فلا يمكن أن يقال حينها أن “التنظيم غير مسؤول” أو “تصرفات فردية” فما بالك عندما يبارك التنظيم القواعد الاستدلالية التى تؤدى لهذه الأفكار ويؤصل لها ويجودها؟

وقد تيسر لى أن أتتبع فى صمت بعض عبارات شباب الدولة عبر وسائل التواصل الاجتماعى فلاحظت كما لاحظ الجميع نبرة التكفير الغير منضبطة وعلم الله أنى كنت أتلمس بعض الأعذار “لعلها حسابات وهمية” و”ربما لا ينتمون للدولة” إلخ.

ولكن لحسن الظن حدود وإلا تحول لخداع للنفس وإنكار للواقع.. عندما تتطابق مئات التغريدات الدموية التكفيرية مع فيديوهات عفوية لشباب التنظيم مع بيانات الدولة الرسمية مع شهادات عشرات الشهود الثقات فلا مجال حينها لورع فى غير محله من جنس: “لا أستطيع أن أحكم حتى أسمع منهم بنفسى” وغالبًا لا ينتبه من يقول ذلك أنه بالفعل يسمع منهم بنفسه دون أن يشعر ففيديوهاتهم أنت تسمعها منهم بنفسك.. وبياناتهم أنت تقرأها منهم بنفسك..

لا زلت أذكر كيف كنت أكذب نفسى وألتمس الأعذار وأنا أشاهد عدة فيديوهات لإخوة انشقوا من الدولة يروون ما شاهدوه من غلو فى التكفير وتساهل فى الدماء. ولازلت أذكر كيف كنت أكذب نفسى وأنا أسمع بأذنى مباشرة من أحد الإخوة الذين أسرتهم الدولة وهو يحكى لى ما لاقاه من تعذيب فى سجونهم بل كنت أكذب عينى وأنا أرى يده المكسورة وإصبعه المسحول الذى دقوه بالشاكوش قبل أن يطلقوا سراحه لعدم ثبوت أى تهمة عليه “أى والله رأيت يده بعينى عقب خروجه من سجونهم”. ولا زلت أذكر كيف كنا نضحك من طرافة الكوميديا السوداء للمدعو أبو ذر الجزراوى وهو يقول لمحدثه فى الفيدو الشهير:

“أبو تركى إنت حكمك ما دمت تقاتل تحت راية الجولانى فأنت مرتد انفد بجلدك.. والله مرتد يا أبو تركي.. والله لو يمكنا الله منكم أقسم بالله ما نرحمكم.. انفد بجلدك وأنا أخوك”

وكالعادة كنت أُعمل ماكينة الأعذار فأقول لعله فرد متهور أو لعل الفيديو مفبرك أو لعل بعض الحاقدين هو من سجل هذه الكلمات ليورط الدولة ومن أدرانى أنه من الدولة.. إلخ.

ولازلت أذكر كيف كنت أُغلب المنهج العلمى التحقيقى البحثى وأقول على مثل هذه المادة أنها مهاترات صبية ومبالغات فردية لا يمكن أن نحاسب التنظيم كله عليها:

لا زلت أذكر كيف كنت أكذب نفسى وألتمس الأعذار وأنا أشاهد ذلك الشاب الجزراوى الانغماسى المنشق عن الدولة الذى بكى ندمًا وهو يروى شهادته التى جاء فيها “كان يأتينا الشرعيون ويقولون أن الجبهة الإسلامية مرتدين.. وبعدها قالوا جبهة النصرة مرتدين.

ولازلت أذكر كيف كنت أحسن الظن عندما أقرأ مثل هذه التغريدات على حساباتهم وأقول لعلها حسابات مزورة:

1- الله أكبر الآن تم تطهير مركدة من صحوات جبهة الجولانى وأذنابه من قبل أسود الدولة الإسلامية فى ولاية البركة “والصحوات عندهم مرتدون”.

2- أدين الله أن الجولانى ومن معه طائفة ردة عن شرع الله لإعانتهم للمرتدين ومناصرتهم والقتال فى صفهم.

3- الجبهة فى الرقة وقائدهم أبو عيسى قاتلناهم قتال مرتدين وليسوا بغاة وكذلك الأحرار.

ولكنى أذكر أيضًا كيف كان يزول كل حسن الظن الذى كنت أتكلفه بداخلى عندما أقرأ بيانًا رسميًا واحدًا للدولة يتناغم تمامًا مع كل تلك التصرفات والشهادات الفردية كذلك البيان الذى أصدرته الدولة فى 9/ 2/ 2014 بـ”ولاية الخير” يصفون فيها “جبهة النصرة/ القاعدة بالشام” بالتالى:

“فقد بان الآن لكل ذي لب وعينين أن هؤلاء قد انتكسوا وارتكسوا فى خندق واحد مع صحوات الخيانة والعمالة، ومع الذين يريدون تحقيق مآرب الغرب ويسعون فى إرضائهم” انتهى.

وللقارئ أن يتخيل التركيب الفكرى والدماغى لتنظيم يصف القاعدة بأنها وقفت فى خندق واحد مع الذين يريدون تحقيق مآرب الغرب فما بالك بما دون القاعدة!!

وللأمانة أحب أن أثبت أيضًا أن بعض الشرعيين بالدولة لا يكفر جبهة النصرة بالتحديد ولكن هذا لا يجدى مع ذلك التيار التكفيرى الجارف الذى تناولنا بعض صوره العملية والنظرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: