تهانى ومناسبات

الإفتاء: زكاة الفطر 13 جنيها عن الفرد.. وإخراجها قيمة لا يخالف الشرع وزير الأوقاف: إخراج زكاة الفطر مالًا أنفع للفقير في هذا الزمان

الإفتاء: زكاة الفطر 13 جنيها عن الفرد.. وإخراجها قيمة لا يخالف الشرع
وزير الأوقاف: إخراج زكاة الفطر مالًا أنفع للفقير في هذا الزمان

يرفض البعض إخراج زكاة الفطر مالًا ويصر على أن تكون طعامًا مثل الأرز، ويأخذون الحديث على ظاهره، الذي رواه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الْفِطْرِ – أَوْ قَالَ رَمَضَانَ – عَلَى الذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، قَالَ: فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ»، وَفِي لَفْظٍ: «أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلاةِ».

وتحسم المؤسسات الدينية هذا الجدل سنويًا، وتؤكد أنه يجوز إخراج زكاة الفطر نقدًا -مالًا- أو طعامًا، وحددت دار الإفتاء قيمته لهذا العام بنحو13 جنيهًا كحدٍّ أدنى عن كل فرد، مشددة أنها اختارت الأخذ برأي الإمام أبي حنيفة في جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقودًا بدلًا من الحبوب؛ تيسيرًا على الفقراء في قضاء حاجاتهم ومطالبهم، موضحة أن قيمة زكاة الفطر تعادل كيلوجرامين ونصف الكيلو جرام من الحبوب عن كل فرد، وفقًا لأقل أنواع الحبوب سعرًا، وهو القمح.

وقال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، إنه يجوز إخراج زكاة الفطر نقدًا -أموالًا- وهو أولى وأنفع للفقراء وأيسر على المُزَكِّين، ويجوز الاقتصار على القيمة التي حددتها دار الإفتاء «13 جنيهًا»، ومن زاد زاده الله فضلًا وأجرًا، ومن أراد إخراجها طعامًا، فهو جائز بلا خلاف.

ونصح وكيل الأزهر، من يجادلون في كيفية إخراج زكاة الفطر بالانشغال بالعبادة والدعاء وترقب ليلة القدر، مضيفًا أنه بعد مرور كل هذه القرون على تشريع زكاة الفطر الثابتة، بما نقله عبد الله بن عمر، قَالَ:- فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ، لا زال الخلاف والجدل يدور حول إخراجها طعاما أو نقدًا، وحول الوقت المجزئ لإخراجها.

وتابع: وينشغل بأمرها من يعلم ومن لا يعلم، حتى رأيت بعضهم نشر على بعض صفحات التواصل، تحذيرًا، يحذر الناس ويطلب منهم تحذير معارفهم من إخراج القيمة التي حددتها دار الإفتاء، فهو لا يرى جواز إخراجها نقدًا، بل يشترط إخراجها طعامًا، كما ورد في نص الحديث، فإن لم يكن لديه الواجب من الطعام، دفع المال لمن يشتري الطعام ويقوم بتوزيعه.

وأشار إلى أن هذا النوع من اللغط الذي ينشغل به الناس، لا يحتمله الوقت، ولا يعود بثواب على فاعله، ولا بنفع على الناس، فالخلاف حول إخراجها من الطعام أو قيمته النقدية، قديم معروف عن طلاب العلم، فضلًا عن دار الإفتاء، وهي جهة مختصة مع الأزهر، وما تصدره حجة بالنسبة لسائر المواطنين.

وتابع: «ولا داعي للخوض في الرد على هؤلاء ومناقشتهم وبيان عدم وجود ما يمنع من إخراج القيمة النقدية، ولا داعي أيضًا لطرح المزيد من الأسئلة الكاشفة لشطط من يشترطون إخراجها طعامًا من المعاصرين، وإن كان وردًا عن السابقين، فمثلًا ماذا يصنع فقير يسكن في بئر سلم عمارة أو أعلى سطحها في منطقة راقية بصاع أو أكثر من القمح، حيث لا طحن ولا خبز، بينما لا يجد هو وأولاده ما يستر أجسادهم يوم العيد؟.

وواصل: أنه أولى بهؤلاء ترك الأمر لأهل الاختصاص الذين لم يمنعوا أحدًا من إخراجها طعامًا، لكنهم وسَّعوا ويسَّروا لمن سهل عليه إخراجها نقدًا، لاسيما أنه منقول عن المذهب الحنفي، أقدم المذاهب السنية.

إخراج زكاة الفطر مالا لا يخالف الشرع:

من جانبها، بينت دار الإفتاء، أنه يجوز إخراج زكاة الفطر مالًا مطلقًا، وهذا هو مذهب الحنفية، وبه العمل والفتوى عندهم في كل زكاة وفي الكفارات، والنذر، والخراج، وغيرها، كما أنه مذهب جماعة من التابعين، وهذا الذي نختاره للفتوى ونراه أَوفَقَ لمقاصد الشرع وأَرفَقَ بمصالح الخلق.

وأوضحت الإفتاء، في إجابتها عن سؤال «ما حكم إخراج زكاة الفطر نقدًا؟»، أنه يرى الحنفية أنَّ الواجبَ في صدقة الفطر نصفُ صاعٍ من بُرٍّ أو دقيقه أو سَوِيقه أو زبيبٍ أو صاعٌ مِن تمرٍ أو شعير، وأن وجوب المنصوص عليه إنما أتى من كونه مالا متقوما على الإطلاق لا من كونه عَينا، فيجوز أن يُعطي المزكي عن جميع ذلك القيمةَ: دراهمَ، أو دنانير، أو فلوسًا، أو عُروضًا، أو ما شاء.

واستطردت: قال الإمام السرخسي في المبسوط 3 107، 108: “فإن أَعطى قيمةَ الحِنطة جاز عندنا، لأن المعتبر حصول الغِنى، وذلك يحصل بالقيمة كما يحصل بالحِنطة، وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز، وأصل الخلاف في الزكاة، وكان أبو بكر الأعمش رحمه الله تعالى يقول: أداء الحنطة أفضل من أداء القيمة، لأنه أقرب إلى امتثال الأمر وأبعد عن اختلاف العلماء، فكان الاحتياط فيه، وكان الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يقول: أداء القيمة أفضل، لأنه أقرب إلى منفعة الفقير؛ فإنه يشتري به للحال ما يحتاج إليه، والتنصيص على الحنطة والشعير كان لأن البِياعات في ذلك الوقت بالمدينة يكون بها، فأما في ديارنا البياعاتُ تجرى بالنقود، وهي أعز الأموال، فالأداء منها أفضل”.

وأردفت: هذا أيضًا هو مذهب جماعة من التابعين، كما أنه قول طائفة مِن العلماء يُعْتَدُّ بهم، منهم: الحسن البصري حيث روي عنه أنه قال: “لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر”، وأبو إسحاق السبيعي فعن زهير قال: سمعت أبا إسحاق يقول: “أدركتُهم وهم يُعطُون في صدقة الفطر الدراهمَ بقيمة الطعام”، وعمر بن عبد العزيز، فعن وَكِيع عن قُرّةَ قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر: نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته نصف درهم، وقد روى هذه الآثار الإمام أبو بكر بن أبي شيبة في “المصَنَّف” 2 398، وهو أيضًا مذهب الثوري، وبه قال إسحاق بن راهويه وأبو ثور، إلا أنهما قيدا ذلك بالضرورة، كما ذكره الإمام النووي في
“المجموع شرح المهذب” 6 112، وأجازه الشيخ تقي الدين الحنبلي أيضًا للحاجة والمصلحة الراجحة؛ حيث يقول في “مجموع الفتاوى” عن إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك 25 82، 83: “والأظهر في هذا أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه… وأما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا بأس به”.

واستكملت: وكما أن القول بإجزاء إخراج القيمة في زكاة الفطر رواية مُخَرَّجة عن الإمام أحمد نَصَّ عليها المِرداوِي في “الإنصاف” 3 182.

إخراج زكاة الفطر مالًا أنفع للفقير:

بدروه، نبه الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، على جواز إخراج صدقة الفطر نقدًا “مالًا”، وأرى أن المال في هذا الزمن أصلح للفقير، وأكثر توسعة في التصرف كيف يشاء، مضيفًا: وإن كنا لا نُنكر على من أخرج الزكاة حبًا، فمن أخرجها مالًا أو حبًا أجزأه، فالعبرة بما تقتضيه مصلحة الفقير، إلا أن النقد في زماننا هذا ربما كان أيسر وأنفع للفقير من غيره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: