اهل الفن

محمود الجندي . رحلة نجاح

ذكري وفاة محمود الجندي

كتب: حامد بدر
لن تنسى أدواره التي تركت بصمة بارزة داخل جنبات الأعمال المسرحية و السينمائية والتليفزيونية، والتي ما إن ذُكرت حضرت أمام مخيلتك تلك الشخصية الفنية، فلن تنساه في دور عم سلامة الطفشان، خلال مشاركته في فيلم شمس الزناتي، وربما ستتبتسم حين تراه مفاجئًا الجمهور بصوت عذب خلال آدائه موال ” لو كنت أعرف بإن الوعد مِدّاري..ما كنت أطلع ولا أخرج أصلِ من داري.. يا ريت ما حبيت ولا كان العذاب جالي..و داري على بلوتك ياللي ابتليت داري” أمام الأستاذ فؤاد المهندس في مسرحية إنها حقًا عائلة محترمة، أو دوره كـ”كبير منظمي حفلات وأفراح الحظ” في فيلم الفرح، وهو ذاته الأب المغلوب على أمره في فيلم خارج على القانون. إنه الراحل محمود الجندي الذي توافق هذه الأيام ذكرى وفاته. لقد عاش “الجندي” مراحل متقلبة من حياة جمعت بين الأحلام والمقاومة والأحداث التي غيرت من جوانبه على المستوى الشخصي والفني، فرسمت ملامح لمسيرة تمكن خلالها من العمل بتناسق تام مع الحياة. بدأ حياته متخرجًا في قسم النسيج بمدرسة الصنايع بمركز أبو المطامير في محافظة البحيرة، ليعمل في أحد المصانع ثم تقدم إلى المعهد العالي للسينما، بعدما أخفى عن والده نيته في الالتحاق إلا أنه تفاجأ بدعم الأخير له وذهب معه هناك لتقديم أوراقه. تخرج عام 1967، وعقب تخرجه انضم للقوات المسلحة مجندًا لمدة 7 سنوات في سلاح الطيران، شارك خلالها في حرب أكتوبر، وبعد الحرب عاد للتمثيل. بدأ التمثيل بأدوار صغيرة في عدد من المسلسلات والمسرحيات، ولكن بداية نجوميته كانت في عام 1979 عندما مثل في مسرحية “إنها حقاً عائلة محترمة” مع الفنان فؤاد المهندس، ومن ثم “دموع في عيون وقحة” مع النجم عادل إمام. وبعدها جاء بظهور قوي في مسلسل “الشهد والدموع” الذي مثل فيه دورَي الأب والابن، وفي عام 1990 أصدر ألبوماً غنائياً باسم “فنان فقير”، إلا أن مسيرة الإنسان لا تعدو كونها خطوات أكثر منها قرارات ينبني عليها مستقبل ونهاية، فكان الجندي خلال فترة الستينات مر بمرحلة هامة من حياته أسماها “المراهقة الفكرية” وأنها كانت مرحلة التمرد من أجل إرضاء عنفوان الشباب، والتي تزامنت مع حدوث حالة من النضج السياسي والثقافي والفني في مصر، وهو ما أثر فيه بشكل كبير لدرجة جعلته يعتنق أفكار إلحادية رغم نشأته ذات الطابع الديني.، إلا أن حادثتان مرَّ بهما الفنان جعلته يعدل عن هذا التفكير، فقد رأى بأن كلأً من وفاة الفنان مصطفى متولي وحادث الحريق الذي نشب في منزله والذي أودى بحياة زوجته منخنقة واحتراق كافة المصادر والكتب والجوائز يعدان رسالة من الله ؛ لأجل أن يعود على طريق الإيمان، والذي قرر بعدهما اعتزال الفن أكثر من مرة، ثم عاد بعد نصيحة للعودة ، حيث قيل له أنه من الأوفق أن تكون في وسط زملاءك وتكون قدوة لهم، وتمارس المهنة بشكل مختلف، وهذا ما حدث بالفعل حيث تطور وتغير أداء محمود الجندي في آخر أعماله بشكل جوهري استطاع من خلال إمناع الجمهور بشخصيات أبهرتهم على الشاشة، ليرحل (الجندي) يوم 11 أبريل 2019، بعدما قدَّم رصيدًا من الأعمال الفنية بالبطولة والمشاركة فاقت 150 عمل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: