تحقيقات صحفيهمقالات القراء

محمد عبدالله يكتب ثم ماذا ؟ ( الإخوان يدعمون 28 نوفمبر بخطة «ابن حنبل»

152498هل صدفة أن يعلن الإخوان رسميًا تأييدهم لمظاهرات “الثورة الإسلامية” المزعومة، فى 28 نوفمبر الجارى، بالتزامن مع دعوة أمين لجنة العلاقات الخارجية بذراعهم السياسية، حزب الحرية والعدالة، الهارب، محمد سودان، جنود ورجال القوات المسلحة والشرطة إلى عدم طاعة أوامر قادتهم والخروج عليهم، قبل أن يتوعد الرافضين منهم بالعقاب؟!

صمت الجماعة على دعوة سودان

لخروج “الجنود على القادة” دعم

لوجيستى لـ”مظاهرات السلاح

والمصاحف”

التنظيم “يلوى” قصصًا لشيخ

الإسلام وآيات من القرآن لبث الفتنة

فى صفوف الأمن

الإخوان لا يملكون السيطرة على

قواعدهم.. وسيطرة المتشددين على

مظاهراتهم يدعم عنف الشارع

صحيح أن الجماعة لم تعلن بوضوح المشاركة فى أنشطة وفعاليات الجمعة المقبلة، غير أنها فى المقابل اعتبرتها جزءً من ثورة 25 يناير، ووسيلة للحفاظ على ما أسمته هوية الأمة، بما يؤشر بما لا يدع مجالًا للشك، إلى أن التنظيم منح دعاة حمل السلاح والمصاحف صك المشروعية السياسية بالمجان، بينما تقاطع ذلك كله مع خروج أحد قيادييها للتحريض العلنى، وكالعادة باستخدام ملتو لآيات الله وقصص الأولين، للدفع فى اتجاه إحداث شقاق فى صفوف الأمن..

التبرؤ المبطن من دعاة النزول إلى الشارع، بكتاب الله أو بالرصاص، من جانب الإخوان، لا يصبح له قيمة طالما لم يتم التبرؤ أولًا من كلام أحد كوادرها، ناهيك عن أن مسؤولية الجماعة عن صدور دعوات التظاهر المثيرة للجدل، من قبل أحد مكونات تحالفها “الجبهة السلفية”، لا يمكن الفكاك منها، إذ لا يستقيم منطقيًا أن يعمل الحليف الأصغر بمنأى عن الراعى الأكبر..

سودان فضح جماعته وحلفائها.. هى “عبر رجلها” تريد انهيارًا فى الجيش والشرطة، وهم يطمحون بالسيطرة على الشارع من خلال الوسيلة التى يجيدونها: العنف..

استدعى سودان قوله تعالى فى سورة القصص: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ}، ليرمى رجال الأمن كلهم بالمعصية، ويدعوهم للتوبة والانسحاب من “زمرة القيادة”، مدعيًا أن رموز الأخيرة وقت الحساب ستبيع الجميع، وستتبرأ منهم، وتهرب إلى الخارج، وهو ما حاول تأكيده بترديد قوله أيضًا، فى صورة البقرة: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ. وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}..

هنا يهدد الرجل جنود الشرطة والجيش، بأنه لن ينفع ساعة القصاص منهم أن يقول أحدهم أنه كان ينفذ الأوامر..

محمد سودان

لغة الترهيب فى كلام قيادى الحرية والعدالة غالبة على طول الخط: “اعلموا أنه لا مفر من عقاب الله..”.. قبل أن يتهم الجميع بخراب الذمة المالية، وجعلها السبب الوحيد من جانبهم للعمل فى سلك الأمن: “أبلغوا رسالتى هذه لكل ضباط وجنود الجيش والشرطة، فأنتم منا ونحن منكم، ولن تنفعكم العلاوات والمكافآت..”..

ثم كان الاستشهاد التقليدى الذى يبثه الإخوان منذ عزل محمد مرسى ونظامه، إلى مسامع القواعد والحلفاء، كمبرر لاستهداف جنود الشرطة والجيش، فقال: “كذلك وودت أن أروى لكم رواية للإمام أحمد بن حنبل، حينما كان مسجونًا فى محنة خلق القرآن، أنه كان يقول: إن أعوان الظلمة كلاب جهنم؛ فسمعه الحارس (السجان بلغتنا)، وقال له يا إمام: هل أنا من أعوان الظلمة؟ فقال له الإمام أحمد بن حنبل: لا، أنت لست من أعوان الظلمة، إنما أعوان الظلمة هم من يخيطون لك ثوبك، ومن يطهو لك طعامك، ومن يساعدك فى كذا وكذا، أما أنت فمن الظلمة أنفسهم”.. ويحكى عن شيخ الإسلام أنه لما كان فى سجنه بالقلعة بدمشق، جاءه جلاده فقال: اغفر لى يا شيخنا فأنا مأمور، فقال له: والله لولاك ما ظلموا، فر بدينك يا عبد الله، ولا تقتل إخوانك، فأول ما يقضى فيه يوم القيامة الدماء”..

وفق التفسير الإرهابى للجماعة وأعوانها، تستخدم الواقعتين السابقتين، وغيرهما، لتجريم واستهداف وقتل رجال الأمن منذ 30 يونيو 2013، على أساس أنهم يعاونون قادة الشرطة والجيش ضد الإخوان، ومن ثم وجب محاربتهم واغتيالهم..

شهداء “مجزرة رفح” من المجندين الأبرياء

إذًا الجماعة تطلق رجالها للتحريض العلنى.. بينما هى لا تتبنى بنفسها أى خطاب عنيف.. ثم تقسم بأغلظ الأيمان أنها لا تشارك فى عنف، ولا تؤيده..

إن هناك مسؤولية “تنظيمية” تفع على عاتق الجماعة تجاه كوادرها، وتجاه ما يصدر عنهم، وكذا تجاه حلفائها الذين لم تتنصل منهم بعد.. وعليه، فإن سكوت الإخوان على دعوة رفع المصاحف والسلاح، وعلى تحريضات سويدان، إنما يعنى بشكل قاطع، أنها توافق هواهم..

ومن المعروف أن الجماعة تسيّر دومًا مظاهرات مناوءة للسلطة كل جمعة، فهل ستفصل بينها وبين عناصر مظاهرات المصاحف والسلاح فى 28 نوفمبر؟.. لا تبدو أنها قادرة على ذلك، حيث إنها وتحت وطأة شح الحشد فى الشارع، خلال الشهور الماضية، أصبحت تعتمد فى تضخيم فعالياتها على عناصر تنتمى إلى جماعات سلفية وجهادية غير مسيسية، ترى فى تنظيمات القاعدة وداعش وأنصار بيت المقدس وغيرها نموذجًا يحتذى به، الأمر الذى نقل عدوى التحركات العنيفة غير المسيسية لكوادر التنظيم، المستعد لذلك أصلًا، إضافة إلى أن لجوءه إلى شراء بلطجية وهتيفة الانتخابات التقليديين، للنفخ فى تجمعاته الهزيلة، يجعله عرضة لأساليب العراك الذى يدمنه هؤلاء فى كسب المال.

سيتورط التنظيم، ولو أدعى غير ذلك، فى أى عنف سيقع فى 28 نوفمبر.. الجماعة، ورغمًا عنها، ولو استماتت فى الإنكار، لن تتمكن من تغطية صلتها بالعنف والتطرف والدماء، إما بالدعم المادى واللوجستى للتيارات التكفيرية المسلحة، أو بالغطاء السياسى والمبرر الشرعى والأخلاقى اللذين تمنحهما لتلك الكيانات، أو حتى عبر بث مزيد من الشحن فى نفوس أبنائها الملكومين أصلًا من استشهادية ومظلومية رابعة، والذين لم تعد تسيطر عليهم كليًا، ما يدفعهم للإصرار على انتهاج خط الصدام..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: