بقلم رئيس التحريرتحقيقات صحفيهعرب وعالممال واعمالمقالات القراء

ضربة إماراتية موجعة فى قلب الإخوان

172739هذه ليست نهاية المواجهة بين الإخوان ودولة الإمارات العربية المتحدة.. وضع التنظيم على رأس لائحة أبو ظبى للجماعات الإرهابية إقليميًا ودوليًا، “إضافة إلى 82 كيانًا آخر”، سيصنع بلا شك فصولًا جديدة للقصة.. جذورها القديمة لا تزال ممتدة بتبعات عدة إلى الآن..
أبو ظبى تنتقم من التنظيم وأذرعه الداخلية والدولية بوضعه على رأس قائمتها للإرهاب
الإماراتيون يوسعون المعركة مع الجماعة باستهداف «قرطبة التكريتى» و«اتحاد القرضاوى»
العداء بين الإمارات والإخوان يعود إلى نهاية الثمانينيات.. و30 يونيو ذروة المواجهة

الحكومة الإمارتية كانت واضحة أيضًا فى أنها تقود معركة واسعة وممتدة ضد الإخوان، سواء على أراضيها، أو فى أى بقعة على وجه الأرض. قائمتها للتنظيمات الإرهابية اشتملت على التنظيم الأم فى مصر، وفرعه بالإمارات، فضلًا عن واجهته الدعوية دوليًا، اتحاد علماء المسلمين بقيادة الشيخ يوسف القرضاوى..

تطاولات الأخير على ورثة الشيخ زايد، على خلفية الدعم المطلق من جانب أبو ظبى للمصريين بعد 30 يونيو، كفيلة لأن تضعه وكل ما يشرف عليه فى خانة العداوة..

وضع مؤسسة “قرطبة”، واجهة الإخوان فى لندن، والتى يقودها من يشار إليه بصفته مسؤول مخابرات الإخوان فى أوروبا، البريطانى من أصل عراقى، أنس التكريتى، ضمن لائحة التنظيمات الإرهابية، هو بالقطع إشارة على أن الإمارات قررت ضرب التنظيم حيثما كان، فيما لن تنتظر حتى يأتى إليها..

لا يخفى على أحد أن مسؤولى “قرطبة”، وكذا كوادر وقادة التنظيم العالمى للجماعة فى بريطانيا، يتهمون الحكومة الإماراتية، بالضغط عبر استثماراتها المشتركة مع لندن، لإجراء تحقيقات بشأن نشاطات الإخوان على أرض الإنجليز..

السؤال.. ما سر العداوة الرهيبة بين الإمارات والإخوان؟.. لماذا انقلبت أبو ظبى على التنظيم المتواجد على أراضيها بدعم من رفقاء الجماعة بقطر والكويت، منذ سبعينيات، وفى رواية أخرى منذ ستينيات القرن الماضى، رغم أن رموزه من أعمدة النظام التعليمى المهم هناك؟.. هل مساندة مصر، وسلطة ما بعد الإطاحة بمحمد مرسى وإخوانه، من جانب دولة آل زايد، هى السبب؟.. لا يبدو ذلك دقيقًا بوجه عام.

المواجهة الإماراتية الإخوانية، تعود إلى نحو عقدين ماضيين.. وصلت إلى الذروة مع صعود الإخوان إلى سدة الحكم فى مصر.. بعد عزلهم تحولت المعركة بين الجانبين لحرب مفتوحة..

فى العام 1994، جمدت أبو ظبى، وللمفارقة بناءً على تحقيقات منسوبة لأجهزة الأمن المصرية، الأنشطة الخارجية لجمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعى، ذراع الإخوان فى الإمارات، بعد ثبوت تورطها فى منح تبرعات مالية عبر لجنة الإغاثة التابعة لها، إلى جماعة الجهاد المصرية، وقيام الأخيرة بتنفيذ عمليات إرهابية على إثر ذلك.

تبع ذلك حل مجلس إدارة الجمعية، ومنح السلطة عليها لوزارة الشؤون الاجتماعية، وذلك بعد 21 عامًا بالتمام والكمال من تأسيسها.

وقصة تمويل جمعية الإصلاح للجماعة الأم، أو لأى تنظيم يرفع لافتة الإسلام، أو يكون على صلة بالإخوان، إنما ترتبط بالهدف الأساسى من إقدام مكتب إرشاد القاهرة، قبل عقود طويلة، على تأسيس أذرع له فى البلدان الخليجية، والذى يتركز بالأساس فى توفير وجلب أموال للكيان الدولى.

واقعة أخرى مثلت صدمة، وبداية للصراع بين الدولة الإماراتية والإخوان، فى نهاية الثمانينيات من القرن الماضى، حينما فوجئت السلطات الرسمية أن طلب أحد موظفيها لإكمال دراسته فى الخارج، قد رفض، من جانب مسؤولى التعليم، رغم أن كافة إمكانياته ومؤهلاته يناسبان شروط المبتعثين، لا لشىء إلا لأنه لا ينتمى للجماعة أو لجمعية الإصلاح.

الفجوة بين الإخوان الإماراتيين والسلطة زادة بشدة، بعدما تجاهلوا استثمار الفرصة التى منحها لهم الحوار مع الشيخ محمد بن زايد، ولى العهد، عام 2003، حيث كان قد طالبهم بإيقاف نشاطهم التنظيمى فى الداخل، فضلًا عن قطع أية صلة للهم بإخوان الخارج، وذلك فى مقابل امتيازات سياسية واقتصادية كبيرة، غير أنهم لم يستجيبوا..

الطامة الكبرى فى العلاقة بين الجانبين، كانت بعد أيام قليلة من سقوط نظامى بن على فى تونس، ومبارك فى مصر.. فى الثالث من مارس 2011، أصدر أكاديميون إماراتيون محسوبون على الإخوان، عريضة يطالبون فيها بتعديل دستورى يضمن انتخاب المجلس الوطنى الاتحادى “النافذة التشريعية فى الدولة/ رأيه استشارى”، ومنحه صلاحيات برلمانية ورقابية مطلقة.

استشاط غضب السلطات الإماراتية.. وكان الرد سحب جنسيات عدد من الإخوان المجنسين، قبيل نهاية العام 2011، بتهمة التورط بالارتباط مع منظمات إرهابية، وتهديد الأمن الوطنى.

بينما أعقب ذلك اعتقال 60 إخوانيًا، ينتمون للتنظيم الدولى للجماعة، وجهت له سلطات التحقيق هناك أواخر العام 2012، أى بعد وصول محمد مرسى إلى قصر الاتحادية، اتهامات تلقى تعليمات وتمويلات من الخارج، والسعى لاقتناص السلطة، والعمل على تأسيس حكم دينى.

بالتزامن مع ذلك بدأت تصريحات القرضاوى المستفزة والمتجاوزة، فى حق الإمارات، فقال فى حوار مع قناة الجزيرة بدون أى مناسبة: “حكام الإمارات ليسوا آلهة”، ثم وجه إليهم، وهم لا يملكون فى رأيه سوى المال، ما يشبه النصيحة، بأن يتقوا الله فى شعبهم، ولا يعاملونهم كالعبيد..

أبو ظبى ردت بالتلويح بملاحقة القرضاوى بالإنتربول، ما علقت عليه الجماعة الأم فى القاهرة، بأن العالم سيتحرك لو تم مس الشيخ، فتضاعف غضب الإماراتيين، وباتوا يشيرون للتنظيم على أنه لا يحترم سيادات الدول، ويعمل على اختراقها..

فى تلك اللحظة شعر رجل الإخوان الحديدى، خيرت الشاطر، بأن الإخوان يفقدون الإمارات، التى طالما حلم هو بامتلاك مفاتيح خزائنها، إلى جانب الكويت، من أجل تمويل خطط ومشروعات خلافته الفيدرالية التى كان يحلم بالجلوس على عرشها من قلب القاهرة..

كان يسعى لأن تستغل جماعته وأفرعها فى الأقطار، حالة الحلحلة التى سببتها رياح الربيع العربى، من أجل أن تسود نظم إخوانية من المحيط إلى الخليج، وبالتالى يمكن أن تعلن خلافة فيدرالية إخوانية، قلبها ومرجعيتها فى القاهرة تحت رئاسته، بينما أذرعها المالية فى بلاد النفط والعقال، وبالأخص فى الإمارات والكويت..

هذا يفسر التحرشات والتحريضات التى قادها إخوان البلدين فى تلك الفترة، ومن بينها، وربما أشهرها، عريضة 3 مارس 2011، التى صدرت بأبو ظبى، كما أشرنا سابقًا..

الرجل تحرك فى كل الاتجاهات، من أجل الإفراج عن الـ60 مسجونًا، وخاصة أن بينهم مصريين مهمين فى التنظيم الدولى، غير أن كافة محاولاته فى هذا الشأن باءت بالفشل، بما فى ذلك السماح له بزيارة الإمارات.

ساعتها، حاول مرسى التدخل بنفسه للإفراج عن المعتقلين الإخوان، متناسيًا أنه أمر قضائى داخلى فى دولة لا يحكمها، ولا ولاية له عليها، فأرسل مساعده للشؤون الخارجية، عضو مكتب إرشاد التنظيم، عصام الحداد، فضلًا عن رئيس المخابرات المصرية، آنذاك، اللواء رأفت شحاته، إلى أبو ظبى، للتوسط لدى السلطات هناك، إلا أن الأمر انتهى إلى مزيد من التصعيد من جانب الإماراتيين، ليصدر قرار جديد بالقبض على خلية إخوانية مكونة من 10 أشخاص، بتهمة جمع أموال لدعم الجماعة الأم.

عندما فشلت جهود الإخوان فى حل الأزمة، لجأ القادة فى القاهرة إلى لعبة التجاوز والسباب التقليدية المعروفة عنهم.. وقف عصام العريان أمام مجلس الشورى المنحل، صارخًا “صبر المصريين “بالأحرى يقصد إخوانه” نفذ من سلوكهم المشين “يقصد الإمارتيين”..

فى موضع آخر قال “الإمارتيين ما بيعرفوش يقرأو صح، ومتخيلين، أن هناك تاريخًا معينًا ستتغير فيه مصر، وللأسف الأساتذة المصريون معرفوش يعلموا الإماراتيين صح “تلميح على أن مصر هى التى علمت الإمارات المعرفة”.. “هتصبحوا عبيد عند الفرس الإيرانيين”..

بعد سقوط دولة الإخوان فى مصر، اعتبرت الإخوان أن أبو ظبى، إلى جانب الرياض، خطر عليهم أكثر حتى من القاهرة، خاصة أن البلدين تكفلا بدعم مصر اقتصاديًا بسخاء، فضلًا عن الدعم السياسى الذى تواصل من جانبهما لبلاد النيل فى كافة المحافل الدولية، وبالطبع لدى الأوروبيين والأمريكان..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: