تحقيقات صحفيه

تحقيق محمد عبدالله :: «صالح سرية».. فقه الانقلابات وأول تنظيم جهادى فى مصر

156114

سيارته المرسيدس الفارهة، الملفتة للنظر فى بداية السبعينات ولهجته الشامية، أثارت رفض شباب الجهاديين حديثى السن، الذين قابلوه لبيعته. كلمات طلال الأنصارى، الرجل الثانى فى تنظيم الفنية العسكرية، عن جهاده فى فلسطين وبطولاته، وريادته وكونه من الرعيل الأول للجهاد أقنعتهم بـ”صالح سرية” أميرا للجهاد.

بداية العمل السرى جاء لخلافات مع

الإخوان بعد ثورة 1958 بالعراق

توسطت له زينب الغزالى عند

الهضيبى مرشد الإخوان قبل تأسيس

تنظيم الجهاد

كان المتفق عليه تسليم الحكم

للإخوان إذا نجح انقلاب الفنية

العسكرية.. وتنصل الجماعة فى حال

الفشل

 

ولد صالح عبد الله سرية فى قرية إجزم بقضاء حيفا بفلسطين عام 1937م، ومكث بها حتى أكمل دراسته الابتدائية، ونقله الجيش العراقى الذي كان يعمل ضمن (جيش الإنقاذ) العربى فى 1948م إلى بغداد ليكمل بها تعليمه ليدخل كلية الشريعة بجامعة بغداد، بتزكية من مرشد الإخوان فى العراق وقتها.
أسس شابا، مجموعة فلسطينية سُميت بـ(جبهة التحرير الفلسطينية) وبعد ثورة 1958م فى العراق التى قادها عبد الكريم قاسم، حدث خلاف بين (قاسم) والإخوان، ألجأ سرية إلى بداية العمل السرى الذي برع فيه فيما بعد.
فر من العراق إلى سوريا عقب اتهامه بمحاولة اغتيال أحمد حسن البكر، القيادى بحزب البعث، الذى أصبح رئيسا للعراق فيما بعد، ومن سوريا انتقل إلى الأردن، التى حصل على جنسيتها، ليرتبط بحزب التحرير الإسلامى الذى يدعو إلى إعادة الخلافة، ويلتقى بالشيخ تقى الدين النبهانى، أحد قيادات الحزب، ليأخذ عنه فقه التغيير بالقوة.
توجه إلى القاهرة ليحصل على رسالة الدكتوراة فى التربية من جامعة عين شمس عام 1972م ليعمل بمنظمة التربية والثقافة والعلوم (الأونسكو) التابعة لجامعة الدول العربية ما يفسر حياته المرفهة التى ظهرت أثارها عليه.
عند وصوله للقاهرة عام 1971م، توجه سرية إلى زينب الغزالى، داعية الإخوان التى استقبلته وزوجته وأبناءه التسعة، والتى قدمته إلى المستشار حسن الهضيبى، المرشد العام للإخوان، وعرفته بمجموعة من طلال الأنصارى، وإسماعيل الطنطاوى، ويحيى هاشم، الشباب الذين كانوا فيما بعد قيادات تنظيمه الجهادى.
أنشأ صالح سرية تنظيمه الجهادى، لينتشر جغرافيا فى العديد من المحافظات عبر مجموعات جهادية مختلفة؛ فأنشأ مجموعة الإسكندرية ووكل عنه لقيادتها طلال الأنصارى، ومجموعة بورسعيد، ووكل لقيادتها أحمد صالح، ومجموعة القاهرة والجيزة، التى تولى مسؤوليتها حسن الهلاوى ومصطفى يسرى، ومجموعة قنا التى قادها محمد شاكر الشريف، بينما أبقى سرية مجموعة الفنية العسكرية التى قادها كارم الأناضولى وباقى الكليات العسكرية لقيادته المباشرة.
كان الهدف من إنشاء سرية لتنظيم الفنية العسكرية، عمل انقلاب عسكرى على الحكم، عبر الاستيلاء على أسلحة الكلية الفنية العسكرية بمعاونة أعضاء التنظيم داخلها ثم الاستيلاء على مبنى الاتحاد الاشتراكى أثناء اجتماع السادات، وإعلان الانقلاب العسكرى، المحاولة التى باءت بالفشل بعد أن أبلغ اثنين من أعضاء التنظيم عن العملية.
ضمن صالح سرية فكره الجهادى فى كتابات أهمها وثيقة حملت عنوان (رسالة الإيمان)، واشتملت دعائم فكره على مقولات تبناها الجهاديون من بعده، وصارت ركيزة لفكر السلفية الجهادية وبوادر له، أهمها تكفير الحاكم الذى لا يحكم بما أنزل الله، ودون الأخذ بعذر الحاكم إذا اعتذر عن عجزه على تطبيق الشرع، وتكفير من لم يكفر الحاكم الذى لا يحكم بشرع الله، وتكفير من تعاون معه وارتضى بأحكامه وقوانينه، ووجد فى الجهاد الوسيلة للقضاء على الحاكم، واهتم بالانقلابات العسكرية التى ينفذها أفراد قلائل ولكنها تنجح فى تغيير مصير شعوب.
ألجأ صالح سرية أتباعه إلى دراسة المذهب الظاهرى وكتب على بن حزم الأندلسى الظاهرى، خصوصا لما فيها من رفض للتأويل وأخذ بظاهر الحديث، ما يتفق مع مدرسة الحديث التى اعتنقها بعد ذلك معظم التيارات الجهادية.
تنظيم الفنية العسكرية، كان أول انقلاب عسكرى إسلامى، وكان نتاج أول تنظير إسلامى لفقه الانقلابات العسكرية، خطط له سرية وأودى بحياته إعداما عام 1976م.
الباقون من تنظيم الفنية العسكرية، يقولون إن اتفاقا غير مكتوب، جرى بين الإخوان عبر زينب الغزالى وسرية بتسليم الحكم إلى الإخوان إذا نجح الانقلاب، وتنصل الإخوان منه إذا فشل؛ فكان الفشل وكان التنصل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: