بقلم رئيس التحريرتحقيقات صحفيهعرب وعالم

المساء نيوز تكشف .الملفات المشبوهة بين الدوحة والإخوان وواشنطن وتل وسر دعم قطر لارهاب الاخوان

تحقيق / ابراهيم البسيونى

المفاجأة التي قد لا تخطر على بال أحد، في غمار سياسة التلاسن القائمة بين القاهرة والدوحة، منذ الإطاحة بحكم الإخوان في مصر، في أعقاب فيضان 30 يونيو، أن أهل السلطة في الإمارة الخليجية الصغيرة، أبدًا لم يكونوا نسقًا واحدًا.. الثابت أنهم شيع، غير أن جميعهم في النهاية انحازوا لتحقيق المصلحة، ولو كان ذلك على خلاف معتقدات بعضهم السياسية، وبالطبع حتّى ولو تم ذلك فوق جثث بلدان عريقة في المنطقة، تقزّمت أو تراجع دورها، وفقدت بريقها، مثل مصر والسعودية.

المساء نيوز  ترصد بالتفاصيل.. سر الدعم القطري

لإرهاب الإخوان

قطر نسّقت مع واشنطن لتحقيق مصالحة تاريخية بين

الإسلاميين والصهاينة

القرضاوي قاد تحويل الجهاد الإسلامي من مواجهة

إسرائيل إلى العداء مع إيران

 

يقول الكاتب الصحفي عبد العظيم حماد في كتابه المهم الوحي الأمريكي.. قصة الارتباط البنَّاء بين أمريكا والإخوان ، عن سر دعم الإمارة الصغيرة المُطلق للجماعة، وإرهابها ضد الدولة المصرية، أن ذلك يرجع إلى أن واشنطن كانت تبحث عن نقطة التقاء مع الإسلاميين بالمنطقة، وأنصار التيارات الدينية كانوا يسعون لجسر مع بلاد العم سام، فتقدمت قطر لتلعب دور أداة الوصل بين الفريقين.

ساعد الدوحة في ذلك، غرق الرياض في مشاكل ضخمة مع الجهاديين على أراضيها، وتراجع دور الكويت كنافذة للتنوير، ودعم التنمية الثقافية في الخليج إثر العدوان العراقي عليها، ناهيك عن شيخوخة القيادة في الإمارات في عهد الرحل الشيخ زايد، ومن بعده تشرذم التوجهات السياسية للسلطة بين خلفائه الشباب، ممن تباينت منطلقاتهم الفكرية من قومية إلى ليبرالية أو إسلامية و…

أما البحرين، فتعاني مشاكل داخلية مزمنة، تتعلّق بالفقر البترولي، وبغضب شيعي متنامٍ على أراضيها، بينما تبقى عمان في عزلتها التقليدية، ناهيك عن أن الإباضية التي يتبعها سكانها وحكامها، لا تجعل منها وسيطًا فاعلاً بين العالم السنّي والإمبراطورية الأكبر في العالم.

الكاتب الصحفي عبد العزيز حماد

وعليه، بدت الدوحة بذراعها الإعلامية المؤثرة، الجزيرة، وببحور الغاز ومليارات الدولارات التي تعوم فوقها، وبرغبة قادتها في تعظيم دورهم باللعب في كنف كبار العالم، هي الأجهزة بين بلدان المنطقة، لتكون حمامة الوصل في الزواج الحرام بين الإخوان، ومن خلفهم تيارات الإسلام السياسي السائرة في ركابهم، وبين واشنطن الساعية للسيطرة على حكام المنطق بنظم تتمتع بشعبية، من جهة، ومن جهة ثانية لها عداءٌ تقليدي مع إيران الشيعية، وقبل هذا وذاك، يمكنها التعاطي بسلام مع تل أبيب، وأن تكون جاذبة وحاضنة لجميع رموز التكفير والإرهاب في جميع أنحاء العالم، ومن ثم ترتاح الولايات المتحدة الأمريكية، وكذا القارة العجوز من خطر عنف المتأسلمين.
هنا، وكما يقول عبد العظيم حماد، كان حريًّا تسوية المنافسة بين اتجاهين في السلطة بالإمارة: القومي الناصري بزعامة الشيخة موزة المسند، زوجة أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثان، والإسلامي بزعامة الشيخ حمد بن جاسم، رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق. قبل أن يكون الانحياز للأخير، أو بالأحرى لمصلحة قطر البرجماتية، وبالطبع وفق الشروط الأمريكية.. وهو نفس الخيار الذي سار عليه الأمير الحاليّ تميم.

المثير أن قطر نفسها، كانت أرضية ممهدة للتوافق الأمريكي الإخواني. الإمارة التي تحتضن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية، في المنطقة، فضلاً عن كونها البلد الخليجي الوحيد الذي يمتلك تواصلاً رسميًا مع تل أبيب، عبر مكتب التمثيل التجاري الإسرائيلي في الدوحة، كانت وعلى مدار عقود طويلة، سلّة تجمّع الإخوان في الخليج.

بحسب عبد العظيم حماد، استقبلت الدوحة أوّل الموجات الإخوانية المهاجرة من مصر، بعد صراع الجماعة مع عبد الناصر عام 1954، وكانت الموجة الثانية بعد مذبحة الإخوان بحماة السورية عام 1982. في التسعينيات من القرن الماضي، وكانت الثالثة من ليبيا والمغرب والجزائر، بعد انقلاب النظم الحاكمة هناك على الإسلاميين.

الشيخة موزة وزوجها

أما الموجة الرابعة لتدفق الإخوان على قطر، فكانت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وكذا عقب التفجيرات الإرهابية في الخُبَر والرياض والدمّام بالسعودية، وما تلى ذلك من تضييق على الإسلاميين في العالم الغربي بصفة عامة، وبالمنطقة بصفة خاصة.

الرديف البشري من الإسلاميين والإخوان في قطر، كان بالنسبة لها أساسًا لإطلاق منتدى الحوار الأمريكي الإسلامي في عام 2004، برعاية وزارة الخارجية القطرية، والذي أصبح محفلاً سنويًا لالتقاء الخبراء والمسؤولين الأمريكيين، بجميع أطياف الإسلام السياسي، وهو الذي مهّد فيما بعد لواشنطن، لاختيار شريكها الإسلامي في المنطقة (الإخوان) بعد ثورات الربيع العربي.. كما أن استضافة الإمارة الصغيرة لفروع لمراكز ومؤسسات أبحاث أمريكية، مثل بروكينجز وراند، أسهمت بفاعلية في هذا الشأن.

ثم كان تأسيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، برئاسة شيخ الفتن والتحريض الإخواني، يوسف القرضاوي، الذي كان قد لجأ لقطر، وحاز جنسيتها منذ عشرات السنين.

كان هدف الاتحاد منذ البداية، قيادة الإسلام السنّي في مواجهة نظيره الشيعي/ الإيراني، فضلاً عن دوره كمنشّط للتفاعل بين التنظيمات الإسلامية الأوروبية والأمريكية، والثقافة والفقه الإسلاميين في الدول الأم، بحيث تحوّل الاتحاد بمرور الوقت إلى مرجعية فقهية للمسلمين في الغرب، ومرجعية علمية ومظلّة شبه سياسية جامعة للتنظيمات الإسلامية السنّية في البلدان الأجنبية، وفي الأوطان الأصلية، وفق منظور تحديثي لاجتهادات العقيدة.

يوسف القرضاوي

أولى بشائر الفقه الحديث الذي تبنّاه الاتحاد، والتي صبّت في صالح تبيض وجه الإخوان والمنظّمات التي تمثلها، وكذا وافقت هوى واشنطن، كما ينقل عبد العظيم حماد، كان إخراج أمريكا وأوروبا أساسًا، ومعهما العالم غير المسلم من إطار دار الحرب، واعتبارها أقوامًا بين المسلمين وبينهم ميثاق. ثم كانت الفتوى الأكثر جدلاً في العام 2003، والممهورة بتوقيع القرضاوي نفسه، بجواز زواج الفتاة المسلمة من رجل مسيحي أو يهودي (كتابي)، شرط أن تتربّص به للإسلام.

إذن، نجح الغاز القطري، على حد تعبير عبد العظيم حماد، في توفير البيئة القادرة على تسييل الأيديولوجية الإسلامية الجامدة، لتتواكب والغرب، ناهيك عن استخدم الدوحة للأبواق الإخوانية، كالقرضاوي ورفاقه، في تسييل ثوابت سياسية، ومنها الاختفاء التدريجي لمهاجمة إسرائيل والصهيونية، مقابل تصعيد العداء لطهران، كما أسلفنا.

اختفى الحديث الإخواني عن العمليات الاستشهادية، تمامًا مثلما اختفت إشارات التأصيل الشرعي لها. ولُجمت حماس عبر جهود إخوان أمريكا ونسختهم المعدلة بقطر.

عبد العظيم حماد ينقل أيضًا مما كتبه الدكتور غانم نسبية، في صحيفة سياتل تايمز الأمريكية في ديسمبر 2012، أن الدوحة قررت اختيار الإخوان، كعجلة تنشر بها نفوذها السياسي في كل مكان بالعالم الإسلامي. غير أن ذلك يحدث بطبيعة الحال، بالتعاون مع واشنطن، ولا يحقق إلا مصالحة تاريخية بين الإسلاميين والأمريكان، والصهاينة أيضًا.

الدكتور جاسم سلطان

قطر أسّست أيضًا، مشروع النهضة للتدريب والنشر والندوات والمحاضرات، وأسندت قيادته إلى جاسم سلطان، وهو المراقب العام للإخوان في الدوحة. وهو الكيان الذي درّب معظم قيادات إخوان مصر (ممن يعملون خارج البلاد في الأغلب) على العمل بالمنظمات الديمقراطية، ومنهم هشام مرسي، صاحب الجنسية البريطانية، وهو زوج ابنة القرضاوي، والذي أسس بدوره مركزًا أسماه أكاديمية التغيير ، الذي لعب دورًا في 25 يناير، بعد أن قرّر الإخوان اللحاق بمظاهراتها.

من ذلك المشروع تخرج أيضًا، رفيق عبد السلام، وزير خارجية تونس بعد ثورتها، وعلي السلابي، المهندس الحقيقي لترتيبات الحكم في ليبيا، بعد رحيل القذافي. وهما من واجهات الإخوان في الشمال الإفريقي.

127647_1396616106الأخطر في كلام عبد العظيم حماد، ما نقله على لسان المستشار محمد عبد العزيز الجندي، وزير العدل الأسبق (في حكومة عصام شرف)، عن أن أموالاً غزيرة تدفقت من قطر على جهات مصرية بعينها، منها جمعيات، ومنها شركات، ومنها دور نشر، وأن أحد كبار الناشرين حصل وحده، على 150 مليون جنيه، كما أن جمعية دينية نالت بمفردها 200 مليون جنيه، واستخدمت تلك الأموال لإبقاء الوضع ساخنًا في الشارع، ومن ثم إضعاف المجلس العسكري، في مواجهة الإخوان.

تلك هي أسرار الدعم القطري للإخوان وجذوره وأهدافه، غير أن صور هذا الدعم، وتداعياته على القاهرة، سيتم تناولها تفصيليًا لاحقًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: