الشارع السياسىبقلم رئيس التحريرتحقيقات صحفيه

ابراهيم البسيونى يكتب : عودة سليم العوا من بوابة «التحكيم الهندسى»

العوا
العوا

من جديد يستعد الدكتور محمد سليم العوا للظهور، لكن هذه المرة ليس من باب السياسة.. الرجل يعد العدة خلال أيام، وربما بالتزامن مع معرض القاهرة الدولى للكتاب، لطرح موسوعته العلمية الجديدة المتخصصة فى التحكيم الهندسى، فيما يبقى التساؤل مطروحًا، هل قرر المرشح الرئاسى السابق، الانسحاب من المشهد نهائيًا، ومن ثم الاكتفاء بواجهته الأكاديمية، أم أن غيابه عن العمل العام سيكون مؤقتًا؟.

المرشح الرئاسى السابق يجهز

لطرح موسوعة علمية عن التحكيم

خلال أيام

إلغاء مؤتمر لـ«خلوصى الإخوان»

بمشاركة العوا وبشر وقنديل لأسباب

أمنية

رغم انزوائه عن الأضواء السياسية

منذ عزل مرسى لم ينف أنباء

مشاركته فى تحالف الوسط

الثابت أن العوا انزوى تمامًا عن الأضواء بعد 3 يوليو 2013… ظهر فى حوادث نادرة، لكنها بدت مهمة.. تارة حين طرح مبادرة للمصالحة بين سلطة ما بعد 30 يونيو والإخوان. كان ذلك قُبيل فض اعتصامى رابعة والنهضة بالقوة.. وتارة أخرى حين تصدى للجلسات الأولى من محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى، مطالبًا بانقضاء الدعوى القضائية لعدم نظرها أمام المحكمة المختصة، بزعم أن موكله لا يزال رئيسًا للبلاد، أو على الأقل كان كذلك.

بعدها كان اختفاؤه العظيم، حتى من جلسات المحاكمة، وبطبيعة الحال من أى ظهور إعلامى، وخاصة أن الأخير تكفل على أية حال بحجبه على خلفية انتمائه للتيار الإسلامى.

 

مرسى اختار العوا للدفاع عنه

اسم العوا تردد على استحياء كذلك، فى ثنايا الأخبار التى ترصد محاكمات بعينها، كتلك المتعلقة بالدكتور هشام قنديل، رئيس وزراء مرسى، أو المستشار محمود الخضيرى.. وعلى خلاف ذلك لم يكن له أى وجود فى قضايا الإخوان، وعلى ما يبدو لم يعد المعزول يتمسك به محاميًا عنه.

ثم كان الظهور العلنى الوحيد له ربما، عندما حل ضمن هيئة مناقشة رسالة دكتوراه لعضو الجماعة الإسلامية، حسن عبد الغنى شنن، قبل 4 أشهر.

العوا كان على علاقة بالجميع

ما دون ذلك لا أحد يعلم على وجه الدقة سر غيابه عن الساحة، هل مثل ذلك اعترافًا منه بهزيمة التيار الإسلامى، وهو أحد أبرز رموزه، فى الشارع قبل الحكم؟.. أم خشية أى ملاحقة أمنية أو قضائية محتملة؟.. أم أنه فى الأمر تأثر نفسى من الضربات الموجعة التى يتلقاها كل المحسوبين على مشروع الإخوان، أو حتى أولئك الذين لم يكن لهم عداوة معه؟.

وبينما تتضاعف علامات الاستفهام، بشأن الاختفاء الكبير للعوا، وبالتالى غيابه عن ماراثون الاستقطاب السياسى الحاد الدائر حاليًا ما بين الإسلاميين وأعدائهم، فإن سيرته بدأت تعود رويدًا رويدًا، ومن دون سابق إنذار.

سيف عبد الفتاح

وفى أعقاب انسحاب الوسط رسميًا، من تحالف دعم الشرعية الإخوانى، طفا اسم العوا على السطح، كأحد أهم أعضاء الكيان السياسى الجامع المزمع تشكيله من جانب الحزب، بالمشاركة مع عدد من النوافذ الحزبية والحركات الشبابية الأخرى، كمصر القوية، وغد الثورة، والوطن، والاشتراكيين الثوريين، ومجلس بيان القاهرة، وغيرها.

ورغم أن تحالف الوسط المنتظر، لم يعلن رسميًا، ولم تظهر أية إرهاصات عن البدء فى تشكيله فعليًا، إلا أن العوا لم ينف حتى الآن، الأنباء التى تحدثت عن عضويته فيه، إلى جانب أسماء مثل سيف عبد الفتاح، وعبد الله الأشعل، وأيمن نور، وعبد المنعم أبو الفتوح، وحسن نافعة.

دعوة مؤتمر التحكيم الهندسى

وعلى ما يبدو أن العوا قد اتخذ قرارًا بالظهور مجددًا، ولو اقتصر الأمر على الفاعليات العلمية أو الأكاديمية، إذ كان من المقرر أن يشارك فى المؤتمر العربى الثانى للتحكيم الهندسى بشرم الشيخ، فى 25 و26 سبتمبر الماضى، إلا أن المؤتمر أُلغى لأسباب أمنية تتعلق فى الأغلب الأعم، بأن لائحة الضيوف ضمت رئيس الوزراء الأسبق الدكتور هشام قنديل، وقيادى الإخوان، الوزير السابق، الدكتور محمد على بشر، قبل القبض عليه بتهمة التخابر مع أمريكا والنرويج، ناهيك عن أن المؤتمر نفسه يعقد تحت رعاية، نقيب المهندسين السابق، إخوانى الهوى والمصلحة، محمد ماجد خلوصى، على اعتبار أنه رئيس الهيئة العربية للتحكيم الهندسى، ومن غير المستبعد أيضًا أن يكون وجود العوا كان أحد أسباب رفض السلطات لإقامة المؤتمر.

الدكتور ناجح إبراهيم

لكن الطرح الأبرز للعوا خلال الفترة الماضية، كان من جانب، منظر الجماعة الإسلامية، أحد أبرز قادتها التاريخيين، الدكتور ناجح إبراهيم، وذلك عبر سلسلة مقالات للأخير، كتبها خلال شهرى سبتمبر وأكتوبر الماضيين، تغزل فيها فى الرجل، وفى مكانته العلمية والقانونية، وفى كونه أحد أقطاب الفكر الإسلامى الحديث، بل ووصفه بأنه من أبرز المجددين فيه.

ولا يخف على أحد أن ناجح إبراهيم من أشد المتحمسين للعوا بصفة عامة.. جهر من قبل بدعمه خلال الانتخابات الرئاسية التى شارك فيها فى العام 2012.. واعترف صراحة في مقالاته بانحيازه التام له.. يقول: “لو كان، أى العوا، مكان الدكتور محمد مرسى ما أريقت نقطة دم واحدة، ولا دخل إسلامى واحد السجن، فقد كانت علاقته جيدة بالجميع قبل الانتخابات وبعدها”.

توقيت الحديث عن العوا من جانب ناجح إبراهيم يظل لافتًا.. قد يكون لقاء الاثنين خلال مناقشة رسالة الدكتوراه الخاصة بحسن عبد الغنى شنن، سببًا مباشرًا فى الأمر، غير أن تصدى قامة إسلامية لها ثقل لتقديم فضائل شخصية لها وزن فى محيط ما، على كافة الأصعدة الفكرية والسياسية والعلمية، لا يكون دومًا بلا أهداف كبرى.

العوا والبشرى وهويدى

المقالات كذلك، ورغم أنها ركزت على التاريخ العلمى للعوا، وعقليته المجددة فى الاجتهاد الإسلامى، وخاصة الاجتهاد الشرعى، إلا أنها تطرقت كذلك لعدة قضايا شائكة، وغاية فى الخطورة بالنسبة للنشاط السياسى للرجل، لعل أهمها ما ارتبط بترشحه فى أول انتخابات رئاسية تجرى بعد 25 يناير، والتى أتت بمحمد مرسى رئيسًا.

ناجح إبراهيم حاول بشتى الطرق تبييض وجه العوا، وفصله عن جوقة الإسلاميين، بل واعتباره ضحيتهم الأول.. فكتب: “خذله الجميع فى الانتخابات، وأولهم الإسلاميون، وفضلوا عليه من هم أقل منه علمًا ووعيًا وإدراكًا وفقهًا بالدين والواقع والسياسة، لنقع فيما نحن فيه الآن من محن وإحن لا نهاية لها”.

يقدم ناجح إبراهيم طرحًا بأن العوا، أضير بشدة من الانتخابات الرئاسية، وما جرى فيها كان سببًا مباشرًا لانزوائه، ولهدر قدراته العلمية الموسوعية، ولعدم استفادة الدولة المصرية من ملكاته المتعددة: “هكذا انزوى سليم العوا تحت ضربات مطرقة السياسة من جهة، وسندان الذين تنكروا لفضله وعلمه ومكانته من جهة أخرى، فى وقت كان الشباب المتدين الحائر والهائج أحوج ما يكون إلى علمه ووسطيته واتزانه وموازاته بين أهمية الحفاظ على الدولة من جهة، والمحافظة على الحريات العامة من جهة أخرى، والاهتمام بفقه الأولويات فى تقديم الحفاظ على الدولة كأصل على الحفاظ على الجماعات والأحزاب كفرع، مع عدم ظلم هذه الجماعات أو هضمها حقوقها”.

السؤال الأهم فى حال ما إذا كانت عملية تسليط الأضواء على العوا من جانب ناجح إبراهيم مقصودة، لا مجرد مصادفة: هل يتم ذلك برغبة من جانب تيارات إسلامية تريد مغازلة النظام والتهدئة معه عبر تصدير شخصية، مقبولة، لم تتورط لا فى تحريض أو عنف؟، أم يحدث ذلك بدفع من جانب الدولة؟، بغية إتاحة المجال أمام التيار الإسلامى، المعتدل، للتعاطى مجددًا فى الحياة السياسية؟.

العوا كان لسان حال نظام مرسى والأقرب إليه

أغلب الظن أن الكتلة الصلبة الأكبر فى التيار الإسلامى، من الإخوان والسلفيين وأنصار الجماعات الجهادية، فى خصومة مع الدولة، ولن تراهن على من لم يدعمها فى حربها معها، وحتى لو نادت أصوات داخلها بإمكانية استغلال عدم تورط العوا فى المعركة، من أجل عقد صفقات لها مع السلطة، فإنها ستصطدم بأن الرجل له رأى ولا يُملى عليه.. تلك هى شخصيته، وهى على النقيض من قادة الجماعة ممن يفوضون التابعين لا المستقلين للحديث بلسانهم.

فى المقابل، لا يبدو أن النظام لديه خصومة كبيرة مع العوا.. الرئيس عبد الفتاح السيسى، إبان كان وزيرًا للدفاع، سبق أن اعتمد عليه فى توصيل رسالة لمرسى للنزول على رغبة الشعب فى 30 يونيو. صحيح أن العوا نفى فى بيان رسمى حمله أية رسائل من جانب الطرفين، إلا أنه فُهم أيضًا أنه التقاهما إبان الأزمة لتقديم النصيحة.

العوا وسيف عبد الفتاح

ويبقى الفيصل فى عودة العوا، فى رغبته هو فى ذلك، وهو ما لا يبدو محل ممانعة من جانبه، إذا كان الوقت مناسبًا لذلك، حيث قال أيضًا فى البيان ذاته، الصادر فى 24 يوليو 2013: “بذلت منذ 3/7/2013 كل جهد ممكن لإصلاح ذات البين بين المصريين المختلفين، ولن أتوانى عن تكرار ذلك كلما لاحت بادرة أمل لتحقيق هذا الإصلاح”.

عقبة ضخمة ستواجه العوا حال عودته بأى نشاط ظاهر تكمن فى الإعلام.. سيهاجمه بشراسة بلا شك، بينما ستتفاقم الأمور بينهما لكونه حاد فى خصومته.. المحامى المتعصب لقضيته والذى يجد من أجل الفوز بها، والكامن داخله، سيتصدر تصرفاته حتمًا، ما يجعل من مواجهته مع النوافذ المرئية أو المسموعة التى ستقارعه، عنيفة جدًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: