حوادث وقضايا

الجندي المصري يستحق لقب شخصية العام وعن جدارة ونروي عدد من البطولات في سطور

تنزيل

كتبت/لمياء الباجوري /سالي مندور /نورهان امير

تسابقت وسائل الإعلام لإجراء استطلاعات الرأي حول أهم شخصية تستحق أن تكون بطل هذا العام ونجحت طوال ٣٦٥ يومًا في التأثير على من حولها واستحواذ اهتمامهم.

ولم تتضمن استطلاعات الرأي أو الاختيارات شخصية الجندي المصري المقاتل، أسرة ” قررت أن تمنح الجندي المصري لقب شخصية عام ٢٠١٥ بلا منازع كأقل تكريم يستحقه.

حقق الجندي المصري طوال هذا العام، الكثير من البطولات والانجازات للوطن حتى يحيا الأمل وتحيا مصر، وقدموا أرواحهم وهي أغلى ما يملكون فداءً لنا دون أن ينتظروا مقابلًا لبطولاتهم وأعمالهم، فتحية لذلك الجندي المجهول الذي يكافح الإرهاب في سيناء، ويقف على الحدود دون أن يشكو من زمهرير الشتاء ولا قيظ شمس يونيو.

تحية إلى ذلك الجندي المجهول الذي شارك في تأمين الانتخابات البرلمانية حتى مرت بسلام لتنهي مرحلة انتقالية من عمر الوطن، تحية إلى ذلك الجندي الشهيد الذي احتضن الموت قبل أن يصل إلينا، تحية إلى الجندي الذي شارك أخيه العامل المصري في شق وحفر قناة السويس الجديدة خلال أقل من عام لتسطع أضواء الأفراح من جديد في بلادنا ويسعد المصريون بانجاز حقيقي بعد سنوات عجاف طويلة.

تحية إلى ذلك الجندي الذي ينحت الصخور في مشروع جبل الجلالة وينزل إلى أعماق الأرض لحفر الأنفاق أسفل قناة السويس، ويتحدى التحدي لإنجاز مشروعات محور التنمية العملاقة بشرق بورسعيد وبناء مدينة الإسماعيلية الجديدة في وقت قياسي.

التحية موصولة أيضا لكل القادة والضابط بالقوات المسلحة، جميعهم جنود مقاتلون يرتدون دائمًا زيًا واحدًا ولا تستطيع تمييزهم سوى باسمائهم والرتب العسكرية على أكتافهم.

في السطور التالية نروي جزء بسيط من بطولات هؤلاء الجنود الذين سطروا هذا العام الكثير من قصص البطولة والفداء حتى يحيا “الأمل وتحيا مصر”.

عبد الرحمن المتولي «الشهيد الضاحك»

ابتسامته وبراءة وجهه وهو يرتدى نظارته الطبية تدفعك إلى أن تبقى طويلًا أمام صورته، تتعجب كيف نجح الجندي عبد الرحمن المتولي صاحب الـ٢٢ عامًا أن يقوم بهذا العمل البطولي.

وخطط إرهابيون في الأول من يوليو، بشمال سيناء لاستهداف أحد الأكمنة العسكرية وعلى عادتهم الخسيسة، دفع الإرهابيون بسيارة مفخخة و17 فردًا مدججين بمختلف الأسلحة لمهاجمة الكمين وحصاره، لكن الجنود تعاملوا مع الإرهابي الذي يقود السيارة المفخخة، ففشل في الدخول إلى الكمين، وفجر نفسه بالسيارة.

وعلى الفور قام الضابط المسؤول عن الكمين من تدارك الموقف بسرعة وتنفيذ خطة الانتشار التي تدربت عليها قوة الكمين في مثل هذه الظروف، لتبدأ معركة هائلة وعظيمة، أدى فيها الجنود دورهم بكل ما تحمله البطولة من معنى وكان للجندي الشهيد عبدالرحمن المتولي بطولته الخاصة التي تخلده بكل فخر واعتزاز.

أصيب عبدالرحمن بطلقة في جانبه الأيمن أثناء المواجهة مع الإرهابيين ورغم ذلك لم يترك سلاحه – وفقا لرواية قائد الكمين، بل ظل يقاتل حتى أسقط 12 إرهابيًا بمفرده، وفى النهاية استقرت طلقة في رأسه فاستشهد على إثرها، لتصعد روحه إلى خالقها.

وأصبح الشهيد نموذجًا يؤكد الجانب الأصيل في شباب مصر حين يكونون في مواجهة التحدي، وأعظم هذا التحدي يتجلى في لحظة الدفاع عن الأرض والعرض.

كريم بدر.. «فقد ذراعه فحارب بالأخرى»

قصة بطولة الرائد “كريم بدر”، كانت واحدة من بين أهم قصص البطولات التي تداولها المصريين هذا العام بقوة، فخلال الهجوم الإرهابي على كمين أبو رفاعي بالشيخ زويد أصيب الرائد كريم بشظية كبيرة تسببت في بتر إحدى ذراعيه، ومع ذلك لم يستسلم وحارب بيد واحدة، حتى نجح مع زملائه الضباط وجنوده في السيطرة على الكمين وتدمير سيارتين للإرهابيين وقتل اثنين منهم ومنعهم من الاستيلاء على الأسلحة والذخيرة الخاصة بهم.

ورفض كريم، الانتقال إلى المستشفى قبل نقل آخر جندي مصاب لديه بالكمين، وزاره قام الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع والإنتاج الحربي بزيارته، في المستشفى ليطمئن على صحته وتكريمه على شجاعته الكبيرة.

الشهيد «اللمبي» تصدى لسيارة الانتحاري بجسده

“محدش يزعل مني وأنا مسامح كل الناس”، كانت تلك آخر كلمات الشهيد مجند الشرطة محمد سعد على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” قبل يوم من استشهاده خلال هجمات العريش في يوليو الماضي، عندما استهدفت مقر الكتيبة ١٠١ العسكرية ومديرية أمن شمال سيناء.

وأدلى زملائه بقصة بطولة الشهيد التي وُضعت صورته في مدخل مديرية أمن شمال سيناء، ضمن شهداء الشرطة.

وقال صديقه في تصريحات خاصة، إن الشهيد محمد سعد “اللمبي” كما كان يطلق عليه زملائه لخفة دمه، كان مكلفًا بوردية تأمين البوابة الخلفية للمديرية، وقبل بدء نوبة حراسته طلب أن يصلي العشاء، ثم حمل سلاحه وبدأ عمله.

وتابع: “فوجئ مع منتصف مباراة الأهلي والزمالك بسيارة نصف نقل “ثلاجة” تتقدم نحو مديرية الأمن بسرعة، فصرخ فيها طالبًا أن تتوقف فلم تستجب لندائه فأطلق النيران باتجاه السائق الانتحاري وأصابه إلا أن السيارة لم تتوقف، وأصر الانتحاري على تنفيذ مهمته رغم إصابته فتوقف الشهيد محمد سعد أمامها بجسده، وهي مسرعة وأطاحت به بعيدًا، وانحرف الانتحاري بالسيارة ليصطدم بساتر ترابي لتنفجر بعيدًا عن المبنى الذي تهدمت واجهته بسبب قوة الانفجار”.

اللواء خالد توفيق.. كلماته أبكت المصريين

صوته المبحوح وحنجرته المصابة بشدة لم تمنع الكلمات من أن تخرج من فمه قوية وجعلت المصريين يبكون عند سماعها، ففي مايو الماضي ظهر لأول مرة اللواء أركان حرب مقاتل خالد مصطفى محمد توفيق أحد مصابي هجمات كمين كرم القواديس بسيناء أثناء تكريم الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وقال توفيق في كلمة مؤثرة أمام السيسي حازت على إعجاب ملايين المصريين: “أحمل لكم كل احترام والتقدير والحب، وقد أنعم الرحمن علي بالإصابة والكتيبة 101 هي بداية الطريق للجنة”.

ووجه التحية لـ5 مصابين من أفراد الكتيبة وتم علاجهم في مستشفى المعادي العسكري، وهم أحمد البكري، إيهاب عبدالسلام، صالح محجوب، محمد حامد وأبانوب، مشدداً على أنهم بمثابة أبناء له، موجهاً لهم الشكر والتحية ومتمنياً لهم الشفاء العاجل.

وحول شهداء الكمين، قال: “الشهيد فاز هو وأهله، مانبكيش عليه ونفرح بيه، الشهيد دخل الامتحان ونجح بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف”، وأصيب اللواء خالد بشظايا في الرقبة وكانت حالته حرجة إلا انه تعافى سريعًا.

«الدرديري».. يضحي بحياته لينقذ جنوده

في لحظة حاسمة أدرك أن عليه اتخاذ القرار.. فحياة جنوده تتوقف على ما سيفعله في الدقائق القادمة وبعد تقديره للحصار المحكم الذي نفذه الإرهابيون على نقطة الكمين المسؤول عنها بأعداد كبيرة من المسلحين، قرر المقدم أحمد عبدالحميد الدرديري أن تكون حياته ثمنًا لإنقاذ جنوده.

وأعطى الدرديري الأوامر إلى الجنود بإخلاء الكمين وركوب المدرعات للاحتماء بداخلها والانسحاب بها حتى لا تسقط أحداها أو جنوده في أيدي الإرهابيين، وطلب منهم الذهاب لمكان آمن.

واندفع الدرديري ليلهيهم وتشتيتهم بسلاحه، حتى يطمئن أن جنوده قد تخطوا الخطر ولا يهلك الجميع إلا انه بعد أعطاء الأوامر، وجد فرد من الجنود يصرخ ويقول “لا يافندم مش هسيبك”، وبالفعل ظل البطلان في عملية تشتيت المهاجمين عن الجنود حتى اطمئنوا أن باقي القوة من الجنود في أمان، وظلوا يقاتلوا حتى نفذت الذخيرة التي كانت معهما، ونالا الشهادة دفاعًا عن باقي الجنود وعن أرض الوطن.

«شتا».. بطل الكتيبة ١٠١

المجند الشحات فتحي شتا، 22 عامًا، شهيد الكتيبة 101، فقصته أيضا لا تختلف عن قصة زميله المجند الشهيد محمد شويقة، حيث كانت توجد سيارة محملة بـ12 طنًا متفجرات كسرت سور بوابة الكتيبة في يوليو الماضي، واندفع وراءها ميكروباص به 5 تكفيريين مرتدين أحزمة ناسفة ومتجهين لمخزن الذخيرة بالكتيبة لتفجيره.

ووزع التكفيريون، أنفسهم في أماكن تجمع الجنود لتفجيرهم، ولكن الشهيد الشحات عندما شاهد التكفيري يقترب منهم وحول خصره حزاما ناسفا فدافع عن زملائه بتصديه للإرهابي واندفع نحوه يحمله لمسافة ١٠٠ متر، لينفجر بعيدا عنهم، وكرم الرئيس السيسي والده وإطلاق اسم الشهيد على المدرسة التجارية بقرية رأس الخليج مسقط رأسه.

«شويقة».. مارد سيناء

قدم أروع آيات البطولة والفدائية.. ليكشف عن المعدن الأصيل لشجاعة الجندي المصري خير أجناد الأرض عند اللزوم يتحول إلى مارد عملاق يخطف الأنظار ويحطم حواجز الخوف ويتجاوزها.

وقبل أن ينتهي العام، حازت قصة بطولة الجندي محمد أيمن شويقة على إعجاب الملايين وبكاه العديد من المواطنين، وطالبوا بصنع تمثال له، ومنحوه لقب مارد سيناء.

الحقيقة أن كل زملائه الشهداء يستحقون، وما روي عن بطولة شويقة هي قصة من ضمن عشرات القصص التي لم تروى بعد.

احتضن شويقة الموت ليحيا الأمل وتحيا مصر، ركض نحو الموت قبل أن يصل إلينا واحتضن إرهابيًا يرتدي حزامًا ناسفًا قبل أن يُفجر نفسه في زملائه بعد العثور عليه مختبئاً داخل “عشة”، ومنعه من تفجير نفسه في أفراد الكتيبة التي كانت تداهم منطقة زراع الخير بالعريش.

وفجر الانتحاري نفسه وتفجير المجند الشهيد معه، والذي قدم حياته ثمنًا لإنقاذ باقي أفراد الكتيبة.

وقال قائد كتيبته، إن شويقة كان يركض نحو الإرهابي وكأنه يرى الجنة أمامه، وظللنا ننادي عليه بالرجوع ولكن يبدو أن جنة الخلد ظهرت أمامه فكان يركض بكل قوة وبطولة حتى تمكن من إنقاذ زملائه، وتم إرسال جثمان الشهيد إلى مسقط رأسه، وتنظيم جنازة جماهيرية له شارك فيها الآلاف من أهالي محافظة دمياط لتشييع جثمانه وكرم الرئيس والده.

«ابن البطل».. يكمل المشوار

تستحق هذه اللقطة أن تكون صورة العام بلا منازع.. وهي أيضًا رسالة إلى هؤلاء الإرهابيين صناع الموت أن الأجيال القادمة ستستمر في دحرهم أينما كانوا حتى تكون سيناء مقابر جماعية لهم.

الصورة تحمل الكثير من المعاني، وقد حازت على إعجاب ملايين المصريين وهى لأبن الشهيد النقيب عمرو وهيب، الذي استشهد في 23 نوفمبر الماضي، بأيدي الإرهاب الغاشم في شمال سيناء.

ووضعت والدته، بكل فخر طفلها الرضيع داخل ردائه العسكري الذي يحمل اسم زوجها الشهيد البطل لتكون رسالة منها إلى قتلة زوجها وأنها على استعداد أن تضحي بفلذة كبدها ليثأر من قتلة أبيه حتى تحيا مصر حرة أبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: