مقالات القراءمقالات واراء

لا تجعل كراهيتك لي تخرجك عن دائرة الإنصاف

بقلم – محمود الوروارى

Exif_JPEG_420

إن تعاليم ديننا الحنيف تدعونا إلى وحدة الصف وعدم الفرقة،والسعي لخدمة الناس مرضاة لله ،وتنظيم أمورنا الحياتية يحتاج لفكر ورؤية مستنيره،علمنا إياها رسول الله صل الله عليه وسلم ” أنتم أعلم بشؤون دنياكم “،وقوله تعالى”فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”.

لكن البعض فى مجتمعنا الأن يكرهك ويحقد عليك لمجرد إختلافك معه فى الرأي،وقد تعلمنا أن هناك اختلاف فى الأراء وليس خلاف،والاختلاف فى الرأي لا يفسد للود قضية،وطالما نختلف للصالح العام فهذا أمر عادى لا ينقص من صاحبه بل يزيده تقديرا واحتراما .

أخى فى الإنسانية …إن الحياة سرعان ما ستنتهى عاجلا أم أجلا ،ولكن تبقى المواقف التى تحمل فى طياتها العبر والعظات،فلا تجعل كرهك وبغضك لشخص ما لمجرد أمور خاصة سببا فى خروجك عن دائرة العدل والإنصاف له “ولا يجر منكم شنئان قوم على ألا تعدلو،أعدلوا هو أقرب للتقوى”.

ومهما بلغت درجة الحقد والكره للأخرين ،لابد من الإنصاف للخصم لأن ذلك من شيم الرجال،ولك أن تتذكر قول أبوسفيان بن حرب عندما سأله هرقل ( وكان أنذاك كافرا )عن رسول الله صل الله عليه وسلم،هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟فقال: لا، فقال هرقل : ما كان ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله”وهنا برر أبو سفيان صدقه بقوله “فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه”،وهنا قمة الإنصاف للخصم حتى وإن زادت درجة العداء أو الخلاف فى المذهب أو العقيدة أو الفكر أو حتى فى العمل العام.

وها هو أبو جهل يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا لا نكذبك يا محمد ولكن نكذب ما جئت به فأنزل الله “قد نعلم إنه ليحزنك الذين يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون.

وقد قرأت قصة معبرة فى هذا الشأن: حيث قال زوج لزوجته: لا تشترى العنب من البائع عبدالسميع لأن فاكهتة ليس لها طعم،بل إشترى من البائع أمين الرجل الخلوق،فوعدته الزوجه بالشراء من أمين،ولكنها فور توجهها إلى السوق ،قامت بالشراء من عبدالسميع لأنه التاجر المعروف بين تجار السوق بأن فاكهته جيدة وسليمة ،والكل يشهد بذلك بإستثناء زوجها الذى لا يعترف بهذه الحقيقة والسبب هو الخلاف الشخصي الذى وقع بينهما منذ بضعة شهور،أما البائع أمين الذى يمدحه فهو أسم فقط لا يعرف من الأمانة غير اسمها، وبعد أن اشترت الزوجه العنب وغسلته وقدمته لزوجها،فأكل منه وهو يردد” إن عنب أمين لذيذ الطعم”،فقالت له أتدرى ممن أشتريت هذا العنب؟،فقال لها ..أليس من أمين ؟ قالت لا بل من عبدالسميع،فتوقف عن الأكل…والأن نقول هل تستطيع أن تتذوق حلاوة العنب الذى يبيعه عبد السميع ؟ أم أن الخلاف معه سيجعل طعمه حامضا مهما كانت حلاوته؟.

علينا أن نتحلي بأدب الاختلاف ،ولا نجعل اختلافنا مع الأخرين يصل بنا إلى الكراهية ويخرجنا عن دائرة العدل والإنصاف مهما كان الأمر،فليس كل ما تكرهه خطأ وباطل،ولا كل ما تحبه صحيح وحق،بل عليك أن تتجرد من الأهواء وتتحلى بقيم ديننا الحنيف ودع الملك للمالك ولا تنصب نفسك حكما على الجميع وتطعن فى جهد هذا وذاك وأنت تجلس مجلس المتفرج ،وهنا ننصحك ” فلتقل خيرا أو لتصمت”.

ودائما نردد هذه الحكمة ”  عش عفويتك تاركا للناس إثم الظنون فلك أجرهم ولهم ذنب ما يعتقدون ،فسر الفشل محاولة إرضاء الجميع والشجرة المثمرة ترمي بالحجارة.

وختاما نقول” اختلف كما شئت،وليكن هذا الاختلاف عنوانه الإنصاف وقول الحق مهما كان الشخص الذى تختلف معه،ولا تجعل كراهيتك لى تخرجك عن دائرة العدل والإنصاف،ولا تجعل كرهك وحقدك لى يدفعك للتصفيق للخصوم نكاية في وتصفية لحسابات قديمة ويمنعك هذا عن قول الحق،ولتعلم أن الأيام دول ” وتلك الأيام نداولها بين الناس”وكونك تحيد عن قول الحق وتسمع من طرف واحد فلن ينفعك أحد عندما تقف أمام مولاك ويسألك،وعليك أن تعد للسؤال جوابا.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لمراضيه ويجنبنا مناهيه ويجعل مستقبلنا وحالنا خيرا من ماضيه….
حفظ الله مصر من كل مكروه وسوء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: