مقالات القراء

بقلم محمد ربيع يكتب : الوطن العربي .. وتحديات المستقبل.

 

575423_359898767393978_8408491_n

بقلم / محمد ربيع الشلوي.

محام ومستشار تحكيم دولي .

ماجستير في القانون العام.

باحث بالدكتوراة بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية.

يمور وطننا العربي كمور الجبال والسحاب ، وتمر به الخطوب والتجارب ، وترفعه النجاد وتحطه الوهاد ، وهو مع ذلك صامد كالوتد ، ولكن شعبه العربي ، تمر به مر الكرام ، فلا يتعلم منها ، فلم تحنكه التجارب ، ولم تضرسه الخطوب ، ولست ادري أهذا من جراء نقص وعي وخبرة ، أم تضارب للمصالح ، وتعارض للرؤى ووجهات النظر ، فأصبحنا لانرى إلا الفكر يفرض فرضاً ، والرأي الأقوى هو رأي القوي وإن ضعف .

وطننا العربي الكبير ..ليس قطاك كقطي .

ليبيا ليست كـمصر .

       images

    لا يمكن الإعتقاد أو عقد مقارنة بين الدولة المصرية ، والبلد العربي الشقيق ليبيا ، فليست مصر كليبيا ، فالبون شاسع بين الدولتين ، من حيث الظروف الإقتصادية ، وتباين التركيبة الديموجرافية ، والظروف الجغرافية ، وكذلك السياسية ، فإن كنا قد ذكرنا آنفاً ان مصر بلد مؤسسات ، فعلى العكس تماماً فالدولة الليبية دولة يعوزها ذلك .

                   حتى في ظل عهد نظام القذافي القديم ، ذاك النظام القوي المسيطر المستبد ، كانت الدولة تبدو وكأنها قوية ، ولكنها مع الأسف كانت دولة هشه من الداخل ، ضعيفة إقتصادياً ، تعتمد على الإستيراد بشكل كبير ، وقد تبدى ذلك جلياً أيام فترة الحصار عليها ، فلا يمكنك أن تفك غموض طلاسم نظامها الإقتصادي او السياسي ، فتخاله مذبذب بين الإشتراكي والرأسمالي ، مع نرجسية قذافية إبتكارية إلى حدٍ كبير . ولكنها بقيت بلا نزاعات أو إختلافات أو فتن وقتئذٍ .

           بل الأدهى والأمر من ذلك أن داعي الفرقة والتقسيم بها بلقى قبولاً لدى الشعب الليبي ، وذلك لوجود وتباين مصادر الثروات البترولية ، مع إستئثار القبائل وسيطرتهم على البترول ، فالنظام سيعود قبلياً ، مع إضطراب الأمن وإنتشار السلاح بالشكل الفج الذي نراه بن أيدينا ، وإن شئت قل إن ليبيا دولة ميليشيات مسلحة مع الأسف.

مصر بلد مؤسسات

مصر بلد مؤسسات ، مؤسسات موغلة في القدم ، لها من الثقل بمكان ليجعلها تضطلع بأمور وحكم الدولة ، كالمؤسسة العسكرية ، ومؤسسة القضاء والجهاز الإداري ككل في الدولة .

لطالما رزحت مصر ،بلا رئيس أو حاكم ، ولطالما بقي ذلك الكرسي شاغراً لفترات ، وقد مررنا بذلك بالفعل على مدى الثلاثة أعوام المنصرمة ، حتى إني أعتبر في قرارة نفسي ان حكم الإخوان المسلمين كأنه لم يكن ، وذلك لضعفه وهشاشته .

             لقد أثبتت زوبعة الخريف العربي المنصرمه ، للعالم اجمع صحة نظريتي التي أعتقدت فيها ، واثبتت رقي دولة مصر ، واثبتت للعالم أن مصر دولة مكتملة الأركان ليست بالدولة الهشه أو الضعيفة ، فهي دولة عميقة ، واصيلة ، ومن بعدها تونس ، ذاك البلد الذي لازال يتمسك بمبادئه وأخلاقياته . رغم رفضهم لفكرة الأسلمة ، إلا أنهم لم يحاربوا أو يقصوا بني أوطانهم ، فهي حقاً دوة راقية ، وكا حاكوا فكرة الثورة الفرنسية وصدروها لنا ، حاكوها على نسق عربي فذ، بيد اننا أسأنا المحاكاه.

         أما عن الجزائر فكأن شيئاً لم يحدث ، فبعدما عصفت رياح التغيير بالشرق الاوسط ولا سيما دول شمال إفريقيا ، إلا ان الجزائر لم تحفل بكل ذلك ولم ينلها شيئ من هذا البته ، وذلك راجع لأسباب داخلية ، أسباب إستراتيجية وفكرية ، وتجربة من قبل قد مروا بها ، مع وجود شرطة قوية او مستبدة ، وجيش قوي .

ثورة التصحيح المزعومة .. ونظام المستبد العادل .

           إن إفترضنا جدلاً أن ثورات الربيع العربي كانت خطأً فادحاً ، وسبة ورقعة في ثوب التاريخ العربي ، إلا أنها لقنتنا درساً مفيداً ، ألا وهو فوضوية الشعوب العربية ، وعدم مسئوليتها ، وعبثية أفعالها ، وقصور وعيها الثقافي او السياسي ، فهي شعوب تهرف بما لا تعرف ، شعوب ببغائية ، تضرها الحرية ، وتصحح القوة ما اعوج من سلوكها .

         فإن إضطلاع فصيل او مؤسسة بعينها بحكم تلك الدول ، اراها انسب فكرة مطروحة في هذه الآونة ، فالتفاف المؤسسات العسكرية في تلك الدول يعتبر شيئاً لا بأس به ، ولكنه له بعض المساوئ ، اتمنى ان يتم تصحيحها ، وتلافيها ،فالعسكريون دوماً يعوزهم الخبرة الفنية في مجال الحياة العامة ، وذلك بحكم عملهم العسكري المغلق في ثكناتهم ،البعيد كل البعد عن امور الحياة العامة ، وهي إختيار مستشارين من أهل الخبرة ، في شتى المجالات المختلفة ، مستشارين إقتصاديين ، سياسيين ، إجتماعيين ، ومن العبث حقاً أن نعتبر أن هذه البطانة من الممكن لها الإستبداد بالحكم ، فلن تستبد بأي حكم ، طالما انها في ظل حكم عسكري .

                   كما انني اخشى ما اخشاه ، إلتفاف الشرذمة القليلة من المنافقين من الساسه والإعلاميين والصحفيين ؛الذين يفرضون سياسة الامر الواقع من الاحزاب السياسية الكارتونية اللاوطنية في تلك الدول ، فيحرضون الشعب ويجعلوه شيعاً ، يستضعفوا طائفة منهم ، وينصرون أخرى ، أو الأخرى التي تلعب دور المستضعف تارة فتسقط في الهاوية ، وفي نظر الآخرين ، فلا إقصاء ولا تخوين ولا تهميش ولا ترهيب ، فهذه بلدانهم وأوطانهم ، ولاسيما مصر كنانة الله في أرضه ، فمصر للجميع وستبقى للجميع إلى ما شاء الله ، وأقول لمن يظلم ويجور فإن الدائره ستدور عليه ، وتكون دائرة السوء عليه ، فأتقوا الله فيها ، فالأيام دول، وكما تدين تدان .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: