الشارع السياسى

الخبير الاستراتيجى طارق حبيب : لا أحبذ ترشح السيسى للرئاسة

حوار : أيمن وصفى
229ايمن 1
المستشار الاقتصادى والخبير الاستراتيجى اللواء طارق حبيب ، هو أحد القيادات السابقة بالقوات المسلحة ، وهذا الرجل دخل معترك الحياة المدنية وتفاعل معها منذ أكثر من خمس سنوات ، فهو يرى أن الصراعات الداخلية فى الدول العربية هى التى سوف تقضى على الأمة العربية ، ويرى أن الصراع على كرسى الحكم والمصالح الشخصية واستفادة فئة معينة على حساب الشعب بثروات البلاد وعدم العدالة  الناجزة وسوء أحوال المواطن، هو الذى أشعل ثورة 25 يناير ، ثم بمجئ حكم الإخوان وجعل البلد يتحكم فيها تيار معين لتوطيد حكمهم والتسلق للحكم على حساب شهداء ثورة يناير وخدمة أهدافهم الخاصة ، فجاءت ثورة 30 يونيو لتصحيح مسار الثورة وخروج هذا التيار من الحكم بلا رجعة بمساعدة الجيش والشرطة والشعب ، وهذا كان واجبهم للحفاظ على الأمن القومى لمصر، لشعورهم بالخطر من تفتيت وحدة مصر وأبناء شعبها من التشرذم والتناحر والاقتتال ، فكان هذا الحوار الذى يتسم بالصدق والصراحة ..
• ما رأيك فيما حدث من ثورة ثانية فى 30 يونيو؟
– هذا حدث نتيجة أمور متراكمة من شعور المواطن بعدم العدالة الاجتماعية ونتيجة سيطرة تيار معين على البلد لخدمة مصالحهم الشخصية على حساب الشعب ، فأنا لا أعتبر “مرسى” رئيساً ، بل أعتبره مندوباً لهذا التيار، وبناء عليه انتفضت ثورة الشعب ووقوف القوات المسلحة معه.
• هل تعتبر ما حدث من ثورات الشعوب العربية على الأنظمة المستبدة يعتبر “ربيعاً عربياً” كما يطلقون عليه فى الغرب ؟
– أعتبر أن ما حدث خطة كانت طويلة المدى من الأمن القومى الأمريكى وإسرائيل وحلف الأطلنطى ، وذلك باللعب على الخلافات الداخلية وتأجيج الصراع وإشعال الفتن من خلال الخلل الموجود فى المجتمع من قمع وظلم وعدم وجود عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية أيام مبارك ، حتى وصول هذا التيار الذى أثبت فشله ، فالمستفيد الأعظم هؤلاء الذين يريدون السيطرة على ثروات الوطن العربى من بترول وزرع قواعد عسكرية أمريكية كما حدث فى العراق والكويت ، فحينما ننظر على حالنا وعلى حال “تل أبيب” نجد أنه كلما اشتد الصراع الداخلى كما حدث لنا وكثير من الدول العربية مثل : ليبيا وبغداد وتونس واليمن زاد الاستقرار والأمن داخل إسرائيل،  لأنهم يعلمون تماماً أن الوطن العربى إذا اتحد فإن لديه من الامكانات والقدرة التى تؤهله لإعادة هيكلة المنطقة ، ولكن للأسف منهجية هذه الدول أنها ادارات مستقلة وتعمل ما يخصها دون الاهتمام بالآخر.
• لماذا لا يتم تفعيل السوق العربية المشتركة والدفاع المشترك ؟
– للأسف كل هذا حبر على ورق ، والدول العربية ما تفعله هو : نحن نندد ، ونشجب ونعترض ، ولكن الله تعالى يقول : ” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ” ، فالاتحاد الأوروبى نجح ، رغم الاختلاف فى اللغة ، ولكن ما يريده الكيان الصهيونى هو اشعال الفتن الداخلية وازدياد التوتر فى المنطقة العربية من إنشقاق وثورات لكى نصبح أمة مفككة حتى تنعم “تل أبيب” بالاستقرار، وأرى أن توحد الأمة العربية لا يحدث إلا من خلال التنسيق مع الآخر وتكون لدينا رؤية واحترام للآخر.
• هل يمكن توحيد الأمة العربية مثل : السودان ، اليمن والعراق وإعادة صياغتها؟
– أرى أن كل مقومات الوطن العربى موجودة لكى تؤهله ليصبح من الدول العظمى ، ولكن من مصلحة العدو تحويله إلى دويلات وخلخلته من الجذور وإشعال الخلافات الداخلية والقبلية ، وفصل الجنوب عن الشمال واستغلال استبداد الحكام العرب ، فيجب علينا أن نلم الشمل العربى والبعد عن الفرقة .
• وعن الشأن المصرى الداخلى؛ هل نحن نملك من الديمقراطية ما يؤهلنا لنسير فى الطريق الصحيح ؟
– علينا أن نعترف : أننا لا نمتلك من الديمقراطية “قيد أنملة ” ، بدليل أننا أيام الملك “فاروق” كانت توجد ديمقراطية وتوجد أحزاب ، أما هذه الفترة فيجب أن يكون لدينا “وعى” ، ولابد من التعايش مع الواقع ، فعلى سبيل المثال، هناك أرض مملوكة لفلان ولديه فلاحون وأجراء ، فما يعطيه صاحب هذه الأرض لهؤلاء يعتبر منحة لهم ، فيجب أن يبحث المواطن عن حقه ولا ينتظر من يضع له القوانين ، والدليل على ذلك أن هناك محترفى صناديق،  لأن بعض الناس فى هذا المجتمع المصرى الثقافة عنده من يدفع ويعتبرون هذا موسم و”سبوبة” ، فيصعد الذى يدفع أكثر ، وبالتالى يتشكل مجلس شعب لا يعبر عن المواطن ، والدليل على ذلك بعض القوانين أخرجت أناساً من السجن نتيجة سوء التطبيق للديمقراطية ، فالشعب أصبح مثل الكرة التى تتقاذف بين أقدام المستنفعين.
• هل تعتبر ما حدث من ثورة 30 يونيو هو انقلاب عسكرى ؟
– بالقطع “لا” ؛ فنحن نعلم أن أولى مهام القوات المسلحة هى حماية الجبهة الداخلية من الإنهيار، بدليل نزول القوات المسلحة  عند حدوث سوء ، وكان دورها هو إخطار القائمين على الأمور باتخاذ اللازم لتجنب الفتن والصراعات وإعطاء مهلة للقيادة للخروج من الأزمة ، ولكن للأسف ثار الشعب ووقف معه الجيش بقيادة الفريق السيسى واعتبره الشعب بطلاً قومياً ، ولو كان انقلاباً لما أعطى فرصة للقيادة فى ذلك الوقت لتدبير الأمور.
• هل توافق على ترشح السيسى لخوض معركة الرئاسة ؟
– أولاً الفريق السيسى يشكر على موقفه الوطنى والشجاع ؛ ولكننى لا أحبذ ترشحه للرئاسة ، وذلك حتى لا يستغل النظام القديم ذلك ويعيد تنظيم صفوفه لأنه صاحب خبرة،  فهو يخرج من الحياة العسكرية إلى الرئاسة مباشرة ، فأنا ظلمته، لأنه يتعامل من خلال الورقة والقلم ولم يتعامل مع المجتمع ولم يُطحن مثل المواطن العادى ، فسوف نرجع مرة أخرى للتفكير القديم ، فالكفاءات سوف تكون مثله، وبذلك لا نعطى فرصة للوقوف على مشاكل المواطن من خلال التعايش معه.
• ما مواصفات ومعايير اختيار الرئيس ؟
– نحن الآن فى بلد مقتتلة ومهزوزة، وفيه انهيار اقتصادى ، فالناس لم يجدوا مخرجاً غير الفريق السيىسى ، ولابد من قائد ، ولكن أؤكد على معايير لابد أن تتوافر للرئيس القادم، أولاً: الكاريزما ؛ بمعنى أن يتسم بالحضور والقبول عند الغالبية ، وثانياً: أن يتعامل مع الأزمات بحنكة وخبرة، ولديه سرعة فى اتخاذ القرار الصائب فى الوقت المناسب ، وتكون لديه رؤية مستقبلية ، ولديه مستشارون أهل ثقة ، وأن “يلم شمل البلد” ، ويجب أن يثأر من كل الذين تلوثت يداهم بدماء الشعب المصرى ، وأن يكون عسكرياً قد تقاعد منها فيما لا يقل عن خمس سنوات حتى يعاصر مشاكل المجتمع المصرى على الطبيعة.
• ما أول شىء يجب أن يفعله رئيس الدولة القادم ؟
– لابد أن تكون له أيديولوجية خاصة ، بمعنى أن يكون له تصور للصالح العام للبلد وأن تكون لديه خطة بعيدة المدى بأن تكون مصر مثلاً من الدولة المتقدمة فى 2050 ، ويسير الرئيس القادم بعده على هذه الخطة حتى ننهض ، فالدولار وصل سعره لأكثر من سبعة جنيهات ، ونحن ليس لدينا جمارك ولا ضرائب ، ويجب أن يكون التعليم مجانياً بالفعل ، والتأمين الصحى يشمل كل مواطن،
والحد الأدنى يكفى المواطن ويفيض منه ، فالجنيه المصرى أيام الملك فاروق كان يزن بالذهب، ولم ينهار بهذه الصورة الآن ، لأنه كان ظهيره القطن والقمح وكانا يصدران للخارج.
• ما أسباب ما وصلنا له من هذا الاتهيار الاقتصادى ؟
– نحن عندنا عجز 150 مليون نسمة ولذلك فإن الإنتاج ضعيف ، فالمائة مليون نسمة نتاج تحديد النسل ، فنحن رجعنا 300 سنة إلى الوراء ، فنحن على مساحة 2 مليار متر مكعب لم تستغل حتى الآن ، فنحن لدينا ثروة بشرية وموارد طبيعية يجب الاستفادة منها .
• ما دور مصر فى الفترة القادمة ؟
– مصر إذا وقفت على أرض صلبة سوف توحد الأمة العربية ، لأنها العمود الفقرى لهذه الأمة فنحن نجتذب العرب.
• الجيش أعلنها صراحة وقال : ” إنه على الشعب أن يحسن اختيار الرئيس القادم، لأنه لم يتدخل مرة ثانية”؛ ما رأيك فى ذلك؟
– عنده حق ، لأن المواطن لابد أن يحسن اختيار من يمثله وعليه أن يبحث عن حقه ، وبالنسبة لتجميع الأصوات هذا شىء ليس بصعب ، فسعد الصغير مثلاً جمع أصوات بسهولة ودخل انتخابات الرئاسة الماضية ، فالعبرة بالمعايير ، فحمدين صباحى مثلاً لا يصلح وأبو الفتوح لا يصلح ؛ نحن نريد رجلاً عسكرياً لكى يأخذ الاحترام ويكون قد اختلط بالحياة المدنية فيما لايقل عن خمس سنوات بعد تركه للحياة العسكرية ، وهذا لا ينطبق على الفريق السيسى ، فالقوات المسلحة عبارة عن مؤسسة تعتنى برجالها ، فهى المؤسسة الوحيدة المستقرة ، وهذا ناتج عن منظومة يتقدم لها 28 ألفاً ويؤخذ منهم 400 وحينما تصل للتخرج يتم تصفية خمسين ، وكل هؤلاء تدربوا على الثبات والادارة والبروتوكول وطريقة التعامل ، ثم خرج بعد أداء دوره للحياة المدنية ، فهو مثل الدبلوماسى ، ولكن العسكرى يأخذ قرارات وينفذها ، فهو مطعم بمزيج من الادارة والخبرة والكفاءة ، ولديه من الوطنية لخدمة بلده.
• أفهم من كلامك أنه لابد أن يكون الرئيس القادم عسكرياً ؟
– لابد أن تكون لديه خلفية عسكرية ، لأن المنطقة ملتهبة ، لكن المدنى يمكن أن يكون رئيس وزراء وليس رئيس دولة.
• وما الضمانات التى تجعلنى كمواطن أثق فيه؟
– إذا جاء من يتقى الله فى البلد والعباد ، ويحب هذا البلد وترابه وأهله، ويعرف أنه مستهدف وسوف يتم إغتياله فى أى وقت ويكون صادقاً، ويتعهد أنه سوف ينفذ ما وعد به فى فترة معينة ويكون هذا معلوماً ومكتوباً أمام الشعب، وإذا لم ينفذ وعده ، فالدستور أوضح أنه إذا اجتمع ثلثا أعضاء مجلس الشعب واتفق على سحب الثقة من الرئيس سوف يتم عزله فوراً.
• مشاكل البلد كثيرة ، فهل يستطيع الرئيس القادم أن يحلها؟
– الرئيس الفاشل هو الذى يدخل فى المشاكل، ولكن عليه أن يخرج الناس من مشاكلهم من خلال مدن جديدة واستغلال الموارد البشرية والمادية ، وعدم الاعتماد على الاقتراض ، فالذى يهمه هو البلد وليس الكرسى ، وتكون لديه رؤى اقتصادية وتوجيه البلد بشكل ايجابى، فعلى سبيل المثال : مشكلة مثل القمامة من السهل جداً حلها ، حيث كان هناك سور واقع من كثرة ارتفاع القمامة ، وسألت كم تبلغ هذه القمامة فواحد قال حوالى 20 طناً وآخر قال ثلاثين ، فقلت لهم أحضروا عشرة أشخاص من المنطقة وسوف نشترى جاروفا وغيره وجمعنا هذا القمامة وأحضرنا سيارات لأخذها وتم فرزها وتم استخراج الأشياء الصلبة منها والبلاستيك وما تبقى من فضلات تم التخلص منها ، وتم بيع هذه المواد الصلبة، وجمعنا مبلغاً لا يقل عن 120 ألف جنيه وغطينا التكلفة وتبقى مبلغ لا يقل عن 30 ألف جنيه واشترينا بهم زرع وأشجار ووضعناه فى مكان هذا المقلب وتحول المكان إلى متنفس ، وبهذا أصبح المكان نظيفاً وأجبرنا الناس على الالتزام بالنظافة ، وقس على هذا اجتذاب الناس للخروج من العشوائيات من خلال فتح مصادر رزق وزيادة فى الدخل من مدن جديدة وليس إجبارهم على الخروج.
• هل تُفضل انتخابات الرئاسة قبل البرلمان؟
– أفضل الانتخابات البرلمانية أولاً، ولكن الدستور أعطى الحق للرئيس عدلى منصور أن تبدأ انتخابات الرئاسة ، وذلك لتخوفهم من أن يأتى مجلس شعب يفرض شيئاً من الجمود.
ايمن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: