بقلم رئيس التحريرتحقيقات صحفيه

ابراهيم البسيونى يكتب _ الأزهر: لا تكفير لداعش ولا القاعدة ولا الإخوان

181165هل فعل الأزهر خيرا عندما أصدر بيانه أمس بعدم تكفير داعش؟ سؤال يحتاج إلى كثير من التأمل لنصل إلى إجابة صحيحة.

البيان الأخير يتوافق مع منهج

المؤسسة الوسطي .. والجمل: نعم

نرفض فكرة التكفير

الطيب أدان من قبل طريقة إلقاء

جثة بن لادن في البحر وحذر من

فتاوى تكفير الإخوان

الأزهر صحح ما جاء على لسان الشيخ إبراهيم صالح الحسينى مفتى نيجيريا بأنه لم يفتِ خلال كلمته التى ألقاها بمؤتمر الأزهر الشريف لمواجهة العنف والتطرف بتكفير “داعش” أو غيرها، وإنما أوضح أن أفعال هؤلاء ليست أفعال أهل الإسلام، بل هى أفعال لا تصدر من مسلمين، مؤكدا: “أنه لا يمكن تكفير مسلم مهما بلغت ذنوبه”.

البيان أضاف أن عبارة تكفير “داعش” لم ترد صراحة ولا تلميحًا فى عبارة الشيخ الحسينى، بل كل ما قاله: “إن المبتدعة الذين قاموا بأفعال التطرف قاموا بكل ألوان الفساد، فالمتطرفون وداعش بُغاةٌ من حيث ادعائهم الخلافة الإسلامية، وهم محاربون، فقاموا بإشاعة الفساد، وهتك الأعراض، وقتل الأنفس، ثم انتهوا إلى تكفير الأمة فتحقق فيهم الحرابة والبَغى، فهم أشد من بدعة الخوارج، وقتال المسلم كفر، وقد قتلوا المسلمين، فقد حكموا على أنفسهم بالكفر بأفعالهم.

وأوضح البيان أن كل من فى المؤتمر من علماء الأمة يعلمون يقينا أنهم لا يستطيعون أن يحكموا على مؤمن بالكفر مهما بلغت سيئاته، بل من المقرر في أصول العقيدة الإسلامية أنه لا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحد ما أدخله فيه، وهو الشهادة بالوحدانية ونبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الذنوب مهما بلغت لا يخرج ارتكابها العبد من الإسلام.

وأشار البيان إلى أن المؤتمر فى الأساس عقد لمواجهة فكرة تكفير الآخر وإخراجه من الملة ، مشيرا إلى أنه لو حكمنا بكفرهم لصرنا مثلهم ووقعنا فى فتنة التكفير، وهو ما لا يمكن لمنهج الأزهر الوسطى المعتدل أن يقبله بحال.

وبعيدا عن مغزى إصدار البيان، وهل صحيح وصلت تهديدات إلى المفتى النيجيرى من جماعات بوكو حرام وبعض الأشخاص المنتمين لداعش، ما استدعى مطالبته الأزهر تأكيد كلامه عبر الأسطوانات المسجلة، أم لا، فإن البيان يعبر تماما عن وجهة نظر الأزهر، فهو لم يبعد مطلقا عن الصورة التى وضعتها المؤسسة الإسلامية الأهم فى العالم الإسلامى، لتنظيم الدولة المتطرف الذى ظهر فى شبه الجزيرة العربية، حيث قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر خلال أعمال مؤتمر مكافحة الإرهاب الذى أقامه بأحد فنادق القاهرة بمشاركة أكثر من 120 عالما من مختلف الدول العربية والغربية وممثلين عن الكنائس بداية الشهر: “إننا لا ينبغى أن نغض الطرف عن أفكار الغلو والتطرف التى تسربت إلى عُقول بعض من شبابنا ودفعت بهم إلى تبنى الفكر التكفيرى واعتناق التفسيرات المتطرفة والعنيفة، مثل تنظيم القاعدة والحركات المسلحة التى خرجت من عباءته وتعمل ليل نهار على مُهاجمة الأوطان وزعزعة الاستقرار”.

وتابع بقوله: “ظهر أخيرا على الساحة تنظيم داعش الذى نادى بالخلافة الإسلامية، وقبله وبعده ميليشيات طائفية أخرى قاتلة”، مؤكدا أن داعش يحاول تصدير صورة لإسلامه المغشوش. إذن الأزهر يعترف بإسلام داعش، لكنه يصفه بالمغشوش.

البيان خلق حالة واسعة من الجدال، فالكاتب الكبير جمال الجمل يقول: “لا لتكفير داعش. عجيب أمر أصدقائى الذين يلومون الأزهر لأنه رفض تكفير داعش، نحن نرفض فكرة التكفير فى ذاتها، فليس من حق فرد أو مؤسسة أن تصدر فتاوى بالتكفير، شكرا للأزهر على عدم السقوط فى هذه الحفرة السياسية، لعله يفيق ويستقل دائم، وعلى النقيض قال الناشط القبطى عماد توماس قال إن الأزهر لا يكفر إلا اليهود والنصارى والعلمانيين، أما “الدواعش” فهم مؤمنون بشهادة بيان الأزهر، قائلا: “لله فى خلقه شؤون!!”.

أما الدكتور مصطفى العرجاوى، أستاذ القانون بجامعة الأزهر، فيؤكد أن كل من “شهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله” فهو مسلم، ولا يرمى بالكفر حتى لو وقعت عليه عقوبة الإعدام لارتكابه مخالفات أو جرائم عقوبتها قطع الرأس لأن الإسلام يحترم العقيدة الظاهرة قائلا: “لا نفتش عما فى داخل القلوب لأن رسول الله يقول: “إنما أحكم بالظاهر”.

موقف الأزهر من تكفير داعش ذكرنى بموقف الدكتور الطيب أيضا الذى أدان فيه إلقاء جثة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن فى البحر بعد أن لقى مصرعه على يد القوات الأمريكية فى باكستان، مؤكدا أن هذا يتنافى مع كل القيم الدينية والأعراف الإنسانية، حيث أكد الطيب وقتها أنه لا يجوز فى الشريعة الإسلامية التمثيل بالأموات مهما كانت مللهم ونحلهم فإكرام الميت دفنه.

بينما رفض الشيخ الطيب أيضا بعد عزل مرسى بأيام، وفى حوار له مع صحيفة “النهار” اللبنانية، أن يكون هناك فضائيات تحكم بكفر المسلمين الشيعة، وأضاف: “هذا غير مقبول ولا نجد له مبرراً لا من كتاب ولا سنة ولا إسلام، فنحن نصلى وراء الشيعة فلا يوجد عند الشيعة قرآن آخر كما تطلق الشائعات وإلا ما ترك المستشرقون هذا الأمر فهذا بالنسبة لهم صيد ثمين”.

كما حذرت المؤسسة أيضا من اعتبار أى بيانات أو آراء تصدر عن أزهريين أيا كانت وظائفهم أو درجاتهم، تعبر عن رأى الأزهر، مشددا على أنها تعبر فقط عن آرائهم بصفتهم الشخصية، ولا تعبر عن رأى الأزهر أو أى من هيئاته العلمية. جاء ذلك ردا على فتاوى بعض أساتذة الأزهر بتكفير أعضاء جماعة الإخوان، والحكم بردتهم عن الإسلام، حيث أوضح الأزهر أن ما ردده البعض فى هذا الصدد يعبر عن رأى شخصى، لا رأى للمؤسسة.

مواقف الأزهر السابقة تتوافق تماما مع الموقف الأخير بعدم جواز تكفير داعش. نعم البيان كان صادما للبعض، لكنه يؤكد بالفعل المنهج الوسطى للمؤسسة، حتى وإن كان ذلك فى صالح الجماعات المتطرفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: