ابراهيم البسيونى يكتب مبارك براءة وأهالى الشهداء يبحثون عن القاتل

وسط حالة مرتبكة ومختلطة ما بين السعادة، والصدمة، استقبل الملايين قرار المستشار محمود كامل الرشيدى، قاضى محكمة القرن، ببراءة الرئيس الأسبق حسنى مبارك ونجليه ومعاونيه، وبينما يصفق المتهمون داخل القفص فى قاعة المحكمة ويهللون ويهتفون “يحيا العدل”، وقف أهالى الشهداء، خارج المحكمة، وفى محافظات مصر يُهيلون التراب على رؤوسهم حزنًا وكمدًا، ويتساءلون فى ذهول، إذن من قتل أبنائنا؟.
مبارك يعود «رئيس سابق» ويَصرف معاشا وتقام له جنازة عسكرية
عميد شرطة يؤدى التحية للعادلى وحسين سالم يردد “تحيا مصر”

قبل المحاكمة

التفاؤل واليقين بالبراءة، كانا كلمة السر وراء الثقة التى كان يتحدث بها الرئيس الأسبق عن محاكمة اليوم، ووسط حالة من الاستنفار الأمنى الشديد وصل مبارك ونجليه والعادلى وباقى المتهمين إلى محكمة جنايات التى عقدت جلستها بأكاديمية الشرطة، جلس مبارك وكأنه ينتظر البراءة وهو ما كان له بالفعل.

الفرحة تختلط بالدموع داخل قفص الاتهام

فور النطق بالحكم رفع مبارك يديه محييًا أنصاره، كما قام نجلاه علاء وجمال بتقبيل رأسه، مرددين “الحمد لله”، بينما تساقطت دموع العادلى ورجاله، بحسب مصدر، ورفعوا أكفهم للسماء شكراً، كما تساقطت دموع اللواء أحمد رمزى، مساعد الوزير للأمن المركزى، بينما وقف إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة، وحده ممسكًا بالقفص يردد “الحمد لله”.

العادلى ظل متماسكا وابتسم لمعاونيه قبل النطق بالحكم وبعد الحصول على البراءة تبادلوا الأحضان والقبلات، وانزوى اللواء أحمد رمزى بعيدًا في القفص، حيث غلبته دموعه وذهب إليه زميله اللواء أسامة المراسي ليحتضنه بشدة ويخفف عنه، بينما وجه اللواء إسماعيل الشاعر حديثه لزملائه فى القفص وضباط الشرطة خارجه، قائلا لهم إن الحكم رد الاعتبار له وللوزير ولجهاز الشرطة بأكمله.

فريد الديب.. الرابح دائمًا

خارج القفص وقف فريد الديب يهتف محييًا القاضى وهيئة المحكمة، وتبادل الأحضان والقبلات مع أعضاء هيئة الدفاع عن حبيب العادلى ومعاونيه ورددوا جميعًا “يحيا العدل”.

الديب ظهر وكأنه يوجه رساله للجميع “انتصرت فى التحدى”، فقد تحدى فريد الديب كل من اتهمه بالخيانة وباع الجميع من أجل موكله، واستغل المحامى “العقر” الثغرات القانونية ليُهدى موكله البراءة.

رجال الشرطة يؤدون التحية للعادلى وحسين سالم راجع

فور النطق بالحكم قام أحد رجال الشرطة برتبة عميد بإعطاء التحية العسكرية للواء حبيب العادلي فور خروجه من الجلسة.

أما حسين سالم ففور سماعه الخبر قال في مداخلة له من إسبانيا مع الإعلامية لميس الحديدى ببرنامج “هنا العاصمة” على قناة cbc المصرية “تحيا مصر”، وعندما حاولت الحديدى سؤاله حول وجود مفاوضات مع الدولة لتسوية أوضاعه والعودة إلى الوطن اكتفى بترديد “تحيا مصر” أكثر من مرة، بينما ترددت أنباء عن عودته قريبًا إلى القاهرة.

خارج المحكمة.. سعادة وصدمة

أنصار مبارك هتفوا داخل قاعة المحكمة “بنحبك يا ريس، البرىء أهو”، وخرجوا للمؤيدين خارج المحكمة ليحتفلوا جميعًا ، ثم توجهوا إلى مستشفى المعادى العسكرى لمرافقة مبارك والاحتفال ببراءته هناك.

بينما وقف أهالى الشهداء، والعشرات من المواطنين المعترضين على البراءة رافعين لافتات مكتوب عليها: “كلنا خالد سعيد” ،”مبارك براءة ليه؟”.

كما تجمع عشرات المتظاهرين أمام المتحف المصرى للتنديد بالحكم مرددين هتافات “الداخلية طبختها مش ماشيين، والشعب يطالب بالقصاص، حكم المحكمة باطل باطل”.

إلا أن قوات الجيش والشرطة عززت من تواجدها وأغلقت المنافذ والشوارع المؤدية إلى ميدان التحرير.

مبارك يتحدث: كنت واثقًا من البراءة

بعد صدور الحكم قال مبارك، فى أول رد له منذ ثورة 25 يناير، “ضحكت عند سماعى بالحكم الأول”.

وأضاف مبارك فى مداخلة هاتفية لبرنامج ستديو البلد المذاع على فضائية صدى البلد، مع الإعلامى أحمد موسى، أنه كان ينتظر الحكم الثانى، مؤكدًا أنه لم يكن سيفرق معه أى شىء، مشدداً على أنه لم يرتكب أى جريمة على الإطلاق، لكن العشر سنوات الأخيرة فى حكمه ظهر فيها نتاج العشرين عامًا الماضية، قائلاً “اللى شوفته فى 25 يناير عينك ما تشوف إلا النور، والأحداث اللى شفتها كنت بستغرب عليها”.

قصور القوانين سبب البراءة

قانونيون أكدوا أن قرار المحكمة جاء بسبب قصور القوانين التى وُضعت فى عهد مبارك، موضحين أن جمود نص قانون الإجراءات الجنائية الذى حدد مدة 3 سنوات من تاريخ حصول الموظف العام على الرشوة كمدة إلزامية لمقاضاته، وتجاهل النص عن الكيفية التى تجعل موظف عمومى بحجم رئيس الجمهورية يقام ضده دعوى جنائية خلال فترة حكمه.

نشطاء الإنترنت: من قتل الشهداء ؟

وسائل التواصل الاجتماعى تحولت إلى سرادق عزاء بعد البراءة، فقد سخر البعض بتعليقات مثل “احنا آسفين يا فلول”، وجاءت تعليقات النشطاء الساخرة تحمل روح الإحباط “مبارك خرج براءة.. طبعا هتقول إنى إخوان، طيب خد فيشار”، وكتب أحدهم “عاجل من مصادرنا المؤكدة.. فريد الديب يتقدم بدعوى لمحاكمة الشهداء”، فيما تساءل الكثيرون عن من قتل الشهداء؟

النائب العام يُكلف بالدراسة

النائب العام المستشار هشام بركات من جانبه كلف المكتب الفنى بإعداد دراسة قانونية متكاملة لأسباب الأحكام التى أصدرتها محكمة جنايات القاهرة بالجلسة فى القضيتين رقمى 1227 لسنة 2011 جنايات قصر النيل، 3642 لسنة 2011 جنايات قصر النيل.

وضع مبارك القانونى

كيف سيُعامل مبارك بعد براءته ؟ أصبح هو السؤال الأهم الآن وهو ما أجاب عنه المستشار عادل فرغلى، حيث قال إن براءة مبارك يترتب عليها عودته للحالة التي كان عليها قبل اتهامه فى القضية، وأنه فى حالة عدم اتهامه فى أى قضايا أخرى فيجب أن يحصل على معاش رئيس جمهورية سابق، وفى حال موته تقام له جنازة عسكرية ويتم الاحتفاء به كرئيس جمهورية سابق.

بينما أكد قانونيون أن الطعن سيقتصر على قضية التربح وتصدير الغاز على إسرائيل فقط لأن الحكم الخاص بانقضاء الدعوى الجنائية لا يجوز الطعن عليه.