حوادث وقضايا

أحمد المغير.. ما لا تعرفه عن ثعبان الشاطر الذى انقلب على الجماعة

82791149431تحقيق / ابراهيم البسيونى

رغم أن لطمة رشا عزب كانت على وجه أحمد المغير، لكنها بدت وكأنها موجهة بالأحرى لقادة الإخوان، ولأفعال التنظيم البشعة، طيلة عام من حكم محمد مرسى..

الشاب الإخوانى يتهم قادة التنظيم

بالضلال والغرور والبعد عن الإسلام ردًا

على تنصل الجماعة منه

يعلن شماتته صراحة فى قتل أفراد

الجيش والشرطة.. ويرى أن السلاح هو

الحل للعودة للحكم

استخدمه مرسى للتجسس على

زملائه من شباب الإصلاحيين.. ونائب

المرشد دشن به «مليشياته

الإليكترونية»

 

عندما رفعت الناشطة السياسية المعروفة ذراعها الأيمن إلى أعلى نقطة ممكنة، بينما مالت بجزعها فى حركة نصف دائرية نحو الخلف، بحثًا عن قوة دفع للأمام، ثم ما لبثت أن هبطت بكفها بسرعة البرق، مدفوعًا باستدارة عكسية لجسدها صوب الجهة المقابلة لها، وبشبه قفزة بقدميها، لتستقر أصابعها بـ لطشة قوية فوق خد الشاب الإخوانى المثير للجدل، وذلك أثناء اعتصام المثقفين والكتاب والسياسيين فى وزارة الثقافة، قبيل 30 يونيو بفترة وجيزة، فإن الشماتة الممزوجة بالفرحة التى حلت بعموم المصريين آنذاك، جراء إهانة المغير على هذا النحو (رغم إقرار كثيرين بالتجاوز فى فعلة عزب)، كشفت عن غضب جامح ليس فقط بسبب لسانه السبّاب ، وإنما أيضًا تجاه جماعة تربى أبناءها على الطعن فى ذمم البشر وأعراضهم وشرفهم، بينما تمارس علنًا القتل والتكفير والإرهاب، إما تحريضًا أو فعلاً.

إن نماذج أحمد المغير، وغيره من شباب الإخوان الذى كان ولا يزال يمارس إرهاب الكلمة، ثم تحول بعضهم للعنف والتطرف المسلح، (المغير نفسه متهم فى مذبحة الاتحادية الأولى)، لم تكن لتطفو على السطح، إلا بمصوغ أخلاقى ودينى ونفسى، راكمه التنظيم فى عقله ووجدانه سنوات بعد سنوات.

من تربى على أنه من الفرقة الناجية، وضمن وكلاء الله على الأرض، ومن حاز على مفاتيح الدين الصحيح، فى مقابل مجتمع كافر، منحل، لا صلاح له، إلا بالقمع والكبت، لن يجد أدنى رادع، وهو يسخر من ضحايا الجيش والشرطة.. الشباب بدأوا يبدعوا ، مثلما قال المغير تعليقًا على اغتيال عميد الأمن المركزى أحمد زكى.. كما أن مثل ذلك الشخص لن يصادف أبدًا فى محيط جماعته، من يقول له كفى وهو يهدد الإعلاميين بالقتل، أو وهو يدعو الناس لحمل السلاح لإعادة التنظيم ومن سار على ضربه، إلى سدة السلطة.

رشا عزب

الجماعة الآن تتبرأ من صنيعتها. تقول إنها لا علاقة لها بأحمد المغير، ولا بتحريضاته فى عالم فيسبوك وتويتر. فعلها أيضًا المتحدث باسم التنظيم، محمود غزلان، من قبل، إبان حكم مرسى، تنصلًا من بذاءات الشاب الإخوانى، الذى طالما عرف فى الإخوان وخارجهم، بأنه رجل خيرت الشاطر، وقائد ميليشياته الإلكترونية.

خيرت الشاطر

المغير قد يكون خارج مصر الآن. البعض يقول إنه فى قطر، والبعض الآخر يقول فى تركيا، وفريق ثالث يشكك فى خروجه من البلاد من الأساس. لكن سمومه التى ينفخها من حين لآخر، تظل بنفس ثقل جسده.. تؤلم من فرط فداحتها.
المفاجأة أن المغير لم ينطلق فى معادة المصريين، إلا بعد تجربة لا يمكن وصفها إلا بـ النذلة ، طعن من خلالها زملائه داخل التنظيم نفسه، بخنجر الخيانة.

حدث ذلك بعد أيام قليلة من ثورة الخامس والعشرين من يناير التى يدعى أنه كان أحد المشاركين بفاعلية فيها. نفر من شباب الجماعة، تجرأ للمرة الأولى ساعتها، ومن ثم نظم مؤتمرًا علنيًا، وعلى غير رغبة مكتب الإرشاد، لتقديم رؤية إصلاحية ونقدية للإخوان، تمثلت فى المطالبة بإعادة هيكلة القيادة، والدفع بالشباب والمرأة إلى الصفوف الأولى، والانحياز إلى العمل السلمى المفتوح، والانخراط فى آلية حزبية شرعية تتيح التعاطى مع المجتمع وفق المنهج الديمقراطى، ووفق المصلحة الوطنية المصرية.

أحمد المغير

جميع من تولى زمام تنظيم ذلك المؤتمر، من أمثال محمد القصاص، وأحمد عبد الجواد، ومحمد ماهر عقل، ومحمد شمس، ومحمد عثمان، ومحمد الجبة، وسامح البرقى.. وغيرهم، انتهى بهم الأمر، إلى جانب عدد كبير من المشاركين فيه، بالطرد من التنظيم، (أغلبهم أنضم فيما بعد لحزبى التيار المصرى، ومصر القوية، بينما عاد كثيرون منهم لحضن الجماعة مجددًا بعد عزل مرسى، وأثناء اعتصام رابعة، وكذلك بعد فضه العنيف من قبل الشرطة).

المفاجأة أن المغير كان ضمن الحضور. بل كان صاحب مداخلة شهيرة، فى إحدى جلسات المؤتمر، عن ضرورة الإصلاح وفق رؤية شاملة، تنطوى على آليات للتنفيذ، وهو الكلام الذى حاز على تصفيق حاد من المشاركين. قبل أن يكشف عن وجه الحقيقى سريعًا، ويزيح الستار عن سبب وجوده فى المؤتمر، ومشاركته فى اجتماعات الأعداد له.

رجل خيرت الشاطر، (الأخير كان لا يزال فى السجن ساعتها)، كان عين، جاسوس، مكتب الإرشاد، وعضو المكتب البارز آنذاك، الدكتور محمد مرسى، داخل المؤتمر وكواليسه. عندما انتهت الفعالية وفرغ من مهمته، لم يتردد المغير لحظة فى وصف جميع المشاركين فيه بالخيانة، والعمل على شق الصف الإخوانى.

محمد مرسى

ولأن الجماعة تتعامل مع بعض أدواتها، باعتبارها مجرد وسائل وظيفية مؤقتة، فبمجرد أن بدا المغير عبئًا عليها، سارعت بالتنصل منه. بل أن بعض أبواقها باتت تتهمه بأنه عميل للأمن، ما دفعه إلى مهاجمة قادتها بشراسة، بل والطعن فى إسلامهم. الثعبان الذى رباه التنظيم، انقلب عليه، وأخذ ينفث سمومه تجاهه.

وقال فى تدوينة حديثة له فى ذم جماعته نصًا: الإخوان ادعوا العمل للإسلام وهم أبعد الناس عنه وعن خلقه وشريعته… أتاهم الله الأتباع والأموال والنفوذ، وظنوا أنهم أولياء الله وأصفياؤه وهم ليسوا كذلك… يحتكرون الدعوة إلى الله فعدوها من ضمن أملاكهم الشخصية… غرتهم الحياة الدنيا وغرهم فى الله الغرور، وضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ..

قبل أن يتهكم على هروب قادة التنظيم، وترك شبابه فى مواجهة الأمن بمصر، بوصفهم بـ القابعين فى فنادق قطر ذات الخمسة نجوم .. وقال بينى وبينكم الله.. بينى وبينكم الله.. بينى وبينكم الله، اللهم اهدهم إلى سبيلك أو استبدلهم واجعلهم آية لكل مغرور جبار فى الأرض.. وحسبى الله ونعم الوكيل.. لستم إخوانًا.. البنا برىء منكم.. وأعدوا شعارنا الذى نسيناه.. الجهاد سبيلنا . ثم اتهم قادة الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان، بالتضليل وبث أخبار كاذبة، ردًا على إعلان أنه لم يعد عضوًا لا بالجماعة أو حزبها.

أغلب الظن أن المغير صدم من تنصل الجماعة منه، وتخليها عنه. فسلك طريق اللا عودة. طريق كان التنظيم نفسه قد وضعه على أوله.. طريق تكفير الغير واستحلال دمه. هنا قرر الشاب الإخوانى الذى كان يقدم نفسه كممثل وفنان، أن يصنع فكرته الخاصة عن المجتمع. فكان العداء له بقدر عدائه للقيادات التى اكتشف أنها استخدمته كمنديل كلينيكس ، ولم تتردد فى إلقائه بسلة المهملات لغسل يدها منه. إرهاب المغير نتيجة طبيعة للارتباط بكيان متطرف.

هكذا هى صنيعة وتربية الإخوان. فى البدء أفكار مخربة، ثم قهر لتأصيل السمع والطاعة العمياء، فشرعنة خيانة أقرب الناس، وبعدها مباركة الافتراء على الله وتكفير البشر، والحجر لتثبيت سلطة أو البحث عن كرسى حكم.. وفى الأخير يبقى بديهيًا أن ينقلب السحر على الساحر.. لكن الضرر المفجع، أن هذا السحر قد تحول لقنبلة جاهلة تكره الحياة، تهرول للانفجار فى وجه المجتمع كله.

المغير مجرد شخص. آلاف المغير ما يزالون بيننا. فى الشارع والجامعات والمصالح الرسمية والشركات والمدارس و.. فى كل مكان. الأمن وحده لن يجدى نفعًا معهم. يجب محاربتهم بتطهير رؤوسهم من دنس الإخوان الفكرى قبل أى شىء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: