الشارع السياسىبقلم رئيس التحريرعرب وعالم

د/ ابراهيم البسيونى يكتب نار الكساسبة سوف تحرق داعش

196567

الحساب سيكون عسيرا. ليس فقط لإعلان “داعش” إعدام ثلاث رهائن في غضون أيام “يابانيين وأردني”، ومن قبلهم صحفي استرالي وآخر بريطاني، ولا لأن العالم كله متأهب لمواجهة الإرهاب، الذي بدأ يضرب العالم، ولكن لأن الطريقة التي أعدم بها الطيار الأردني معاذ الكساسبة كانت الأقسى والأبشع.

فيديو إحراق “الكساسبة” غرضه التغطية على خسائر التنظيم
الغرب الغاضب لن يدين إعدام الريشاوي والكربولي كما كان يفعل من قبل
الانشقاقات وسقوط كوباني تعجلان من نهاية “تنظيم الدولة”

ردة الفعل العالمية على ما حدث بالأمس مع الكساسبة، لن يقل بأي حال من الأحوال عن ردة فعل حادثة صحيفة “شارلي إبدو” الفرنسية، وقد تترجم هذه المرة لأفعال على الأرض، خصوصا وأن الانشقاقات بدأت تعرف طريقها للتنظيم الإرهابي الأخطر.

وبرغم أن رد الأردن جاء سريعا بإعدام ساجدة الريشاوي “التي كان يطالب داعش بمبادلتها مع الكساسبة”، و4 من الإرهابيين الآخرين، منهم زياد الكربولي “المنتمي للقاعدة” فجر اليوم، وبرغم أن القرار يشوبه التسرع والرغبة في الانتقام، إلا أنه قد تختفي أصوات العقل والتعقل والتنديد بالإعدام كما يحدث دائما من أوروبا ومنظماتها، حيث إن الريشاوي نفسها صدر في حقها حكما بالإعدام، على خلفية اشتراكها في تفجيرات الفنادق بعمان عام 2005، ولم يُنفذ إرضاءً لانتقادات الغرب.

لعبة إعلامية

الفيديو الذي بثه “داعش” لإعدام الكساسبة، يحمل إنكارا واضحا لما آلت إليه أوضاع “التنظيم” الذي يتفتت من داخله وينال هزائم كبرى. وكأنهم يقولون للعالم “إننا نعرف كيف تهاجموننا”، تضمن الفيديو حديثا للطيار الأردني، نشرته وكالة الأناضول التركية بالأمس، عن تفاصيل حول كيفية قصف التحالف “الغربي – العربي”، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، لأهداف التنظيم.

الكساسبة، وهو متزوج منذ ستة أشهر، بدأ بتعريف نفسه قائلا “أردني الجنسية من الكرك مواليد 1988، من ضباط سلاح الجو الملكي الأردني، قد تخرجت من كلية الملك حسين الجوية عام 2009 ثم تابعت تدريبي إلى أن أصبحت طيار عمليات في عام 2012 في قاعدة موفق السلطي الجوية السرب الأول”. ومضى قائلا، “أما ما يتعلق بالرحلة المقررة يوم الثلاثاء 24 ديسمبر 2014 “يوم أسر الكساسبة” فقد بلغنا بأهداف الرحلة قبلها بيوم، وكان الهدف منها تطهير منطقة ما مع قصف الأهداف الأرضية”.

وتابع: “في اليوم التالي قمنا بالإقلاع من قاعدة موفق السلطي الجوية في الأزرق محافظة الزرقاء، باتجاه العراق، ثم انطلقنا إلى منطقة الرقة السورية، وكانت المهمة ملاحظة أي مضادات أرضية تطلق على الطائرات المشاركة التي كانت من طرازات إماراتية f16، ومغربية f16، وf15 سعودية، ثم تقوم طائرتان مغاربة حديثة بقصف الأهداف المحددة لها بواسطة التكنولوجيا الليزرية”.

وأضاف: “وما إن بدأت عمليات الدخول، ثم سمعت أحد المضادات وقد ضرب في طائرتي وأبلغني الملازم أول صدام مارديني “طيار تواصل معه من طائرة أخرى بجواره”، أنه هنالك نار تخرج من فوهة المحرك الخلفية، وما إن تبينت من الإشارات الداخلية، واكتشفت أن المحرك قد تعطل وأن النيران بدأت تشتعل، وبدأت الطائرة بالخروج عن مسارها، فقمت بالخروج من الطائرة وسقطت في النهر، وثبتني الكرسي إلى أن جاء مجاهدي الدولة الإسلامية وأسروني”.

وواصل الكساسبة حديثه: “أما بالنسبة للمطارات الموجودة لاستخدامها كمطار بديل في أي حالة عطل في الطائرة، فهنالك المطار الأزرق في الأردن، ومطار عرعر في السعودية، ومطار بغداد الدولي في العراق، ومطار الكويت في الكويت، وأحد المطارات التركية القريب من الحدود السورية بما يقارب 100 كم”. ومضى قائلا: “بالنسبة للطيران الأجنبي، بالأخص الطيران الأمريكي والفرنسي، فهم ينطلقون من القواعد الأردنية وخصوصا من قاعدة موفق السلطي الجوية وقاعدة الأمير حسن الجوية”.

وعن تنسيق العمل، قال إنه “في أحد القواعد القطرية، هنالك تجمع يرسمون الأهداف ويضعون كل دولة ما هي مهمتها في اليوم الثاني، فما أن تأتي الساعة الرابعة إلا وأن كل دولة حسب ما هم خططوا لها من الأوامر قد أتت إلى القاعدة، ويستخدمون في ذلك القناصات الجوية لكشف الأهداف والأقمار الصناعية وكذلك الطائرات التي تخرج من الدول الخليجية”.

ووجه الكساسبة رسالة إلى الشعب الأردني قائلا: “اعلموا أن حكومتنا حكومة عميلة صهيونية، فلو كان صحيح أننا نريد الدفاع عن الإسلام فلماذا لا نبعث طائراتنا إلى القوات النصيرية قوات بشار الأسد التي تقتل الملايين من المسلمين، ولليهود وهم أقرب منا وندافع عن (المسجد) الأقصي وعن ممتلكات المسلمين في بلاد فلسطين”.

وأضاف في رسالته: “أما بالنسبة لأهالي الطيارين فكفوا عن إرسال أبناءكم وأمروهم بعدم الذهاب إلى مثل هذه الطلعات في ضرب أهداف إسلامية، حتى لا يصير لأبنائكم كما صار لي أنا، وتتلوعوا على أبنائكم كما تلوع أهلي وزوجتي وأقاربي”.

كل ذلك غرضه بث الرعب في نفوس أهالي ودول من يشاركون أمريكا والتحالف الدولي في ضرب “داعش”، فضلا عن إيهام الجميع بسيطرتهم على الأوضاع في الأراضي التي يسيطرون عليها في العراق وسوريا.

انقسامات وهروب

ازدادت في الفترة الأخيرة وتيرة الانشقاقات وحالات الهروب التي شهدها تنظيم الدولة، لأسباب منها اشتداد وطأة عمليات التحالف الدولي على التنظيم، وعوامل أخرى وراءها حالات غضب من قيادات في داعش.

وانتشرت أنباء عن هروب قيادي مصري مكنى بـ “أبو عبيدة”، بعد أن كان يشغل منصب “أمير ديوان الزكاة” في مدينة الميادين شرقي دير الزور. ويقال أيضا إنه سرق مبلغا يقدر بنحو مليار ليرة سورية “5 ملايين دولار أميركي”، كانت من المقرر أن تصل إلى الفقراء في دير الزور.

وليست هذه المرة الأولى التي يهرب فيها قياديون في داعش، فمنذ أيام وقبل إعلان القوات المشتركة الانتصار في مدينة كوباني السورية، فر قيادي تونسي يدعى أبو عواد التونسي وأخذ معه مبلغ 185 مليون ليرة سورية “مليون دولار أميركي” من أموال التنظيم وغادر المدينة إلى جهة مجهولة.

وسبق ذلك فرار الشخص الذي كان يعتبر “شرعي التنظيم” أي المسؤول عن الأحكام الشرعية ويدعى أبو علي الحربي وهو من الجنسية السعودية، حيث سبق وأعلن المركز السوري للأخبار والدراسات هروب الحربي من مدينة تل أبيض في محافظة الرقة المعقل الرئيسي لداعش، وقد تمكن من الفرار إلى الأراضي التركية، وسلم نفسه للسفارة السعودية.

حقائق في سقوط كوباني

رغم أن تنظيم داعش كان يسيطر على مدينة “كوباني” بأكملها، إلا أنه في أواخر يناير الماضي، أعلن التنظيم نفسه سقوط المدينة في يد الأكراد بعد 112 من القتال العنيف. ربما تكون حقائق الخسارة غائبة، إلا أن وكالة إخبارية سورية اسمها “أعماق”، تعمل في المناطق التي يسيطر عليها “داعش”، أجرت مقابلة مع اثنين من مقاتلي التنظيم، اللذين أدليا بشهادتين متماثلتين حول سبب انسحاب “داعش” من مدينة كوباني، وهو الغارات المتواصلة التي يشنها طيران التحالف.

ووفقا للمقابلتين كانت غارات التحالف هي التي كسبت المعركة في كوباني أو “عين الإسلام” كما سمياها، فحسب ما قاله مقاتل “مؤخرا انسحبنا من عين الإسلام خطوة خطوة، لأن الغارات تسببت بمقتل الكثيرين من إخواننا”.

ولكنه أكد بأن “داعش” سوف يبقى “وهذه هي رسالتنا إلى أوباما.” أما الشخص الثاني الذي أجرت معه المقابلة وكالة “أعماق”، فكان يجلس إلى جانب لافتة على الطريق كتب عليها “عين الإسلام”. وذكر بأن “داعش” أغارت على 360 قرية حول كوباني، حيث هرب المدافعون عنها “مثل الجرذان” على حد وصفه.

ولكنه قال إن السبب وراء انسحابهم من المدينة “بأنه لم يعد لدينا أماكن نسيطر عليها هناك، كنا داخل “عين الإسلام”، ونحتل أكثر من 70% منها، ولكن الغارات الجوية لم تترك أي مبنى واقفا، ودمروا كل شيء.” وكان خوفه من الغارات واضحا. وقال “أقسم بالله العظيم، بأن طائراتهم لم تغادر السماء، ليلا ونهارا، وكانوا يستهدفون كل شيء، يهاجمون العربات، ولم يتركوا أي مبنى واقفا”.

نفس أخطاء القاعدة

وكما يقول الكثيرون إن “القاعدة” إلى جوار “داعش”، حمل وديع، فإن اللواء الركن المتقاعد بالجيش الأمريكي، مارك هيرتلينج، قال في مقابلة لـ تليفزيون “سي إن إن” الأمريكي إن التنظيم يقوم بنفس الأخطاء الإستراتيجية التي قام بها تنظيم القاعدة. وأوضح: “سيثيرون غضب الناس الذين يعيشون بينهم الآن. العديد يظن أن حراك الصحوات هو أمر قامت به الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا الاعتقاد خاطئ فالصحوات كان وراءها شيوخ القبائل في الأنبار وانتشرت في العراق بسبب غضب السكان من الأعمال الوحشية للقاعدة تماما كالغضب من الأعمال الوحشية التي يقوم بها داعش الآن”.

وتابع: “أعتقد أن داعش سينهار بسبب العديد من العوامل التي ينخرطون فيها، فهم لا يستطيعون الحكم، يمكنهم دفع الأموال للأشخاص لتنفيذ مطالبهم ورغباتهم ولديهم الموارد لذلك ولكن لا يستطيعون الحُكم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: