دولية وعالمية

جوتيريش ينتقد خطط خفض الانبعاثات المُعلن عنها في كوب 28

ذكرأن رئيس قمة المناخ المنعقدة في دبي /كوب 28/ سلطان الجابر لعب دور الوسيط في سلسلة من التعهدات، كجزء من تحالف عالمي جديد للتخلص من الكربون ، إلا أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش انتقد خطط خفض الانبعاثات التي أعلنها الجابر ووصفها ” أنها لا ترقى إلى ما هو مطلوب”.

 

فبعد أقل من 24 ساعة من إعلان الخطط قال جوتيريش إن الاتفاقية “لا تقول شيئا عن القضاء على الانبعاثات الناجمة عن استهلاك الوقود الأحفوري .. العلم

واضح، نحن بحاجة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري ضمن إطار زمني يتوافق مع الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية”.

 

وأضاف أنه ” لم يقدم الإعلان أي رؤية واضحة بشأن المسار للوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050، وهو أمر ضروري للغاية لضمان النزاهة.. يجب ألا يكون هناك مجال للغسل الأخضر”، موضحا أن الخطة الموازية التي وضعتها 116 دولة لزيادة قدرة الطاقة المتجددة إلى ثلاثة أضعاف هي موضع ترحيب، لكنها “تفتقر إلى استراتيجية شاملة لمعالجة اعتمادنا على الوقود الأحفوري”.

 

وتضمنت حزمة الجابر – التي أعلنتها رئاسة الإمارات العربية المتحدة لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين مع المملكة العربية السعودي – مجموعة من حوالي 50 شركة رائدة في مجال النفط والغاز تلتزم بخفض الانبعاثات من عملياتها إلى صافي الصفر بحلول عام 2050 ، غير أن الحزمة لم تغطي الجزء الأكبر من الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي الناتجة عن حرق المستهلكين النهائيين لمنتجاتهم من النفط والغاز، ولم توافق أي من الشركات على خفض الإنتاج.

 

ووصف الأكاديمي البريطاني وخبير البصمة الكربونية، مايك بيرنرز لي، الحزمة بأنها “هراء”، مشيرا إلى عدم وجود أهداف قصيرة المدى لخفض الانبعاثات الإجمالية لشركات النفط والغاز.. وأضاف – في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي – “قد فات الأوان ل2050 ما لم يتم إجراء تخفيضات ضخمة الآن”.

 

وقالت وكالة الطاقة الدولية إن هناك حاجة إلى كبح عمليات تطوير النفط والغاز والفحم الجديدة للوصول إلى صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2050.

 

وفي مقابلة مع الفاينانشيال تايمز، انتقدت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا أيضا إعانات دعم الوقود الأحفوري التي تقدمها الحكومات، والتي يقدر صندوق النقد الدولي أنها ارتفعت إلى 1.3 تريليون دولار من التكاليف المباشرة سنويا.

 

وقالت جورجييفا إن الإلغاء التدريجي لمثل هذا الدعم يعد “مهمة بالغة الأهمية”، لكنها مهمة لم “يتقبلها العالم بكل صدق”.. مضيفة “ليس من المنطقي الاستمرار في دعم الوقود الأحفوري .. نعلم أننا كبشرية لا يمكننا الاستمرار”.

 

وفى الوقت نفسه وصف الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو جوتيريش”، شركات النفط والغاز بأنها “العملاق الذي يقف وراء أزمة المناخ”، مشيرا إلى أن التعهدات المعلنة في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي أقل بكثير مما يلزم لمعالجة أزمة المناخ بشكل حقيقي، ولم يقدم توضيحا بشأن سبيل الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050، وهو أمر ضروري للغاية لضمان النزاهة .

 

وأكد الأمين العام ـ بحسب مركز إعلام الأمم المتحدة ـ أن العالم بحاجة إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري ضمن إطار زمني يتوافق مع الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بـ 1.5 درجة مئوية، في إشارة إلى أحد الأهداف الأساسية التي حددها اتفاق باريس التاريخي لعام 2015، وعلى عدم وجود مجال للتمويه والادعاء بالتحول الأخضر، أو التمويه الأخضر الذي يشير إلى الترويج للتسويق الخادع والادعاءات الكاذبة حول الاستدامة البيئية.

 

وشدد على أن التعهد الذي أعلنته العديد من شركات النفط والغاز الكبرى للحد من انبعاث غاز الميثان من خطوط الأنابيب الخاصة بها بحلول عام 2030، يعد خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن هذا التعهد فشل في معالجة قضية أساسية وهي القضاء على الانبعاثات الناجمة عن استهلاك الوقود الأحفوري، وأنه بدون اتخاذ إجراءات جادة، من المتوقع أن ترتفع انبعاثات غاز الميثان العالمية الناجمة عن النشاط البشري بنسبة تصل إلى 13%حتى عام 2030 .

 

وكان جوتيريش قد أطلق العام الماضي مبادرة الإنذار المبكر للجميع وتهدف إلى حماية جميع البشر من المخاطر المرتبطة بالطقس أو الماء أو المناخ من خلال أنظمة الإنذار المبكر المنقذة للحياة بحلول نهاية عام 2027. وقال إن الهدف طموح – وقابل للتحقيق، ولجعله حقيقة واقعة، نحتاج إلى التعاون العملي الشامل والتنسيق بطريقة لم يتم القيام بها من قبل .

 

وقال إن التكلفة التقديرية لشمول الجميع بحماية أنظمة الإنذار المبكر تبلغ نحو 3 مليارات دولار، “وهو جزء ضئيل من مئات المليارات التي حققتها صناعة الوقود الأحفوري العام الماضي”، داعيا إلى فرض ضريبة على هذه الأرباح، واستخدام الأموال لحماية من يعانون من أسوأ الآثار، وشجع البلدان على أن تكون “جريئة وطموحة وأن تضاعف سرعة وحجم الدعم في عام 2024”.

 

كما أطلق “جوتيريش” أيضا تقريرا جديدا، أعده مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يظهر أنه تتم حماية مزيد من الأرواح من الطقس المتطرف والتأثيرات الخطيرة لتغير المناخ، لكن وتيرة التقدم ما زالت غير كافية، وبحسب التقرير فإن نصف بلدان العالم ما زالت لا تملك أنظمة كافية للإنذار المبكر بالمخاطر المتعددة.

 

وفي السياق ذاته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أهمية دور الشركات والمؤسسات المالية والمجتمع المدني والمدن والولايات والمناطق كلها في السباق نحو صافي الانبعاثات الصفري الذي يعني خفض انبعاثات الغازات الدفيئة إلى أقرب مستوى ممكن من الصفر.

 

وقال جوتيريش – خلال اجتماعه مع فريق الخبراء رفيع المستوى المعني بصافي الانبعاثات الصفري – إن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) يهدف إلى تغيير الأمور، لكن الحكومات الوطنية لا تستطيع أن تفعل ذلك بمفردها.

 

يُشار إلى أنه في مارس 2022، أنشأ الأمين العام للأمم المتحدة فريق الخبراء لوضع معايير أقوى وأكثر وضوحا لتعهدات الكيانات غير الحكومية وتسريع تنفيذها. وحدد الفريق عشر توصيات في تقريره، كدليل إرشادي لتحقيق الهدف بشكل موثوق به وخاضع للمساءلة.

 

بدورها، قالت رئيسة مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث مامي ميزوتوري “إن التقدم مشجع ولكن يجب ألا نكون راضين عن ذلك، ومع زيادة عدد المتضررين من الكوارث بنسبة 80% منذ عام 2015، واستمرار افتقار نصف سكان العالم إلى إمكانية الوصول إلى الإنذارات المبكرة، فمن الضروري العمل الآن لإنقاذ الأرواح وسبل العيش والأصول”.

 

ومن جانبه، أكد الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس، أن الإنذار المبكر ليس ترفا بل ضرورة، قائلا “أنه على الرغم من التقدم الحقيقي الذي أحرزته بلدان أفريقيا والمحيط الهادئ وأمريكا الجنوبية، لا تزال تعاني من فجوات كبيرة في تحقيق الحد الأدنى من عمليات رصد الأرصاد الجوية اللازمة لتعزيز عملية التنبؤ”.

 

وأشار بيتيري تالاس إلى أن مخاطر التأثر بتغيرات المناخ تتصاعد في عالم يسير على مسار سريع نحو زيادة الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية، لذلك تشتد أهمية خفض التلوث الكربوني بوتيرة متسارعة والاستثمار في حماية المجتمعات الضعيفة من تأثير الأحداث المناخية الأكثر تواترا وشدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: