الشارع السياسىعرب وعالم

تحقيق محمدعبدالله المصالحة المصرية القطرية تدخل «الثلاجة»

187466

ما لبث أن عاد الفتور مجددًا بين القاهرة والدوحة.. الإمارة الصغيرة تصر على لعبة نشر الألغام في طريق مصر.. المصالحة التى كادت أن تتم بشكل كامل بوساطة من العاهل السعودى الراحل، الملك عبدالله عبدالعزيز، يبدو أنها كان تسير بقوة الخجل من مرض الأخير وكرامة له.. الأمير تميم بن حمد وجد فرصته الذهبية في التحلل من عهد الوئام مع القاهرة برحيل الملك، بينما ظهر أن القيادة المصرية كانت تتحسب نوعًا ما لمراوغات قطرية، فلم تتمم اللقاءات الرسمية التى كانت متوقعة لرأب الصدع، على مستوى رأسى الحكم في البلدين.

الدوحة غاضبة من حديث الإعلاميين الرياضيين المصريين عن تجنيس فريقها الوطنى لكرة اليد
قطر تنتهز وفاة العاهل السعودى لتعاود دعم الإخوان وذراعهم العالمية عبر «الجزيرة مباشر»
القاهرة تحرج القطريين والأتراك بإفشال اجتماع مجموعة الاتصال الإفريقية الخاصة بليبيا

بينما كان الحزن يلف الأوساط العربية لرحيل الملك عبدالله، تزامنًا مع الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، كانت قناة “الجزيرة مباشر”، التى حلت محل الجزيرة مباشر مصر” مؤخرًا، قد بدأت، دعمًا للإخوان وذراعهم العالمية، فى فتح أبواق الطعن فى الدولة المصرية، فيما عادت إلى نغمة “دعم الثورة على الانقلاب”، والعمل على إعادة الديمقراطية ومسارها المهدور منذ عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسى إلى بلاد النيل، ليطوف القناة ومراسلوها العالم خلف مؤتمرات إخوان الخارج ضد القاهرة، من روما إلى نيويورك إلى إسطنبول، فى حين تجولت كاميراتها خلف مظاهرات ما تبقى من التنظيم بالداخل، من المطرية إلى العياط وكرداسة، مع وصلات تزييف لا محدودة.. عقارب الساعة عادت فى القناة القطرية إلى ما قبل شهر تقريبًا.

المبرر القطرى للانقلاب على مصر مرة أخرى، مثير للسخرية إلى أبعد حد.. الدوحة غضبت من عدد من الإعلاميين المصريين، وخاصة أولئك المحسوبين على البرامج الرياضية، ممن أشاروا أكثر من مرة، على هامش تغطيتهم العابرة لبطولة العالم لكرة اليد، التى تستضيفها الإمارة الصغيرة حاليًا، إلى أن الفريق الوطنى للأخيرة معظمه من اللاعبين الأجانب المجنسين.

ويضم الفريق الوطنى القطرى لكرة اليد، أكثر من ثلثى عناصره من الأجانب الحاصلين على الجنسية القطرية، خصوصًا من أجل المنافسة على البطولة.

القطريون اعتبروا فتح الحديث أو النقاش حول تلك القضية فى مصر، يحمل تهكمًا تجاهها وطعنًا لها. وأبدت الدوحة الكثير من “التلكيك”، إن جاز التعبير.

فى المقابل، لم تجد القاهرة مفرًا من الرد على التجاوزات القطرية، خصوصًا على شاشة فضائيتها “الجزيرة مباشر”. لكن عادت مرة أخرى لسياسة رد الفعل غير محدد المعالم.. لا خطط مجهزة مسبقة أبدًا.. الردود المصرية تبدو مرتبكة على طول الخط، كما تبدو مثيرة للجدل، خاصة حين تطول أطرافًا أخرى بعيدة عن الدوحة وحليفتها أنقرة، ما يفتح المجال للقيل والقال وربما لأزمات دبلوماسية.

القاهرة قررت الرد على القطريين، وكذا الأتراك، فى الملف الليبى. تحديدًا بمقاطعة اجتماع مجموعة الاتصال الإفريقية الخاصة بليبيا، والذى عقد الأربعاء على هامش فعاليات القمة الإفريقية، المنعقدة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

مصر نجحت كذلك فى اصطحاب كل من ليبيا، والإمارات والسعودية وغينيا، فى قرار المقاطعة اعترضًا على الدعوة التى كانت وجهتها مفوضية الاتحاد الأفريقى لكل من قطر وتركيا، لحضور الاجتماع دون التشاور مع الدول الإفريقية، وعلى أساس أن المفوضية ليس من اختصاصها دعوة أى دولة دون الرجوع للدول الإفريقية صاحبة السيادة، فى تحديد مسار الدعوات للمشاركين فى أى من فعاليات القمة.

المشهد تكهرب فى بداية الاجتماع، حينما سارع وزير الخارجية الليبى بحكومة طبرق، محمد الدائرى، أن غادره بعد دقائق من حضوره، بينما لم يدخل وزير الخارجية المصرى، سامح شكرى، المكان من الأساس. ولم تفلح جهود مفوض مجلس الأمن والسلم الإفريقى، إسماعيل الشرقاوى، فضلًا عن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هيلى منجريوس، فى إثناء وفدى مصر وليبيا على وجه الخصوص، عن المقاطعة، بل أنهما عطلا الاجتماع نصف ساعة كاملة، على أمل عودتهما عن قرارهما، لكن دون جدوى.

صحيح الرد المصرى الذى تمثل فى إفشال الاجتماع، كان قويًا، وخاصة أنه لم يكن فرديًا، ولم يكن كذلك منطويًا فقط على الحلفاء “السعودية والإمارات”، إذ ضم أيضًا الوفد صاحب الشأن “ليبيا”، إضافة إلى دولة إفريقية “غينيا”، لكن ومن زاوية أخرى فإن تلك الخطوة ضايقت غير المعنيين بها، كما أن اللوم الذى وُجه من جانب القاهرة لمفوضية الاتحاد الإفريقى اتسع ليشمل أطرفًا أخرى، حيث أن الاجتماع اشتمل أيضًا على مشاركة وزراء خارجية دول جوار ليبيا، وهى الجزائر والسودان وتونس وتشاد والنيجر، بجانب الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن الدولى “الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا”، إضافة إلى دول أخرى مؤثرة، مثل: ألمانيا، واليابان، وإيطاليا، وإسبانيا، والكويت.

كان من الممكن أن يتم تجاوز تلك الملاحظات، بأن يعقد الوفد المصرى، سلسلة اجتماعات مكثفة وسريعة مع كافة الوفود المشاركة فى الاجتماع، لشرح منطلقات المقاطعة، بدلًا من أن يترك المجال للقطريين والأتراك للزعم أمام ممثلى تلك الدول، أن القاهرة داعية نفور وعدم تعاون.. قليل من الجهد والكياسة وبعد النظر والدهاء مطلوب لتخرج الاجراءات الرسمية المصرية مكتملة الأركان.

على أى الحال، فإن أهم الملاحظات الإيجابية على القرار المصرى فى أديس أبابا، رغم أى تحفظات عليه أن القاهرة تراجعت عن الثقة فى القطريين، وخاصة أن الوسيط “الملك عبدالله” غُيب قدريًا، ولا أحد يعلم بعد عما إذا كان خليفته، الملك سلمان بن عبدالعزيز، سيسير على ضربه فى محاولة إتمام المصالحة المصرية القطرية، أم يتخلى عنها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: