آدم وحواءبقلم رئيس التحريرتهانى ومناسبات

أسطورة خلق الكون فى 7 أيام

169574ابراهيم البسيونى يكتب

تحت عنوان “عدوانية الإسلام: وهم أم حقيقة؟” جاءت عناوين ثلاثة تضمنت “خطر تقسيم العالم من جديد”، و”جذور الإرهاب ليست فى الإسلام”، و”الأصولية والتطرف: مفهومان مختلفان”.

بريماكوف يؤكد أنه عقب مأساة 11 سبتمبر، ظهرت موجة معادية للإسلام فى الولايات المتحدة، ودول أوروبا الغربية، واستطاعت زيارة الرئيس الأمريكى، جورج بوش، للمساجد أن تخفف قليلًا من حدة التوتر، ولنفس هذا الهدف أيضًا قام رئيس الوزراء البريطانى، تونى بلير، بنشر بضع مقالات فى الصحف الإسلامية، غير أن هذه الخطوات التى أجريت لمرة واحدة، ورغم كل الآمال، لم تنجح فى إصلاح الصورة، بالإضافة إلى إنه بعد أحداث 11 سبتمبر مباشرة ظهرت فى الولايات المتحدة، وأوروبا الكثير من المواد الإعلامية التى حاولت إثبات أن الإسلام بحد ذاته دين عدوانى يحض على القتال، وكان الأخطر هو تصوير الأمر وكأن عدوانية العالم الإسلامى نفسه فى تزايد مطرد.

يقول بريماكوف إنه “فى ظل تلك الظروف الجديدة لوحظت موجة اهتمام بنظرية المفكر السياسى الأمريكى، صامويل هنتنجتون، الذى يرى فيها أنه بعد انهيار المنظمة ثنائية الأقطاب لـ”الحرب الباردة”، تتشكل الآن منظومة عالمية جديدة مؤلفة من عناصر لحضارات مختلفة، والصدام بينها أمر حتمى، وفيما يقوم هنتنجتون بتقسيم العالم إلى حضارات غربية وغير غربية، يؤكد بما لا شك فيه بأن الديمقراطية الغربية سوف تدخل فى صراع حاد مع الأصولية والتطرف فى الحضارات الأخرى، ويرى ضرورة أن تكون الديمقراطية الغربية مستعدة لخوض تحدِ تاريخى جديد، وبنفيه من حيث الجوهر، أسباب الصراع الاقتصادية والسياسية، يقوم بقصر كل شئ وتركيزه على المواجهة الدينية الحضارية”.

وفى أول انتقاداته لطروحات هنتنجتون، يرى بريماكوف أنه من المفهوم تمامًا أن مثل هذا القياس يفتح الطريق للتقسيم الجديد للعالم بعد انتهاء الحرب الباردة ليس على أسس أيديولوجية، وإنما على أسس دينية حضارية، ومن ثم فسوف تتوقف مسيرة تطور الأحداث فى القرن الحادى والعشرين على الكثير من الأمور مثل: هل سيتم النجاح فى منع هذا التقسيم الجديد للعالم؟ إلى أي حد “ملموس” يمكن “إزاحة” التطابق الكاذب للإرهاب الدولى والإسلام، وكذلك الخلط بين النشاطات المتطرفة لمجموعات إسلامية قليلة مع العالم الإسلامى بمجمله؟”.

يرى بريماكوف، أن المسلمين لا يعيشون فى عالم مغلق، فالولايات المتحدة وحدها تضم 6 ملايين مسلم، وهناك ملايين المسلمين فى أوروبا سواء من المهاجرين من مختلف الدول الإسلامية، أو من الأصول الأوروبية.

أما فيما يخص روسيا، فيؤكد على أن المسلمين والمسيحيين عاشوا لقرون طويلة فى أمن وسلام، ومن الواضح تمامًا أن مبدأ تقسيم العالم على أسس دينية حضارية سوف يوجه إلى الفيدرالية الروسية ضربة قاصمة، بل وتحمل آفاق هذا التقسيم، أو حتى الحركة فى اتجاهه، ظروفًا ملائمة للغاية لتزايد الانفصالية التى تمثل أحد أخطر أمراض العالم المعاصر، وقد أصبحت بالفعل تهدد عددًا كبيرًا من الدول، أما الدول الأخرى التى لا تشعر بذلك، فسوف تعانى منه إن عاجلًا أو آجلًا، ولن يكون هناك أى أحد بمأمن من ذلك حتى الدول متعددة القوميات التى تعيش الآن فى بحبوحة.

فى هذا الجزء يطرح بريماكوف، رؤيته بشأن مسألة القوميات، والانفصالية فيقول إنه من الخطأ تمامًا نفى مخاطر الانفصالية دفاعًا عن القيم الديمقراطية العامة، وبزعم أن كل قومية أو شعب يملك حقه فى تقرير مصيره، فعلى هذا النحو وفقًا لتعبير بريماكوف، تعامل الماركسيون مع المسألة القومية على أعتاب القرن العشرين وفى بدايته، وخصوصًا فى ظروف النظام الكولونيالى “الاستعمارى” عندما كانت الشعوب الواقعة تحت وطأة الإمبريالية الخامسة تناضل من أجل الحصول على استقلالها، فى ذاك الوقت حصلت الصيغة الماركسية “تقرير المصير، بل وإمكانية الانفصال” على انتشار واسع، وتم تضمينها فى لائحة الأمم المتحدة، والآن، من الواضح أن هذه الصيغة قد شاخت، فبعد انهيار النظام الكولونيالى على حطام الإمبراطورية الكولونيالية ظهرت عشرات الدول، وبنهاية “الحرب الباردة” انتهت عمومًا مرحلة أخرى، إذ ظهرت دول جديدة على حدود الاتحاد السوفيتى السابق فى “تشيكوسلوفاكيا”، و”يوغسلافيا” السابقتين أيضًا.

فى هذا السياق، وبتراجعه تمامًا عن الصيغة الماركسية، يقوم بريماكوف بالتأصيل لرؤيته للمسألة القومية والانفصالية فى ظل الظروف والمتغيرات الدولية الجديدة، إذ يرى أن المهمة الأساسية للقرن الحادى والعشرين تكمن فى ضمان الاستقرار، سواء على مستوى الدول أو فى داخل الدولة الواحدة، وهو الأمر الذى يحتم جعل مبدأ وحدة أراضى الدولة يحتل المرتبة الأولى فى جدول الاهتمامات، ويحذر قائلًا: “إذا لم نخرج بتلك النتيجة فمن الممكن بشكل أو بآخر أن تتسع تطورات الأحداث التى يمكن أن تغطى الكرة الأرضية كلها بالعنف، ففى القرن الحادى والعشرين يوجد 2500 مجموعة قومية ضمن 150 دولة متعددة القوميات، وفى حالة منح أى من هذه القوميات أو المجموعات الإثنية “العرقية” حق تكوين دولتها الخاصة والمستقلة، سوف تغرق العلاقات الدولية فى بحر من الفوضى”.

إن الأسلوب الديمقراطى الأشمل لا يمكن أن يعمل على تبرير توسيع الانفصالية، هكذا يرى بريماكوف الذى ضرب فى هذا السياق مثلًا بما يحدث فى “ألبانيا” و”كوسوفو”، ودول “البلقان” بشكل عام، و”الشيشان” أيضًا، ثم يعود ليوضح وجهة نظره بهذا الشأن بقوله: “إن رفض صيغة تقرير المصير للمجموعات القومية، والذى يضمن أيضًا حقها فى الانفصال وتشكيل دولتها المستقلة، لا يمكن أبدًا أن يشطب على وجود المسألة القومية وضرورة حلها، ولكن الحق فى تقرير المصير لا يجب أن يدخل فى تناقض مع الحفاظ على وحدة أراضى الدولة، وبالتالى فتشكيل دولة جديدة أمر ممكن على أساس ليس فقط القرار المستقل الذى تتخذه المجموعات القومية، وإنما يجب على أساس الموافقة والتوافق بين الجميع، أن تظل مجموعات السكان المنفصلة والباقية فى إطار نفس الدولة، وفى حالة عدم التوصل إلى اتفاق، فالطريق الوحيد لحل المسألة القومية هو الحكم الذاتى فى إطار الحفاظ على وحدة أراضى الدولة، هذا الحكم الذاتى يجب أن يمنح المجموعة القومية، حق تقرير المصير، وأوسع قدر ممكن من الحقوق فى المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: