مقالات القراءمقالات واراء

مجدي سبله يكتب (ذبح الرأى العام بسكين محجوب وأبو سمره )

 

مصطلح “دعه يعمل دعه يمر” هو مصطلح ظهر في الخمسينات من القرن الثامن عشر على لسان وزير المالية الفرنسي في سياق دعوته لإزالة القيود المفروضة على التجارة والصناعة ومعنى هذا المصطلح هو أن التجارة والصناعة تعمل بكفاءة بعيدا عن التدخل الحكومي.
ولكن مصطلح “دعه يسرق دعه يمر” هو مصطلح يردده هذه الأيام أبناء المصلحة ذات السمعة والصيت ويربطون بين نشأة هذا المصطلح وبين ممارسات خبير الشئون المالية الدكتور شملول الحصاوي.
وقد ازداد استخدام هذا المصطلح مؤخرا ارتباطا بحالة اليأس التي يمر بها أبناء تلك المصلحة ولا يعرفون لها نهاية، فلم يعد من سبيل سوى السخرية، لأن شملول لا يخجل ولا يخاف ويطمئن نفسه أمام الجميع بجملة لا يكتفي بذكرها شفاهة ولكنه يكتبها في دفاعه عن نفسه عندما يتعرض لأي تحقيق، وهذه الجملة السحرية هي أن “كل شيء يتم بموافقة السلطة المختصة” !! وكأن السلطة المختصة فوق القانون ويحق لها أن تؤشر لشملول بما يخالف القانون! وقد تسببت هذه الجملة السحرية في ضياع أموال وضياع حقوق وساعدت شملول كثيرا على المرور بسلام!
عندما بدأت هذه السلسلة من المقالات التي من بين أبطالها محجوب عبد الدايم القاهرة 2024 وشملول الحصاوي، كنت أستلهم من الأدب العربي والأدب الروسي ما يعبر عن شخص محجوب ابن المصلحة ذات السمعة والصيت، فمحجوب موجود في كل زمان ومكان ويتم استدعاؤه في أي وقت للوصف الذي يبيعون شرفهم وكرامتهم ومن يعتبرون كل القيم الإنسانية والأخلاقية تساوي طظ .
كنت أعتقد أن محجوب المصلحة ذات السمعة والصيت صورة طبق الأصل من محجوب الأدب الروسي الذي جاء في رواية “الأنفس الميتة” لنيقولاي جوجول” ومحجوب الأدب العربي الذي عرفه الجميع في رواية القاهرة ٣٠ لأديب نوبل نجيب محفوظ، ولكنني لم أكن أتخيل في بادئ الأمر أن محجوب بأفعاله وسماته التي رأيناها في الاثنين قد طرأ عليه من التطور ما طرأ على كل شيء، لدرجة تجعلني أقول أن محجوب القاهرة ٣٠ ومحجوب الأدب الروسي مظلومان ويستحقان أن نعتذر لهما بعد أن اتضحت كل سمات محجوب عبد الدايم الذي معنا.
وإذا كان من حق محجوب القاهرة 30 أن نعتذر له بسبب محجوب المصلحة ذات السمعة والصيت فسوف يكون من حق أبو جهل وأبو لهب أن نعتذر لهما بسبب شملول الحصاوي
في أيام الجاهلية التي عاش فيها هذان الرجلان لم يكن هناك انترنت ولم يكن هناك دفع إليكتروني ولا تصوير ولا لحام للكشوف المزورة ولم تكن هناك منشطات جنسية ترسل من الخارج، ولم تكن هناك كفتة أو جمبري للساهرين من أجل المصلحة العليا للمصلحة.
محجوب عبد الدايم في القاهرة 2024 يتفوق على محجوب عبد الدايم القاهرة 30 بكثير لأن الأول لم يشهد عصر الانترنت وملاعيب عصر الانترنت، أما الثاني فيجيد التلفيق ويجيد الغدر بمن يعتقد أنه يمكن أن يكون عدوا محتملا في المستقبل، وكما يجيد النخاسة تجاه من يريد التزلف إليهم، فهو أيضا يجيد توريط أعدائه وإذلالهم بتوثيق نزواتهم وسقطاتهم!
ولكن الشيء الوحيد الذي لا يجيده محجوب القاهرة 2024 هو الإعلام، لأنه لم يتعلمه ولم يمارسه في حياته، ورغم أنه تحول بدون أي مبرر إلى مسئول إعلامي يديرا قطاعا بأكمله إلا أن أي شيء يكتبه أو يقوله يحوله إلى مادة للسخرية، وكيف يكتب أو يتكلم وهو لم ينشر مرة واحدة منشورا من تأليفه على الفيس بوك ولكنه يستخدم صورا ومقولات لبعض المشاهير شأن كل فقراء العلم والمعرفة!
محجوب أراد أن يرد على ما يثار حول حصوله وحده على أموال تعادل وربما تزيد على ما ينفق على قطاع بأكمله، فاتفق مع أحد مرؤوسيه المبشرين بدرجة المدير العام أن يجري معه حوار مفتعلا على “مجموعة واتساب” تضم بعض مرؤوسيه يبرر فيه حصوله على الأموال من دونهم ويشرح فيه قصة الوكاله الأجنبية ويختزلها في مبلغ ضئيل لا يكاد يكفي راتب شقيقه وراتب حفيد السيدة مواعظ!
ولأن محجوب ليس إعلاميا ولأن الذي استعان به أيضا ليس إعلاميا فقد بدا هو ومن يستعين به مثل أعمى يقود أعمى وجاء الحوار سببا لسخرية من قرأه مباشرة ومن نقل إليه خارج المجموعة، فقد نسى محجوب ومساعده أنه يدير هذا الحوار المضحك أمام إعلاميين بالعلم والخبرة ومعظمهم أكبر منه سنا ومعرفة! هؤلاء الإعلاميين قد يجاملوه بكلمة معينة ولكنهم في داخلهم يحملون أشياء أخرى!
محجوب الذي بدأ مسيرته غير المجيدة بوضع يده في مخلفات قعدة الحمام لإنقاذ هاتف رئيسه يتحدث في حواره المهترئ عن التاريخ المشبوه لغيره ويحاول أن ينال ممن لم يروه إلا وهو يحمل الحقائب!!!!
وبطبيعة الحال لم يسأله مذيعه المزيف عن أي شيء سوى ما يمكنه الإجابة عليه؟ لم يسأله المذيع عن سبب استخراجه لتصريح دخول المطار رغم أن وظيفته لا تسمح له بالحصول على مثل هذا التصريح! لم يسأله المذيع الهمام عن الذي يفعله بهذا التصريح وهو لا علاقة له لا من قريب ولا بعيد بأعمال المركز الصحفي!! ولم يسأله عن دقة هذا المبلغ وهو 568 ألف جنيه!!! ولم يسأله المذيع عن قضية البنزين التي تورط فيها ووصلت لأسماع الجميع ثم خفتت فجأة ولا ندري ما جرى فيها؟ لم يسأله المذيع كم مرة اشترك مع شملول الحصاوي وأبو جاموس والبطريق وشلبية البرجوازية وبديعة الحيزبون في تلفيق القضايا للأبرياء!!ولم يسأله كم مرة أنقذت محظية من محظياتك من العقاب! ولم يسأله المذيع عن الزيارة الهامة التي قامت بها الخياطة قبل أيام قليلة!
محجوب عبد الدايم 2024 جاء إلى المصلحة ذات السمعة والصيت ليقوم بدور “أبو الهدد” وليقوم بتحويل القطاع الذي يديره إلى مجرد هيكل عظمي لا فائدة منه ولا تأثير له! وما ينشره من أنشطة على السوشيال ميديا هي صور لا علاقة لها بالواقع، فالقطاع الذي يديره محجوب حاليا كان في الماضي شيء آخر.
ما الذي يفعله محجوب حاليا إذا كان قد تخلى عن أهم نشاط كان يقوم به قطاعه قبل مجيئه وهو نشاط الرأي العام؟
الذي أعرفه كمتابع لدور المصلحة ذات السمعة والصيت منذ عقود من الزمن أن قياس الرأي العام المحلي الذي كان يمارسه ذلك القطاع قبل نكبته الحالية كان له أهمية كبرى لدى أجهزة الدولة وأنه على الرغم من اعتماده على نظام الملاحظة الشخصية والمشاهدة والتجربة التى تصنع تقارير الرأى العام إلا انه كان قبل مجيء محجوب بمثابة ترمومتر يقيس حرارة الرأي العام تجاه الكثير من السياسات والقرارات والمواقف السياسية والقضايا المصرية تجاه ما يجري إقليميا وعالميا، وكان التفوق في كتابة تقارير الرأي العام هو أداة التمييز بين المراكز الإعلامية المختلفة وكان مسئول الرأي العام بكل مركز محل تقدير واحترام ليس فقط لدى رؤسائه المباشرين ولكن لدى الكثير من الأجهزة لأهمية ما يقوم به من إمداد لجهات الدولة بتقارير مفيدة في تقدير الموقف وصنع القرار.
ولكن بكل أسف جرى على هذا النشاط في عهد رئيس المصلحة الحالي ما جرى على غيره من الأنشطة الأخرى مثل ترجمة الكتب التي توقفت تماما وغيرها من أنشطة كثيرة كتب عليها الفناء بمجيء عدد من المديرين والقيادات ممن لا يعرفون معنى الإعلام ولا معنى الرأي العام ولا أهميته.
هل يصدق أحد أن نشاط الرأي العام الذي كان أهم ما يقوم به القطاع الداخلي سقط في المؤسسة ذات السمعة والصيت كما سقط هاتف رئيس المصلحة الأسبق في قعدة الحمام بسبب الصراع بين اثنين من حاشية رئيس المصلحة كل منهما لا يريد التميز للآخر وهما محجوب عبد الدايم الذي لم يكن له خلال رحلته الوظيفية أي نوع من العلاقة بالإعلام أو بالرأي العام وابو سمرة السكره .
فعندما أيقن محجوب عبد الدايم أن منافسة المرتقب على رئاسة القطاع الداخلي ابو سمره ليس فقط إعلاميا حقيقيا بالدراسة والخبرة ولكنه أيضا يختص بنشاط الرأي العام بالمصلحة، ذلك النشاط الذي كان يعد أداة المفاضلة رقم واحد بين العاملين بالقطاع ،فقرر محجوب اجتثاث هذه الأداة من جذورها وقال: ليذهب الرأي العام إلى الجحيم طالما أنه سيستخدم كأداة تمييز لغريمي القوي ولسان حاله يقول: ما حاجتي للرأي العام وما حاجتي للمصلحة كلها إن لم أكن قائدا فيها وذكرنا بمقولة الرئيس الروسي بوتن عندما هدد أوروبا وأمريكا باستخدام السلاح النووي وقال : ما حاجة روسيا إلى العالم اذا لم تكن موجودة فيه!
الغريب في المسألة برمتها أن يحدث كل هذا ورئيس المصلحة موجود على رأسها، وسواء كان يدري أو لا يدري فنحن أمام مصيبة من المصائب الكبرى التي جرت الضعف والهوان على تلك المصلحة مما تسبب في فكرة نقل الرأى العام إلى جهة حكومية أخرى بكل اختصاصاتها!
أمثال محجوب عبد الدايم يفعلون أي شيء لتحقيق مآربهم الشخصية حتى لو قاموا بذبح المصلحة كلها، وتاريخ محجوب بالذات يؤكد ذلك ليس في الرأي العام فقط ولكن في غيره، فقد سبق لمحجوب أن قام بعمل مكيدة لرئيسه المستشار الذي عمل معه عندما سافر للخارج وغدر به لكي يتخلص منه ويبقى وحده منفردا بالمكتب، كما سبق لمحجوب أن اتفق مع نجلة السيدة مواعظ على تنفيذ مكيدة ضد رئيسها في العمل الذي لم يقدم لها إلا كل الخير!
محجوب عبد الدايم لا يجيد أي عمل وليس لديه أي خلفية علمية تؤهله لمجرد العمل في مصلحة مهمتها الإقناع والتثقيف وشرح سياسة الدولة والدفاع عنها ووجوده في مكانه الحالي أكبر دليل على إفلاس هذه المصلحة ومضيها السريع نحو الانهيار والخروج من التاريخ.
قد يتعلل محجوب في تبريره لضياع أهم نشاط كان يقدمه القطاع الداخلي وهو الرأى العام بأن الحكومة قد توقفت عن الأخذ بتقارير الرأي العام الصادرة من المصلحة ذات الصيت وأصبحت تعتمد على تقارير مركز المعلومات ودعم القرار التابع لمجلس الوزراء، ولكن هذا الكلام لم ينفذ حتى الآن روجها محجوب بين أبناء القطاع ليبرر فعلته بإلغاء هذا النشاط، لأن مجلس الوزراء لو وجد شيئا مفيدا ودائما لما توقف عن الاستفادة به، ولكن ما حدث هو عملية ذبح لأنشطة المصلحة المختلفة، إن لم يكن عن عمد فهو عن جهل من قبل جيل من القيادات التي لا تفهم شيء عن دور المصلحة التي يقومون بملأ جيوبهم من خزائنها واستكراد مرؤوسيهم بقصص وبمنطق لا يقنع دجاجة .

مجدي سبله رئيس مؤسسه دار الهلال السابق .

مقالات الرأي المنشورة لا تعبر عن سياسة الصحيفة وإنما تمثل رأي كاتبها فقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى