على مدار السنوات الأخيرة، استطاعت قناة الجزيرة المدعومة من النظام الأميري القطري أن تلفت انتباه الكثير من المشاهدين في كافة الدول العربية حيث صدرت عن نفسها صورة محددة باعتبارها منبر الرأي الحر والاختلاف. ولكن سرعان ما انتبه الكثير منا، خاصة من الذين عاصروا الرؤية الإعلامية الأحادية الموحدة، إلى الدور الذي تقوم به قناة الجزيرة من تنفيذ توجه إعلامي محكم لنشر الفوضى الإعلامية في كافة الدول العربية.
هذه الفوضى التي ترتب عليها ترسيخ أفكار وطمس أفكار أخرى، بالإضافة إلى محاولة تسريب أفكار محددة طبقاً لتنفيذ التوجه الإعلامي المعروف لها. وأعتقد أن ملامح هذا التوجه هو:
– اعتماد قناة الجزيرة باعتبارها واحدة من أهم أدوات السياسة الخارجية القطرية باعتبارها الممثل الرسمي للسياسة الخارجية الأمريكية والوكيل الحصري لها.
– تصدير فكرة افتراضية توحي بأن قناة الجزيرة هي نموذج لحرية الرأي والتعبير، وأن شاشتها هي ملجأ لكل أصحاب الرأي مهما كان اعتقادهم.
– تصدير شكل الفخامة الإعلامية المرتكزة على التمويل الحكومي القطري لقناة الجزيرة ببرامجها المتعددة سواء في العموم أو برعاية برامج محددة بالاسم.
– عدم التعرض نهائيًا للعائلة الحاكمة القطرية، وعدم التعرض مرحليًا للعائلات الملكية والأميرية الحاكمة في دول الخليج العربي حسب طبيعة العلاقات بين قطر وبينها.
– توجيه النقد الحاد والمباشر لرؤساء جمهوريات الدول العربية دون استثناء. واستقطاب المعارضين للظهور على شاشتها في مقابل مكافآت لها وزنها بالدولار الأمريكي.
– الحرص على البث المباشر لتصريحات المتحدثين باسم البيت الأبيض والخارجية الأمريكية والجيش الإسرائيلي.
– محاولة تضخيم بعض المشكلات الداخلية بالدول العربية باعتبارها شأناً دولياً يستحق النقاش في أروقة الكونجرس والمخابرات الأمريكية.
ورغم كل ما سبق عن ملامح هذا التوجه؛ فقد تبلورت هذه الملامح وترسخت بوضوح شديد منذ أحداث 25 يناير في مصر وبعدها
. وهو ما أدى إلى أن تكشف قناة الجزيرة عن وجهها الحقيقي، والإفصاح الإعلامي الواضح عن توجهاتها التي تتطابق مع السياسة الخارجية والأمنية للولايات المتحدة الأمريكية والإسرائيلية.
والآن بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على 25 يناير 2011، لا زالت قناة الجزيرة متمسكة بخطها الإعلامي المرفوض، وهو ما أدى حالياً إلى سقوط أسطورة قناة الجزيرة إعلاميًا؛ خاصة في موقفها الداعم لجماعة الإخوان، ونقدها المستمر لثورة 30 يونيو ومحاولة تشويهها. وبالتالي فقدت قطر أحد أهم أدواتها على الإطلاق في السياسة الخارجية.
تُرى، هل تقرر قطر الاستغناء عن قناة الجزيرة بعد أن استنفذت أغراضها؟، أم ستقوم بتبديلها بوسيلة جديدة تعيد بها صياغة وجودها الإعلامي بين الدول العربية؟.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.