الزئبق الأحمر داخل العراق: أسطورة تعود بضجة وأسعار خيالية في بلاد الرافدين
متابعة – د. حامد بدر
خلال الأيام الماضية، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق بحمى جديدة، تمثلت في تداول عروض بيع وشراء مادة يُزعم أنها “الزئبق الأحمر”، تلك المادة التي أثارت عبر عقود ماضية الكثير من الجدل والأساطير. وعلى الرغم من إصدار الحكومة العراقية بيانًا رسميًا يؤكد عدم وجود هذه المادة في الطبيعة، استمرت الشائعات والقصص الخرافية في الانتشار، ليغذيها الإقبال المهووس من قبل البعض.
ما هو الزئبق الأحمر؟ خرافة بقدرات خارقة
ترتبط أسطورة “الزئبق الأحمر” بعدد من الادعاءات الخارقة التي طالما جذبت الفضوليين والباحثين عن الثروة أو الخلود. من بين هذه الادعاءات، يُقال إن هذه المادة قادرة على:
- إطالة العمر وإدامة الشباب.
- تحسين القدرة الجنسية للرجال.
- تحويل المعادن العادية إلى معادن ثمينة كالذهب.
رغم غياب أي دليل علمي على وجود الزئبق الأحمر أو هذه القدرات، فإن الأسطورة ظلت متداولة لعقود، مدعومة بقصص عن استخدام هذه المادة في أعمال السحر أو في التطبيقات العسكرية السرية.
تدخل حكومي لوقف هستيريا الشراء
بحسْب تقارير صحفية، بعد أن تصاعدت هذه الحمى، أصدرت الحكومة العراقية بيانًا رسميًا ينفي وجود الزئبق الأحمر سواء في العراق أو في الطبيعة عمومًا. كما حذرت السلطات المواطنين من الوقوع في فخ هذه الخدعة، ودعتهم إلى عدم التعامل مع أي شخص يدّعي امتلاك هذه المادة أو يعرضها للبيع بأسعار خيالية.
وأكدت الحكومة العراقية أن الشائعات المحيطة بالزئبق الأحمر تستغل الجهل والطمع لدى البعض لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة. وشددت على ضرورة الإبلاغ عن أي شخص أو مجموعة تروّج لهذه المادة الوهمية.
مواقع التواصل: ساحة للبيع والشراء
رغم التحذيرات الحكومية، تستمر مجموعات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا “فيسبوك”، في عرض هذه المادة الوهمية. تحتوي هذه المجموعات على آلاف الأعضاء من العراق ودول عربية أخرى، حيث يعرض بعضهم “منتجاتهم”، بينما يتفاعل آخرون بالاستفسارات أو حتى التفاوض الجاد على الأسعار.
الأسعار التي يتم تداولها تصل إلى مستويات خيالية، حيث يدّعي البائعون أن الزئبق الأحمر مادة نادرة جدًا، مما يعزز الوهم بقيمتها الكبيرة. في المقابل، ينضم بعض الأعضاء إلى هذه المجموعات بدافع الفضول فقط، في حين يصدق عدد قليل من الناس فعلاً بوجود المادة وقدراتها الخارقة.
محاولات احتيال تحت غطاء الأسطورة
تشير بعض التقارير إلى أن الزئبق الأحمر أصبح وسيلة للاحتيال على الناس البسطاء. يتم استخدام مواد حمراء أو سوائل أخرى من أجل إيهام المشترين بأنها “زئبق أحمر”، مع الاستعانة بقصص مزيفة عن مصادر المادة أو طرق الحصول عليها.
ومن بين الحيل الشائعة، الزعم بأن المادة تم العثور عليها داخل آثار قديمة أو أهرامات، وأنها كانت تُستخدم من قبل الحضارات القديمة في أغراض سحرية أو طقوس خاصة. يتم استغلال هذه الروايات لرفع الأسعار وإثارة فضول المشتري.
أسطورة عالمية بأبعاد عراقية
على الرغم من أن أسطورة الزئبق الأحمر ليست جديدة وتنتشر في العديد من الثقافات، فإن عودتها إلى الساحة العراقية بهذا الزخم تشير إلى مجموعة من العوامل الاجتماعية والنفسية. يرى خبراء أن هذه الظاهرة ترتبط بالرغبة في تحقيق الثراء السريع، إلى جانب الانجذاب الطبيعي للقصص الغامضة والخارقة.
ويضيف آخرون أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية غير المستقرة في العراق قد تكون ساهمت في انتشار هذه الشائعات، حيث يلجأ البعض إلى تصديق هذه الخرافات كطريق للهروب من الواقع.
خرافة مستمرة رغم التحذيرات
رغم النفي القاطع من العلماء والحكومات، تستمر أسطورة الزئبق الأحمر في إثارة الجدل وجذب المهتمين. تعكس هذه الظاهرة قضايا أعمق تتعلق بالوعي المجتمعي، واستغلال الجهل لتحقيق مكاسب مالية غير شرعية.
في النهاية، يظل الحل الأمثل هو نشر الوعي حول خرافة الزئبق الأحمر، وتحذير الناس من الانجرار خلف الأوهام. وبينما يظل البعض متمسكًا بالأسطورة، يبقى الزئبق الأحمر مجرد خيال يخدم الطامعين أكثر من الباحثين عن الحقيقة.