تحقيق / محمد مرزوق – زينب اسماعيل
فى يوم 15 أغسطس، منذ 245 عامًا، ولد واحد من أهم القادة العسكريين على مر التاريخ، نابليون بونابرت الأول، هو قائد عسكرى. حاكم فرنسا وملك إيطاليا وإمبراطور الفرنسيين، عاش خلال أواخر القرن الثامن عشر وحتى أوائل عقد العشرينيات من القرن التاسع عشر.
حكم بونابرت فرنسا فى أواخر القرن الثامن عشر بصفته قنصلاً عامًا، ثم بوصفه إمبراطورًا فى العقد الأول من القرن التاسع عشر، حيث كان لأعماله وتنظيماته تأثير كبير على السياسة الأوربية.
وُلد نابليون عام 1769 فى جزيرة كورسيكا لأبوين ينتميان لطبقة أرستقراطية تعود بجذورها إلى إحدى عائلات إيطاليا القديمة النبيلة. ألحقه والده (كارلو بونابرت)، المعروف عند الفرنسيين باسم (شارل بونابرت) بمدرسة بريان العسكرية.
التحق بعد ذلك بمدرسة سان سير العسكرية الشهيرة، وفى المدرستين أظهر تفوقًا باهرًا على رفاقه، ليس فقط فى العلوم العسكرية وإنما أيضًا فى الآداب، والتاريخ، والجغرافيا، وخلال دراسته اطلع على روائع كتّاب القرن الثامن عشر فى فرنسا وجلّهم؛ حيث كانوا من أصحاب ودعاة المبادئ الحرة. فقد عرف عن كثب مؤلفات فولتير، ومونتسكيو، وروسو، الذى كان أكثرهم أثرًا فى تفكير الضابط الشاب.
أنهى دروسه الحربية وتخرّج فى سنة 1785، وعُين برتبة ملازم أول فى سلاح المدفعية التابع للجيش الفرنسى الملكى. وفى سنة 1795 أعطى له فرصة الظهور، ليظهر براعته لأول مرة فى باريس نفسها حين أسهم فى تعضيد حكومة الإدارة، وفى القضاء على المظاهرات التى قام بها الملكيون، تساعدهم العناصر المحافظة والرجعية.
1795 بزغ نجم بونابرت خلال عهد الجمهورية الفرنسية الأولى، عندما عهدت إليه حكومة الإدارة بقيادة حملتين عسكريتين موجهتين ضد ائتلاف الدول المنقضة على فرنسا. وفى سنة 1799 قام بعزل حكومة الإدارة وأنشأ بدلاً منها حكومة مؤلفة من ثلاثة قناصل، وتقلّد هو بنفسه منصب القنصل الأول؛ ثم سعى فى إعلان نفسه إمبراطورًا، وتم له هذا بعد خمس سنوات بإعلان من مجلس الشيوخ الفرنسى. خاضت الإمبراطورية الفرنسية نزاعات عدّة خلال العقد الأول من القرن التاسع عشر، عُرفت باسم الحروب النابليونية، ودخلت فيها جميع القوى العظمى فى أوربا.
أحرزت فرنسا انتصارات باهرة فى ذلك العهد، على جميع الدول التى قاتلتها، وجعلت لنفسها مركزًا رئيسًا فى أوربا القارية، ومدّت أصابعها فى شئون جميع الدول الأوربية تقريبًا، حيث قام بونابرت بتوسيع نطاق التدخل الفرنسى فى المسائل السياسية الأوربية عن طريق خلق تحالفات مع بعض الدول، وتنصيب بعض أقاربه وأصدقائه على عروش الدول الأخرى.
شكّل الغزو الفرنسى لروسيا سنة 1812 نقطة تحول فى حظوظ بونابرت، حيث أصيب الجيش الفرنسى خلال الحملة بأضرار وخسائر بشرية ومادية جسيمة، لم تُمكن نابليون من النهوض به مرة أخرى بعد ذلك.
وفى سنة 1813، هزمت قوّات الائتلاف السادس الجيش الفرنسى فى معركة الأمم؛ وفى السنة اللاحقة اجتاحت هذه القوّات فرنسا ودخلت العاصمة باريس، وأجبرت نابليون على التنازل عن العرش، ونفوه إلى جزيرة ألبا. هرب بونابرت من منفاه بعد أقل من سنة، وعاد ليتربع على عرش فرنسا، وحاول مقاومة الحلفاء واستعادة مجده السابق، لكنهم هزموه شر هزيمة فى معركة واترلو خلال شهر يونيو من عام 1815.
استسلم بونابرت بعد ذلك للبريطانيين، الذين نفوه إلى جزيرة القديسة هيلانة، المستعمرة البريطانية، حيث أمضى السنوات الست الأخيرة من حياته. أظهر تشريح جثة نابليون أن وفاته جاءت كنتيجة لإصابته بسرطان المعدة، على الرغم من أن كثيرًا من العلماء يقولون بأن الوفاة جاءت بسبب التسمم بالزرنيخ.
تُدرّس حملات نابليون العسكرية فى العديد من المدارس الحربية حول العالم، وعلى الرغم من أن الآراء منقسمة حوله؛ حيث يراه معارضوه طاغية جبارًا أعاد الحكومة الإمبراطورية ووزع المناصب والألقاب على أسرته، ودخل مغامرات عسكرية دمرت الجيش، فإن محبيه يرونه رجل دولة وراعيًا للحضارة، إذ يُنسب إليه القانون المدنى الفرنسى، المعروف باسم قانون نابليون، الذى وضع الأسس الإدارية والقضائية لمعظم دول أوربا الغربية، والدول التى خضعت للاستعمار والانتداب الفرنسى فى العصور اللاحقة.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.