مصر تتناول تقرير الأمم المتحدة للتجارة والتنمية حول سلاسل قيمة الطاقة المتجددة

متابعة – د. حامد بدر

يسلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الضوء على تقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) بشأن سلاسل قيمة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. يركز التقرير على الدور الحاسم للتجارة في تعزيز هذه السلاسل وتوسيع قدرتها على تحقيق التحول العالمي في الطاقة، بالإضافة إلى تأثير السياسات التجارية على البلدان النامية، والتي تُعد المحور الأساسي في تشكيل مستقبل الطاقة المتجددة.

التحديات التي تواجه الدول النامية في سلاسل التوريد

أوضح التقرير أن معظم البلدان النامية لا تزال محصورة في تصدير المواد الخام الضرورية لتقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مع الاعتماد على استيراد المنتجات المصنعة لهذه التقنيات. هذا النمط التجاري يحد من إمكانية هذه البلدان في تطوير صناعاتها المحلية ويؤثر على قدرتها على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة المتجددة. كذلك، تقيّد هذه الأنماط آفاق التنمية في الدول النامية، مما يساهم في تقليص فرصها في توظيف إمكاناتها التكنولوجية والطبيعية.

دور الطاقة المتجددة في مواجهة تغير المناخ والفقر

من خلال تسليط الضوء على التحديات البيئية والاقتصادية، أشار التقرير إلى أن الطاقة المتجددة تعد من الحلول الأساسية لمعالجة تغير المناخ ومكافحة الفقر الطاقي. فقد تمتلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح القدرة على توفير الكهرباء لنحو 685 مليون شخص يعيشون دون كهرباء، مما يساهم في تقليل الفقر المرتبط بعدم توفر الطاقة. وفي الوقت نفسه، توفر هذه التقنيات فرصة لدعم النمو الاقتصادي المستدام من خلال تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتقليل الانبعاثات الكربونية.

التحديات في نمو سلاسل قيمة الطاقة المتجددة

على الرغم من ازدهار التجارة في تكنولوجيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أشار التقرير إلى أن هذا النمو لم يكن كافياً لتلبية احتياجات التحول العالمي في قطاع الكهرباء. يستمر الاعتماد على الطاقة التقليدية المولدة من الوقود الأحفوري، الأمر الذي يعيق التوسع السريع في استخدام الطاقة المتجددة. كما أن معظم البلدان النامية تواجه صعوبة في تطوير صناعات الطاقة المتجددة الخاصة بها، حيث تتعامل مع أنماط تجارية تقليدية تعتمد على تصدير المواد الخام واستيراد السلع المصنعة.

التعريفات الجمركية وحواجز التجارة

تعد التعريفات الجمركية والتدابير غير الجمركية من العوامل التي تؤثر بشكل كبير في توسيع نطاق نشر تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في البلدان النامية. ففي بعض الحالات، تكون هذه التعريفات مرتفعة للغاية، مما يزيد من تكلفة التجارة ويحد من القدرة على توفير التكنولوجيات بأسعار معقولة. على سبيل المثال، تتراوح التعريفات الجمركية في البلدان النامية بين 2.5% في آسيا وأوقيانوسيا و7.1% في إفريقيا، وهو ما يضيف المزيد من التحديات أمام تصنيع هذه التكنولوجيا محلياً.

ضرورة خفض التعريفات الجمركية

دعا التقرير إلى ضرورة خفض التعريفات الجمركية على السلع الوسيطة في سلاسل قيمة الطاقة المتجددة. ويؤكد التقرير أن هذا الخفض يمكن أن يسهم في تسهيل دخول البلدان النامية إلى مراحل التجميع والإنتاج المحلي لتقنيات الطاقة المتجددة. وأوضح التقرير أن خفض التعريفات الجمركية في إفريقيا من شأنه أن يعزز القدرة التنافسية للمنتجين المحليين، حيث أن التعريفات الحالية في إفريقيا تصل إلى 8.1% مقارنة بـ 4.1% في آسيا وأوقيانوسيا.

التكامل الإقليمي وتعزيز التجارة بين بلدان الجنوب

أشار التقرير إلى أن هناك فرصة لتعزيز التكامل الإقليمي في مجال الطاقة المتجددة من خلال معالجة التعريفات الجمركية والحواجز غير الجمركية. في إفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، يعاني المنتجون الإقليميون من تكاليف حدودية غير جمركية أعلى بشكل ملحوظ مقارنة بالمنافسين من خارج المنطقة. وهذا يشير إلى الحاجة إلى سياسات تجارية أكثر تكاملاً لدعم التوسع في صناعة الطاقة المتجددة على مستوى عالمي.

التوصيات لإعادة تقييم السياسات التجارية

في الختام، دعا التقرير إلى إعادة تقييم السياسات التجارية والاستثمارية في الدول المتقدمة تجاه الدول النامية، وخاصة فيما يتعلق بالسلع الخضراء. ويجب أن تتسم هذه السياسات بالاتساق مع الأهداف العالمية للتحول في مجال الطاقة، بما في ذلك تحقيق الوصول الشامل للطاقة والتنمية المستدامة. كما أشار التقرير إلى أهمية تعزيز القيمة المضافة من خلال معالجة المواد الخام وتجميع تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما يسهم في تطوير الاقتصادات النامية ودمجها بشكل أفضل في سلاسل القيمة العالمية.

يُعتبر تقرير الأونكتاد دعوةً حاسمة لتغيير السياسات التجارية الحالية لتسريع التحول إلى الطاقة المتجددة. من خلال خفض الحواجز التجارية وتعزيز التكامل الإقليمي، يمكن للدول النامية أن تلعب دوراً أكبر في تحقيق أهداف الطاقة المستدامة والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري.