عرب وعالم

محمد عبدالله يكتب : الإخوان يكذبون على الله

14689585295تحقيق | محمد عبدالله

هذه المرة يكذب الإخوان على الله لا محالة.. على مدار الأيام القليلة الماضية، ومع تأكيد المحكمة الجنائية الدولية، رفض الدعاوى القضائية المقدّمة من فريق الدفاع الدولي وكيلًا عن الجماعة، وذراعها السياسية، حزب الحرية والعدالة، بشأن الزعم بارتكاب سلطة ما بعد 30 يونيو، جرائم ضد الإنسانية بحق أعضائها، وضد من والاهم من دعاة حماية الشريعة والشرعية، لم تتوقف أبواق التنظيم في الداخل والخارج، عن الادّعاء زورًا بأن أصابع الدولة المصرية العميقة قد لعبت في أروقة الهيئة القضائية العالمية، بما يصب في مصلحة (الانقلاب)!

الجنائية الدولية تفضح التنظيم وتؤكد

تزويره تفويضًا باسم مصر لمقاضاة

سلطة 30 يونيو

دفاع الجماعة أقام دعاوى باسم

مرسي بصفته رئيسًا لمصر.. والمحكمة

ترد: أصبح معزولًا.. ومنصور هو الرئيس

الإخوان تدّعي تراجع المحكمة عن

قبول مقاضاة القاهرة.. والمدّعي

الدولي: أخبرناهم برفضنا منذ البداية

 

المحكمة الجنائية الدولية، تحوّلت في لحظات، إلى جزء من المؤامرة على المعزول محمد مرسي ونظامه، بل وإحدى نوافذ الحرب الصليبية على الإسلام.

هكذا ردّد قادة التنظيم، وبذلك المنطق الافترائي تعاملت نوافذهم الإعلامية. البوق الإخواني الأشهر، المعروف مجازًا بـ الجزيرة مباشر مصر ، دفع في اتجاه تعظيم فرضية المؤامرة في ذهنية القواعد والتابعين. قالت تعليقًا على رفض دعاوى الجماعة ضد القاهرة، إن مسؤولين بارزين بالمحكمة الجنائية الدولية، أكّدوا لفريق الدفاع الإخواني الدولي قبول نظر قضاياهم، قبل أن يتغيّر الأمر في الكواليس، لينتهي برفضها.


قناة الجزيرة مباشر مصر

الجزيرة ضغطت على زر دغدغة مشاعر المريدين أكثر فأكثر. أكدت أن نفرًا من فريق الدفاع الدولي سيتوجه إلى لاهاي، حيث مقر المحكمة الجنائية الدولية، لإقناعها بجدوى قبول الدعاوى المرفوعة ضد النظام المصري ورموزه. القناة القطرية صدّرت الخبر المزعوم باعتباره خطوة واردة، بل ويسيرة التحقّق. المحكمة الدولية تحوّلت على يد الإخوان وأنصارهم، لأحد مجالس العرب أو القضاء العرفي، ومن ثم يمكن إقناعه بتبنّي قرار ما، عبر المقابلات الشخصية والخواطر، وبعيدًا عن القواعد والقوانين واللوائح.

بالتوازي مع ذلك، لم يمانع الإخوان، تحضيرًا ويقينًا منهم أن كذبهم سيفُضح لا محالة، في إطلاق الميليشيات الإلكترونية، حملة لتشويه سمعة المحكمة، بدءًا من أن الصهاينة والأمريكان يسيطرون عليها، مرورًا بالادعاء أن ما يسميه الإخوان بالانقلاب العسكري الذي جرى في مصر، وما تلاه، وفق زعمهم، من مذابح في الشوارع والسجون لهم ولحلفائهم، كان بتوافق دولي لضرب المشروع الإسلامي بالشرق الأوسط. ومن ثم أصبحت الجنائية الدولية محكمة انقلابية، وقضاتها فاسدين، ولوائح العمل المنظمة لها غدت من فعل النظام العالمي العميق والمستبد وأجهزة المخابرات المتوحشة عابرة الحدود.

قال الإخوان عن المحكمة الجنائية الدولية، التي لجأوا لها بمحض إرادتهم، ما قاله مالك في الخمر، إن جاز التعبير. فاتهم فقط أن يصفونها بأنها صنيعة دولة مبارك وحاشيته الفاسدة، وهي الشمّاعة التي طالما علّق عليها الإخوان فشلهم، خلال العام الكبيس من حكم مرسي ومكتب إرشاده.
هنا لا يبدو الكذب الإخواني مباحًا بأي حال من الأحوال استنادًا إلى قاعدة الحفاظ على مظلومية التنظيم. فالكيان الذي يصوّبون سهام افتراءاتهم إليه، ليس الأمن أو القضاء أو حتى الإعلام في مصر. الجنائية الدولية نافذة معتبرة للحكم في قضايا مصيرية بالنسبة لعدد من الشعوب. مساحات السياسة داخلها، وإن لم تتلاش نهائيًا، فإنها تبقى في إطار نسب لا ضرر ولا ضرار معها دومًا. المحكمة لن تسكت على الادعاءات بشأنها.. التنظيم يعي ذلك جيدًا.. وبالتالي فالإصرار على الكذب هنا لا يصبح على البشر فقط، بل أيضًا على خالق كل البشر.

المحكمة الجنائية الدولية لم تصمت طويلًا، قبل ساعات من الآن قالت كلمتها بشأن افتراءات الإخوان وتجنّياتهم ضدها، فيما أزاحت أيضًا أي لغط مثار بشأن الدعاوى القضايا التي رفعت ضد القاهرة.

المحكمة الجنائية الدولية

بيان صادر عن مكتب المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، متاح بعدد من اللغات من بينها العربية، في عشرات المواقع الإليكترونية الإخبارية، قالها بلا مواربة.. الإخوان كاذبون بل ومزوّرون أيضًا.. وننقل هنا من البيان نصًا:

– بعد تحليل وقائعي وقانوني دقيق للرسالة (وثائق) والمعلومات الإضافية المتلقاة من مقدّمي الطلب (محامو الحرية والعدالة)، قرّر مكتب المدّعي العام أن الإعلان المزعوم المقدّم إلى مسجّل المحكمة في 13 ديسمبر 2013 لم يقدّمه، وفقًا للقانون الدولي، أي شخص يتمتّع بما يلزم من السلطة أو يحمل وثيقة تفويض لتمثيل دولة مصر لغرض التعبير عن موافقة هذه الدولة على ممارسة المحكمة الاختصاص.

– لما كانت المزاعم التي تحتويها الرسالة خارجة عن الاختصاص الإقليمي والشخصي للمحكمة، قرّر المكتب، إضافة إلى ذلك، أنه لا يستطيع المضي في إجراءات شكوى مقدّمي الطلب أو فحص الجرائم المزعوم ارتكابها في البلد.

– لا مكان للسياسية والاعتبارات السياسية ولا دور لها في القرارات التي يتخذها المكتب وفي تنفيذ ولايته المستقلة والنزيهة.

– بموجب نظام روما الأساسي، لا يستطيع سوى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المادة 13(ب) أو دولة (المادة 12) أن يمنح الاختصاص للمحكمة. وبموجب المادة 12 من النظام الأساسي، يمكن للدول أن توكّل الاختصاص إلى المحكمة بأن تصبح طرفًا في النظام الأساسي المادة 12(1) ، أو بأن تودع إعلانًا خاصًا تقبل فيه اختصاص المحكمة المادة 12(3) .

(المحكمة أوضحت أنها رفضت الدعاوى لأنها غير مقدّمة من مجلس الأمن، أو دولة موقّعة على نظامها الأساسي، وهو ما لم تفعله مصر منذ إنشاء المحكمة)

– ويُزعم أن الوثائق المقدمة، المؤرّخة في 10 أغسطس 2013، موقّعة نيابة عن الحكومة المصرية. وبعد دراسة متأنّية لجميع الحقائق، استنتج المكتب أنه، وفقًا للقانون الدولي، لم يتمتّع مقدّمو الطلب بما يلزم من السلطة ولم يحملوا وثيقة تفويض نيابة عن دولة مصر، سواء في تاريخ التوقيع على الإعلان، أو في تاريخ تقديمه لمسجّل المحكمة.

(المحكمة تتهم الإخوان صراحة هنا بأنهم مزوّرون، وأنّهم قدموا تفويضًا نيابة عن القاهرة غير صحيح بالمرة)

– وتشير قائمة المراسم الخاصة بالأمم المتحدة إلى أن رئيسًا جديدًا للدولة (السيد عدلي منصور)، ورئيسًا للحكومة (السيد حازم الببلاوي)، ووزيرًا للخارجية (السيد نبيل فهمي) عُيّنوا في يوليو 2013. وإضافة إلى ذلك، في 5 ديسمبر 2013، قبلت الجمعية العامة للأمم المتحدة من دون تصويت وثائق تفويض الوفد المصري، برئاسة وزير الخارجية الحاليّ، نبيل فهمي. ويدل ذلك دلالة واضحة على أن أيًّا من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لم يعتبر ممثّلي الدكتور محمد مرسي ممثلين لدولة مصر في الأمم المتحدة بدلًا من الوفد الذي قُبلت وثائق تفويضه.

– نظرًا لأن الأمين العام للأمم المتحدة يضطلع بدور الوديع للنظام الأساسي، فذلك يعنى أيضًا أنه اعتبارًا من يوليو 2013 فصاعدًا، لم يكن في استطاعة محمد مرسي أن يودع صك انضمام إلى النظام الأساسي نيابة عن دولة مصر، إذا كان قد حاول فعل ذلك.

– وعلى الرغم من أن محامي مقدّمي الطلب احتجّوا بأن قرار الاتحاد الإفريقي بتعليق مشاركة مصر في أنشطته يشير إلى وجود رفض جماعي للاعتراف بالحكومة الجديدة، التي وصلت إلى سدّة الحكم في 3 يوليو 2013، فإن مكتب المدّعي العام خَلُص إلى أن هذا لا يَعدُل الاستمرار في الاعتراف بالدكتور مرسي كرئيس للدولة المصرية.

– مرسي لم يعد حائزًا على السلطة الحكومية ولم يكن متمتعًا بالصفة القانونية التي تخوّله تحمل التزامات قانونية دولية جديدة بالنيابة عن دولة مصر.

(المحكمة تكشف هنا الفضيحة الكبرى للإخوان، وهو أنهم رفعوا الدعاوى القضائية باسم المعزول، بزعم أنه لا يزال رئيسًا شرعيًا للبلاد، وبالتالي فهم حاولوا تزوير الواقع، وتصوير أن السلطة الحالية بمصر غاصبة، ومن ثم لو كانت قد قبلت المحكمة قضاياهم بتلك الصيغة، لكان قد مثّل ذلك اعترافًا دوليًا بأحقية مرسي في الحكم، وأحقيته كذلك في تمثيل مصر خارجيًا، وهو ما كان سيعد أيضًا تجريمًا لسلطة ما بعد عزله، جرّاء فيضان 30 يونيو).

– وبناءً على هذه الاعتبارات، قرّر المكتب أن الإعلان المزعوم المقدم إلى مسجّل المحكمة في 13 ديسمبر 2013 لم يقدمه، وفقًا للقانون الدولي، أي شخص يتمتع بما يلزم من السلطة أو يحمل وثيقة تفويض لتمثيل دولة مصر لغرض التعبير عن موافقة هذه الدولة على ممارسة المحكمة الاختصاص. وقد قدّم مكتب المدّعي العام قراره إلى مسجّل المحكمة الذي أبلغ مقدّمي الطلب بناءً على ذلك.

(إشارة جديدة هنا إلى كذب الإخوان. بينما كانوا يقولون لقواعدهم، إن مسؤولي المحكمة أخبروهم بقبول الدعاوى، أكدت الأخيرة عكس ذلك تمامًا).

قيادات الإخوان

ما سبق كان مقتطفات من رد الجنائية الدولية على كذب الإخوان، غير أن قصة العداوة الشرسة من جانب التنظيم لمصر وللمصريين، تستدعي التوقف أمام عدد من الحقائق المؤلمة:

1-الإخوان هم أول فصيل في مصر يلجأ إلى القضاء الدولي، بما يترتب على ذلك من تأثير سلبي صارخ على الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد، لا لشيء إلا لأنهم في خصومة سياسية مع النظام الحاكم القائم.

2-الإخوان لا يعرفون إلا لغة الاستقواء بالخارج، سواء عبر التمسّح بالأمريكان أو الأوروبيين، أو استدعاء النظام العالمي للتدخل في الشأن المصري.

3-الإخوان يواصلون استعداء الشعب بالأكاذيب، التي تجاوزت هذه المرة الحدود إلى الفضاء الدولي.

4-الإخوان وحدهم يُنكرون الإرادة الشعبية الجمعية المصرية التي لفظتهم بعد أقل من عام واحد لهم فقط في سدة الحكم.

5-الإخوان ومن سار على دربهم، هم فقط، من يتعاملون مع 30 يونيو، بمنطق الانقلاب العسكري، فيما أن ظهور الجيش في قلب المشهد المضاد للجماعة، لم يكن ليحدث دون استدعاء شعبي له بذلك، ناهيك عن أن أي مستجدات طرأت على تركيبة الحكم بعد عزل مرسي، ترتبط بطريقة أو بأخرى بمنتمين للقوات المسلحة، إنما ذلك لا ينفي أن موجة غضب عاتية من جانب المصريين، أسقطت نظامًا فاشيًا بامتياز، أما ما ترتب على ذلك، فقصّة أخرى.

6-محاولة تصدير مرسي في محافل وجهات دولية باعتباره لا يزال رئيسًا للبلاد، بالمخالفة للإرادة الشعبية للمصريين، وللوقائع والمراكز القانونية التي نشأت وترسّخت بعد عزله، وأهمها وضع دستور جديد للبلاد، وانتخاب رئيس جديد أيضًا لها، لن يؤدي إلا لفتح باب المزايدات السياسية الدولية ضد القاهرة، أو سحب مشاكلها الداخلية لحسابات قوى ودول إقليمية ودولية، فضلًا عن منح مسوّغ للخارج للطعن في شرعية السلطة القائمة، وربما أيضًا ابتزازها.

7-ثبت بالدليل القاطع أن الإخوان يكرهون المصريين، وكل من لا ينتمي لتنظيمهم، وبالأحرى كل من يقول لهم لا.

8-ثبت كذلك أنهم طلّاب سلطة، ولا يعرفون شيئًا عن القاعدة الراسخة في وجدان كل من يصف نفسه بالإسلامي، بأن طالب الولاية لا يوُلّى.

9-ثبت كذلك أنهم لا يؤمنون بأصوات الجماهير، إلا إذا جاءت بكرسي الحكم إليهم. أما إذا تعالت تلك الاصوات نفسها لعنًا لهم، فإنهم لا يترددون لحظة في محاولة سحقها وإسالة دماء أصحابها.

وإذا كان ذلك هو العهد بالإخوان في الخيانة والكذب والإرهاب قولًا وفعلًا، فما بال السلطة متكلّسة ساكنة بلا حراك؟ أين أجهزة الدولة؟ لماذ تجلس في مقاعد المتفرجين، بينما التنظيم يطوف الأرض شرقًا وغربًا لتقليب الرأي العام والنظام العالميين ضد القاهرة؟

أيضًا، متى تحسم الحكومة قضية اعتصام رابعة والنهضة؟ لماذا لا تبادر بنفسها بتشكيل لجنة قضائية محايدة، تفتح تحقيقًا مستقلًا وجادًا، عما جرى في أثناء الفضّ، ومن ثم معاقبة كل من تجاوز وأسال الدماء متعمدًا من جانب الفريقين: أنصار مرسي والأمن؟ تلك هي المظلومية الكبرى التي يتاجر بها التنظيم خارجيًا، ويستخدمها لتحريض قواعده لحرق الشارع، ودفع جماعات العنف والإرهاب لضرب الدولة المصرية. وضع كلمة النهاية لتلك القضية الحساسة، التي ترتبط بطريقة أو بأخرى بتراث الأمن الوحشي والقمعي، من جانب النظام الحاكم، حتى ولو أدين بعض أركانه بسببها، أشرف وأسلم من أن تبقى شوكة في ظهر المصريين من جانب فصائل وتيارات لا تعرف عن الوطنية شيئًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: