تحقيقات صحفيه

محمد عبداللة يخترق مدينة الدمّ في أسوان ويكشف أسباب الفتنة

تحقيق / محمد عبداللة 

وجوه شاحبة.. نظرات محدقة.. وحالة ذهول قصوى تتشبث بعقول أهالي المدينة السوداء، كما أطلق عليها أهلها، شوارع تسكنها الأشباح.. وصمت جارف تلحقه همسات حديث سريعة كي لا يسمعها أحد، هذا هو حال منطقة “السيل الريفي” بمحافظة أسوان، بعدما تحولت المنطقة لمجزرة كبرى بين قبيلتي “الدابودية” و”الهلايل”، راح ضحيّتها من الجانبين 26 فردًا، بين نساء وأطفال وشباب.

«مدرّس إخواني» أشعل فتيل المجزرة بعد

فتحه باب

المدرسة لتتصاعد الأمور للأخطر

القبيلتان تتأهّبان للمعركة من جديد بعد انتهاء

الهدنة..

وتتهم إحداهما الأخرى بإشعال الأزمة

كواليس ذبح 15 هلاليًا والطواف بهم في

الشوارع على سيارة «كارو» .. والأمن ترك

الحرب وهرب

 

المساء نيوز  زار مدينة الدم السيل الشعبي والريفية ، وقضى بها يومًا كاملًا، لتقصّي حقيقة المتسببين في تلك المجزرة، ورصد حالة أسر وأهالي المقتولين، خاصة بعد أن نما لعلمنا تورّط الإخوان المسلمين في تلك الأزمة، وأنهم الطرف الخفي لتلك الحرب، ومعرفة مصير الهدنة التي فرضتها قوات الأمن والقبائل العربية على الطرفين، وهل سيقبلون الصلح أم أن المجزرة قادمة لا محالة.

ومنذ أن وطئت أقدامنا مدينة أسوان، لاحظنا كتابات وعبارات مسيئة على كثير من الحوائط، ضد الجيش وضد المشير السيسي، وأخرى مؤيّدة لما أسموه بالشرعية والمعزول محمد مرسي، وهو الأمر الذي يدلّ على وجود نسبه كبيرة من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، معظمهم يتقلّد وظائف تعليمية ودينية.

البداية كانت مع محمد شعبان، أحد شباب قبيلة دابود ، وقال إنهم أكبر وأعرق القبائل منذ نشأت أسوان، ومعهم قبائل أخرى، مثل الجعافرة والأسوانلية، أما الهلايل فليسوا من أسوان، وإنما هم نازحون من محافظات مجاورة، وتابع: تقبّلناهم بيننا رغم عنفهم وخلافاتهم مع كثير من القبائل، لأنهم شرسو الطباع، لكن هذا لا يمنع أن منهم عقلاء وحكماء ، ويروي بداية المجزرة لـ المساء نيوز  ، قائلًا: هناك طرف غير معروف حتى الآن قام بكتابة عبارات مسيئة لنا ولهم بنفس الخط والبنط واللون، وذلك على جدران مدرسة محمد صالح الثانوية الصناعية، وبعد مشاجرات نشبت بين الطلاب وبعضهم تدخّل الطرف، غير المعروف حتى الآن، لتأجيج الموقف، وقام بفتح بوابة المدرسة ليخرج التلاميذ وتتأزم الأمور، لكن الحكماء من القبيلتين تدخلوا وسيطروا على الموقف يوم الأربعاء قبل الماضي، وتم إغلاق المدرسة، وصبيحة يوم الجمعة اعتدي أبناء الهلايلة على 3 من أبناء دابود، وقتلوهم، بالإضافة إلى سيدة دابودية حامل ذهبت للبحث عن ابنها، فتم قتلها والتمثيل بجثتها، وتم وضع بدماء أحد الشباب على الحوائط في مكان الحادث، ثم تدخّلت الجهات الأمنية وطلبت منا دفن الجثث، وخلال الدفن انهالوا علينا بالنيران، وتحوّل الأمر إلى معركة حربية، وخرجت الشرطة تهرول وتركتنا نقطّع بعضنا، والإسعاف رفضت الدخول لحمل الجثث فاستخدمنا العربة الكارّو .

ويضيف شعبان: فوجئنا بمنطقة السيل البحري التي يقطنها الهلايل ومعهم ما يقرب من 20 أسرة نوبية دابودية، قاموا بحرق تلك المنازل وسرقة ما بها وذبح ساكنيها، وبعد ذلك تدخل الجيش والمحافظ والقبائل العربية، وتم الاتفاق على هدنة لمدة 3 أيام .

على جانب آخر، ولنقل الصورة بشكل حيادي، التقينا محمد الهلالي ، 20 عامًا ويعمل تاجر خردوات، من قبيلة بني هلال، والذي أكد أن الهلايلة قبيلة لها أصول عربية، موجوده بأسوان ومحافظات الصعيد، وقال عن المعركة: أبناء دابود كتبوا عبارات مسيئة لنا على الحوائط، فقام شبابنا بمسحها، وكتابة عبارات ضدهم، وقام أحد المدرسين المنتمين للإخوان المسلمين بفتح البوابة لتتحوّل الساحة إلى حرب بالحجارة، حتى هدأت المعركة ببيان مصالحة بين كبار العائلتين، ثم فوجئنا بانتقال العبارات المسيئة من جديد إلى جدران منازلنا، فذهبنا نشكو لرئيس جمعية النوبيين فقال لنا اللي تلقوه بيكتب عندكم اضربوه .

وتابع: مع بداية المعركة ووفاة 3 من أبناء دابود، الذين قاموا بخطف 4 رهائن من نسائنا وأبنائنا، وكان بحوزتنا أيضًا أسرى من نسائهم وأبنائهم، تدخلت الجهات الأمنية وقمنا بتبادل الأسرى على أرض محايدة، ثم بدأت المعركة، وقتلوا منا 15 شخصًا، وتم التمثيل بجثثهم، منهم 12 مذبوحين وجماجمهم مهشمة، ولذلك اتصلنا بالمطافئ والإسعاف اللذين رفضا التدخل، فقام أبناء دابود بتحميلهم على عربة كارو وقاموا بتصويرهم، وطافوا بهم، وزغردت نساؤهم .

وتساءل: لو كنا من تجار السلاح والمخدرات ولنا علاقات أمنية.. فهل كان يقتل منا 15، ونصمت على ذلك؟!

ومن جانبه، أعلن وكيل وزارة التربية والتعليم في أسوان، محمد عبده، إغلاق 80 مدرسة بصورة تامة، من ضمنهم 25 مدرسة موجودة بمحيط الاشتباكات بالسيل الريفي والمنطقة الشعبية، مضيفًا أن الـ55 مدرسة الباقية، سيحضر فيها المدرسون دون التلاميذ، كما تمّ تأجيل الامتحانات للأسبوع المقبل، بالإضافة إلى توزيع أعمال السنة على شهرين فقط وليس 3 شهور كما كان يحدث في الماضي، وسوف يتم وضع الامتحانات طبقًا لظروف كل مدرسة على حدة، ولن تكون الامتحانات موحّدة على مستوى المركز أو المحافظة.

خلال وجودنا بأرض المجزرة، جاءت الأنباء لتؤكد ارتفاع عدد القتلى إلى 26 قتيلا، بعد وفاة أحد المصابين المنتمين لقبيلة الهلايلة ، متأثرًا بإصابته بحروق بلغت أكثر من 90%، في مستشفى 129130أسوان الجامعي، اسمه شاذلي شحات خليل ، ويبلغ من العمر 22 سنة، وبذلك يكون عدد ضحايا الهلايل 17 فردًا، وضحايا بني دابود 7 أفراد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى