مقالات القراءمقالات واراء

مجدي سبله يكتب.. احلام اليقظه عند ابوسمره ومحجوب

يتواصل الخيال الخصب وتتواصل رواية المصلحة ذات السمعة والصيت ويقول الراوي يا سادة يا كرام أن الفلاح الفصيح عندما سمع من بعض أبناء المصلحة أن أبو سمرة السكرة يحلم بأن يصبح رئيسا للمصلحة خلفا لولي نعمته وأنه سعى لدى أحد أصحاب المكانة والنفوذ لكي يزكيه لدى صناع القرار ليتولى شئون المصلحة، أصابته حالة من الضحك الهستيري حتى دمعت عيناه وقال: إذا كان الديك ملكا فلا تعجب … إذا ما تولى أمور الناس كتكوت!
لم يكن غريبا أن يعلن أبناء المصلحة عن نفاد صبرهم بسبب بقاء محفوظ عجب حتى الآن وسؤالهم اليومي حول موعد مغادرته للمصلحة المنكوبة، ولكن الغريب جدا أن أبناء المصلحة قد أصبحوا يتحدثون علنا وليس همسا عن القادم الجديد الذي سيرأس المصلحة ويقولون أن الحاج ابو سمرة السكرة هو من تم التراضي عليه خلسه دون علم رئيس المصلحة وتم رفع اسمه إلى إحدى الجهات في منتصف شهر أكتوبر الماضي خلال انشغال رئيس المصلحة بأمر آخر ولم يعلم ما كان يتم تدبيره في الخفاء.
وبما أن أبو سمرة قد بلغت به الأحلام مبلغا لا يتناسب مع أي معايير أو أي منطق، رغم أن أقرانه ومن يعملون معه يصفونه بأنه غير متوازن نفسيا وعصبيا وأن هذا قد بات معروفا للجهات التي تفرز وتقيم، فلابد لنا أن نتعامل مع ذلك الحالم بمنصب رئيس المصلحة المنتظر بطريقة التشريح الدرامي لكي نقدمه بالشكل الذي يستحقه لدى كل من يهمه الأمر حتى لا تنتقل المصلحة من نكبة إلى نكبة أشد!
في علم الدراما أو المسرح هناك مصطلح يسمى بالإنجليزية character sketch لا أعرف له ترجمة محددة في اللغة العربية ولكنه يعني وصفا موجزا لشخصية من الشخصيات من النواحي البدنية والنفسية والطباع المختلفة ويمكنك أن تستخدم في مقابله كلمة “بورتريه” أو رسم للشخصية.
والشخصية التي نقدمها اليوم هي شخصية الحاج جمعة الملقب بأبو سمرة السكرة وهو من بين موظفي المصلحة ذات السمعة والصيت ،تلك المصلحة التي لا تنتهي فيها الحكايات والروايات ،فهي كنز استراتيجي لكل من يريد أن يكتب ويصيغ العبر من هول ما يراه بين أرجائها!
شخصية اليوم هي الحاج جمعة الملقب بأبو سمرة السكرة الذي أتى به محفوظ عجب بلدياته إلى المصلحة المنكوبة لكي يقدم له خدمة جليلة من أجل المستقبل ومن “قدم السبت يلاقي الحد قدامه” فعندما سيترك محفوظ منصبه الحكومي سيأتي اليوم الذي يحتاج فيه إلى كل بلدياته إذا ما قرر العودة إلى المشهد من الباب الخلفي وهو باب الانتخابات البرلمانية وساعتها سيحتاج إلى جميع من أسدى إليهم معروفا من هؤلاء البلديات!
فعندما جاء محفوظ على رأس المصلحة قام بجلب الحاج جمعة بلدياته ليعمل بالقرب منه بالمصلحة ذات السمعة والصيت واستدعى محفوظ مسْول الحصالة شملول الحصاوي وطلب منه ألا تقل مكافآت أبو سمره عن عشرة آلاف دينار شهرياً، وتلك كانت البداية ، ثم قام محفوظ بترقية أبو سمرة السكرة إلى مدير عام على أقرب درجة من مكتب محفوظ ، وزادت المكافآت ، ولم ينغص حياة أبو سمرة سوى محجوب عبد الدايم ورفيقه بالمكتب لأن محجوب شعر بالقلق لقرب أبو سمرة من رئيس المصلحة، ولأن الأقطاب المتشابهة تتنافر بطبيعة الحال.
ثم انضم إليهم أبو السلالم بحكم موقعه الإداري ، واستمرت الغيرة بين الأقطاب المتشابهة واستمر الصراع اليومي واستمرت شكوى أبو سمرة من العصابة ، وشكاوى العصابة منه وبدا رئيس المصلحة كزوج الاثنتين إذا أرضى إحداهما أغضب الأخرى!
وعندما صدر قرار بإسناد القطاع الداخلي لمحجوب اشتاط السكرة غضبا وجرى إلى رئيس المصلحة عند المصعد وقال له لماذا أصدرت قرار لمحجوب وتركتني وأنا أحق منه، فرد عليه قائلا: أنا رئيس المصلحة أعين من أريد وأترك من أريد…..وعاد الحاج جمعة مهزوما مكسور الوجدان!!!!
مشكلة الحاج جمعة أنه يشعر أنه فلتة زمانه وأنه أكثر علما ومهارة ممن حوله، رغم أن قيام محفوظ بجلبه إلى المصلحة يذكرنا بالمثل الذي يقوله المصريون عند التهكم على شخص جاء بشيء ليس له قيمة رغم تهويله في وصف ما أتى به، “ياما جاب الغراب لأمه”
لا أحد ينكر أن المهارة النسبية للحاج جمعة أكثر من مهارة محجوب ولكن هذا ليس له أي معنى لأن محجوب ليس لديه مهارة في أي شيء، وبالتالي إذا ما تعلق الأمر بالوظائف القيادية الكبيرة فلا يصلح أي منهما لأي منصب قيادي، فالفرق الواضح بين جمعة وبين محجوب هو في التكوين الثقافي فقط، فإذا كان محجوب قد تربى على تراث السنترالات و”الشيكي دودو”، فإن الحاج جمعة ينتمي إلى تراث “يا حلوة يا شايله البلاص”.
ولو كان ما يقوم به الحاج ابو سمره حاليا له أي قيمة لما قامت الحكومة بالاستغناء عن نشاطه الذي يحصل على راتبه لأجله!
أما عن سمات وسلوكيات وأطوار الحاج جمعة منذ أن أصبح مديرا ، فقد أتى السكرة بما لم يأت به الأولون ولن يصل إليه اللاحقون، ولكن النزعة العصبية لنصرة أبو سمرة السكرة من جانب محفوظ العصر والأوان استمرت رغم كل ما أتى به، فتمت ترقيته إلى الدرجة الأعلى ، في مسابقة رد الجميل ، والاستجابة ، وتحقيق أحلام “الواسطة المهمة” ، وكان ذلك ضمن حركة ترقيات أتت بما لا يمكن قبوله منطقيا ولا مهنيا ولا قانونيا ولا أخلاقيا ، سواء من أتوا من داخل المؤسسة أو من أتوا من خارجها ، وليتهم ما أتوا! .ويكفي لذم هذه المسابقة أنها أتت بأسوأ مجموعة قيادات في التاريخ منذ ظهور الإنسان في قارة أفريقيا قبل أربعة ملايين و400 ألف سنة، ويكفي لذمها والتنديد بمن شاركوا فيها أن الشخص اعترض على ما حدث فيها من ظلم قد لفقوا له قضايا وسعوا إلى خراب بيته وهي القضايا التي أبلى فيها شملول الحصاوي والتيس المستعار بلاءَ حسنا!!!
ومن أغرب الغرائب فيما حكاه أبو سمرة عن نفسه بعد خروجه من لجنة الامتحان وانتهاء المسابقة أنه راح يتباهى بأنه عندما سألته اللجنة عن خطة تطوير الادارة المتقدم إليها ،قال لهم أنه ليس لديه رؤية تطوير ، وأنه عندما يتولى الإدارة ويرى طبيعة عملها سوف يعرف كيف يقوم بتطويرها!!!!!
والغريب والمريب أنه تم ترقيته على هذه الدرجة ، ولو كان أي متسابق آخر قد قال نفس كلامه لتم طرده من اللجنة وإحالته إما للتحقيق أو للكشف الطبي، ولكن اللجنة المبجلة المشكلة على المزاج والهوى وطبقا للمطلوب منها وهو التصديق على إرادة محفوظ قد رأت أن أبو سمرة عقلية علمية معملية فذة!!!!
ثم سعى أبو سمرة السكرة إلى الارتقاء إلى أعلى وأراد أن يتولى رئاسة القطاع ،إلا أن مساعيه فشلت لسبب بسيط وهو أن ضغوط محجوب عبد الدايم على محفوظ كانت أقوى من النزعة العصبية لدى محفوظ الذي آثر السلامة وعدم الشوشرة واختار محجوب عبد الدايم لرئاسة القطاع ، والحقيقة أن الخيارين اسوأ من بعضهما ، إلا أنهما يعبران عن آلية وطبيعة الاختيار في مرحلة العجب مع محفوظ عجب .
وربما كانت خسارة أبو سمرة لمعركة رئاسة القطاع هي التي جعلته يحلم برئاسة الهيئة ليعوض خسارته في المرحلة الحالية دون أن يدري أن المسافة بعيدة جدا وتصل إلى سنوات ضوئية بين نظرته لنفسه ونظرة الناس له وتكوينه “السيكوباتي” الذي تجلى في مواقف عديدة ليس أشدها محاولته الاعتداء بالضرب على سيدة محترمة تحمل درجة الدكتوراه في الأدب !
واخيراً وليس آخراً .. فإن هذا ال ” أبو سمرة السكرة” يدير إدارة عليا تم الغاء عملها منذ ما يزيد عن العام ، ويتقاضى راتبه ومكافآته على ( لا عمل ) ، وما يفعله منذ فترة هو التظاهر بمساندة محجوب وشملول، ولكنه يطعن محجوب في ظهره ويسعى سرا لإزاحته! .
ويعتقد الحاج جمعة أنه غير مكشوف ولا يدري أن المحيطين به ينقلون مدى فرحته عند قراءة فصول الرواية المتعلقة بمحجوب عبد الدايم خاصة فصل الدكتوراه الذي قرأه جمعة عشرات المرات لكي يشفي غليله من محجوب! ولا يتصور جمعه أن الأشخاص الذين رأوه وهو يأكل مع الذئب هم أنفسهم رأوه وهو يبكي مع الراعي! ونفس الأشخاص الذين رأوه وهو يتزلف لرئيس المصلحة بلدياته لكي يحصل على المنصب والمال، هم أنفسهم رأوه وهو يسعى من وراء ظهره ليحل محله في رئاسة المصلحة، ورأوه وهو يكتب للجهات القائمة على الفرز والتقييم بأنه أفضل من يتولى رئاسة المصلحة وأنه محبوب من شرفاء المصلحة؟
ولا نعلم من هم شرفاء المصلحة: هل هم محجوب عبد الدايم سارق الرسائل أم شملول الحصاوي سارق التيار الكهربائي؟ أم أبو جاموس أم شلبية البرجوازيه التي تقضى يومين أجازه بالخارج على نفقة القطاع الذى ضاع أيضا بفضل أيديها البيضاء أم الكهل الذي تجاوز السبعين الذي يتحرك خلف الكواليس ويلدغ في الخفاء ولا يقَدّر ولا يحتفي بأحد سوى المحظيات؟؟!!!!
ولكن السؤال الأهم والأكثر إلحاحا لدى النخب من أبناء المصلحة هو: لماذا لا يتم الاستعانة بأحد أبناء المصلحة الذين خرجوا منها بعد تجاوزهم سن المعاش ويتمتعون بقدرات علمية وبمهارات كبيرة وخبرات طويلة في كل ما تنتجه المصلحة؟ وهل من المنطق أن يترك هؤلاء ولا يتم الاستفادة بخبراتهم ؟ لماذا يقتصر الأمر منذ سنوات طويلة على تعيين بعض السفراء في رئاسة المصلحة دون أصحاب الخبرة والعلم والثقافة من أبنائها؟ ويترك أبناء المصلحة الإجابة على هذا السؤال لمن يهمه أمر بقاء هذه المصلحة وتقدمها!
أما تطلعات الحاج جمعة الذي يأكل مع الذئب ويبكي مع الراعي، فلا تعليق لنا عليها سوى قول القائل: لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها!!!!.

مقالات الرأي المنشورة لا تعبر عن سياسة الصحيفة وإنما تمثل رأي كاتبها فقط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى