مجدي سبلة يكتب..عبد الدايم و الحصاوى وحمار سيبويه والديك المغرور
فصلا جديدا يُبدعه خيالنا في روايتنا عن مصلحة السمعة والصيت لواقعة من الوقائع التي يحكيها فلاحنا الفصيح، حيث وجدته يحكي أن خادم عالم النحو الشهير سيبويه رأى حبلًا قد طوق رقبة حمار سيبويه وكاد يخنقه، فذهب مسرعًا ليخبره قائلًا له: يا سيدي، تلفلف الحبل على رقبة الحمار، فقال سيبويه: يا بليد قل: لُفَّ الحبلُ حول رقبة الحمار، فقال الخادم: لكن يا سيدي، أدرك الحمار قبل أن يموت، فقال سيبويه: يا بليد لموت الحمار أهون من موت اللغة العربية .!!
لم يكن يدري سيبويه أن اللغة العربية ستموت وأشياء كثيرة ستموت وسيبقى الحمار ويبقى معه الكثير من الحمير .
لم يكن يدري سيبويه أن قيما كثيرة ومبادئ كثيرة ستموت وأن المصلحة ذات الصيت ستنتهى وسوف يبقى الحصاوي و عبد الدايم وبقية الخنفشاريين لكي يجلسوا على تلها !
وأما في بقية الفصل من الرواية فيقول الراوي يا سادة يا كرام، أنه في الوقت الذي كان يستعد فيه مظاليم المصلحة ذات الصيت لسماع خبر يسعدهم ويضع نهاية للسنوات العجاف في مصلحتهم المنكوبة، وبعد أن كادوا يعلنوا الأفراح برحيل محفوظ وتحويل عبد الدايم والحصاوى إلى حيث يستحقون، وبعد أن جهزوا تلك الأواني الفخارية ذات الاستخدام المعروف في هذه المناسبات .. إلا أن أبناء المصلحة أصابتهم نوبة من الإحباط المؤقت عندما رأوا أن عبد الدايم قد انتشى ونفش ريشه من جديد وذكرهم بالديك المغرور الذي ظن أن أذانه كل يوم هو الذي يأتي للقرية بالفجر وأنه إذا توقف عن الأذان لن يأتي الفجر .
وتناقل المظاليم أن السبب في انتشاء الديك المغرور أنه وجد صور محفوظ تملأ الأروقة العليا ونسي عبد الدايم في لحظة كل ما ارتكبه هو والحصاوى وكل ما وصل إلى جهات المسائلة معتقدا أن صورة كهذه ستمحو كل الخطايا وستعيد المياه إلى مجاريها وستسكت كل الألسنة الطويلة التي تذكره كل يوم بيوم مولده وبداية صعوده وهو يوم المقعدة والهاتف !!
فالشخص الذي يترقى ويصل إلى منصبه بوضع يده في مقعدة الحمام وتقديم اللفافات وخدمات أخرى لا داعي لذكرها الآن، حتما ستكون هذه هي نظرته للأمور وحتما سيمارس المكايدة على طريقة أم عزوز الكياده !!
عاد عبد الدايم إلى “الهلفطة” من جديد عندما رأى سيد نعمته في الصورة في الأروقة العليا !!وعاد من جديد إلى نغمة أنه “مسنود” من فوق لأنه تعود على أن كل شيء يمكن أن يمر طالما توفرت المحسوبية وعاد ليزعم أن إحدى الجهات كلفته بكذا وكذا لكي يبين لمرؤوسيه أنه فوق المساءلة وان اتصالاته لا حدود لها !!!
وما هو الجديد في مجال العمل الذي يبين أن جهة ما طلبته منه ؟
خرج عبد الدايم بنفس منطق الديك المغرور ليبين لمرؤوسيه أنه لم يعد في حاجة إلى شراء دكتوراه “فالواسطة” التي لديه تعادل 7 درجات دكتوراه و15 ماجستير ومائة دورة تدريبية، وها هي الأمور ستسير بدون الدكتوراه وليخسأ الذين كشفوا الفضيحة ،فهو باق في مكانه لأن رئيس المصلحة حسب اعتقاده باق في مكانه !
نسي عبد الدايم أن هناك تهم مالية لابد من المسائلة فيها ؟ ونسي أنه هو والحصاوي قد دمروا مقدرات هذه المصلحة وأنه ليس من مصلحة رئيس المصلحة قديما كان أو جديدا أن يبقي عليهما!
عبد الدايم ليس لديه أي قلق لأنه متأكد من نجاح الحصاوي في استخدام نظرية العمدة عتمان في فيلم “الزوجة الثانية”، وهي نظرية “كل الورق ورقنا” بل والأختام أختامنا وشهود الزور بقيادة أبو جاموس ووهيبة المطيعة جاهزون لكل المهام .. وليس هذا فقط فعبد الدايم متأكد من أن الحصاوى لن يغدر به في أي وقت خوفا من إذاعة ذلك الفيديو المشين الخاص بالواقعة التي دبرها له وتم تصويره وهو يرتدي الجورب الكحلي ذات النقوش ال”نبيتي” الصغيرة !!!
لقد استثمر الحصاوى وعبد الدايم الصورة التي نشرت مؤخرا لرئيس المصلحة حيث احتفل كل منهما بها على طريقته وبدأ كل منهما يرفع رأسه من جديد، وبدأ عبد الدايم يعود من جديد إلى لغة التهديد والوعيد والسخرية من مرؤوسيه الذين لا يصح مطلقا أن يكونوا مرؤوسين له إلا في ظل أوضاع مقلوبة فمعظمهم أقدم منه درجة وأعلى منه علما ومهارة وقيمة !
فهل علم رئيسه أنه قام بما قام به وهل رأى اللغة التي استخدمها والتي تثبت بكل قوة أن هذه المصلحة في محنة حقيقية ويديرها بضعة من الصغار ! ؟
هل علم رئيس المصلحة أن ديكه المغرور لم يكتف بتهديد زملاءه و قام بتهديد من هم على المعاش وبخاصة الفلاح الفصيح !( فشر ) على طريقة ام عزوز ..
“اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس” …هذا هو شعار عبد الدايم الذي يردده بعد خيبة الدكتوراه حيث يقول أنه رفض الدكتوراه لأن كرامته أهم عنده منها وأنه رفض الخضوع لابتزاز مشرف الرسالة ولم يذكر نوع الابتزاز الذي تعرض له من ذلك المشرف !!!
ولا ندري أي رسالة تلك التي يتقرر مصيرها على هذا النحو المضحك المبكي!!!
ومظاليم المصلحة في وسط هذا الجو الكئيب تأتيهم لحظات من الارتياح عندما تصلهم معلومة تقول أن رئيس المصلحة قد وبخ الحصاوي وقام بطرده وأمر بعدم دخوله إلى المكتب خاصة إذا كان بيديه مستنداته سيئة السمعة التي يسميها صورا طبقا الأصل، ولكن الفرحة الكبرى لأبناء المصلحة ستكون عندما يتأكدون من نبأ استدعاء الحصاوى وعبد الدايم إلى إحدى جهات المسائلة الهامة لكي تأتي لحظة الحساب على كل ما مضى وتأتي لحظة تخلص المصلحة من فسادهما .
عبد الدايم يريد أن يستفيد من عناد سيده في مواجهة الحالمين برحيلة كما استفاد في ما مضى بأشياء أخرى حتى وصل به الأمر إلى إطلاق التهديدات واذاعة الأسرار التي تضر بالجميع !
ولو كنت في مكان رئيس المصلحة لقمت بنقل الحصاوى وعبد الدايم إلى حلايب وشلاتين جزاء نكالا بما فعلا .. فلم يحدث في تاريخ المصلحة أن أضرت الحاشية برئيس تلك المصلحة كما فعل الحصاوى وعبد الدايم ..وإن أعدى أعداء الرجل لم يضر به بالدرجة التي فعلها هذان الاثنان !
وفي نهاية هذا الفصل من القصة عاد الراوي ليذكرنا بالبطريق الذي اختفى منذ وقت طويل وظن أن الراوي لم يعد يراه وظن أن واقعة سرقة قطع الغيار الخاصة بالمطابع الموجودة في عهدته لا يعرفها أحد ويظن أن العصافير لم تنقل كل شيء بما في ذلك نوعية تلك القطع الأوفسيت الخاصة بماكينات الطباعة الألمانية “هايدلبرج” !!!
وتساءل الراوي عن عدم التحقيق في هذه السرقة التي يعرف بها الحصاوى وعبد الدايم وجميع قيادات المصلحة ولكنه لا يعرف هل أطلعوا رئيس المصلحة على تلك الفضيحة أم لا؟
وهل يمكن بعد السرقة التي وقعت أن يؤتمن البطريق على إدارة الجريدة السينمائية التي تضم تراثا مهولا يخص دولا تتمنى الحصول عليها ولو بآلاف آلاف الدولارات؟!!
وقبل أن يحمل الراوي عصاه ويرحل نظر إلى أعلى وقال أن الفجر حتما سيطلع وسوف يفرح أبناء المصلحة وسوف يستخدمون الاواني الفخارية التي أحضروها .
مجدي سبله رئيس مؤسسه دار الهلال السابق