اهل الفن

قبل ما نتفاجئ.. دراما رمضان حكاية كل عام

 

كتب . حامد بدر
ونحن في مطلع الشهر الكريم مثلما نحن نعدُّ العدة لاستقبال أيام الله الطاهرة بالاستعداد على قضاء هذا الشهر سواء بالذكر وتشكيل نمطا مختلفًا من الحياة وكذلك شراء مستلزمات الطعام من تمور وياميش، هناك آخرون كانوا على دوام متواصل من أجل إنتاج موسم درامي جديد. هذا الموسم قد رُتبت فيه كافة التفاصيل والسيناريوهات لاستحواذ عقل المشاهد، وسحر عينيه، وشغل وقته بأحداث مختلفة تجعله حاضر الانتباه فتضمن استدامة متابعته، كيف لا وهذه هي صناعة الدراما بل وصناعة كل ما له علاقة بالتلفزة في هذا الموسم.
إننا ككل عام ستعرض لعدد من القصص الدرامية التي تتسابق خلالها شركات الإنتاج العُظمى، والتي أنفقت مبالغ ضخمة لا تقل عن كونها ميزانية تتجاوز الملايين، وبالطبع سيكون منها ما ينال إعجاب الجماهير النوعية، وأن هناك أخرى ستثير حفيظته وربما اشمئزازه أيضًا.
ككل موسم رمضاني سيكون السباق داخل إطار الإثارة وعرض المبهر؛ ليعيش الوسط المصري بل العربي في خضم من انتقادات ودفاعات، فيتحول الحوار إلى سجال على صفحات التواصل الاجتماعي بين حرية العرض والاستماتة في حفظ القيم المجتمعية الأصيلة. ففي هذا الموسم سنرى عدد جديد من الحكايا الدرامية تنضم إلى رصيد درامي تم إنتاجه خلال السنوات السابقة؛ لنجد عددًا من المحتويات تضم أخ يقتل أخاه، وأخرى تخون صديقة عمرها، وذاك ابنًا عاقًا، وهذا أب تخلَّى عن أبوته، .. والحكايا لا تنتهي.
وبعد هذا الرصيد تحدث لنا الصدمة، وتنتفاجأ بثقافة مُبثّة فينا لا هي طباعنا ولا أخلاقنا.
أين قدسية رمضان؟
كان الدكتور مصطفى محمود (رحمة الله عليه) كتب مقالاً بعنوان: «لماذا لا يحترم الإعلام العربي رمضان؟»، جاء فيه: لماذا يتحول رمضان إلى شهر ترفيهي بدلاً من شهر روحاني؟ لست شيخاً ولا داعية، ولكنى أفهم الآن لماذا كانت والدتي تدير التلفاز ليواجه الحائط طوال شهر رمضان.. كنت طفلاً صغيراً ناقماً على أمي التي منعتني وإخوتي من مشاهدة فوازير بينما يتابعها كل أصدقائي.. ولم يشفِ غليلي إجابة والدتي المقتضبة «رمضان شهر عبادة مش فوازير!»، لم أكن أفهم منطق أمى الذى كنت كطفل أعتبره تشدداً فى الدين لا فائدة منه.. فكيف ستؤثر مشاهدة طفل صغير لفوازير على شهر رمضان؟ من منكم سيدير جهاز التلفاز ليواجه الحائط في رمضان؟ مرت السنوات وأخذتني دوامة الحياة وغطى ضجيج معارك الدراسة والعمل على همسة سؤالي الطفولة، حتى أراد الله أن تأتيني الإجابة عن هذا السؤال من رجل مسن غير متعلم فى الركن الآخر من الكرة الأرضية، كان ذلك الرجل هو عاملاً أمريكياً فى محطة بنزين اعتدت دخولها لشراء قهوة أثناء ملء السيارة بالوقود فى طريق عملي، وفى اليوم الذى يسبق يوم الكريسماس دخلت لشراء القهوة كعادتي، فإذا بى أجد ذلك الرجل منهمكاً فى وضع أقفال على ثلاجة الخمور، وعندما عاد للـ(كاشير) لمحاسبتي على القهوة، سألته وكنت حديث عهد بقوانين أمريكا: «لماذا تضع أقفالاً على هذه الثلاجة؟؟»، فأجابنى: «هذه ثلاجة الخمور وقوانين الولاية تمنع بيع الخمور فى ليلة ويوم الكريسماس يوم ميلاد المسيح».
لكن الإجابة قطعًا نجدها عند سجالات بعض النقاد حول فكرة تسويق شهر رمضان حوّل الشهر الكريم إلى “شهر من إنكار الذات”، فلا يكون المشاهدون على اتصال روحاني بالله، وذلك بدلاً من شهر من الوعي الذاتي والتفكير العميق من ناحية أخرى يُعتبر تسويق رمضان والبرامج التلفزيونية عملية طبيعية حيث يعتمد المصريون على نحو متزايد على أنماط حياة أكثر غربية بسبب نمو الاقتصاد المصري.
يذكرون أيضًا أن أسلوب حياة رمضان يضمن تغلغل جمهور كبير يقوم المعلنون البارزون بإنتاج حملات محددة للبث للمرة الأولى على الرغم من معدلات الإعلان المضاعفة خلال تلك الفترة، بالإضافة إلى ذلك، يُنظر إلى الإعلانات على أنها تروّج للاستهلاك، وهو ما يتعارض مع روح رمضان أي المشاركة والخيرية. كما أنه عادة ما توفر الإعلانات التجارية أحلامًا غير قابلة للتحقيق أو غير واقعية للفقراء في المناطق الحضرية والريفية.
حل بسيط
لماذا لا يتحول سوق الإنتاج الإعلامي ويحول استثماره إلى شهر آخر وليكن يوليو، حيث الإجازة الصيفية، وانصراف الناس إلى كل ما يلهيهم ويجلب لهم قدرًا من الاستمتاع وقضاء أوقات سعيدة أوإلى أي موسم آخر بعيدًا عنة الموسم الرمضاني الذي صرنا نفتقد فيه أجمل المروحانيات. علمًا بأنه ربما سيكون ذلك تحديًا للتسويق ونجاحًا جديدًا في إثبات مهراته على المستوى الإعلامي الدرامي أو الدعائي في العمل خلال بذات الكفاءة في أوقات أخرى..
فـ”قبل ما نتفاجئ” .. الموسم الرمضاني ربما لن يعطي جديدًا..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: