“رؤية مصر 2030”: مسار جديد نحو التنمية المستدامة وتحقيق الجمهورية الجديدة
إلاما نهدُف إلاما نسعى..؟!
إعداد: د. حامد بدر
تهدف رؤية مصر 2030 إلى وضع الدولة على مسار تنموي شامل يحقق تحسين حياة المواطنين، وتوطيد دور مصر كقوة إقليمية رائدة. أُطلقت الرؤية في عام 2016 كإطار استراتيجي طويل المدى يدعم التنمية المستدامة ويحقق التحول الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من خلال مبادرات شاملة تمس كافة نواحي الحياة. تتبنى رؤية مصر 2030 توجهات جديدة نحو التنمية المستدامة، وتعتبر تأسيس “الجمهورية الجديدة” أحد أهدافها الجوهرية.
إعلان خطوات حاسمة في منتدى عالمي
أكد محافظ القاهرة، الدكتور إبراهيم صابر، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدر توجيهاته لاتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة التحديات التي واجهتها مصر خلال العقد الماضي، وأطلق العديد من المشروعات التنموية التي تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة لرؤية مصر 2030، وذلك ضمن جهود بناء “الجمهورية الجديدة”.
جاءت هذه التصريحات خلال كلمة ألقاها صابر في الجلسة الختامية للمنتدى الحضري العالمي في نسخته الثانية عشرة، التي اختتمت فعالياتها في القاهرة اليوم الجمعة، بعد خمسة أيام من النقاشات. وعبّر صابر عن امتنانه للرئيس السيسي على دعمه ورعايته الرسمية للمنتدى.
وأشار إلى أن المنتدى، الذي يُعدّ ثاني أكبر حدث ضمن أجندة الأمم المتحدة، جمع حوالي 37 ألف مشارك من 182 دولة، بينهم 60 وزيراً، إلى جانب عمد ومحافظين من مختلف أنحاء العالم. وخلال هذا الحدث، تبادل المشاركون خبراتهم حول التحديات الحضرية وحلولها. كما أوضح صابر أن مصر قدمت نموذجًا حضريًا متميزًا يعكس تاريخها العريق مع المحافظة على هويتها، عبر خطوات تحديثية تواجه بها تحديات الحاضر والمستقبل.
المحاور الأساسية لرؤية مصر 2030 وتحليلها
1. التنمية الاقتصادية المتنوعة والمستدامة
تضع الرؤية هدفاً واضحاً لتحقيق اقتصاد تنافسي ومتنوع، يتضمن رفع معدلات النمو وتوفير فرص العمل اللائقة. وتركز الرؤية على تحفيز قطاع ريادة الأعمال ودعم الابتكار التكنولوجي، كما تسعى لجعل الاقتصاد أكثر مرونة عبر إصلاحات اقتصادية واجتماعية عميقة. ومن المبادرات التي أُطلقت في هذا الصدد “برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري” الذي ساهم في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي، وأتاح مرونة لمواجهة تحديات مثل أزمة كوفيد-19. وتم إطلاق مبادرات لدعم البورصة وتعزيز فرص القطاع الخاص كركائز هامة لتعزيز الاقتصاد التنافسي. تحسين جودة حياة المواطن المصري تركز الرؤية على رفع مستوى المعيشة وضمان العدالة الاجتماعية والاندماج الاجتماعي عبر توفير خدمات صحية وتعليمية عالية الجودة وبنية تحتية متكاملة. وتسعى لمكافحة الفقر وتحقيق شمول اقتصادي واجتماعي. على سبيل المثال، مبادرة “حياة كريمة” تعمل على تحسين الظروف المعيشية للمناطق الأكثر احتياجاً عبر مشاريع صغيرة ومتوسطة تتيح فرص العمل وتحسن البنية التحتية. ومن جهة أخرى، جاءت مبادرة “تكافل وكرامة” لتقديم دعم مالي للأسر الأكثر فقراً، مما يعزز حماية المواطنين ويخلق قاعدة لتحقيق الأمان الاجتماعي .
الإداري والشفافية
أولت رؤية مصر 2030 أهمية لتعزيز الشفافية وتطوير الإدارة العامة من خلال إصلاحات هيكلية وبناء أنظمة حوكمة فاعلة. يشمل ذلك دعم نظم المتابعة وتقييم الأداء وتعزيز المسؤولية القانونية عبر تطبيق التحول الرقمي الحكومي، مثل نظام “صوتك مسموع” الذي يسهل تواصل المواطنين مع الحكومة لتقديم الشكاوى والاقتراحات. كما تهدف الإصلاحات إلى مكافحة الفساد وتحسين الكفاءة الإدارية، مع ضمان استمرارية التحسينات في تقديم الخدمات العامة عبر التحول الرقمي .
4. البيئةالمستدامة
تعزز رؤية مصر 2030 الاستدامة البيئية وتدعم جهود مكافحة تغير المناخ، من خلال التحول نحو الطاقة المتجددة والاعتماد على أنماط الإنتاج والاستهلاك المستدامة. وقد شملت المبادرات في هذا المجال مشروعات تحلية المياه وتوسيع استخدام الطاقة الشمسية، إضافة إلى جهود تحسين كفاءة استهلاك الطاقة. تسعى الرؤية لخلق بيئة طبيعية مرنة تحمي المواطنين من آثار الكوارث الطبيعية عبر تبني سياسات بيئية متكاملة مثل حملة “اتحضر للأخضر” التي تهدف إلى رفع الوعي البيئي وتعزيز ممارسات صون الموارد .
5. العدالة الاجتماماج المجتمعي
تسعى رؤية مصر 2030 لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال دعم مشاركة جميع فئات المجتمع، وخاصة المرأة والشباب، في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فتمكين المرأة وتوفير الفرص للشباب يتصدران الأهداف الفرعية لهذه الرؤية. تعمل الحكومة على تنفيذ مبادرات تشجع مشاركة الفئات المهمشة وتعزز تكافؤ الفرص في جميع المحافظات المصرية، مثل زيادة الدعم المالي للرائدات الريفيات وإطلاق تطبيق “واصل” لتقديم المساعدة للصم وضعاف السمع.
6. الاستثمار في المعرفة والابتكار
تهدف رؤية مصر 2030 إلى تحويل مصر إلى مركز للمعرفة والابتكار، حيث تركز على دعم البحث العلمي وتعزيز ثقافة الابتكار في مختلف القطاعات. أُطلقت مبادرات مثل “طبق فكرتك” و”الهاكاثون المصري الافتراضي الأول” لدعم الأفكار المبتكرة، خاصة تلك التي تعالج مشكلات ملحة كجائحة كورونا. تُظهر هذه المبادرات سعي مصر إلى تعزيز الروابط بين التعليم والبحث العلمي والتنمية .
7. الريادة الإقليمية والدول رؤية دعم الدور الريادي لمصر في المنطقة، من خلال تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية والمشاركة في التنمية على المستويين العربي والأفريقي. تهدف هذه الجهود إلى تعزيز مكانة مصر كقوة استقرار إقليمية ودعم استراتيجيات التعاون عبر القنوات الدبلوماسية والاقتصادية.
استراتيجية مواجهة التحدِّيَّات ودعم المرونة المجتمعية
كان للرؤية دور واضح في دعم مواجهة تحديات مثل أزمة فيروس كوفيد-19، حيث تم استحداث العديد من المبادرات لمساعدة القطاعات المتضررة ودعم الأفراد الأكثر تأثراً بالأزمة. وتضمنت الجهود توفير مساعدات مالية لوزارة الصحة، إطلاق تطبيقات توعوية مثل “صحة مصر”، وتوفير خدمات صحية رقمية. وتعد مبادرة “نتشارك هنعدى الأزمة” نموذجاً بارزاً على جهود مصر لتعزيز التضامن المجتمعي ودعم العمالة غير المنتظمة .
المستقبل.. كيف تكون الرؤية النوعية؟
تحقق رؤية مصر نوعية في مجال التنمية الشاملة، إلا أن هناك تحديات تواجهها، مثل ضرورة تعزيز البنية التحتية الرقمية في الريف، وتوفير الموارد المالية اللازمة لاستدامة المبادرات التنموية. ومع ذلك، من المتوقع أن تسهم الجهود الجارية لتحقيق النمو الاقتصادي وتقليص الفجوات الاجتماعية وتعزيز البيئة الطبيعية في تمكين مصر من مواجهة التحديات المستقبلية وتأسيس “الجمهورية الجديدة” .
ختاماً، فإن رؤية مصر 2030 تمثل إطاراً طموحاً لبناءعد عبر التنمية المستدامة، بتركيزها على الابتكار، العدالة الاجتماعية، الشفافية، وتوفير جودة حياة أفضل للمواطن المصري.