الشارع السياسىبقلم رئيس التحريرتحقيقات صحفيه

جمال حشمت.. نافذة إخوانية جديدة للتحريض على مصر

16847279489

المبادئ لا تتجزأ إلا فى الإخوان.. اليوم يقود القيادى الهارب، جمال حشمت، فريق التحريض الرسمى للجماعة ضد القاهرة وسلطة ما بعد 30 يونيو، مشمرًا ساعديه للدفاع عن التنظيم باستماته، ليسدل الستار بذلك عن سنوات عدة قضاها “معارضًا” للأخير، رافعًا شعار الإصلاح الداخلى هو الحل والخلاص، مناوئًا غير مرة لمكتب الإرشاد، على أمل إحداث تغيير نوعى داخله يصب فى مصلحة الجميع، لا لعدد محدود من قادته، لكنه لم ينل فى الأخير لا عنب الشام ولا بلح اليمن، كما يقول المثل الشعبى.

قيادى التنظيم تحول من صوت إصلاحى يعارض مكتب الإرشاد إلى أشد المدافعين عنه دوليًا
اتهم جماعته يومًا بتزوير الانتخابات الداخلية للإطاحة به “تنظيميًا”.. والآن يرى أنها “مفترى عليها”
يتولى موقع وكيل برلمان الإخوان المزعوم فى تركيا.. ويقود مع شرابى وعزام “جولات تشويه الدولة”

لمن لا يعرف كان حشمت الذى يُعرف نفسه فى الوقت الرهن، خارجيًا، ولمسؤولى الدول والحكومات الغربية، بصفته وكيلُا لبرلمان الإخوان المشكل فى تركيا، ممن يطلق عليهم “السياسيين” لا القطبيين المحافظين، فى صفوف الإخوان، ومن ثم ظل بعيدًا عن بؤرة صنع القرار الحقيقية فى الجماعة، إلا إذا استدعت “التقية والشو الإعلامى” ذلك، كأن يتولى بعض المناصب فى حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للتنظيم، بعد 25 يناير، أو يدخل فى هيئات وجمعيات الأخير التأسيسية والسياسية، بمختلف توجهاتها: دستورية أو البرلمانية أو حزبية، لكنه أبدًا لم يكن أحد النافذين داخل القيادة العليا لفريق المرشد، بل أن عضوية مكتب الإرشاد ظلت ولا تزال بعيدة المنال.

الأمر وصل إلى حد أن تم الإطاحة به يومًا، فى 2009، من رئاسة مكتب إدارى الجماعة بالبحيرة، عبر عملية تزوير فجة للانتخابات الداخلية للتنظيم هناك، وصلت إلى حد الفضيحة.

كعادتها صورت الجماعة، آنذاك، إلقاء الأمن القبض على حشمت و11 آخرين من إخوان البحيرة، باعتباره أحد فصول خطة ممنهجة لشل وتقويض حركة قادة ورموز الجماعة، على يد نظام مبارك، وقال النائب الأول للمرشد العام، فى ذلك الوقت، الدكتور محمد حبيب، إن المستهدف هو منع الجماعة من أن يكون لها دور فى الحياة السياسية.

ما لم يقله حبيب أو غيره من صقور الإخوان، ورفضوا حتى مجرد التعليق عليه ساعتها، إن المجموعة المقبوض عليها كانت فى اجتماع تنظيمى لأعضاء المكتب الإدارى للجماعة بالبحيرة، عقد خصيصًا لبحث الشكوى، التى كان تقدم بها حشمت اعتراضًا على تغيير نتائج الانتخابات الداخلية التى شهدها مكتب إدارى المحافظة، والتى انتهت بسلب مقعد مسؤول المكتب منه، فيما ذهب على طبق من دهب، كما يقولون، إلى محمد سويدان، على الرغم من أن الأخير كان قد جاء فى المركز الثانى بعد حشمت فى ترتيب الحاصلين على الأصوات!!

كان إخوان البحيرة، قبل ذلك الاجتماع، بنحو الأسبوعين، أنهوا انتخابات داخلية فيما بينهم لاختيار ممثلى المحافظة بمجلس الشورى العام للجماعة، إلى جانب تشكيل أعضاء المكتب الإدارى للإخوان فيها، ويترأسه عادة الأعلى حصولًا على الأصوات، وهو ما كان قد حققه حشمت بامتياز، حتى أنه تلقى التهانى من إخوانه بالجماعة على نجاحه فى الجمع بين عضوية “الشورى العام” ورئاسة إخوان البحيرة.

لكن الأمور تبدلت رأسًا على عقب، بمجرد وصول نتائج الانتخابات إلى مكتب الإرشاد بالقاهرة، إذ تم رفض اعتماد النتيجة بحجة أن إجراءات الانتخابات لم تكن صحيحة، وتقرر إعادتها من جديد، مع إعطاء تعليمات واضحة، وتكاد تكون علنية، للجميع بأن ينتهى التصويت بإعلان فوز محمد سويدان “المقرب من الجناح المحافظ بالجماعة” برئاسة المكتب الإدارى بالبحيرة، على أن يحتفظ حشمت فقط بعضوية مجلس الشورى العام، وهو ما تحقق فى الأخير.

محمد سويدان

قرار مكتب الإرشاد آثار حفيظة وغضب حشمت بشدة، فتقدم بشكوى لمكتب الإرشاد الذى لم يكن أمامه سوى محاولة تهدئة حشمت وامتصاص ثورته خشية انتقالها إلى القواعد الإخوانية، فطلب من المكتب الإدارى للجماعة بالبحيرة الاجتماع بالرجل، وإنهاء الأزمة معه، بحيث يقبل التعديلات التى أقرت على نتائج الانتخابات، ويرضخ للأمر الواقع تحت دعاوى من شاكلة الصالح العام للجماعة.

وبالفعل تم الاجتماع بمنزل الدكتور عدلى حسين بمركز حوش عيسى، وحضره جميع أعضاء المكتب الإدارى للبحيرة: محمد سويدان “رئيسًا”، والمهندس حسنى عمر المرشح فى انتخابات الشورى 2007، والدكتور حمدى عبيد، أمين عام نقابة الأطباء بالبحيرة، وصبحى الطحان، والدكتور مهدى قرشم، ومصطفى الخولى، ومحمد أبو السعد، وعادل يونس، وحامد بدوى، ومحمد الشراكى، إضافة إلى حشمت، وفيما كان النقاش محتدمًا تم إلقاء القبض على الجميع ليستريح قادة الإخوان “ولو مؤقتًا” من صداع كبير.

اليوم، يتولى حشمت ملف البحث عن الدعم الخارجى للتنظيم، معتبرًا أنه مفترى عليه إعلاميًا ومن قادة ما يسميهم بالإنقلابيين. وهو يقود فريقًا مكونًا بالأساس من مها عزام ووليد شرابى، للطواف بالعالم لتهييج الرأى العام الخارجى ضد الدولة المصرية، نسى تمامًا تراث التهميش والتنكيل الذى كان يعيشه بالجماعة، حتى بعد وصولها إلى سدة السلطة.
حشمت ومها عزام ووليد الشرابى والدرديرى داخل الكونجرس

سيقول قائل، ومن بينهم حشمت نفسه، إنه عاد إلى حاضنة جماعته، لأنها فى محنة، وتعانى مظلومية “بغض النظر عن كونها حقيقية أو مصطنعة”، فيما أن فض رابعة على هذا النحو من الغشامة والعنف، قد مثل مرحلة من اللاعودة عن دعم الفصيل الأم الذى ينتمى إليه بغض النظر عن تقييمه لقيادته أو فرص الإصلاح فيه، وعلى طريقة “الوقت غير مناسب للتقطيع فى المخطئين، والحساب بعد إزاحة الغمة”.

السؤال، ألا يرى حشمت، أن غرور ورعونة وعنف وتطرف القيادة فى التنظيم، وهى أمور طالما سببت له مشاكل على المستوى الشخصى، مسؤولة بشكل رئيس عن أى محنة عاشتها الجماعة وأبناؤها، وخصوصا أولئك الذين دُفعوا إلى القتل فى أتون معارك غير متكافئة مع الأمن، لأجل المتجارة بهم من جانب مكتب الإرشاد دوليًا فى صراعها المرير على السلطة بمصر؟

هل نسى حشمت رؤاه وثوابته فجأة؟.. لا يجب التفتيش فى الضمائر، ولا يجب رمى أحد بالباطل، بالتلميح أو التصريح مثلًا بأن مكاسب ما تعود على الرجل جراء الاستماتة فى تنفيذ مخططات التنظيم بعد عزل محمد مرسى، دون دليل مادى ملموس، لكن ما يثير الانتباه، أن تغيير المواقف على هذا النحو الحاد من النقيض إلى النقيض، ومن اتهام القادة بتضييع الجماعة، إلى القتال من أجل الدفاع عنهم باعتبارهم والأخيرة جزءًا واحدًا متماثلًا، قد يؤشر إلى أن الخلافات القديمة لم تكن تنطلق من رؤى راسخة، وإنما كانت أقرب لصراع على النفوذ.

الآن يتمتع حشمت بنفوذ ظاهرى، جعله يتبوأ بحكم الظرف مقدمة ممثلى التنظيم حول العالم، ومع ذلك، ولأنه طوال عمره ينتمى إلى فصيل الأدوات لا المسيطرين على تلك الأدوات داخل الجماعة، فلو انتهت أزمة الأخيرة فى أى وقت، سيعود فورًا إلى الخلفية، وسيتم تجريده من كل صلاحياته، ليعود إلى أصله “مهمشًا غير مطروح إخوانيًا إلا عند اللزوم ووفق رؤية وأوامر مكتب الإرشاد لا غيره”.. فهل سيندم الرجل ساعتها على تخليه عن مبادئ إصلاح القيادة؟.. سنرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: