مقالات واراء

بين الاعتزال والرحيل .. مسيرة الفن والإعلام في2022

كتب – حامد بدر
أطلَّ علينا العام 2022 بعدد من الأخبار التي اشتملت على رحيل اثنين من قامات الإعلام والصحافة بل مدارس يمكن أن يُحتذى بها على المجالين المهني والأكاديمي، والتي كانت أعمدة يومًا ما داخل مؤسستيهما الصحفية “الأهرام وروز اليوسف”، “إبراهيم حجازي” و”وائل الإبراشي”، فالأول أحمد أعمدة النقد الرياضي وصاحب قلم حر ومتميِّز، والثاني رجل خطفته الأضواء منذ أن بدأ في العمل داخل الفضائيات والتليفزيون. وتنسدل قائمة أخرى من أخبار الاعتزال التي بدأ بها الفنان الأردني “أدهم نابلسي”، والفنانة القديرة “آثار الحكيم”، واللذان رغم انتماء كل منهما لجيل مختلف إلا أنها كانا علامين فارقتين سواءًا في الصعود او الاعتزال..
ومن هنا لا بد من الاعتراف بأن الميديا والإعلام المصري والعربي يحتاجان كمجال إلى حالة من تجديد المحتوى والشكل الذي يتناسب مع جميع الأذواق وشتّى أنواعه، فالإعلام صار يعتمد على إثبات أنه موجود في حياة الناس. فنجد حالة من الركود الفكري داخل المحتوى المقدّم للجمهور وبخاصة على صعيد البرامج المتلفزة والحتويات المرئية المسموعة تخلق حالة من الملل، فتكون النتيجة ولاء للوسيلة دون الاستفادة منها، أو بتعبير أشد قسوة “كشارب كأس لا ينسى لكنه لايفتأ يتجرعه عساه يصل لمراده”.
يأبى بعض المنتجين إلا أن يقدموا أذواقًا غريبة تضرب بأصيل قيم المجتمع، فلا يقدمون جديدًا؛ لتتوالي المواسم الدرامية والسنيمائية بلا جديد، ولا تحقق هدفًا أسمى؛ ليضطر بعض العاملون بالمجال الفني أن ينصرفوا بأنظارهم نحو الانعزال عن الأضواء – ولهم الحق فيما يرون – رغبةً في إيجاد حالة جديدة يستشعرون فيها الحياة. كيف لا..؟ والفنان في مكنونه يمثل حالة جيَّاشة من الأفكار، والخواطر، والمشاعر، كلها كمزيج يستطيع من خلاله أن يقدِّم نفسه للجمهور، تلك الثروة المعنوية التي يمتلكها فينتج ويبدع في فضاء الفن وسمائه، إلا أنها تتحطم عند أبواب بعض المنتجين التي أفسدت كثيرًا من الذوق العام.
إن إعلامنا على أبواب المواسم الرمضانية والأعياد – مثلاً – يرمي بملايين الجنيهات لينتج كمًّا ضخمًا من الأعمال البرامجية والدرامية والسنيمائية المتنوعة التي لا تهدف إلى شيء فتفقد المهنة حلاوتها، ويفقد الإبداع تلك اللذة التي يصنعها الفنان ويستمتع بها الجمهور، فينطوي ذلك الانسجام وتلك التوأمة التي يصنعاها سويًا.
ولهذا فربما نجد أن عتزال بعض الفنانين من حين لآخر ثورة صامته واعتراض كظيم على وضع لا يُرْضِي قيمًا ولا أذواقًا كثيرة، والتي ربما تؤول بنا إلى استشعار هزيمة الإبداع أمام اكتساح المحتويات السفيهة؛ لنجد أنَّ حالة من فراغ الإبداع يسيطر.. فلننتبه..
بالطبع لا يرغب أحد في الهجوم على الإعلام أو إنكار دوره، ولكن وجب التنبيه بأن الإعلام المصري والعربي وبكل صراحة يحتاج إلى صَحوة يستفيق لها مسؤولوه، فإذا كان لا يستطيع أن يقدِّم جديدًا للجمهور، فلنعلم بأن روَّاد هذا المجال إما أنهم سيلجأون إلى أبواب الاعتزال والاعتكاف أو أن القدر المحتوم سيأبى إلَّا أن ينتخب منهم ليضمهم في قائمة الراحلين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى