تحقيقات صحفيه

بالأسماء.. أول المؤمنين بالمسيحية فى مصر

كتب / ادم شمس الدين

126406_1396030566دخلت المسيحية مصر في الساعات الأولى من تاريخ ظهور الديانة نفسها، حيث كان العلماء اليهود بالإسكندرية، ومن بينهم “أبلوس” المذكور في أعمال الرسل، يتبارون على اعتناق التعاليم الجديدة بمجرد بزوغ فجرها في فلسطين، إلا أن غرس المسيحية في بلاد النيل، وتأسيس الكنيسة العريقة بعروس البحر المتوسط، قد تحقق بواسطة القديس مرقس البشير، الذي كتب بالوحي أقدم الأناجيل القانونية، وكان أحد السبعين تلميذًا للمسيح.

حنانيا إنيانوس أول من اعتنق تعاليم

المسيح على يد القديس مرقس عام 61

بالإسكندرية

أقباط الإسكندرية يبنون أول كنيسة

كبيرة لهم في بوكلي في الحي

الشرقي بالمدينة

 

وبحسب كتاب القديس مرقس وتأسيس كنيسة الإسكندرية من تأليف الدكتور سمير فوزي، وترجمة نسيم مجلي، والصادر منه مؤخرًا طبعة جديدة ضمن سلسلة إنىسانيات بمكتبة الأسرة، فقد ولد القديس مرقس لأبوين من أثرياء اليهود، هما أريستوبولس وماري، في قورينا، وهي مدينة ليبية تقع بالقرب من حدود مصر الغربية.

وطبقًا لمخطوطة ابن الراهب، وكتاب السنكسار، فإن أسرة القديس مرقس، وهو أول السلسلة المتصلة التي تضم المائة والثمانية عشر بطريركًا                (آخرهم البابا الحالي تواضروس الثاني)، في حين يسمى كرسي الإسكندرية نسبة إليه الكاتدرائية المرقسية ، كانت قد هاجرت إلى فلسطين، بعد مولده بقليل، وأقامت في قانا الجليل بالقرب من أورشليم. وبعد أن فقد مرقس أبيه في طفولته، قام سيمون بطرس الذي تزوج استرابولا، إحدى قريبات والد مرقس، أريستوبولس، بالاشتراك مع أمه وأخيه برنابا في تربيته 

الوثنيون هاجموا قداس عيد القيامة عام 68.. ونكلوا بالقديس مرقس وقتلوه ليدفن تحت مذبح الكنيسة

ثم أصبح منذ البداية تابعًا مخلصًا للديانة الجديدة، فقد خدم في عرس قانا الجليل، وشهد معجزة تحويل الماء إلى الخمر، وكان بيته مركزًا للجماعة المسيحية.          بل كان الأخير بالفعل، أول كنيسة في العالم، إذ احتفل فيه المسيح بعيد الفصح.

 

مدينة قورينا الليبية

وكما ينقل الدكتور سمير فوزي، عن مخطوطة ابن الراهب أيضًا، وكذلك عن كتاب السنكسار، بدأ القديس مرقس كرازته لإفريقيا بتبشير قورينا بالبنتابوليس (اسم لخمس مدن رئيسية غرب مصر في ليبيا، كانت الدولة البطلمية قد ضمتها إليها، وهي: قورينا وبرينيكى وأرسينوى وبطولومايس وأبولونيا)، وهي موطنه ومسقط رأسه، حيث قام بتعميد عدد كبير من المتحولين إلى الإيمان هناك، ومنها مضى إلى الإسكندرية، التي دخلها لأول مرة، حسبما ينحاز المؤلف، في العام 61 ميلادية، وكان أول من آمن على يديه إسكافي يسمى حنانيا إنيانوس .

البابا تواضروس

تقول قصة اعتناق حنانيا إنيانوس للمسيحية، وهو يعد أول مصري من العامة، ومن غير العلماء اليهود، يؤمن بتعاليم المسيح على يد مبشر، إن القديس مرقس ذهب إليه باعتباره إسكافيًا لإصلاح حذائه. وبينما كان الأخير يقوم بعمله، دخل المخراز في يده، فشفي القديس مرقس يد إنيانوس بمعجزة، فصار أول الداخلين في الدين الجديد، ثم دعا هاديه إلى بيته، فآمن جميع أفراد العائلة، وتم تعميدهم، وسرعان ما تحول الكثيرون إلى نهج عيسى عليه السلام.

غير أن انتشار التعليم الديني الجديد، زاد من غضب الغوغاء ضد القديس مرقس، وراحوا يبحثون عنه في كل مكان، فرحل إلى البنتابوليس، وذلك بعد تنصيب إنيانوس أسقفًا في الإسكندرية، مع ثلاثة من الكهنة هم: ميليوس وكوردونوس وبريموس، إلى جانب سبعة من الشمامسة لرعاية الاجتماع هناك.

ظل القديس مرقس في البنتابوليس لمدة عامين لوضع التنظيم الهرمي لمناصب الخدمة، لمواجهة حاجة الطائفة سريعة النمو بالإسكندرية، والتي سرعان ما عاد إليها، قبل أن يغادرها على الفور، في اتجاه الشرق، حيث الجماعات المسيحية في آسيا الصغرى.

بعد سنوات قليلة، كانت العودة الجديدة للقديس مرقس إلى الإسكندرية، آنذاك وجد أن اجتماع المؤمنين بتعاليم المسيح، تزايد وتكاثر، بحيث استطاع المسيحيون هناك، أن يبنوا كنيسة كبيرة في بوكلي في الحي الشرقي من المدينة.

وفق ما ينقله الدكتور سمير فوزي في كتابه الثري، فحين كان المسيحيون يحتفلون بعيد القيامة في السادس والعشرين من أبريل في العام 68 بعد ميلاد المسيح، قام الوثنيون بمهاجمة الكنيسة، ثم قبضوا على القديس مرقس وربطوه في حبل وجرجروه في شوارع المدينة. وظل محتجزًا لديهم طوال الليل يتلقى العون من الله، وفي اليوم التالي، أخذوا يجرونه حتى أسلم الروح.

وفيما كان الغوغاء يعتزمون إحراق جثته، هبت عليهم عاصفة فرقت شملهم، تاركين جسده خلفهم. هنا جاء المؤمنون، فحملوه خلسة، ودفنوه تحت مذبح الكنيسة. وكان ذلك إيذانًا بتأسيس كرسي الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية، ومن ثم كرسي القديس مرقس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: