آدم وحواء

الطلاق في مصر .. “المرأة” وأبعاد أخرى

 


حامد بدر
شهدت الأيام الماضية جدلاً حول ما أُثير على الجانب الاعلامي مقترح قال بحصول المرأة على نصف ثروة الزوج حال الطلاق، تلك الحالة التي حاول مؤيدوها جعلها فكرة مقبولة بحيث يمكن أن يتم وضعها لتصرف السيدة على نفسها، حيث إن الفكرة ليست غريبة فى المجتمعات الغربية.
ورغم ما تمت الإشارة إليه ولفتت إلى أنه بما أن السيدة تتعب فى وقوفها بجانب زوجها، وبالتالي لها الحق فيما ساعدت به زوجها فكرة قد تضع شروط خاصة في حالات الطلاق، إلا أنه يُعتقد أن دراسة الأمر من جانب واحد لا تفيد..
إنه ثمت مستويات أخرى وربما عوامل من الواجب الإشارة إليها – على سبيل التذكير وليس المصادرة على الآراء – في كل مرحلة وكل أزمة تمر بها المرأة العربية، تلك الأبعاد التي لم يزل يجب أن تتم مناقشتها والتحول إليها. فعلى الجانب الإنساني يتضح أنه للأسف حين تحوَّل عالم العاطفة، والمشاعر، والروح، والقيم، والإيمان من كونه كل هؤلاء نحو عالم المادة، والأنانية، والتجبر، تحول بالتالي واجب الإنفاق إلى كونه مِنَّةُ الإنفاق، فالبشر أختاروا المحسوسات والملموسات، فاحتاروا في تقييم الأوضاع.
وعلى مستوى آخر تحويل العلاقة بين الجنسين من كونها حب وعاطفة إلى حالة صراع – هذا ما أسهمت فيه الموروثات الخاطئة والدراما الجدلية والتهاون في التعامل الجدي بين الطرفين في العلاقة .. إلخ – لتتحول المسألة – التي يمكن حلها في جلسة قهوة سادة – إلى معضلة – تلتوي حولها الأطراف – يكبر نتاجها ويعظم أثرها السيء؛ لتصير برُمَّتها أي بأكملها أزمة (تأزيم) تحتاج إلى حلول.
أما من منظور الفهم الخاطئ للبعد الديني .. وإن كانت هناك حالات التزمت بصحيح الدين وإن كان في الفقرتين السابقتين شرح حول هذا الأمر، إلا أن البعد عن الهدي الروحي والديني كان داخلاً أساس في عامل تأزيم (الصراع) المذكور في الفقرة السابقة، وهذا لنقطتين:
الأول: خلط في فهم المذاهب والطرق والاديان التي حتمت فكرة طاعة المرأة للزوج في استقامة الحياة لا في إلغاء شخصيتها. وهي أزمة أعتقد تشترك فيها كل الأديان وتعاني منها. ومنها تفرع الأمر إلى امتهان المرأة أو ممارسة العنف ضدها، وهذا عبر تاريخ لا يتصل بالوضع العربي فقط بل والعالمي، فالمراة عانت عصور شتى من قهر أصابها، هذا القهر الذي تحاول بعض الحركات وحديثة الأفكار الترويج لها.
الثاني: إلقاء اللوم بشكل كبير على الإسلام، والاستشهاد بالتشدد في معاملة المرأة والفهم الخاطئ لأحاديث ونصوص القوامة والولاية في الإسلام، ذلكما المفهومين اللذان ابتعدا عن محور فهم الإنسان المسلم، فاختلف الشارحون واعترض المعترضون، فتحول الأمر إلى فريقين موالي ومعارض، مما أدى إلى مزيد من التفاقم، رغم أن في القرءان سورة بأكملها عن الطلاق، وتحذير بالنص لأكل أموال وحقوق الزوجة حال الطلاق الذي له ضوابط “الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان”.
وعلى مستوى الجانب التربوي، فالمجتمعات الشرقية تعاني – كما تقول الكثير من الدراسات الإنسانية – من ثقافة تروبية تفرق بين الذكور والإناث، سواء شباب وفتيات أو رجالاً ونساءًا راشدين مسؤولين، مما يجب أخذخ بعين الاعتبار أنها إحدى دعائم الدعوات المتعصبة أو تلك التي تحظى بـ “بروماجاندا” ودعاية واسعة.
أما خامس الأمور من الحكمة إيلاء النظر لهما هما البعدان السياسي والمجتمعي .. فرُغم جملة التفصيل السابق عن ما يحيط بالمشكلة من عوامل من ضمنها المجتمع، إلا أن المجتمع ذاته ووضعه السياسي كانا قد أسسا بدورهما فكرة استضعاف كيان أقل فحول – إن جاز التعبير – كالنساء والأطفال والعجائز، ولربما امتلأ التاريخ بقصص وروايات عن امتهان الكيان الأضعف. فبالرغم من أن بعض المجتمعات التي لم تكن تعترف بأي دور سياسي للمرأة بدأت تعين النساء في بعض المجالس والهيئات كذلك البرلمانات بدأت تفسح المجال للمرأة، فصارت تغزو الوزارات، والهيئات التنفيذية والتشريعية، وحتى ساحات القضاء، إلا أنه لم تزل النظرة من منظور المظلومية منهاج لبعض الأفكار والحركات.
فإذا نظرنا إلى شخصيات – مثلاً – حتشبسوت ونفرتيتي ونفرتاري، وملكة سبأ “بلقيس”، وشجرة الدر، لوجدنا في تلك النماذج أوضاعًا اختلفت بين ظرف سياسي قبل بالوضع وأقره، وبين اعتماد لأساليب الخديعة والمكر واتقان فن الممكن وهي وسائل يتقنها البشر رجال ونساء .
نحن لو نظرنا إلى وَلاية الرجل بفتح الواو – مثلاً – لوجدنا لها شروط ، وكذلك شروط دقيقة لولاليته بكسر الواو، مما يتبين منه أن خلفيات الصراع أصلاً تولد عنها صراع بين الرجال وبعضهم على السلطة وبينهم والنساء عليها. والفائدة هنا أن مدى الاستقامة السياسية والمجتمعية تحققت بالتوازي في الأدوار والتعددية في أدوار أخرى تعمل على التكامل بين الطرفين، واحترام الأوضاع ذاتها لدور المرأة تحقق مفهوم الترابط.
وختامًا .. فإنه من الغريب الذي يتم تطبيعه في المجتمع الشرقي، ولا سيما المصري، أن تصير محاولات تأزيم كل ما يتصل بالمرأة، دون النظر إلى أبعاد أهم تتمثل في جذور أولى بالدراسة من كونها لعبة دعائية تشتد جذوتها، لينصرف عنها الانتباه بتبلور أخرى.
لكن للأسف ينظر الكثير في حقوق المرأة من منظور واحد، إما أن تكون المرأة في دور الضحية وإما أن يوضع الرجل في خانة اللامسؤولية، دون الدراسة الفعلية والفعّالة لما سلف ذكره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى