مقالات واراء

الإرهاب يحتضر في المغرب .. وحُلم المصالحة

كتب – حامد بدر
أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية دعوة المفتي العام للجماعات الإرهابية “لسلوس مداني”, المُلقى عليه القبض مؤخرا بمدينة سكيكدة, ما تبقى من فلول الإرهاب الى تسليم أنفسهم، مطالبًا إيَّاهم “الرجوع إلى الحق”, وترك أعمال العنف التي جرَّت خرابًا، وخاصةً أن الدولة سيطرت على أوضاعهم وكانت تعلم بأغلب تحرُّكَاتِهم.
ظهر “مداني”, المكنى الشيخ عاصم أبو حيان, الموقوف خلال عملية تمشيط يوم 16 مارس 2022 بغابة واد الدوار (سكيكدة)، معلنا توبته وندمه على التحاقه بالجماعات الارهابية التي “ظلمت الشعب الجزائري”. فلقد اعترف بأنه كان مُخطئًا وهو من داخله
على غرار ما نشرته الوكالة الجزائرية، الأربعاء، وسعي بلادهم ميثاق المصالحة الوطنية الذي اقترحه الرئيس بوتفليقة في 2005 والذي نص على حماية المسلحين الإسلاميين الذين لم تلطخ أياديهم بالدماء، من المتابعة القضائية مقابل وضع سلاحهم وتسليم أنفسهم، وهو ما فعله 8500 شخص منهم؛ لإنهاء الإرهاب في الجزائر، والذي تسبب في مقتل حوالي 200 ألف شخص، يمكن إلقاء نظرة طفيفة على جانب من جوانب ملف “الإرهاب”، الذي لا يمكن غلقه بسهولة.
خطورة الظاهرة لا تكمن فقط في القتل والذعر، بل إن الإرهاب قنبلة موقوتة من طراز خاص، أُلقيت علينا، أيًّا كان مُلقيها فيهي تدوي بأصداء الخراب في أي وقت وأي حين، وافتراض – مثلاً – أن تعقد مصالحة مع إحدى التنظيمات أو المتورطين، لا يعني سوى شيئًا واحدًا، أنّك عقدت مصالحة مع الشيطان لقاء أن لا يغويك، وهذا دربٌ من الخيال.
ولكن في ضوء بعض المساعي الدولية للقضاء الإرهاب، تبقى فكرة تلوح في أذهان بعض الأطراف الدولية أن تُعاد فكرة المصالحة مع داعمي الإرهاب أو لوصول إلى نقاط تهدئة، وهذا لا يليق كحل إلا ان يكون حلّاً مؤقتًا، لا يسمن من استقرار ولا يأمِّنُ من خوف.
التــجرُبَــــة الـــمِـــصريـــة
فبالنظرة إلى التجربة المصرية في التسعينات وما سعت إليه الدولة، حينئذ، من إنهاء موجة الإرهاب، والسيطرة تمامًا على الجماعات التكفيرية والجهادية، إلَّا أنها ربما انخدعت أو لم تلق بالاً لبقاء عددًا من رموز التيار القطبي، الذي كان يعتمد نهج “التقيَّة” في أن يظهر خنوعًا واستسلامًا، لكن وراء ظهره أو إن خلا بفكره دقيقة قال “إنَّما نحن مستهزئون”، وتكونت أنصار “بيت المقدس” و”التوحيد” و”الجهاد” كظهير جهادي ومسلَّح. فكانت النتيجة أنَّ مساعٍ سياسة واتصالات مع قيادات إرهابية وإخوانية أفسدت كل الأوضاع والمساعي المصرية نحو حراك سياسي سواء على منحى استقرار الدولة أو خوض تجربة مدنية مختلفة في يناير أو حتَّى سعيها لمرحلة الاستقرار والقوَّة بعد عام 2013.
وبالتالي كانت النتيجة أن انتهجت الدولة مبدأ الضربة الاستباقية، والمسح الشامل للعناصر، والقوة الغاشمة، فتعاملت الفكر التدميري بمبدأ الحياة أو الموت فأثبتت ضعف الأخير وهشاشة إمكانياته، وجهولية أفكاره ومحدوديتها.
والمُستفاد هنا إن آلية المصالحات والمراجعات لن تأتي إلا باستقرار كامل وتام، بل وقوَّة هائلة واسعة النطاق تكون في الدولة الدولة بعدما القضاء على الظاهرة “ظاهرة الإرهاب” والتخلُّص منها نهائيًا، وعدم ترك المجال لبراثنه حتى أن تُدغدِغ أو تداعب، حينها يمكن أن تمتلك الدولة حق العفو والاستماع. ريثما ايضًا أن تفقد المنظمة الإرهابية – أيًّا كانت – كامل آلياتها التنظيمية، حتَّى على المجال الدعوي أو المجتمعي أو الإنمائي؛ لانه ساعتها سيكون الاندماج داخل المجتمع متبلور لديهم عن فكرتين رئيستين الأولى اليأس من طريق الضلال المتمثِّل في التعامل المسلَّح والمتذرِّع بأفكار الجماعة المنفصلة، والثانية الإيمان الكامل وعن اقتناع بقوة الدولة والشعب فقط دون وجود طرف ثالث، والقبول بذلك، ويكون قول الله: “فقاتلوا التي تبغي حتَّى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: