بقلم رئيس التحريرتحقيقات صحفيه

ابراهيم البسيونى يكشف النقاب عن التحالف محسوب والسياسى المخادع للتحريض ضد القاهرة برعاية اردوغانيه

396فى صحن المسجد الأزرق، أو السلطان أحمد، كما يشتهر اسمه بين العرب، بقلب العاصمة التركية اسطنبول، طالما اجتمع مطاريد الإخوان ومن والاهم من الجهاديين، فضلًا عن نفر من أعضاء التنظيم الدولى، منذ الإطاحة بالرئيس المعزول قبل أكثر من عام..

التنظيم يدشن مجلسًا غامضًا فى

اسطنبول لدعم خطط الفوضى بالشارع

المصرى

المجلس يغازل القوى الشبابية

والثورية للتحالف فى مواجهة النظام

بيان المجلس يحصر «الثوار» فى

أعضاء الإخوان وحلفائهم فقط

 

هناك، خطط هؤلاء لضرب نظام ما بعد 30 يونيو.. وكم أعلنوا عن تدشين مبادرات وتحالفات لإسقاط الدولة.. بينما بشروا أنصارهم وأتباعهم فى مصر، غير مرة، بقرب رجوع عقارب الساعة إلى الخلف، ومن ثم، عودة محمد مرسى وبرلمانه وجماعته، إلى سدة السلطة من جديد. غير أنه لا بشارات نفعت، ولا مبادرات تحققت، ولا تحالفات اكتملت، والكل انتهى إلى سراب، وإن بقى مروجوها على نهج نضال الحناجر نفسه الذى لا يغنى ولا يسمن من جوع..

اليوم، عاد الإخوان إلى نهج تأسيس الكيانات الغامضة نفسه من عاصمة تركيا أردوغان.. يمنحونها عناوين براقة، كما هى الحال مع مجلس اسطنبول الجديد، الذى أطلق عليه (المجلس الثورى المصرى)، بينما يتم تطعيمه بعدد من النشطاء والسياسين الملاكى، إن جاز التعبير، من غير المنتمين تنظيميًا للجماعة، لكنهم باتوا مرتبطين بها على قاعدة المصلحة والبيزنس و(السبوبة)، وذلك من أجل إيهام الرأى العام العالمى، من جهة، وقواعد التنظيم فى الداخل المصرى، من جهة أخرى، بوجود معارضة متعددة الأطراف والأطياف للنظام القائم فى الخارج، فيما أن الحقيقة أن الأمر لا يعدو إلا واجهة جديدة للإخوان. اللعبة القديمة لمكتب الإرشاد تتواصل.. التوارى خلف ستارات وهمية، والإيحاء بقيادة فصائل عدة، هما دستور عمل لأبناء حسن البنا منذ عقود..

وعمومًا، فمن حكم فى ماله ما ظلم.. هكذا يقول المثل المصرى القديم، ومادام الإخوان يمدون جسور المكاسب، وغالبيتها بالعملة الصعبة، لعدد غير قليل من جنودها المختارين بالخارج، ممن لم يقسموا يومًا بالولاء والطاعة للمرشد، فلا يبدو مستغربًا أبدًا أنها تتحكم فى تحركاتهم، وآرائهم، بل حتى فى الصور التذكارية التى يلتقطونها..

فى صورة المجلس الثورى (الإخوانى) الجديد، وقفت أسماء من شاكلة، محمد محسوب، وحاتم عزام، وإسلام الغمرى، ومحمود فتحى، وهيثم أبو خليل، ومجدى سالم، وإيهاب شيحة، ووليد شرابى، وعصام تليمة، ونفين ملك، ويقال أيضًا أيمن نور، فضلًا عن قيادى الجماعة جمال حشمت، ووزير إعلام مرسى، صلاح عبد المقصود.

بعض هؤلاء، مثل محسوب، وربما أيضًا نور، من الوجوه المألوفة فى المبادرات الإخوانية السابقة، التى ظهرت واختفت دون أن يشعر بها أحد.

أعضاء التحالف الجديد يقولون إنهم فى مواجهة مع ما أسموه النظام العسكرى وانقلابه فى مصر.. بيانهم التأسيسى يقول أيضًا، وفق نوافذ إخوانية، إن نحو 50 من السياسيين والأكاديميين والمثقفين المصريين، يمثلون أطيافًا مختلفة من القوى السياسية، والمستقلين، أسسوا المجلس الثورى، ليكون كيانا للقوى والأفراد المصريين فى الخارج المتمسكين بمبادئ ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، فيما أن الكيان الجديد، وفق بيانه التأسيسى، سيكون داعمًا (للحراك الميدانى السلمى، ولن يصبح بديلًا عن القيادة الميدانية، بل مؤيدة ومساندة لخطواتها)..

إلا أن مؤسسى المجلس لم يوضحوا على وجه الدقة: أين هو ذلك الحراك الشعبى المناوئ للسلطة الحالية، فلولا فيديوهات الجزيرة مباشر الموجهة، وربما الملعوب فيها، فضلًا عن البيانات العنترية المضحكة لتحالف دعم الشرعية، لم يكن ليسمع أحد عن أى نشاط إخوانى فى الشارع.

فيما أفصح المجلس عن نيته الحقيقية من تأسيسه، بالقول إنه (سيكرس جهوده فى التحرك الدولى على كل المستويات، خاصة السياسية، والقانونية، والحقوقية، والإعلامية، لحشد الدعم اللازم للثوار فى الشارع، لمقاومة الحكم العسكرى وأساليبه القمعية، والعمل على تفكيك دولة الفساد والاستبداد).. وذلك من خلال (مكتب سياسى، يقوم على الشئون السياسية، وإدارة الاتصالات والعلاقات الدولية للمجلس، مع جميع الحكومات والبرلمانات ومؤسسات المجتمع المدنى).. ما يعنى ببساطة أن المجلس سيكون منصة تحريضية جديدة ضد القاهرة فى الغرب.

إضافة إلى التأكيد على أن التحالف الجديد يضم مكتبًا قانونيًا وحقوقيًا، يتولى (توثيق وحصر (ما اعتبره) جرائم وانتهاكات الانقلاب العسكرى، وملاحقة من قاموا بهذه الانتهاكات أمام المحاكم الدولية والإقليمية).. مرة أخرى يكذب الإخوان بزعم أنهم قادرون على تقديم المسئولين المصريين للعدالة الدولية، وهو ما ثبت عدم صحته قانونًا باعتراف المحكمة الجنائية الدولية نفسها.

قبل أن يعيد البيان استخذام ذات المغازلة الإخوانية المفضوحة للقوى الشبابية والثورية، من أجل التحالف فى مواجهة النظام الحاكم القائم، تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، حيث دعا المجلس الإخوانى إلى (اصطفاف كافةِ القوى الثوريةِ والشبابيةِ المناهضةِ للانقلابِ ونظامِ الحكمِ العسكرى، وتجاوز خلافاتِ الماضى، وبناء رؤيةٍ مشتركةٍ للمستقبل، إضافة إلى حشد الدعمِ الدولى لثورةِ يناير، وحق الشعبِ المصرى فى إقامةِ دولةٍ مدنيةٍ دستورية).. الإخوان يواصلون الكذب اعتمادًا على أخطاء السلطة من ناحية، ورهانًا على ضعف ذاكرة النشطاء، وربما انتهازية بعضهم، من ناحية أخرى.

فى حين بشر البيان من تبقى من التنظيم على الأرض فى الداخل المصرى، بمزيد من الدعم المادى والمعنوى، وقبل هذا وذاك بالغطاء السياسى، بوعد بـ(تقديم الدعمِ الكاملِ للمقاومة الشعبية).. ثم حدد لكوادره خطط الفوضى المنشودة فى الشارع، بالإشارة إلى أن المجلس رسم مسارات تفكيكِ مؤسساتِ الدولةِ، التى وصفها بالفاسدة والعميقةِ..

وبطبيعة الحال لم ينس بيان التحالف الجديد التأكيد على ثورية الإخوان وحلفائهم فقط، والادعاء بأنهم وحدهم أعمدة 25 يناير، وأن 30 يونيو سرقتها مع سبق الإصرار والترصد.. الخطف الذهنى لقادة التنظيم فاق كل تصور.

هكذا يواصل الإخوان لعبة الدوائر المفرغة، لا يريدون الاعتراف بهزيمة، لا يسعون جديًا لمصالحة حقيقية مع الشعب، فقط مستمرون فى لعبة دغدغة مشاعر قواعدهم، بينما تسيطر عليهم أحلام إسقاط الدولة، ومن ثم الاستيلاء مجددًا على الحكم، فيما أنه لا تبدو فى الأفق أى بارقة أمل تؤشر إلى جنوح التنظيم للإصلاح الداخلى، على أمل أن يبقى على قيد الحياة لأى سبب جاد غير أخطاء السلطة بطبيعة الحال.

يقول الإخوان وأنصارهم، إن الذكرى الأولى لفض رابعة العدوية، فى 14 أغسطس الجارى، هى نهاية عهد السيسى، بينما لن يبدو الفشل المتوقع للجماعة فى الحشد فى ذلك اليوم المنتظر، إلا دليلًا جديدًا على أن التنظيم يصر على الانتحار، رغم كل الجوائز التى تمنحها لهم السلطة بتعثراتها، وربما فشلها فى عدد من الملفات الحيوية بالنسبة للمصريين، وخاصة الملفان الأمنى والاقتصادى.

التحالف الإخوانى الجديد هو انعكاس لعقلية تنظيمية تفتقر للخيال بلا أدنى شك، فيما يقول بعض الخبثاء إن القائمين عليه (يحللون اللقمة التى يأكلونها من سبوبة دعم الجماعة)، أو أنهم يريدون الحفاظ عليها بأفكار كوميدية، أو غير ذات قيمة من حين لآخر، غير أن ذلك التحالف قد يمثل صداعًا للقاهرة مستقبلًا، وخاصة على المستوى الخارجى، إذا ما تم التعامل معه باستهتار، أو نوع من التجاهل من جانب صانع القرار المصرى، فالعيار الطائش قد لا يصيب، لكنه حتمًا يثير الصداع..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: