بقلم رئيس التحريرعرب وعالم

ابراهيم البسيونى يكتب ||| فى الذكرى الـ4 لثورة تونس.. نار البوعزيزى لم تنطفئ بعد

البوعزيزى - تونس
البوعزيزى – تونس

انتحر لا لأنه أراد الموت، بل لأنه عجز عن الحياة، إنه طارق محمد البوعزيزى اسم شاب تونسى حفرته جرعة غضب زائدة فى ذاكرة الشعوب.. قرار انتحاره حرقًا بعد حجز بضاعته من قبل الشرطة التونسية، هزّ عرش 4 رؤساء وزلزل شوارع العالم بأقدام المحتجين.

هدم عروش 4 رؤساء وزلزل أعظم

ميادين العالم بأقدام المحتجين

بوعزيزى انتحر لا لأنه أراد الموت..

بل لأنه عجز عن الحياة

قصة الشرطية فادية التى جعلت

مفجر ثورات الربيع العربى يحرق

نفسه قهرًا

أحيت تونس، وتحديدا مدينة سيدى بوزيد، مهد “الربيع العربى”، اليوم الأربعاء 17 ديسمبر، الذكرى الرابعة لاندلاع الشرارة الأولى للثورة التونسية التى أوقدت النيران فى عدد من الدول العربية على غرار مصر وليبيا وسوريا.

أشعل جسد محمد البوعزيزى، المظاهرات فى تونس مطالبة بالحرية والكرامة والخبز وبالتغيير الذى تحقق برحيل الرئيس الأسبق زين العابدين بن على من تونس.

وقد انطلقت الشرارة الأولى للثورة التونسية من مدينة سيدى بوزيد، عندما أقدم البائع المتجول محمد البوعزيزى على إضرام النار فى نفسه أمام مقر الولاية احتجاجا على مصادرة الشرطة البلدية لعربة الخضار التى كان يقتات منها.

وبعد حوالى 19 يومًا من إقدامه على الانتحار حرقًا، أعلنت السلطات الرسمية فى تونس يوم 4 يناير 2011 عن وفاة الشاب محمد البوعزيزى، فتوسعت رقعة الاحتجاجات، وتأجج غضب التونسيين فى مختلف الجهات، وبدأ الرصاص يحصد شهداء آخرين خارج ولاية سيدى بوزيد، وتحديدًا فى مدينة تالة، وفى حى الزهور بولاية القصرين، ومنها إلى دوز وقرقنة وصفاقس وتاجروين وغيرها من المناطق.

وتحول البوعزيزى إلى رمز للثورة وألهمها شعار “شغل، حرية، كرامة وطنية” الشعار الذى رفعه الشعب فى احتجاجاته ضد نظام زين العابدين بن على.

ولم يتوقف حريق الشهيد محمد البوعزيزى عند انهيار نظام الرئيس بن على وهروب الأخير عشية الجمعة 14 يناير 2011 إلى منفاه فى السعودية، بل امتدّ هذا الحريق إلى خارج تونس، وانتقل إلى دول الجوار الجزائر والمغرب وليبيا ومصر واليمن والأردن والعراق والبحرين وسوريا بدرجات متفاوتة، إذ نجحت بعض الأنظمة فى الثبات، وانهارت أنظمة أخرى، وما تزال البعض تعانى.

وأصبح حريق البوعزيزى، رمزًا للاحتجاج فأضرم ما لا يقل عن 50 مواطنًا عربيًا النار فى أنفسهم احتجاجا على أوضاعهم الاجتماعية.

وبلغ حريق البوعزيزى، مداه فى ألف مدينة فى 25 دولة منها مدينة نيويورك، حيث دعا محتجون لاقتحام وول ستريت وفى 15 أكتوبر 2011 انتشرت الاحتجاجات للمرة الأولى لتشمل جميع مدن العالم، إذ خرجت مظاهرات فى 1500 مدينة وتحولت المظاهرات فى العاصمة الإيطالية روما إلى اشتباكات عنيفة.

وأطلق بعض علماء الاجتماع اسم “الظاهرة البوعزيزية” على حوادث الحرق المتكررة فى سيناريوهات مشابهة عبر العالم.

ومن ضمن من احتجوا على طريقة البوعزيزى، الشاب الجزائرى محسن بوطرفيف، عاطل عن العمل، انتحر حرقا يوم 15 يناير 2011، بسبب تعذّر حصوله على وظيفة، وتوفى بوطرفيف متأثرا بحروقه وتسبب الحادث فى إقالة رئيس بلدية بوخضرة من قبل والى تبسة.

وفى مصر أقدم عبده عبد المنعم حمادة على الانتحار حرقًا صباح 17 يناير أمام مبنى مجلس الشعب احتجاجًا على إغلاق مطعمه.

وأقدم رجل أعمال موريتانى يدعى يعقوب ولد دحود، إلى حرق نفسه فى سيارته أمام مجلس الشيوخ، احتجاجًا على سوء معاملة الحكومة لعشيرته.

كما توفى مواطن سعودى فى الستينيات من عمره يوم 22 يناير 2011، بعد أن أضرم النار فى نفسه بمنطقة جازان.

وشهدت المغرب 3 حالات انتحار حرقًا وحدثت حالة أخرى فى السودان.

وفى 4 فبراير 2011 أعلن بيرتراند ديلانو عمدة العاصمة الفرنسية باريس عن إقامة تمثال تذكارى تخليدًا للشهيد البوعزيزى رمز الثورة التونسية، كما تم إطلاق ساحة باسم الشهيد فى باريس، تقع فى الدائرة 14 قرب حديقة مونسورى، باعتباره “رمزاً لكفاح تونس من أجل الديمقراطية والعدالة والحرية” على حد قول ديلانو.

وفى 27 أكتوبر 2011 اختار البرلمان الأوربى محمد البوعزيزى مع 4 مواطنين عرب آخرين للفوز بجائزة ساخاروف لحرية الفكر.

وزير سورى سابق: البوعزيزى أحرق نفسه وأحرقنا معه

محمد نضال الشعار، وزير الاقتصاد السورى الأسبق، قال إن محمد البوعزيزى الذى تسبب باندلاع ثورة فى تونس أطاحت بالرئيس زين العابدين بن على “أحرق نفسه وأحرقنا معه”.

وكتب الشعار فى صفحته على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك: “إلى البوعزيزى فى ذكرى وفاتك اليوم.. حرقت حالك وحرقتنا معك”.

وأضاف الشعار “يا ريتك بس هددت بحرق حالك وما عملتها.. على الأقل كنا تحاورنا وتفاوضنا ويمكن اتفقنا، رح نضل نحاول نحب بعض.. ونحترم بعض من أجل روحك الطاهرة”.

قصة الشرطية فادية التى جعلت محمد البوعزيزى يحرق نفسه قهرًا

شقيق البوعزيزى، سالم، كشف فى حوار صحفى، عن التفاصيل الدقيقة، التى أدت بمحمد إلى إضرام النار بنفسه وقال “أخى تعرض إلى ظلم لم يعرف الرأى العام تفاصيله بعد، فالتغطية الإعلامية بدأت من يوم 17 ديسمبر 2011، لكن شقيقى محمد كان يعانى منذ 7 سنوات من قهر أعوان البلدية، بقيادة فادية حمدى، وموظف آخر يدعى صابر، كانا يصادران بضاعته من الخضروات مرتين فى الأسبوع”.

مضيفًا “أخى ليس جامعيا كما يتردد، لقد انقطع عن التعليم حين بلغ البكالوريا لأجل أختى ليلى ولأجل أمى، فهو من مواليد 29 مارس 1984، واسمه الحقيقى فى البطاقة طارق بوعزيزى، واسم شهرته، محمد بسبوس، وهذا الاسم رافقه منذ كان طفلًا لأنه حنون جدًا وقريب من كل أفراد العائلة، ولأنه كذلك ضحى بدراسته الجامعية للإنفاق على شقيقته ليلى فى كلية الآداب ولإعالة أمى، نحن عائلة بسيطة وفقيرة ليست لدينا أملاك سوى قوتنا اليومى”.

وعن يوم الحادث روى شقيق البوعزيزى التفاصيل قائلًا “كالعادة حضرت فادية حمدى، وهى آنسة تبلغ من العمر 35 عامًا مع مساعدها صابر، وصادرت بموجب محضر بلدى بضاعة شقيقى، فاتصل محمد بخالى الصيدلانى ليستنجد به، وفعلًا تدخل خالى واسترجع له المحجوزات، لكن بعد 10 دقائق عادوا مجددا وصادروا الخضار، وحين حاول محمد الحديث مع فادية صفعته على وجهه، وسدد له صابر عدة ركلات، ولم يكتفيا بذلك بل ضرباه على أنفه حتى انفجر بالدم عندما حاول اللحاق بهما فى مقر البلدية، فصعد إلى مكتب الكاتب العام للبلدية ليتقدم بشكوى، لكنه رد عليه قائلاً “يا مسخ متكلمنيش”.

مضيفًا “رفض المحافظ استقباله أو سماعه، فخرج للشارع بعد أن احترق من الداخل يصرخ من شدة الغيظ، ثم أحضر البترول وأضرم فى نفسه النار، وفى الوقت الذى كان يحترق فيه كان حارس المحافظة يضحك، حتى إسطوانة الإطفاء بمقر المحافظة كانت فارغة عندما أخرجوها فى محاولة لإنقاده”.

مات البوعزيزى، لكنه لم يمت، بل تحول إلى أيقونة للثائرين، وفاتحة لثورات عربية ستغير وجه العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: