بقلم رئيس التحريرمقالات القراء

أفريقيا العمق الأصيل لمصر بقلم /// وائل مقلد

أفريقيا العمق الأصيل لمصر بقلم /// وائل مقلد
تعد أفريقيا واحدة من قارات العالم القديم وهي ثاني أكبر قارات العالم مساحة بعد قارة آسيا حيث تبلغ مساحتها حوالي 30 مليون كيلو متر مربع يحدها شمالا البحر المتوسط وجنوبا مياة المحيطين الهندي والاطلنطي ومن الشرق البحر الأحمر والمحيط الهندي وغربا المحيط الاطلنطي .
القارة السمراء تحتضن تنوع كبير من الطبيعة فمن التضاريس الجغرافية بأنواعها إلي الغابات و الصحراء والبحيرات والأنهار لتتشكل بيئة مناخية وسكانية مختلفة .
أفريقيا من أقدم الفترات التي انتشر فيها السكان واستقروا وشهدت حضارات إنسانية عديدة يبقي من تراثها الكثير والكثير من مباني ونقوش ومعادن كالحضارة الفرعونية حيث كانت وجدت المجتمعات الزراعية .
في العصور الوسطي شهدت القارة الأفريقية تغيرات كبيرة مع الفتوحات الإسلامية خاصة منطقة شمال إفريقيا حيث انتشرت اللغة العربية .
و لخط الاستواء الذي يقسم القارة شطرين وتقع الكثير من الدول بالقرب منه أدي ذلك لارتفاع درجات الحرارة الشديدة باستثناء أماكن المرتفعات والمناطق الساحلية .
ويمثل سكان أفريقيا حوالي 15% من سكان العالم وأفريقيا غنية بالعديد من الثروات الطبيعية كالمعادن من الماس و اليورانيوم والمنجنيز وغيرها والثروات النفطية والثروة الحيوانية والأراضي الخصبة الصالحة للزراعة والقوي البشرية ولكن عاش ومازال سكان القارة الغنية بمواردها يعيشون في فقر .
عانت القارة لقرون طويلة من القهر والظلم وامتدت يد الناهبين المستعمرين لسلب هذه الثروات فمع عام 1884م وعقد مؤتمر برلين الذي جلس فيه المستعمرين ليتقاسموا التركة فيما بينهم ويضعون خيوط حدود بين أبناء القارة دون وجود لهم ودون مراعاه لامتداد قبلي وعرقي وطبيعي للشعوب وتقاسمت انجلترا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا القارة العذراء كما اطلق عليها .
ولم تسلب الثروات فقط بل امتدت يد الاحتلال لسلب الإنسان إنسانية وسيطرت القلة البيضاء المحتلة علي الأغلبية السوداء أصحاب الأرض لتنتهك كل حقوق لهم .
ناهيك عما ظهر من أشخاص وكيانات سيطرت بشكل غريب يدعوا للريبة علي ثروات فنجد مثلا من سيطر علي تجارة الماس بالكونغوا ومن سيطر علي النفط بالقارة .
أفريقيا التي تتكون من 58 دولة مزعت الي أشلاء التهم خيراتها الاحتلال فتحتضن انجولا ونيجيريا مثلا الكم الكبير من ثروات النفط والكونغوا للماس والنيجر اليورانيوم .
وتعد مصر البوابة الشرقية للقارة السمراء والطريق لانفتاحها الي العالم فمنذ القدم وبدايات التاريخ ولمصر علاقات عميقة مع القارة التي هي جزء منها فنجد أن الملكة حتشبسوت اهتمت الامتداد الطبيعي لمصر دول النيل والمطلة علي البحر الأحمر فأرسلت عدة قوافل تجارية حتي وصلت بلاد بونط اي الصومال الآن وذلك لإحضار العطور والبخور واللبان حيث كانت تستخدم في الطقوس والمعابد، كما كان يتم إحضار الأشجار والحيوانات الأفريقية كالنمور والنسانيس والطاووس ويقال أنها زارت بلاد بونط .
كما تعددت البعثات في عهد الملوك الفراعنة لبلاد أفريقيا وكانت احداها للدوران حول افريقيا .
واستمرت العلاقات بين مصر وأفريقيا ففي العصر الحديث ومع تولي محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة حكم مصر بادر بإرسال العديد من الرحلات الاستكشافية لمنابع النيل وإدراكه بأهمية نهر النيل لمصر .
وجاء الخديوي إسماعيل ليستمر في ارسال البعثات الاستكشافية العسكرية لمنابع النيل وقد وصلت الي بحيرة فيكتوريا ودولة اوغندا واكتشف العديد من المستنقعات وبحيرة كيوجا التي سميت باسم بحيرة ابراهيم باشا .
السودان ومصر علاقة الروح كيان وادي النيل وامتزاج الدم بالقرابة والمصاهرة والنسب .
مع الاستعمال الأوربي للقارة السمراء وعقب ثورة 23 يوليو 1952م في مصر تبلورت استراتيجية السياسة الخارجية المصرية علي يد جمال عبد الناصر لثلاث دوائر ، دائرة العالم العربي ودائرة العالم الإسلامي ودائرة القارة الأفريقية ، اما بالنسبة للقارة الأفريقية ادركت القيادة السياسية ان افريقيا هي الامتداد الاستراتيجي الأصيل لمصر وان مصر جزء من القارة الأفريقية و ان النيل شريان حياة الوطن و ان مصر لاتستطيع ان تتخلي عن دورها في مساعدة اشقائها بنشر الوعي والحضارة في أعماق القارة العذراء .
فكان مساندة معظم حركات التحرير الأفريقية سواء ماديا و معنويا .
لم يكن الأمر هينا فكانت هناك صورة ذهنية رسخها الاحتلال في عقول وصدور أبناء القارة حتي انه زرعها في المناهج التعليمية بالمدارس هذه الصورة للعربي الذي لا يعد الا تاجر رقيق وفاتح بالقوة ناشرا للدين الإسلامي مقوضا الديانات الموجودة في المجتمعات الأفريقية خاصة الوثنية منها وكان لمحاربة الرقيق من دول أوربا زريعة لاحتلال أفريقيا ، فكان استقبال القادة الأفارقة وأبناء القارة صعب في البداية إلي ان وضحت الحقائق وتشكلت بوضوح ملامح السياسة المصرية الانحياز الي الهوية الأفريقية واصبحت القاهرة ملاذا للحركات التحررية في افريقيا والإذاعة المصرية باتت منبرا لهذه الثورات وفتحت الجامعات المصرية للطلاب الأفارقة للدراسة والعلم وبفضل الجهود المصرية تحررت 30 دولة هام 1963م لتكون نواه لمنظمة الوحدة الأفريقية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ولم تكتف مصر بمساندة الدول الأفريقية حتي تنال استقلالها بل امتد عقب الاستقلال لمجابهة النشاط الاقتصاد الإسرائيلي في القارة فتم انشاء صندوق تعاون لتقديم الخبرات والاستشارات والدعم والإعانات والقروض لهذه الشعوب ، وكان للأزهر الشريف دور غاية الأهمية في التعريف بمبادئ الشريعة الإسلامية الصحيحة وتصحيح الأفكار المغلوطة عن الإسلام وتم فتح جامعة الأزهر أمام الطلاب الأفارقة .
وكان لمصر دور هام في حل العديد من الأزمات بين الدول الأفريقية كما تم بين ليبيا وتشاد وكذا موريتانيا والسنغال ، واستمر الدور المصري في افريقيا الا انه تراجع بشدة في عام 1990م .
لكن في السنوات الأخيرة اتجهت مصر لاستعادة الدور الأصيل لها في افريقيا وعادت لاحضان الاشقاء الأفارقة ، فقام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة العديد من دول أفريقيا وخاصة دول حوض نهر النيل ودعوة العديد من الحكام الأفارقة لزيارة مصر وجاء منتدي شباب العالم بشرم الشيخ 2017 لنجد التواجد الافريقي حكام وشعوب عودة حقيقية وعقبه مؤتمر افريقيا في ذات العام بشرم الشيخ لأعضاء دول الكوميسا منطقة التجارة شرق وجنوب افريقيا .
وتم زيادة الاستثمارات المصرية بأفريقيا لتصبح 7.9مليارات دولار في 62 مشروع وتم زيادة الاستثمارات مع العديد من دول القارة كرواندا واوغندا والتبادل التجاري و انشاء المصانع والتشييد والبناء المستحضرات الطبية والاستثمار في مجال الزراعة .
الاستثمار المتبادل بين مصر وأفريقيا أمر طبيعي وامتداد لتاريخ حافل واستغلال لثروات قارتنا الطبيعية والبشرية للخروج من عنق زجاجة الفقر للاستفادة من ثرواتنا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى