مجدي سبله يكتب..محاسيب محجوب وشملول
جاء في كتاب “نحن والحمير في المنعطف الأخير” للمؤلف محمد مصطفى العمراني قصة معاناة أهل قرية كانوا ينقلون مياه الشرب من عين ماء وكان لا بد لهم أن يسلكوا في طريقهم إلى تلك العين منعطفاً خطيراً بواد سحيق وقد تسبب ذلك في وفاة عدد من الأطفال نتيجة سقوطهم مع الحمير بالوادي .
وبعد عقود من الزمن كان وجهاء القرية يجتمعون في منزل أحدهم يناقشون موضوع المنعطف وكيفية إيجاد حل لهذه المشكلة وعندما سألهم الكاتب الذي تعرض أكثر من مرة للسقوط في الوادي حينما كان طفلاً يذهب بالحمار إلى العين، لماذا لا تسلكون طريقاً آخر آمن للوصول إلى العين…؟ ففوجئ بإجابة مفزعة :
نحن نمشي وراء الحمير وهي من تسلك بنا ذلك الطريق !
لا أدري ما الذي جعلني أبدأ هذا المقال عن المصلحة ذات السمعة والصيت بإشارة إلى تلك القصة”، ولكن ربما يكون السبب هو أنني تأثرت لحال أتباع وخدام محجوب على وجه الخصوص دون أتباع وخدام شملول الحصاوي، حيث أشبع الثاني خدامه من أموال المصلحة على عكس الأول !
فالفرق الواضح بين شملول ومحجوب هو أن شملول يأكل ويدع أتباعه ومعاونيه يأكلون إلى جواره، وإذا كان هو قد حصل على 759000 جنيه خلال العام، فقد حصلت أقل سيدة من المقربات إليه على ما يقرب من 250000 جنيه، أما محجوب فيترك رعيته دون أن يحصلوا سوى على مكافآت روتينية بسيطة لا تتعدى بضعة مئات من الجنيهات .. ولا يخلص لأحد إلى الدرجة التي أصابت أقرب المقربين له بالصدمة عندما عرفوا المبلغ الذي تقاضاه خلال عام واحد، ولا يستثنى أحد من رعية محجوب في ذلك النكران سوى نسل السيدة مواعظ ولية نعمته التي نقلته قبل حوالي 25 عاما من عامل في سنترال يحمل دبلوم لاسلكي إلى موظف بالمصلحة ذات السمعة والصيت ليشق طريقه إلى الأمام خاصة بعد موقعة “مقعدة الحمام” التي كانت نقطة تحول كبيرة في حياته .
محجوب لم يكتفي برد الجميل للسيدة مواعظ مباشرة ولا حتى لابنتها الأولى التي أخرجها من تهمة غاية في الخطورة ولا حتى لابنتها الثانية التي لا تذهب إلى العمل إلا في مناسبات بعيدة، ولكن محجوب انتقل إلى الإنعام على الجيل الثالث أيضا، حيث قام مؤخرا بتعيين حفيد “مواعظ” أيضا وأغدق عليه بمرتبين أحدهما من ميزانية الهيئة ذات السمعة والصيت والآخر من ميزانية الأود ا!
أما بقية مواطني المصلحة ذات السمعة والصيت فيعيشون في دهشة متواصلة بعد أن فاقت الصدمات المتتالية قدرتهم على التصور، فلم يتخيلوا أن يحدث كل هذا في عهد رئيس المصلحة الحالي ولم تستوعب عقولهم كيف لا يزال شملول ومحجوب والبطريق وشلبية وبقية المجموعة يخرجون عليهم ويضحكون ويهددون دون أدنى خجل !
فعندما نشر المقال الذي فضح المبالغ التي يتقاضاها شملول الحصاوي ومحجوب عبد الدايم وبقية القائمة انتظر الناس أن تزلزل الأرض زلزالها وتخرج اثقالها وأن يحاسب هؤلاء ولكن لم يحدث شيء وتأكدت أنني مجرد دون كيشوت أحارب طواحين الهواء !!!
ولقد أحدثت حكاية خرطوم شملول وحدها ضجة ودهشة لم يسبق لها مثيل بين موظفي المصلحة لدرجة أن هناك سيدة كتبت قصيدة عن ذلك الخرطوم وقامت بتوزيعها على الواتساب وهناك من التقط صورة من قلب الحديقة لهذا الخرطوم الذي فاقت شهرته وتكلفته تكلفة وكلاء وزارة بالمصلحة وقام بتوزيعها بنفس الطريقة .
إن من أكثر الأحاسيس مرارة أن تشعر أن الفاسد المنحرف يتمتع بحماية وأن من أخطأ خطأ بسيطا يعاقب ومن ارتكب جريمة يسير بين الناس مختالا ويهدد ويتوعد !
الكل يعيش في حالة من الشك المميت والكل يتساءل متى يحاكم شملول ومحجوب ؟
والكل في المصلحة ذات السمعة والصيت في حيرة يتساءلون إلى متى؟
وفي وسط جو كهذا تترعرع الأقاويل والتأويلات والشائعات وتجد من ينسج حكايات حول جبروت محجوب وبقاءه في مكانه وادعاءاته حول الفيديوهات التي يملكها عن المسئولين الموجودين بالمصلحة بالكامل !
وقد وصل الحال بالبعض إلى ترديد أن محجوب يسيطر على رئيس المصلحة عن طريق السحر وقراءة تعاويذ معينة ،وهناك من يقول أن المصلحة تشبه مدينة أوديب في مسرحية “أوديب ملكا” Oedipus the king “لسوفوكليس” وأن المصلحة لابد أن تتطهر من شخص ارتكب جريمة أو ارتكب عملا نجسا من أجل رفع البلاء عنها …فمدينة أوديب انتشر فيها الطاعون والبلاء لأن أوديب طبقا للأسطورة اليونانية قتل أباه وزنا بأمه وأنجب منها ،فحلت اللعنة على المدينة ..وبالتالي فإن المصلحة ذات السمعة والصيت لن ترفع عنها اللعنة إلا بخروج ذلك الشخص منها، فليصلي الجميع من أجل ذلك !
ولا يتوقف الغضب والضجيج عند الموظفين الصغار وأبناء الأقاليم الذين يقضون خدمتهم دون أن يحصلوا على أي شيء، ولكن الغضب استبد بأحد قيادات الهيئة الذي نسميه سمارة الأسواني، الذي يعد إعلاميا متمرسا ذو خبرة وتاريخ في عمل الهيئة وعلى درجة وكيل وزارة، أي أنه أعلى في الدرجة بكثير من محجوب عبد الدايم وأولى منه بتولي رئاسة القطاع الداخلي .
فقد تساءل الأسواني غاضبا أمام البطريق وشخص آخر: هل يليق أن أتقاضى أنا كوكيل وزارة مكافأة شهرية 25 ألفا ويتقاضى شملول الحصاوي 65 ألفا ويتقاضى محجوب ما يقل قليلا عن شملول !
أليست هذه إهانة لي ولكل إعلاميي المصلحة؟
وإذا كان الأسواني أحد قيادات المصلحة غاضبا بهذه الدرجة، فبماذا يشعر بقية الموظفين الذين تأكدوا الآن أن خمسة بالمائة فقط من العاملين بهذه المصلحة يحصلون على 80 بالمائة من ميزانيتها وأن 95 بالمائة مجتمعين يحصلون على 20 بالمائة من تلك الميزانية؟
منتهى التجبر والاستهتار أن يزداد الإنسان طغيانا في مواجهة انتقادك له وكشفك لمخازيه .
ومنتهى الغرابة أن رئيس المصلحة وحاشيته يعتبرون أن الجريمة في كل ما جرى هي كشف المستور وتعريف الناس حقيقة ما يتقاضونه وليست الجريمة في الاستيلاء على الأموال دون أي عرق أو نشاط مقنع ؟
منتهى الغرابة أن رئيس المصلحة لم يخرج إلى العلن ويقول للناس ما هي منحة الأودا ؟ وكم من المال تعطي للهيئة كل عام ومن هو المسئول عن إنفاق 2 مليون دولار؟ وكيفية انفاق هذا المال ومن المستفيدين منه؟
لم يفكر في شيء من هذا بينما ترك شملول ومحجوب وشلبية وأبو جاموس والبطريق وبديعة الحيزبون فقط يبحثون عن الذي كشف المعلومات والذي كتب عنها ويهددون فلان بالذبح وفلان بتلفيق القضايا، فأي بيئة هذه وأي حاشية هذه التي تستمد بقاءها من تهديد الناس؟
ألم يصل إلى مسامع رئيس المصلحة هذا الفجور الذي تجلى في قول محجوب لشملول ” أنا ححرق دمهم” !! أي سيحرق دماء الذي كشفوا المستور أو كتبوا عنه .!!
تلك الجملة التي تقيء بها محجوب عندما أخبره شملول أنه أعد له مكافأة جديدة هذا الأسبوع قيمتها 24 ألف جنيه إضافة إلى المبلغ الذي سبق الحديث عنه في المقالات السابقة وكان الحوار الذي تداوله أبناء المصلحة في حسرة كالتالي:
شملول : “يلا يا باشا أنت ٢٤ ألف وأنا ١٩ ألف فقط هههههههههه هههههههههه حتاخد أكثر مني أهه !!!!
محجوب : أيوه كده أنا عايز أحرق دمهم هههههههههه.
تعمد شملول ومحجوب القهقهة وهما يعلمان أن صوتهما مسموع لمن هم بالقرب منهما ليعلنا على الملأ أنهما لا يخشيان أحدا وليس لمن يعترضون على فسادهما سوى “حرق الدم” !
إنني بعد كل هذا العبث لم أستبعد ما نقله لي أبناء الهيئة عن الشاب الذي كاد أن يفتك بشملول الحصاوي عندما التقاه في حديقة المصلحة وناداه بوصف غاية في القسوة !
لقد كان الشيء المنطقي أن يختبأ هؤلاء عن عيون الناس وإذا خرجوا لا يخرجون مهددين متوعدين لهذا أو ذاك ولكن يخرجوا ليبرروا أفعالهم، ولكن يبدو أن حمرة الخجل لا تعرف إلى وجوههم طريقا !!
نحن في دولة قانون وفي دولة القانون يحاسب كل انسان على أفعاله ولا يرتفع فيها سوى صوت الحق، ولكن ما يحدث هو نتيجة طبيعية لتولي أنصاف المتعلمين وأصحاب الشهادات المزيفة لأعلى المناصب في تلك المصلحة التي كانوا يديرها ويقودها في الماضي مثقفون !
ماذا يفعل محجوب عبد الدايم في القطاع الذي يصح أن نسميه حاليا قطاع الاحتفاليات والتقاط الصور ؟
هل نشأ هذا القطاع لمجرد نشر صور بالمناسبات المختلفة وإنفاق ميزانية أسطورية على فعاليات وهمية لا تزيد عن كونها صورا بلا أي مضمون؟
الاحتفال بالمناسبات القومية عمل يقوم به التلفزيون والسوشيال ميديا ويصل إلى الملايين من الجماهير. فما جدوى أن يقوم هذا المركز أو ذاك بتجميع بعض التنفيذين بالمحافظة ليلتقطوا صورة مع مسير أعمال القطاع الداخلي وينفق عليها الملايين ؟
ماذا يفعل التقاط صورة ووضعها على الفيس بوك سوى تلميع أصحاب هذه الصورة ؟ وكم ميزانية هذا القطاع بأكمله خلال العام إذا كان المسئول الأول فيه يحصل وحده على ٥٦٨ ألف جنيه مقابل التقاط صور لنفسه ووضعها على الفيس بوك .
الأصل في هذا القطاع هو التواصل مع الجماهير عن طريق الاتصال المباشر والتفاعل مع هذه الجماهير ومعرفة متطلباتها ورفعها إلى الحكومة .. وقد توقف في عهد المسئول الحالي أهم نشاط لنقل نبض الجماهير للحكومة وهو قياس الرأي العام المحلي.. فماذا بقي لمشغل القطاع سوى التقاط الصور؟
وكيف سيعرف مسير أعمال القطاع وظيفة القطاع الذي أتى إليه في صدفة عجيبة وظروف أعجب إذا كان لا ينتمي أصلا للإعلام لا بالدراسة ولا بخبرة العمل .. لقد كان جل خبرته قبل أن يتولى ذلك العمل ينحصر في أعمال السكرتارية والتشهيلات وتوديع وشحن واستقبال حقائب رئيس المصلحة !!!
مجدي سبله رئيس مؤسسه دار الهلال السابق
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.