قانون الأوقاف الجديد في الهند يثير قلق المسلمين: تهديد لتراث ديني وركيزة اقتصادية
ياسر مطري يكتب…
يشكل الوقف الإسلامي في الهند أحد أبرز أركان العمل الخيري والتنمية المجتمعية للمسلمين، إذ يمتلك المسلمون في البلاد شبكة واسعة من الأوقاف التي تُعد من الأكبر عالميًا، ومع ذلك، فإن هذه الثروة تواجه تحديات كبيرة، خاصة في ظل التعديلات القانونية المقترحة التي قد تؤثر على إدارتها واستقلاليتها.
ويثير مشروع القانون الجديد بشأن تنظيم الأوقاف الإسلامية في الهند جدلاً واسعاً بين الأوساط الدينية والسياسية، حيث حذّر عدد من القادة والمسؤولين الدينيين من تداعيات هذا التشريع على الوقف الإسلامي، الذي يُعتبر جزءاً مهماً من التراث الثقافي والاقتصادي للمسلمين في الهند.
ويهدف القانون المقترح إلى زيادة الرقابة الحكومية على إدارة الأوقاف الإسلامية، بما في ذلك تعديل صلاحيات مجالس الأوقاف المحلية وتنظيم صرف العوائد الوقفية، وهي خطوة اعتبرها العديد من المنتقدين تدخلاً حكومياً في الشؤون الدينية، وتقييداً للاستقلالية التاريخية للأوقاف.
أصول ضخمة في خطر
تُقدَّر قيمة الأوقاف الإسلامية في الهند بحوالي مليارات الدولارات، حيث تملك الأوقاف أكثر 2.5 مليون فدان من الأراضي، والتي تشمل أراضٍ زراعية وعقارات قيمة، ورغم أن هذه الأوقاف لا تُستثمر بشكل كامل في بعض المناطق، إلا أن العوائد منها تُستخدم في دعم المشاريع الخيرية، والتعليمية، والشرعية.
مخاوف من «التأميم الناعم»
يُعبّر العديد من الخبراء عن مخاوفهم من أن هذا التعديل قد يؤدي إلى «مصادرة ناعمة» لهذه الأوقاف، حيث يسمح القانون المقترح بإعادة تخصيص بعض الأراضي الوقفية لأغراض تنموية حكومية أو تحت إشراف سلطات جديدة، ما قد يعرّض الأوقاف للأضرار ويقلل من فعاليتها في خدمة المجتمعات المحلية.
تأثيرات اجتماعية واقتصادية ودينية
من الناحية الاجتماعية، يُنذِر القانون الجديد بتقليص حجم الدعم المقدم من الأوقاف للمشروعات الخيرية التي تستفيد منها الطبقات الفقيرة والمتضررة، خاصة في المناطق الريفية، كما يُتوقع أن يؤثر ذلك سلباً على دعم التعليم الشرعي للطلاب المسلمين في مختلف أنحاء الهند، الذين يعتمدون في جزء كبير من دراستهم على التمويل من الأوقاف.
أما من الناحية الاقتصادية، فإن الأوقاف الإسلامية تُمثل مصدر دخل كبير للمجتمعات المحلية، حيث تُستخدم العوائد في مشروعات تنموية تخدم الفئات الفقيرة. وفيما يتعلق بالجوانب الدينية، فإن العديد من العلماء الإسلاميين حذروا من أن القانون الجديد قد يُهدد الاستقلالية الشرعية لهذه الأوقاف، التي تُدار عادةً بموجب قوانين دينية معترف بها.
الآراء المتباينة
بينما يُؤكد مؤيدو القانون أنه خطوة ضرورية لتنظيم وتطوير استثمارات الأوقاف، يرى المعارضون أن الحكومة تسعى للاستحواذ على أصول الوقف وتحويلها إلى مصدر دخل حكومي دون مراعاة للضوابط الشرعية.
وتستمر الجهود الداعية إلى عقد حوار مجتمعي موسع، يشمل العلماء والسياسيين والمجتمع المدني، للبحث في هذه القضايا قبل إقرار القانون بشكل نهائي.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.