مقالات القراء

بقلم : جمال الغيطاني. الشحات شهيد

 

 

 

 

 

images-67جرت هذه الواقعة في شمال سيناء خلال الأيام الماضية. عندما اتجهت عربة فنطاس مياه مسروقة بسرعة شديدة قاصدة معسكرا للجيش يقودها إرهابي دجج جسده بحزام ناسف. انتبه رجال الجيش الي العربة التي كانت أوصافها لديهم وبدأوا إطلاق النار عليها، إلا أن الارهابيين تعلموا الدرس فقاموا بتدريع العربة حتي يمكنها اتقاء الرصاص خاصة أنها محملة بنصف طن مواد شديدة الأنفجار، استهدفت قواتنا اطارات العربة – نجحت في ايقافها عندئذ قفز الارهابي الذي يقودها وراح يعدو باتجاه العسكر بهدف تفجير نفسه داخل المعسكر. عندئذ اندفع من الاتجاه المقابل جندي مجند اسمه الشحات، كل ما عرفته أن اسمه الشحات، أخذتني تفاصيل الواقعة التي رواها إلي اصدقاء يخدمون في نفس الموقع، لم أستفسر عن اسمه كاملا، ولا عن بلدته التي جاء منها، أو تعليمه قبل التجنيد، اندفع الشحات ليصطدم بالإرهابي المفخخ وليبدأ صراع مصيري بينهما، الارهابي يحاول التقدم والشحات يحيط به دافعا أياه بعيدا عن المدخل وعن زملائه. نجح في اقصائه الي مسافة وهنا قام القاتل بتفجير نفسه، لابد ان الشحات كان يعلم عندما رآه يندفع أنه مفخخ. أنه يرتدي حزاما ناسفا، ولابد أنه كان يعلم أن الانفجار سيقع حتما وهو يدفع الارهابي الي أبعد مسافة ممكنة، كل هذا كان معلوما عنده، غير أنه لم يتردد. لم يتقاعس. لحظة انسانية شديدة الكثافة والعمق والمحتوي. كان هدفه أن يفتدي زملاءه والمعسكر في لحظة بالغة الخطورة. يقال إنه ما من شيء يمكن أن يوقف إرهابيا قصد تنفيذ عمل معين وما فعله أنه من الممكن عندما يصل الانسان إلي لحظة نادرة من الايثار. التضحية بالوجود لينقذ وجود الآخرين، يذكرني ذلك بواقعة شاهدت آثارها بعيني، في جزيرة شدوان عام ١٩٦٩، تصدت قوة من الصاعقة المصرية لهجوم إسرائيلي كبير. في الجزيرة فنار يرشد السفن. خرج منه جندي مصري رافعاً قماشاً أبيض علامة الاستسلام. تقدم عدد من الجنود الإسرائيليين للاستيلاء علي الفنار ولأسر الجندي وعندما أصبحوا علي مقربة خرج فجأة جندي آخر من الفنار مطلقاً نيران رشاشه وسقط مع زميله الذي تظاهر بالاستسلام شهيداً، بعد انسحاب القوة المهاجمة أمام مقاومة رجالنا وصلت إلي الجزيرة بصحبة زميلي المصور مكرم جاد الكريم، كانت جثث الشهداء مفخخة، مغطاة بالبطاطين. قام العدو بتفخيخها قبل انسحابه. وأمام الفنار قرأت الفاتحة علي الاثنين. أحدهما كان اسمه محمود من المعهد الأزهري بقنا. لم يفارقني الموقف، كتبت ما جري في قصة قصيرة ضمنتها مجموعة «أرض.. أرض»، بعد ستة وأربعين عاما ينضم اليهما الشحات. جوهر المصريين لم يتغير، ما تغير الظروف التي جعلتنا في زمن شدوان نقف علي أطراف الأصابع نتابع ما يجري، بينما يستشهد الشحات في تجاهل اعلامي يثير الشجب رغم ما تحويه بيانات العميد محمد سمير من أهوال، لماذا؟ تحتاج الاجابة الي فحص ومحاولة للفهم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى