الطاروطي شيخ عموم المقارىء المصرية ابن محافظة الشرقيه
محمد عبدالله

الشيخ عبد الفتاح الطاروطي هو أحد أعلام دولة التلاوة في مصر، وأحد أبرز قرّاء الإذاعة والتلفزيون، الذين أثروا الساحة القرآنية بصوته العذب وأداؤه المتميز، نشأ في بيئة قرآنية بقرية طاروط بمحافظة الشرقية، حيث تذوق حب تلاوة القرآن منذ صغره، فأتقن تلاوته وأصبح نموذجاً مشرفا لقارئ القرآن الكريم، لم يقتصر دوره على التلاوة فقط، بل أسهم في نشر علوم القرآن عبر تأسيس معهد لإعداد القراء والمبتهلين، وساهم في العديد من المسابقات والمحافل الدولية، يمثل الشيخ الطاروطي نموذجاً الله مشرفًا للمقرئين المصريين، حيث يجمع بين الإبداع الصوتي والتأثير الروحي، ليواصل مسيرة التلاوة التي جعلت مصر منارة للقرآن الكريم في العالم الإسلامي.
وُلد الشيخ عبد الفتاح الطاروطي في قرية طاروط، التابعة لمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، في التاسع والعشرين من أبريل عام 1965، نشأ في أسرة قرآنية، حيث كان والده خادمًا لبيت الله وللقرآن الكريم، بينما كانت والدته ربة منزل مُحبة للقرآن وأهله، للشيخ خمسة أشقاء، وهو أكبرهم، وجميعهم من حفظة كتاب الله، وأبرزهم الشيخ محمد الطاروطي، القارئ المعروف بالإذاعة والتلفزيون، وللشيخ ثلاثة أبناء: الكُبرى أسماء «صيدلانية»، والأوسط أحمد «حاصل على ماجستير في القانون»، والأصغر محمود «طالب بكلية الصيدلة».
طاروط: مسقط رأس نائب شيخ عموم المقارئ المصرية
كانت قرية طاروط محطة أساسية في تشكيل شخصية الشيخ عبد الفتاح الطاروطي، حيث تُعرف بحب أهلها للقرآن الكريم والمعرفة والثقافة، تضم القرية مؤسسات تعليمية عريقة، منها أربع مدارس للتعليم الابتدائي والإعدادي، ومعهدان أزهريان، إلى جانب العديد من المرافق الحكومية، مثل: «مكتب البريد، والجمعية الزراعية، ووحدة المطافئ، ومحطة تحلية المياه».
البدايات والتطور
كان حلم الشيخ الطاروطي منذ صغره أن يصبح قارئًا بالإذاعة، لإيمانه بجمال وقوة صوته، بدأ رحلته مع القرآن عندما كان طفلًا في المرحلة الإعدادية، حيث كان يقرأ القرآن من نافذة منزله، فيلتف حوله أهل قريته للاستمتاع بعذوبة صوته، بعد ذلك بدأ بالأذان في المسجد وإمامة المصلين خلال المرحلة الثانوية.
تتلمذ الشيخ الطاروطي على يد الشيخ عبد المقصود السيد النجار «شيخ كُتاب القرية»، وأتم حفظ نصف القرآن الكريم في سن التاسعة، وحصل على المركز الأول في مسابقة حفظ القرآن وهو في العاشرة من عمره، التحق بمعهد الزقازيق الديني، ثم تابع دراسته في كلية أصول الدين، قسم الدعوة الإسلامية، بفرع الزقازيق، وتخرج منها عام 1988، وبعد تأدية الخدمة العسكرية؛ التحق بالعمل في مديرية أوقاف الشرقية كإمام وخطيب، ثم اُعتمد قارئًا بالإذاعة والتلفزيون في سن الثامنة والعشرين، ليصبح أصغر قارئ بالإذاعة، بعد أن ذاع صيته في جميع أنحاء الجمهورية من خلال مشاركته في إحياء مجالس العزاء.
كروان القراء
نال الشيخ عبد الفتاح الطاروطي لقب «كروان القراء» بسبب صوته المتميز، مما جعله أحد أبرز قرّاء مصر، اختارته وزارة الأوقاف للمشاركة في بعثاتها الرسمية لإحياء ليالي رمضان في مختلف دول العالم، كما شارك في التحكيم بالمسابقات القرآنية الدولية، خاض 49 مسابقة تلاوة، وكان محكمًا في 25 مسابقة دولية منذ عام 1993 وحتى 2024، وشارك في المسابقة العالمية لوزارة الأوقاف 7 مرات، بالإضافة إلى مشاركته في مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن والابتهال الديني ثماني مرات.
في عام 1997، سافر إلى سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة قارئًا ومحكمًا، وفي العام التالي تم اختياره مشرفًا بمركز الملك خالد بمدينة لاس بالماس في جزر الكناري بإسبانيا؛ خلال مسيرته الدعوية، أسلم على يديه خمسة أشخاص في رمضان، إضافة إلى عشرة أمريكيين في مدينة أوكلاند، بسبب أسلوبه السلس في الشرح والخطابة التي أظهرت سماحة الإسلام.
معهد الطاروطي لإعداد القراء والمبتهلين
أسس الشيخ الطاروطي معهدًا متخصصًا لإعداد القراء والمبتهلين عام 2017، ليكون منارة تعليمية متكاملة تخدم مُحبي القرآن الكريم، لا يقتصر المعهد على تحفيظ القرآن فقط، بل يقدم دورات في التجويد، والمقامات الصوتية، وآداب وأخلاق قارئ القرآن، كما يوفر محاضرات طبية للحفاظ على صحة الصوت.
تم تخريج 25 دفعة من المعهد، بعدد 1250 خريجًا، وأصبح المعهد منصة لاكتشاف المواهب وتأهيلهم ليكونوا من أعلام التلاوة والإنشاد، يضم المعهد دارسين من مختلف محافظات مصر، إلى جانب طلاب من دول مثل «إيران، بنغلاديش، إندونيسيا، السعودية، سوريا، وبريطانيا»، مع توفير إقامة كاملة للوافدين، وكان للمعهد فضل كبير في اكتشاف عدد من المشاهير الذين تدربوا على برامجه المتنوعة، وأصبحوا حاليًا من أعلام دولة التلاوة والإنشاد الديني، سواء الذين تم اعتمادهم في الإذاعة والتلفزيون أو المنتظر اعتمادهم رسميًا
مستقبل التلاوة في مصر
يرى الشيخ الطاروطي أن مستقبل التلاوة في مصر واعد، بفضل الاهتمام المستمر بالقرآن الكريم، وإقامة المسابقات القرآنية، وانتشار المنصات الرقمية التي تتيح للشباب إبراز مواهبهم مُباشرة مع الناس، ولطالما كانت مصر رائدة في مجال التلاوة، حيث أنجبت قرّاءً عظامًا مثل الشيخ «محمد رفعت، عبد الباسط عبد الصمد، مصطفى إسماعيل، محمد صديق المنشاوي، محمود خليل الحصري، راغب مصطفى غلوش، الشحات أنور، محمد الليثي، وغيرهم».
ومن الجيل الجديد، برز قرّاء: «علي محمود شميس، حجاج الهنداوي، عبد الناصر حرك، محمود علي حسن، طه النعماني، محمود صابر، عزت راشد، محمود عبد الباسط، محمد فتح الله بيبرس، الهواري، وغيرهم».
أهمية عودة الكتاتيب
أكد الشيخ الطاروطي، أهمية عودة الكتاتيب، باعتبارها جزءًا أصيلًا من التراث التعليمي في مصر، حيث تُساعد على تعليم اللغة العربية، والخط العربي الأصيل، وتحفيظ القرآن الكريم تلاوةً وتجويدًا، إلى جانب غرس الأخلاق الإسلامية والقيم المجتمعية.
وتسهم الكتاتيب أيضًا في تعزيز روح المنافسة بين الدارسين، مما يساعد على اكتشاف المواهب القرآنية مبكرًا.
وأشار نائب شيخ عموم المقارىء المصرية عبد الفتاح الطاروطي، إلى أن إعادة إحياء الكتاتيب ستساهم في تقوية الوعي الديني، وتعزيز الأخلاق، والحفاظ على الهوية الثقافية والدينية للأجيال القادمة، مما يجعلها ضرورة في ظل التحديات الفكرية والاجتماعية المعاصرة.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.