حوادث وقضايا

ابراهيم البسيونى يكتب /// فتنة «فتح الباب» تشعل الحرائق فى بيت الشاطر

ي

خيرت الشاطر
خيرت الشاطر
سلّم عموم كوادر وأعضاء الإخوان أن مبادرة قيادى التنظيم، على فتح الباب، للمصالحة بين الأخير والدولة، ما هى إلا لعبة أمنية لتفتيت ما تبقى من الجماعة على الأرض، وبث الفرقة ونار الشقاق والبلبلة بينهم، يتعاطون معها بتجاهل واضح، إلا بسيل من السباب والاتهامات الجزافية فى حق صاحبها فى الفضاء الإلكترونى، يتعاملون وكأنها لم تطرح من الأساس.
صهرا نائب المرشد يختلفان على مبادرة قيادى التنظيم للمصالحة مع الدولة
عبد الغنى يعتبر فتح الباب خائنًا.. والحديدى يصف منتقديه بـ”السفلة”
زوج الزهراء يواصل الهروب والأمن يتهمه بقيادة العنف الإخوانى فى الشارع

غير أن قياديين بالجماعة، يفترض أنه يجمعهما سقف عائلة واحدة، آثرا ألا يصمتا أمامها، أيمن عبد الغنى ومحمد الحديدى، صهرا رجل الجماعة القوى، نائب المرشد العام وحافظة نقود التنظيم، خيرت الشاطر، تبارا فى الإدلاء برأيهما عن المبادرة، بينما كان لافتًا، أنهما وقفا على طرفى نقيض، الأول هاجمها وصاحبها، والثانى دافع عنه، وإن تحفظ على تقييم مضمونها.

فتح الباب جدد إذًا، حرائق الخلاف السياسى فى بيت نائب المرشد، والمحبوس حاليًا على ذمة قضايا جنائية قيد النظر، ومرة أخرى يلعب الحديدى، زوج عائشة الشاطر، أستاذ الهندسة الذى كان أحد كوادر الجماعة النشطة فى ألمانيا، على مدار 8 سنوات كاملة، قبل عودته واستقراره فى مصر، بعد 25 يناير 2011.

وفى المقابل، وكما هو متوقع، يقف فى مواجهته عبد الغنى، زوج الزهراء الشاطر، ومساعد نائب المرشد الأيمن، ومسؤول عن ملفات حساسة كالطلبة والشباب بالجماعة وحزبها المنحل الحرية والعدالة، ومن تتهمه الأجهزة الأمنية بقيادة العمل الميدانى حاليًا لقواعد الإخوان، ومن ثم تمويل وتنظيم عنفهم وإرهابهم ضد الدولة، وعليه لا يبدو مستغربًا أن يعتبر الحديث عن مبادرة المصالحة كلامًا لا قيمة له.

صحيح أن اختفاء أو هروب عبد الغنى، جعل من التراشق مع الحديدى غير مباشر، وفى صورة أقرب للآراء المنشورة عبر نوافذ التواصل الاجتماعى، والتى لم تكن بالضرورة موجهة لبعضهما البعض، ولكن لعموم الإخوان، إلا أن التضاد فى الرؤية بينهما، والفارق الشاسع الذى يميز نظرتهما للواقع السياسى الحالى فى مصر، وكذا تقيمهما لقرارات قادة التنظيم، إنما يبرزان حجم التعارض والاختلاف الشديدين بين أصهار الشاطر.

نظرة سريعة على ما كتباه تعليقًا على مبادرة فتح الباب، تكشف ذلك التعارض بجلاء، يقول عبد الغنى: “لا تفاوض، والمبادرات التى لا تحترم مبادئ الثورة، أصحابها يسعون وراء سراب”.

بينما كان رأى الحديدى عبر “فيسبوك” نصًا: “كلمة أقولها بملء فمى لكل شارلوك هولمز يتطاول على شخص محترم مثل على فتح الباب، يجتهد ويحاول أن يجد حلًا، قد يكون اجتهاده خطأ أو صواب، قد يكون فيه النهاية وقد يكون فيه الفتح، فأيًا كان اجتهاده فهو محاولة من مخلص، وأنا لن أعلق سـياسيًا على مبادرته، ولكن أعلق على سفلة وصفوه بصفات كثيرة منها الخيانة تارة أو التخاذل تارة”.

بوضوح اعتبر عبد الغنى أن فتح الباب يروج لسراب، بل وخارج عن الثورة، بمفهومها الإخوانى، بطبيعة الحال، فيما كان الحديدي حادًا فى انتقاد من يتطاول على الرجل الذى اعتبره مخلصًا من دون دليل، متهكمًا على من يفعل ذلك بوصفه بشارلوك هولمز، قبل أن ينعت من يتهمه بالخروج على العهد التنظيمى وبيعته، بالسفلة.

هكذا هى مواقف الحديدى، نجل القيادى التاريخى بالتنظيم الخاص صالح الحديدى، حادة جدًا فى نقد قادة التنظيم وتصرفات كوادره. هو فعل ذلك من قبل مع حماه الشاطر شخصيًا، حينما نظم أول مظاهرة داخلية من أعضاء التنظيم مضادة لمكتب الإرشاد ومجلس شورى الجماعة، على إثر قرار الأخيرين بترشيح نائب المرشد فى انتخابات رئاسة 2012، لم يستمر بقرار من اللجنة العليا للانتخابات آنذاك.

ساعتها لم يكن قد مر على عودة الحديدى من ألمانيا سوى بضعة أشهر، قبل أن يجمع نفر قليل من شباب الجماعة، منظمًا أول مظاهرة، أو وقفة احتجاجية، ضد ترشح للشاطر، أمام المركز العام للتنظيم بالمقطم.

دفع الحديدى ثمن فعلته التى تعد الأولى فى التاريخ الإخوانى غاليًا، تم التحقيق معه ومن شاركه، وصدرت قرارات بعزلهم أو تجميدهم نهائيًا ومنعهم من أى نشاط أو دور بالجماعة، بينما ترددت أنباء فى ذلك الوقت لا أحد يعرف مدى صحتها حتى الآن، على أن زوجته عائشة، غضبت من فعلته وانتقلت لبيت أبيها، ولم يتسنى التأكد من أن الأمور توقفت عند هذا الحد، أم تطورت بصورة سلبية بين الزوجين.

فى هذا الشأن اكتفى الحديدى بتعليق غاية فى الصراحة، بشأن مدى تأثر حياته العائلية جراء ما فعله، فقال: “أحترم المهندس خيرت الشاطر، لكن هذا موقفى واتخذته وأنا أعرف جيدًا حساسية موقفى، لكنه لم يكن بوسعى أن أتراجع أو أتخاذل عن دورى وموقفى لوجود نسب بينى وبين المهندس خيرت الشاطر، ولكن دومًا يكون الإنسان الواقع أمام اختبار حقيقى عليه أن يختار ويعرف أنه سيخسر بعض الأشياء، المهم ألا يخسر نفسه”.

المثير أن قيادة الحديدى لمظاهرة ضد الجماعة، جاءت بالتزامن مع تأسيسه لكيان “صيحة إخوانية”، والذى كان يضم عددًا من شباب التنظيم من أصحاب الأفكار الإصلاحية المستنيرة، وكان هدفه الأساسى الضغط على مكتب الإرشاد، للإلتزام بتعهداته، وأهمها عدم خوض انتخابات الرئاسة.

ورغم أن الحديدى، كغيره من شباب الجماعة، فجعه سقوط ضحايا فى فض اعتصامى رابعة والنهضة، فضلًا عن المواجهات التى اشتعلت بعد 30 يونيو 2013، فإنه لا يتردد فى الاعتراف بالأخطاء الكارثية لمحمد مرسى وإخوانه فى حكم مصر، بينما تولى بعد سقوط حكم الجماعة، مهمة تأسيس كيان إصلاحى من شبابها وسطى التفكير، أطلق عليه “شباب الإخوان”، وهو يرى أن الحل السحرى لاستعادة التنظيم هو قصره على مهمته الاساسية وهى الدعوة، علاوة على ترك العمل السياسى تمامًا، وإصلاح ما أفسدته القيادة القطبية، ومنعها من العودة لمراكز صنع القرار مجددًا، ونُقل عنه تصريحات قال فيها إن “مصلحة الوطن أهم، حتى ولو على حساب الجماعة فكرًا وتنظيمًا، لأن هناك ثمة صدوع وشروخ موجودة فى مصر الشعب ومصر الوطن يجب أن تندمل”.

الآن، الحديدى فى مواجهة جديدة مع أفكار الجماعة المتكلسة، وبطبيعة الحال مع أقرانه من أصهار الشاطر، وفى مقدمتهم أيمن عبد الغنى، بسبب فتنة مبادرة فتح الباب، غير أنه لا يزال يحافظ على النغمة النشاز، فى عائلة وتنظيم أدمنا عزف نغمة واحدة، ولا يحيدان عنها قط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى