مقالات واراء

همسة في أذن “وزير التعليم”

كتب – حامد بدر
حينما قالها عميد الأدب العربي، الدكتور طه حسين: “التعليم كالماء والهواء”، كان يقصد أن يتحول التعليم للطالب من مجرد رفاهة او أن يكون قد اكتسب حظًا كونه ابنًا من أبناء ذوات الأملاك نحو فكرة أصيلة مفادها “حق التعليم” وضرورة وجوده في حياة الإنسان، الذي جعله الله خلفًا له على هذه الأرض.
أطلَّ علينا السيد الاستاذ الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، بتصريحات أثارت الانتباه كما اعتاد، منذ تقلَّد معاليه هيكل الوزارة؛ ليعلنها “البورصة لمنهج طلبة الصف الخامس العام القادم”، فتتراكم علامات التعجُّب على قراراته التي أصبحت محور هموم الآباء والأمهات من الشعب المصري..
السيد الوزير.. لن يكون جديدًا أن أسأل معاليكم – إن وصلكم خطابي هذا – عن أهمية البورصة ودراستها في مصر بالنسبة لطالب لم يزل يحلم أبويه أن يتعلم جديدًا..
الحقيقة لسنا هنا بمعرِضٍ لانتقاد سياسة الوزير، فالكثير يستطيع ان يتسلَّم هذه الدفة باحتراف ويناور بها ما شاء أن يناور، لكننا بصدد قضية كبرى تنحى بنا نحو مستقبل غير محدد الملامح. فالطالب في المرحلة الابتدائية دومًا في حاجة إلى تأسيس عقلي وتربوي على مناحٍ توعوية، ومفاهيمية، ومنطقية، يسترشد بها كي ينتقل إلى ثاني مراحلالتعليم الأساس “المرحلة الإعدادية”، فيتمكَّن من التعامل مع اساسيات المناهج الدراسية، وتكون لديه القدرة على التجاوب معها في فترة من أهم فترات حياته.
نعم .. إنها بداية المراهقة ومن ثمَّ الشباب، تمهيدًا لأن يكون واحدًا من عماد الأمة ورفعتها، التي ينفتح من خلالها على مجالات ونواحٍ أدق في التخصص على مستوى المعرفة العلمية .. وليس لدينا داعيًا لأن نذكر هذه التفاصيل، فمعالي وزير التربية والتعليم يدريها وربما يمكنه محاضرتنا فيها أبًا أبًا وابنًا ابنًا.
السؤال الأهم لماذا نريد أن نشغل – حتى ولو بالقصص المصورة – عقول نبتة المستقبل أبناءنا من طلبة المرحلة الابنتدائية بمهام وهموم البورصة وأحكام الاقتصاد؟ .. هل هنا القيمة ستكون أوضح ؟ . ما الذي أستطيع أن أجنيه وأنا طالب في المرحلة الابتدائية من دراسة البورصة؟
كان حريًّا بمعالي السيد الوزير أن يأمر بتكتيك مهم داخل مواد اللغة العربية والرياضة والدراسات الاجتماعية، .. وغيرها، يشير إلى أهمية الاقتصاد وترسيخ بعض معالمه..
ألم ترى معاليكم أن إنشاء كمحتوى يتحدَّث عن البورصة المصرية لن يزيد من طموحات الطالب جديدًا؟
هل أعلِّمه أن يبحث عن قيمة المادة؟ أم هل وصل مستوى الطالب المصري حدَّ النبغ والتفوُّق لأرسي فيه مبادئ البورصة والمضاربات؟
هل السلسلة القصصية “المستثمرون الخمسة” وإطلاق أول كتاب لتعليم الاستثمار في البورصة بطريقة “برايل”، “هيا نتعلم بورصة”، التين هدفهما رفع مستويات وعي ومعرفة الأجيال الجديدة بأساسيات الادخار والاستثمار من خلال سوق المال، بما يدعم جهود الحكومة المصرية في زيادة معدلات الاندماج الاقتصادي والمالي ويعزز من مستويات الشمول المالي”، هل هذه العبارات يحتاجها طالب الصف الخامس والسادس الابتدائي في حياته اليومية البسيطة؟
كيف لمسؤول التعليم في مصر أن يجعل لطالب المرحلة الابتدائية همَّا من هموم رجال الاعمال والاقتصاد؟ .. هل لدينا نيَّة لتأسيس روَّاد أعمال منذ الصغر؟
سؤال أهم لما لا أعلمه درسًا آخر بعنوان “ازرع شجرة” أو “اصنع قطرة ماء” أو “ابتكر محركًا يعمل بالطاقة الشمسية” التي وفَّرتها الطبيعة طيلة العام؟
لقد قرّر الوزير منذ أعوم أن يكون التعليم إلكترونيًا وأن نُعمم ثقافة “التابلت”، لتفاجئه أزمة انقطاع الإنترنت والتي أعاقت استكمال طلبة الثانوية العام لبعض امتحاناتهم؛ ليعود بعضهم إلى النظام الورقي، فازداد الضغط عليهم وازداد أهلوهم تحسُّرًا..
مرّةً أخرى .. نحن لسنا بمعرض للنقد أو اللوم على سياسات الوزير أو نرفض أن يكن لدى الطالب فكرة مسبقة عن مستحدثات العصر، ولكنها “همسة” في أذن معاليه:
“أبناؤنا آخر وأغلى ما نمتلك، فلا داعي لان يكونوا وسيلةً للتجارب .. دعوا ثمارنا تنبت بطبيعتها التي قدَّرها الله في ناموسه أن تكون”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: