تحقيقات صحفيه

«درنة».. الإمارة الداعشية التى قصفتها الطائرات المصرية

199922ا

الرد السريع للجيش المصرى على ألم وفاجعة مشاهد فيديو ذبح 21 قبطيا فى ليبيا على يد “داعش”، أثار انتباه الكثيرين حول نقاط تمركز وتجمع التنظيم الإرهابى، وخصوصا بمدينة درنة شرق ليبيا، بعد تأكيد الجميع، أن ضربات المقاتلات المصرية حققت أهدافها فى تدمير عدة مخازن أسلحة تابعة للتنظيم بالمدينة، فضلا عن استهداف بعض معسكراته.

800 مقاتل «داعشى» يسيطرون على المدينة ذات الـ100 ألف نسمة.. 300 كانوا بسوريا
6 معسكرات لتدريب المتطوعين للانضمام لـ”داعش» على أطراف المدينة

ووفقا للدراسات التى أتاحتها مراكز البحوث الليبية، فإن تنظيم “داعش” تمكن من السيطرة على مدينة “درنة” الساحلية، شمال شرق ليبيا والقريبة من الحدود المصرية إلى جانب كونها تبعد نحو 300 كيلومتر عن شواطئ أوروبا. ويشكل هذا التواجد تهديدا لأمن ليبيا والدول المجاورة لها، وسط تساؤلات حول مسؤولية الغرب عن تنامى ظاهرة الإرهاب فى المنطقة.

وفى مشهد يشبه رتل السيارات المحملة بمسلحى “داعش” أثناء سيطرتهم على مدينة الموصل بشمال العراق، بث التنظيم ذو الآلة الإعلامية القوية، صورا وفيديو لرتل آخر للجماعة فى المدينة، بعد السيطرة عليها كاملة. وبحسب دراسة بعنوان “خريطة الإرهاب فى ليبيا”، فإن نحو 800 عنصر من الجماعة فقط، يسيطرون على المدينة الساحلية التى يبلغ عدد سكانها 100 ألف نسمة، والتى ارتكبت فيها مجزرة المصريين.

لكن الدراسة تؤكد أن لـ”داعش” على أطراف المدينة وفى الجبال المحيطة بها 6 معسكرات لتدريب المتطوعين، وأضحى ملعب كرة القدم ساحة لتنفيذ الإعدامات بطريقة قطع الرؤوس، التى تعد “ماركة” مميزة للجماعة أينما حلوا. وهنا نحيل إلى أنه ربما كان ذبح المصريين على شواطئ المدينة رسالة إلى أوروبا، باختلاط دمائهم بمياه البحر المتوسط.

كما تشير الدراسة أيضا إلى أن الجماعة المسلحة استغلت الفوضى السياسية فى البلاد، وتتوسع غربا على امتداد الشواطئ الشمالية.

ويأتى تحذير مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا “برناردينو ليون” من تزايد أعداد الموالين لـ”داعش” شرق ليبيا، فى وقت يرى فيه الكثير من الخبراء أن الغرب مسؤول عن تنامى معاقل الإرهاب فى شرق ليبيا، وأن الإرهاب لم يعد يهدد أمن ليبيا والبلدان المجاورة لها فحسب، وإنما بمثابة سفن مفخخة، قد تتوجه فى أى وقت باتجاه سواحل الدول الأوروبية.

الدراسة أيضا أكدت أن مسلحين من 10 دول عربية وإفريقية وغربية، يتدفقون بشكل يومى إلى ليبيا عبر تونس وعبر الصحراء، قادمين من موريتانيا ومالى والنيجر، وأن 300 من عناصر “داعش” فى درنة، كانوا يقاتلون فى العراق وسوريا، وأن هناك أسبابا عديدة لتجمعهم فى ليبيا، منها التضييق الشديد المفروض على تدفق المتطوعين بالمنافذ التى تربط العراق وسوريا بباقى العالم، وتوفر السلاح بكميات كبيرة فى ليبيا.

 

دراسة أخرى نشرها “مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة”، بعنوان “الإرهاب فى ليبيا”، تؤكد أن التنظيم قسّم ليبيا إلى ثلاث ولايات، الأولى ولاية برقة، والثانية ولاية طرابلس، والثالثة ولاية فزان. وعمل التنظيم على الانتشار فى جميع أنحاء ليبيا، للاستفادة قدر الإمكان من النفط فى تمويل نفسه، ومثلما هو الحال بالعراق وسوريا، جنّد التنظيم مسلحين للقتال فى صفوفه، واعتمد بشكل كبير على المهاجرين إلى البلاد.

وذكرت الدراسة أن أكبر عمليات “داعش” فى ليبيا كانت تفجير فندق كورنثيا فى العاصمة طرابلس. وقتل 11 شخصا، بينهم 5 أجانب ومنفذى الهجوم، عن طريق سيارة مفخخة أمام الفندق، تبعها احتجاز رهائن من قبل 3 مسلحين فى الفندق الذى توجد فيه بعثات دبلوماسية أجنبية عدة.

وتبنى “داعش” الهجوم عبر موقع إلكترونى، وقال إن “دافعه هو أن الفندق يحتوى على بعثات دبلوماسية أجنبية”. وأوضحت الدراسة أن التنظيم كثف عملياته فى ليبيا مؤخرا. وتتوقع الدراسة مزيدا من العمليات، وتشير إلى إمكانية ارتفاع أرقام الضحايا، وتظهر واقعا مظلما، إلا إذا تم التصدى لهذا التنظيم ومحاربة وجوده.

أما الناشط السياسى والحقوقى الليبى ناصر الهوارى، رئيس جمعية “ضحايا” الليبية، فكشف أيضا عن قادة الإرهاب والجماعات التكفيرية فى ليبيا، لافتًا أنه يأتى على رأس القائمة، الرأس المدبر لكل الجماعات التكفيرية جماعة الإخوان، ومن قياداتها محمد صوان، وعلى الصلاحى، وعبدالرازق العرابى، والصادق الغريانى، مفتى جماعة الإخوان، وأحد داعمى، الإرهاب فى المنطقة، وهو من أفتى بتكفير رجال الجيش والشرطة، وساهم بشكل كبير فى حشد الرأى العام ضد “داعش” والجيش الليبى.

وأشار الهوارى، إلى أنه من قيادات الإرهاب أيضا قيادات “الجماعة الإسلامية”، ومنهم عبدالحكيم بلحاج، وعبدالوهاب القايد، وخالد الشريف، الذى عمل وكيلًا لوزارة الدفاع، فضلا عن عبدالرحمن السويحلي، ومحمد الزهاوى، ووسام بن حميد، أحد قيادات مجلس شورى ثوار بنى غازى، مضيفا إلى جانب وجود مختار بلمختار، وهو إرهابى جزائرى متطرف، وأحد القيادات بتنظيم القاعدة والذى يعتبر بمنزلة الآمر الناهى فى مدينة “درنة.

خريطة الإرهاب وخصوصا فى “درنة” تبدو وعرة جدا، وتحتاج لأكثر من قصف بالطائرات، إلا أن الحكومة الليبية ترفض ذلك.

ففى الوقت الذى أعلنت فيه إيطاليا استعداها لإرسال آلاف الجنود، وأن تتولى سريعا قيادة ائتلاف يضم دولا أوروبية ومن المنطقة، للتصدى لتقدم الإرهابيين فى ليبيا، أكدت مصادر بالحكومة الليبية أن مبدأ التدخل العسكرى فى ليبيا مرفوض، لكنها أوضحت أن هناك تنسيقا يجرى بين الحكومة الشرعية الليبية ومصر، فى إطار مواقف مكافحة الإرهاب.

من جانبه، قال قائد عملية الكرامة الليبية، اللواء خليفة حفتر، خلال مداخلة هاتفية مع إحدى الفضائيات المصرية بعد دقائق من بث فيديو “ذبح المصريين”، “إن الجريمة تكشف حجم الخطر الذى يواجهه الشعب العربى، والجريمة لا تعد إلا تنبيهًا جديدًا ومفزعًا يهدد كل الشعوب العربية، ويجب مواجهته والقضاء عليهم لمكافحة الظاهرة التى تهدد الإسلام”.

أما الناطق باسم رئاسة أركان الجيش الليبى، العقيد أحمد المسمارى، فشدد أن الجيش الليبى يواصل قصفه المتواصل لأهداف التنظيم من على بعد ١٦٠ كيلومتر من مدينة سرت، وأن القصف لن يتوقف، حتى نكبدهم خسائر فادحة، لتهديدهم أمن ليبيا ومصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: