الشارع السياسىتحقيقات صحفيهعرب وعالممال واعمال

الصحفى الجرىء محمد عبدالله يكشف بالتفاصيل عودة اموال الاخوان الى الخنادق

107412_1388012550تقوم جماعة الإخوان على قوة وتماسك التنظيم وتستره خلف الدين فقط، السر يكمن بالأساس في قدراتها المالية الضخمة، وعليه فإن الأزمة الطارئة لطرد عدد من قادة الجماعة، وغالبيتهم مجرد ظواهر صوتية وغير مؤثرين، تلك الأزمة التي تم تضخيمها قصدًا من جانب الدوحة ومسؤولي الذراع العالمية للإخوان، لمغازلة الخليج من جانب الأولى، ولمواصلة تشويه سمعة القاهرة من جانب الفريق الثاني، إنما تحمل بين طياتها وجهًا آخر، يتعلق بصفة خاصة بمصير التدفقات المالية والتمويلية الخاصة برجال الإرشاد وتابيعهم. الجماعة تسحب إدارة استثماراتها من الدوحة.. وتنقلها مجددًا إلى غرب أسيا التنظيم يلجأ إلى شركات الأوف شور ومضاربات بورصات أندونسيا وتايوان وهونج كونج بنوك ليختينشتاين والبهاما تستقبل الأموال مرة أخرى يخطئ من يعتقد أن الدوحة كانت مجرد داعم سياسي قوي فقط للإخوان في عهد الثورات، وأثناء وبعد حكم محمد مرسي، فالواقع أنها كانت مركزًا رئيسيًا لتدوير وإدارة وتنظيم مسارات ماليات التنظيم، سواء المتدفة على مصر، أو المغادرة منها، أو تلك التي كانت رحالة بين الأقطار والقارات المختلفة، وكذا تلك الظاهرة ونظيرتها المستترة. الدوحة كانت كذلك، وهي تتشح زورًا بأنها ملاذًا آمنًا للدعاة المضطهدين، بمثابة نافذة التسويق لاستثمارات الإخوان أثناء وجودهم في قصر الاتحادية، وعليه فإن جيران قطر في الخليج انتظروا إجراءات عملية للتخلي عن رعاية تمويلات الجماعة ومالياتها، ذلك هو سر الوجع الإخواني من قرار الطرد من الإمارة. ولم تكن قطر لتلعب هذا الدور طيلة السنوات الأربع الماضية لو لم تقع قيادات الجماعة في خطأ استراتيجي تاريخي، يعكس غرورها الكبير، حينما اطمأنت إلى أنها مستقرة في الحكم لسنوات وعقود طويلة قادمة، هنا كان القرار المفاجئ بإظهار الغاطس من اقتصاديات التنظيم، تارة لدمجه في مشروعات الدولة أثناء حكم مرسي، ما يسهل الحصول على مكاسب مرعبة بلا ملاحقة وفي أسرع وقت ممكن، وتارة أخرى لرغبة رجال الإرشاد الكبار في جمع أكبر قدر من المال، في وقت قصير، خشية أن تزول عنهم فرصة السلطة سريعًا. على هذا النحو كان القرار الكارثي بالنسبة للتنظيم، بالتخلي عن بيزنس الكواليس، ومن ثم اللعب على المكشوف، والدخول في مشروعات عملاقة، لا خبرة له فيها، كمشروع محور قناة السويس الذي كانت تتبناه حكومة مرسي، وبدا من دباجته وقوانينه التي فصلته عن الخضوع لقوانين الدولة المصرية، وكأنه دولة داخل الدولة، وهو ما يفسر لجوء الجماعة لقطر وتركيا على وجه التحديد من أجل المساعدة في الدخول في تلك المشروعات فائقة الضخامة، مقابل اقتسام الدولتين للمكاسب مع الإخوان. رجال التنظيم تحركوا كالمجانيين في عهد المعزول لتوسعة نشاطاتهم المالية، فرجل الجماعة القوي، خيرت الشاطر مثلًا، وفق تحقيقات رسمية منشورة ومتاحة للجميع، سعى لشراء شركة (الإسلامية لتصنيع الورق) عن طريق وسيط ببنك (بي إن بي باريبا) العالمي مقابل 900 مليون جنيه، وتفاوض لينال حصة من أسهم شركة (هاز) السعودية العالمية المتخصصة في الأنواع الراقية من الرخام، وفتح خطوط اتصال مع شركة (أفنتيكوم كابيتال) التي تمثل اسنثمارًا مشتركًا بين شركة سويسرية والقطاع العام الحكومي في قطر، إلى جانب دخوله في مجال صيد الاسماك مع شركات إيطالية، فضلا عن صناعة آلات تتبع وفحص جودة المنتجات، عن طريق شركاء ماليزيين. وقبل هذا وذاك أتم شراكته مع عدد من شركات الفوركس متعددة الجنسيات التي تختص بتداول الأوراق العابر للأقطار والحدود، والذي يتم عبر شبكة الانترنت وربما عبر الاتصالات التليفونية، ويتيح صفقات للمداربات في البورصات مقابل نسب سمسرة، ومن بينها شركات أمريكية وأخرى قبرصية. كذلك توسع مع رجل أعمال الإخوان حسن مالك، وبمساهمة من أفراد عائلته أيضًا، في قطاع الأوراق المالية وصناديق الاستثمار، فأسس شركة رواج كابيتال، للمضاربة في البورصات داخليًا وخارجيًا، ثم تعددت مراسلاته مع شركات أجنبية وخاصة الأمريكية والقطرية والتركية، للشراكة في أعمال جادة برأس مال ضخم. وفيما كانت أغلب تلك المشروعات في بداية عملها، أو في مرحلة التفاوض البناء الخاص بترتيب شئون الإدارة وآليات توزيع الأرباح وما شبه، فإنه حين سقط حكم الإخوان، نقلت إدارة نشاطاتها إلى مكان آمن، فكانت قطر. وضاعف من مصيبة الإخوان من رفع يد قطر بصورة ما عن رعاية حركة مالياتهم، أن تركيا لن تتمكن بحسب قانينها الاستثمارية والاقتصادية الصارمة، التي تلفظ الأموال المشبوهة، على أراضيها، ولو كانت تخص الحلفاء والأصدقاء، من لعب دور الدوحة في القصة، ناهيك عن أن التحقيقات البريطانية بشأن نشاطات التنظيم على الأراضي الانجليزية، والفوبيا الغربية عمومًا من حركة الأموال الإسلامية، كل ذلك يحول دون إيجاد بديل للإمارة يمكنه تبني أموال الإخوان. وصحيح أن الدوحة وباعتراف قادة التنظيم الدولي أنفسهم، لن تتخلى عن الدعم المستتر القوي للإخوان، لكنها لن تتحمل في الوقت ذاته أن تدار استثمارات الجماعة من على أراضيها، طالما ظلت الأخيرة مستخدمة في حرب عنيفة مع أنظمة حاكمة بالمنطقة. ويكفى أن من بين تلك الاستثمارات ما تضخه الجماعة وأذرعتها الخارجية من ملايين ملايين الدولارات في قنوات فضائية ومواقع وصحف إلكترونية وورقية للتحريض على القاهرة، في عدد من المدن والعواصم، مثل اسطنبول ولندن وبيروت، بل وفي الدوحة نفسها. فكان القرار الإخواني الجديد بالعودة إلى السياسة القديمة في التعتيم على الماليات وجعلها سرية، وذلك عن طريق نقل الأنشطة كلها إلى أماكن غير مرصودة في ماليزيا وكوريا الجنوبية والنرويج، فضلًا عن إيقاف الشراكات الكبيرة مع الشركات متعددة الجنسيات، وضخ أموالها في الكارتيلات الاستثمارية الإخوانية التقليدية، والمتمثلة في الجمعيات الإسلامية العاملة في أوروبا وأمريكا والمتشحة برداء إنساني، فيما أن ذلك لا يعدو إلا واجهة فقط، وربما غسل لتلك الأموال، إضافة إلى العودة إلى تحريك النقود عبر سويسرا وليختينشتاين وجزر البهاما وقبرص، وهي من البلدان شديدة السرية فيما يخص حسابات العملاء، ويصعب اختراق نظمها المصرفية، فضلًا عن الاعتماد على ملايين وربما مليارات المضاربات في بورصات هونج كونج وعدد من البلدان في غرب آسيا، حيث تبدو الرقابة هناك على حركة المال إضافة إلى عمليات التضييق عليها، أقل من أي مكان آخر في العالم. كما سيعظم التنظيم من الاعتماد على شركات الأوف شور، فضلًا عن العبور من خلال الأسواق المالية في كوريا الجنوبية وتايوان وماليزيا وأندونيسيا. إلى جانب استغلال قوانين الأوقاف المعمول بها في بعض دول أوروبا، في تخصيص مشروعات خيرية، هي بالأساس نوافذ لبيزنس تحتي غير مرئي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: