تحقيقات صحفيهمقالات القراء

محمد عبدالله يكتب 66 عاما على حظر الاخوان سنوات الدم والنار

الحلقه الاولى * القرار الذى اغتال النقراشى*

النقراشى باشا
النقراشى باشا

بينما صدر أول قرار بحل وحظر الإخوان، فى 8 ديسمبر 1948، على خلفية سلسلة التفجيرات والاغتيالات التى تبناها التنظيم السرى المسلح بالجماعة فى ذلك العام، فإن الأخيرة وكوادرها لم ترتدع، بل واجهوا الدولة بمزيد من العنف والتطرف، فكانت حادثة اغتيال رئيس الوزراء ووزير الداخلية فى ذلك الوقت، محمود فهمى النقراشى باشا، والذى أسقطته ثلاث رصاصات غادرة أطلقها مسدس “عبد المجيد أحمد حسن”، الذى تخفى فى زى ضابط شرطة، ليتمكن من الاقتراب من ضحيته، وتنفيذ جريمته.

الإخوانى عبد المجيد أحمد حسن

قتل رئيس وزراء مصر عقابًا له على

حل التنظيم

الصباغ يفضح زيف تنصل البنا من

الحادثة.. ويؤكد: التنظيم الخاص

المسلح خطط ونفذ بنجاح

كتاب ألمانى: الإنجليز جندوا الإخوان

للتخلص من “عدوهم” النقراشى

ورغم أن المرشد المؤسس حسن البنا، ومن تلاه من قادة الإخوان حتى يومنا هذا، يتبرؤون من تلك الجريمة، بل إن المرشد السابق للإخوان، محمد مهدى عاكف، قال صراحة إن عبد المجيد يتحمل وزر حادثة الاغتيال وحده، لا التنظيم، فإن الأخير لم يجد مفرًا من الاعتراف فى التحقيقات، بأنه أقدم على قتل النقراشى جراء إصداره قرارا بحل الإخوان.

فيما لم يخف نفر من قادة التنظيم فى المقابل أن عملية الاغتيال دبرت بليل فى أروقة التنظيم الخاص المسلح، حيث يقول محمود الصباغ، والمعروف بكونه بطل قضية السيارة الجيب، تفاصيل عملية الاغتيال كاملة فى كتابه الشهير “حقيقة التنظيم الخاص ودوره فى دعوة الإخوان المسلمين”، الصادر فى الثمانينات من القرن الماضى، والذى كتب مقدمته المرشد الأسبق مصطفى مشهور، بوضوح:

“لا يمكن أن نعتبر أن قتل النقراشى باشا من حوادث الاغتيالات السياسية، فهو عمل فدائى صرف قام به أبطال الإخوان المسلمين، لما ظهرت خيانة النقراشى باشا صارخة فى فلسطين بأن أسهم فى تسليمها لليهود ثم أعلن الحرب على الطائفة المسلمة الوحيدة التى تنزل ضربات موجعة لليهود، كما شهد بذلك ضابط القوات المسلحة المصرية سابقا، وكما سنرويه تفصيليا فى الفصل القادم إن شاء الله، فحل جماعتهم واعتقل قادتهم وصادر ممتلكاتهم وحرم أن تقوم دعوة فى مصر تدعو إلى هذه المبادئ الفاضلة إلى الأبد، فكانت خيانة صارخة لا تستتر وراء أى عذر أو مبرر، مما يوجب قتل هذا الخائن شرعا، ويكون قتله فرض عين على كل مسلم ومسلمة”..

وفى موضوع آخر قال: “كان الشهيد السيد فايز هو مسؤول التنظيم الخاص عن مدينة القاهرة بعد اعتقال كل من يعلوه فى القيادة سواء من رجال الدعوة العامة أو من رجال النظام الخاص، فقد اعتقل جميع أعضاء الهيئة التأسيسية وحيل بين المرشد العام وجميع الأخوان، فأصبح سيد فايز هو المسؤول عن حماية الدعوة فى هذه الظروف الشاذة وله حق الاجتهاد. وقد نظر السيد فايز فى قرار حل الإخوان المسلمين وفى الظروف التى تحيط بهذا القرار سواء فى الميدان أو فى داخل مصر، فشعر بأنه محكوم بحكومة محاربة للإسلام والمسلمين وقرر الدخول معها فى حرب عصابات فوق أرض مصر.

لم يكن للسيد فايز من بد فى أن يتحمل هذه المسؤولية، فكل إخوان الدعوة العامة معتقلون والمرشد العام محجوب عن اللقاء بالإخوان بوضعه تحت العدسة المكبرة لرجال الأمن طوال ساعات النهار والليل فليس هناك مجال للاتصال به أو أخذ التعليمات منه، وبدأ السيد فايز معاركه برأس الخيانة محمود فهمى النقراشى، فكون سرية من محمد مالك وشفيق أنس وعاطف عطية حلمى والضابط أحمد فؤاد وعبد المجيد أحمد حسن ومحمود كامل لقتل النقراشى باشا غيلة، وليتحطم رأس الاستبداد، وقد أسند قيادة هذه السرية إلى الشهيد الضابط أحمد فؤاد.

وقد رسموا الخطة على النحو الذى ظهر فى تحقيقات هذه القضية، ونجح عبد المجيد أحمد حسن فى قتل النقراشى باشا، فى مركز سلطانه وسط ضباطه وجنوده وهو يدخل مصعد وزارة الداخلية”..

هكذا يجزم الصباغ بحسم، وهو أحد رموز النظام الخاص، بمسؤولية الجماعة عن قتل رئيس وزراء مصر، ما يجعل من البيان الذى أصدره البنا بعد الحادثة، أواخر العام 1948، تحت عنوان “ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين”، للتنصل من الفعلة أقرب لمحاولة يائسة للمراوغة، ولاتقاء شر السلطة تجاهه وجماعته.

أسرة النقراشى باشا، من جانبها على يقين تام بأن الإخوان هم من قتلوا والدهم، ليس فقط لكون المحكمة اقتنعت بذلك، ومن ثم عاقبت القاتل بالإعدام شنقاً وشركاءه بالسجن مدى الحياة، وحسب، ولكن أيضًا لسببين وجيهين، أولها لأن الرجل قرر مواجهة إرهاب التنظيم بحسم، عبر قرار حظره وحله، وثانيهما نظرًا للعداوة التامة بينه والإنجليز، وخصوصا أنه كان عائدًا قبل فترة وجيزة من مقتله من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث طالب فى كلمته هناك، الإمبراطورية البريطانية بمغادرة الأراضى المصرية كافة، ووصف قادتها وجنودها بالقراصنة الغزاة، ومن ثم، وحسب نجله خبير الطاقة العالمى، الدكتور هانى النقراشى، فقد وشى الإنجليز به، وحرضوا الإخوان على قتله.

نجل النقراشى

الدكتور هانى النقراشى، يعضد تلك الافتراضية، بكتاب للباحث السودانى كرم حلا، صدر فى ألمانيا، قبل سنوات، يقطع مؤلفه، بأن لندن ومخابراتها جندت الإخوان لاغتيال والده، مستغلة حالة الحنق والغضب التنظيمى من قرار الحظر، وما تلاه من عمليات اعتقال وتنكيل واسعة بكوادره وقادته..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: