الشارع السياسىتحقيقات صحفيه

محمد عبدالله يكتب متحدث الإخوان المجهول.. ومعركة الغرف الفندقية

178471

فى تلك المواجهة بدت الجماعة فى أحسن حالاتها من ناحية التكتيك، والتخطيط، والتصميم على إشعال معركة حرب الشوارع الدموية فى المطرية يوم إحياء الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، أمس، جُهز لها من جانب الإخوان على أكمل وجه، سواء بالطريقة الاحترافية، لسحب الأمن إلى نزال عنيف فى قلب منطقة مكتظة بالسكان، أو عن طريق الإعداد الجيد للمشهد بتركيز غالبيته فى بؤرة واحدة بعينها “المطرية تحديدًا”، بحيث يمكن تضخيم نتائجها دون عناء، وأخيرًا بالدفع ببوق محفز لسكب مزيد من البنزين على نيران الخصومة والثأرية المتأججة تجاه دولة 30 يونيو، هو المتحدث الرسمى الشاب الجديد للتنظيم، والمعروف إعلاميًا بمحمد منتصر.

المتحدث الوهمى يبث بيانات وتعليمات الجماعة عبر نافذة واحدة «مضمونة»
الجماعة تستخدم صوتًا غير معروف لدغدغة مشاعر شبابها ودفعه لمعارك مميتة مع الأمن
منتصر «المختفى» يواصل التحريض على دولة 30 يونيو لتأصيل مزاعم «الانقلاب»

لا شك أن الاسم الأخير هو كنية حركية لا أصل لها، وبالتالى فإنه لا لوجود لذلك الـ”منتصر” بشكل حقيقى.. الجماعة تبرر ذلك بأن الكشف عن هويته ربما يعرضه للاعتقال.. التواصل معه عبر فيس بوك وتويتر، وميكرفون وهواتف مجموعة قنوات الجزيرة، أجدى كثيرًا بالنسبة لها.

التنظيم يزعم كذلك أن منتصر هذا، يتواجد داخل مصر. الأكثر مصداقية ربما أنه خارجها.. لا أهمية له بالنسبة للجماعة داخل الحدود. هى لا تريد إلا استغلال صوته لمزيد من التحريض ضد الدولة، للإيحاء أنها تعيد ترتيب القيادة، ومن ثم تحتوى غضب القواعد بعيدًا عنها ولو مؤقتًا، شغل الأخيرة بمعارك يثيرها ويدعو إليها المتحدث المزعوم، بحيث تظل عجلة التوتر فى الشارع دائرة دونما انقطاع، بما يسهم فى إثقال كفة الإخوان سياسيًا فى مواجهة الحكومة وصناع القرار الكبار، فضلًا عن سد الطريق على أى مجموعات شبابية أو غير شبابية فى الإخوان، تتبنى وجهات نظر إصلاحية انقلابية على الصقور، ومن ثم تمنعها من إصدار أى بيانات، أو رسائل أو تعليمات باسم فريق المرشد، ورفاقه.

المتحدث الخدعة، لم يكذب خبرًا.. بضع ساعات سابقة على ذكرى 25 يناير، كانت كافية بالنسبة له، من أجل تحريض من تبقى من التنظيم تحت الأرض ليصعد فوقها، بدعوى استكمال الثورة.. فى المقابل حاول بشتى الطرق والوسائل إثناء أبناء جماعته عن الانسحاب من معركة المطرية.

سقوط الضحايا والاستمتاع بذلك، بدا ملحوظًا فى بيانه الذى أصدره والدماء لا تزال تتدفق، والنيران ما تزال على جذوتها، والرعب يسيطر على الأجواء، على أمل استمرار حالة المواجهة لتصل إلى ما بعد حدود الكارثة.. الرجل وتنظيمه مغرمان بإلقاء أبنائهم إلى الهلاك، بقلب ميت، بحثًا عن الوصول مجددًا إلى كرسى الحكم من فوق جثث البسطاء والمختطفين ذهنيًا وشعوريًا.

يقول المتحدث فى بيان له أمس نصًا: “بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.. رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ.. تحية إلى الشهداء والثوار الثابتين الصامدين فى الميادين الذين يضربون اليوم أروع الأمثلة فى التضحية والنضال الثورى.. تحية إلى الصامدين أمام المدرعات والمجنزرات فى كل ميادين مصر.. فبصمودكم أيها الثوار تنجح الثورة وينكسر الانقلاب.. أتحدث إليكم الآن وقد زادت تظاهرات اليوم على 230 فاعلية اتسمت بالجرأة والصمود فى وجه الآلة القمعية الغاشمة فقد تصدى الثوار اليوم لمدرعات ومجنزرات الشرطة واستكملوا تظاهراتهم لتصل رسالتهم كاملة فى مشاركة شعبية واسعة.. ننقل اليوم رسالة جديدة إلى هذا الانقلاب الغاشم أنه من اليوم هناك مرحلة جديدة من العمل الثورى.. رسالة مفادها أنه على الانقلاب أن يعى أن الثورة قد دخلت منحنى جديد يتقدم ويتنامى بل أستطيع أن أقول أنه لن يستطيع الانقلاب أن يكسر الثورة مهما استخدم من قوة وبطش.. وأن مسألة انتصار الثورة هى بإذن الله مسألة حتمية وما هى إلا مسألة وقت”.

وتابع: “أقول للشباب أنتم القلب النابض وأنتم قادة هذا الحراك ولكم الدور البارز اليوم والذى أظهر بشكل واضح أنكم تملكون الروح والإبداع والأفكار فى مواجهة تلك الدولة العميقة العجوزة بشكلها القبيح.. فاستمروا واثبتوا واستكملوا ثورتكم كاملة وسيكتب التاريخ أن الشباب من أبناء هذا الوطن هم من استطاعوا بفضل الله كسر هذا الانقلاب.. الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ”.

نفس طريقة التنظيم فى دغدغة المشاعر.. نفس طريقة تعاطى شباب وقادة الجماعة الهاربين مع الدولة: التحريض باسم المظلومية، وبالتمسح بالثورة، وبإعلاء قيم الشهادة إلى منتهاها، من داخل الغرف الفندقية والمنزلية الفخمة فى الدوحة أو إسطنبول أو لندن أو نيوجرسى أو بروكسيل، ليُدفع أبرياء جهلاء فى الأغلب بحقائق الأمور، إلى أتون الدم والهلع الإخوانى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: