تحقيقات صحفيه

حوار محمد عبدالله // ايهاب يوسف للمساء نيوز : لا توجد شركات أمن تصلح للعمل فى مصر

ايهاب يوسف
ايهاب يوسف

بعد نجاح ثورة 25 يناير، ظهر بقوة على الساحة مطلب إعادة هيكلة الداخلية، لتعود وزارة أمنية وخدمية، تقدم خدماتها للمواطنين على أكمل وجه، بدلًا من الاتهامات التى كانت توجه إليها بتنفيذ طلبات النظام، دون النظر لحقوق الإنسان وكرامته، وعلى مدار 3 سنوات، لم ينقطع الحديث عن كيفية الهيكلة، والطرق المثلى لها، والنماذج المختلفة فى العالم.

الدولة لا تقوم بدورها فى حماية الشباب من الأفكار المتطرفة
لا يجب الإفراط فى استخدام شعار «محاربة الإرهاب» لأنه سيبعد أى سائح عن مصر
على الرئيس شرح ما حدث فى ملف المصالحة مع قطر

ولمناقشة تلك القضية المهمة، استضفنا الدكتور إيهاب يوسف، المحلل الأمنى وخبير دراسة المخاطر، وأمين عام جمعية الشرطة والشعب لمصر، نائب أول رئيس شعبة الأمن والحراسة بالغرفة التجارية، ليوضح لنا من خلال خبراته الأمنية، كيفية هيكلة الداخلية، لتصبح أكثر كفاءة، وليشرح لنا أيضا ملامح مشروعه الجديد الذى يحمل عنوان “المؤسسة الأمنية.. عقد أمنى جديد”، ويوضح رؤيته لتشكيل المجلس الأعلى للشرطة، وعلاقته بوزير الداخلية.

تقاعد يوسف منذ سنوات، ليبدأ مشوار الدراسة الأكاديمية، التى أكسبته خبرة ورؤية فى مجالات الأمن. وأيقن منذ 2007 أن هناك أزمة بين المواطن ورجل الشرطة، فكانت فكرة إنشاء جمعية مدنية لتحسين العلاقة بين الطرفين، وتجاوز ما بينهما من نقاط خلاف، مع الاستمرار في محاولة تقديم رؤى مختلفة، لتحسين أداء الشرطة وصورتها في أذهان المواطنين.

هل تؤثر المصالحة مع قطر على الحالة الأمنية فى مصر بشكل عام، وعلى العمليات

الإرهابية فى سيناء بشكل خاص؟

إذا قسمنا المشهد الأمنى فى مصر، سنجد أن لدينا الكثير من المشاكل، فليس لدينا وضع أمنى مثالى، فقبل ثورة 25 يناير كان يوجد جزء من المنظومة الأمنية نعتقد أنه جيد، لكن فى الحقيقة كان هشًا، وبعد عام 2011 واجهنا، ونواجه، العديد من العمليات الإرهابية التى تستهدف الضباط وأقسام الشرطة، إضافة للخصوم الموجودين على أرض الواقع.

وهناك من يقول إن قطر تموّل العمليات الإرهابية التى تحدث فى مصر، ولو صحّ هذا الكلام، فأعتقد أن مصر سترفض المصالحة، لكنى أعتقد أن من قال إن قطر تمول الإرهاب فى مصر لا يعتمدون على معلومات موثقة.

وما يثير غضب مصر أيضًا هو استضافة قطر بعض الخارجين على القانون من المصريين “المطلوبين أمنيًا”، ولكن رأينا بشائر من قطر فى الفترة الماضية، حيث طلبت من بعض المقيمين لديها مغادرة أراضيها. وعندما نقول المصالحة مع أى دولة، يجب أن نحسب الفائدة والضرر، وأعتقد أن هدف مصر هو إنهاء النزاع العربى، وتوحيد الكتلة العربية.

 

ما الثمن السياسى الذى ستقدمه مصر لإتمام هذه المصالحة؟

لا أظن أن مصر ستدفع ثمنًا سياسيًا، ونحن اعتدنا من الرئيس عبدالفتاح السيسى التحدث فى الأمور المثيرة للجدل وشرحها.. وأنا أعتقد أنه سيتكلم فى هذا الموضوع وبكل صراحة.. يجب أن يشرح للناس ما حدث، خصوصًا بعد الحشد النفسى للمصريين تجاه قطر، وقناعتهم أن قطر تآمرت عليهم، إذن لو حدثت مصالحة يجب أن يتم شرحها بجميع أبعادها.

لو تم إثبات أن قطر كانت تتآمر على مصر.. فعلى ماذا ستكون التسوية فى هذه

الحالة؟

صعب أن نناقش هذا الموضوع دون وجود أدلة أو معلومات توضح مفردات هذه القضية.. لكن إذا تم إثبات أن قطر كانت تمول العمليات الإرهابية فطبعًا لن يكون هناك تصالح، وأعتقد أنه لا توجد معلومات موثقة تثبت ذلك، وإلا كانت مصر لتتصرف بشكل مختلف وعنيف. لكن يوجد بعض التصريحات الدولية مثل تصريحات نائب الرئيس الأمريكى، الذى أعلن أن تركيا تمول العمليات الإرهابية.. وأيضًا تصريحات بريطانيا عندما أوضحت أن قطر تمول تنظيم “داعش”.

التنظيمات الإرهابية الموجودة فى الشرق الأوسط تلعب لصالح أجهزة مخابرات دولية، ليس لصالح قطر أو تركيا، لأن قطر وتركيا أضعف من تمويل تنظيمات كهذه، ولو تكلمنا عن “القاعدة” أو “داعش” سنجد أن التصريحات الموثقة لهيلارى كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، قالت إن أمريكا هى من صنعت “القاعدة” وأمريكا هى التى مولت هذا التنظيم لتواجه الاتحاد السوفيتى.. ونفس الموضوع يتكرر الآن مع “داعش”.

عندما نجد أن 50 دولة تحاول أن تواجه “داعش” ومع ذلك تسيطر “داعش” أكثر وتتحسن أوضاعه، هى التى تسيطر أكثر ووضعها أحسن، فهذا معناه أن الطائرات التى تقلع لتدمر مناطق “داعش” لا تفعل هذا، لكن بالعكس تضرب القوات التى تحاربها فى الأساس، وهذا فى منتهى الخطورة، ولا أعتقد أن قطر أو تركيا تحرك “داعش”، بل هى دول أكبر، قد تكون أمريكا أو إنجلترا، ولو كانت تركيا أو قطر شركاء فى تنظيم “داعش” سيكونان كشريك منفذ وليس مخططا.

يجب أن نوقف تخطيطات هذه التنظيمات الإرهابية فى الشرق الأوسط، لأن الخطوة المقبلة لها مصر والسعودية، لذا يجب لم الشمل العربى من خلال القوتين، العسكرية والمالية، ويتم لم بقية المجتمع العربى المتماسك، ومحاولة تقوية تونس وسوريا والعراق وإعادة تشكيل المنطقة.

ما التحدى الأمنى الإقليمى الأكبر الذى يواجه مصر؟

 

مصر لديها مجموعة تحديات ضخمة وأخشى أن من يدير المنظومة الأمنية لا يدركها بصورة كافية، ويجب على أجهزة الأمن أن تعمل على محورين هما “شق المعلومة” و”شق التنفيذ”، فهل لدينا معلومات كافية عن التنظيمات الإرهابية التى تخطط ضد مصر؟ وهل لدينا قدرة على رصد التحركات المعادية لمصر داخليًا أو خارجيًا؟ وهل تعلمنا فى السنوات الماضية أن نعيد تكوين قدراتنا لتتماشى مع المراحل التى نمر بها؟

ما زلنا نعتمد على الفكر النمطى الذى أثبت فشله فى تحدى الصعاب فى 2011 ، بعد ثورة 25 يناير، اكتشفنا بعض أسباب الخلل الأمنى، واكتشفنا أنه لا يوجد تسلسل قيادى يتم الرجوع إليه فى الأزمات.

هل تمت الآن إعادة البيت من الداخل، ورسم خطة أمنية جديدة تتماشى مع التحديات الموجودة؟ أعتقد أن هذا لم يحدث ولم يتم رسم أى خطط لتفادى الخلل الأمنى الذى نعانى منه.. نحن ما زلنا فى مرحلة إعادة التكوين، ونسير فى الاتجاه الصحيح، لكن بسرعة بطيئة، ونحتاج لعمل كبير فى مجال الأمن لتحقيق ما نريده، فضلًا عن أن الحالة الأمنية لضباط الشرطة مختلفة عما كانت عليها، لأن الشرطى كان يرى نفسه فى مكانة معينة وفى ثورة يناير تم تغيير هذه المكانة.

المجتمع بالكامل لديه الآن اضطراب نفسى بعد ثورتين.. فى ثورة يناير الشعب نزل الميدان ونظف الشوارع تمهيدًا لعهد جديد مختلف، لكن هذا لم يتحقق، فحدث نوع من عدم التقييم الصحيح هل كنا صوابا أو خطأ؟ وذلك أخذنا إلى ثورة أخرى فى 30 يوينو، وما زال هناك شك فى “هل هذه الثورة حققت مطالبها أم لا؟” فأصبح المصريون خائفين من المستقبل.

هل توجد تجربة شبيهة لنا أو دولة من الممكن أن نقتدى بها مرت بنفس ظروف مصر؟

 

توجد تجارب كثيرة فى أوروبا وشرق أوروبا.. مثل هولندا وجورجيا.. الفكرة أن هناك علما يُدرس فى أكاديميات أوروبا يسمى “إعادة تطوير أجهزة الأمن”.. فمثلًا جورجيا تعد نموذجًا رائعًا.. حيث كان بها فساد لدرجة أن رجال الشرطة كانوا يحصلون الأموال من الناس تحت تهديد السلاح.. فأعفت بجورجيا 30 ألف رجل شرطى من الخدمة، وتم إعادة تأهيل وتدريب أفراد الشرطة المتبقين، وزيادة مرتباتهم، وخلقوا شراكة بينهم وبين الشعب فى العمل الأمنى، حتى أصبح قسم الشرطة بحوائط زجاجية تعبيرا عن الشفافية، التي تعاملوا بها مع المواطنين، ، وأصبح الشرطى هناك شريكا وصديق المواطن.. هذه تجربة بسيطة وناجحة.

أما فى مصر فنحتاج لمنظومة جديدة فى مؤسسة الشرطة والشعب، أطلقنا نحن عليها “عقد أمنى جديد” هذا العقد يتضمن التزامات على الشرطة وواجبات من المواطن لنعمل بمنهجية منضبطة.. الكثير يقول إن “الشرطة فى خدمة الشعب” وأنا أرى أن هذا الشعار ليس الحل ولا يعبر عن شىء لأن الطبيب فى خدمة الشعب والإعلامى فى خدمة الشعب.. إلخ، لكن دور الشرطة هو إنفاذ القانون وتقرير العدل والحق..

نحتاج نظرة جديدة لأن فكرة الكلاسيكيات فى النظام الأمنى لن تعطى الحل.. نحتاج فى مصر أن ننمى الاقتصاد ونعيد استقرار المواطن ليشعر بأن الدولة قوية، وهذا لن يتحقق إلا بالأمن القومى، والأمن لن يأتى إلا بمنهجية جديدة تحدد العلاقة بين المواطن ورجل الشرطة.

فى مشروع “عقد أمنى جديد” هل يتم وضع اقتراحات بمعايير جديدة لاختيار أعضاء

المجلس الأعلى للشرطة؟

 

وزارة الداخلية تنقسم لشرائح، ونحن كمصريين دائمًا نسمع كلام القيادة وإذا حاول المجند البسيط أن يطور شيئا فى الداخلية فلا أحد يسمع له، وفكرة التطوير من أسفل قد تكون ناجحة ولكن ليس فى الداخلية.

المجلس الأعلى للشرطة من المفترص أن له دورًا وفق للدستور ودوره لا يتحدد وفقًا للنظام ولكن يجب وضع منهجية، والقدوة فى هذا الموضوع هى القوات المسلحة.. لذا نحتاج مجلسا أعلى للشرطة، فعالا وله سلطة ويستطيع وضع إستراتيجية الوزارة.

لو رجعنا أيام الملك سنجد منصب اسمه “الوكيل الدائم” هذا المنصب لا يتغير بتغيير النظام، ودوره وضع الإستراتجية والرؤية السياسية للوزارة.

ونعطى مثالا على هذا.. منذ فترة أعلنت وزارة الداخلية عن فصل 40 طالبًا فى الشرطة لانتمائهم للإخوان.. وبالطبع تم دخولهم فى عهد الإخوان.. وهذا يدل على أنه لا يوجد منهجية فى وزارة الداخلية وهذا خطأ لأننا نحتاج خطا واحدا نسير عليه.

كما يجب الخروج من التعديل الذى حدث على قانون الشرطة 1998 الذى يقول “كل الضباط من رتبة عقيد فما فوق يتم تجديد الوظيفة له كل سنة”، لأن هذا يجعل متخذى القرار لا يناطحون المسؤولين خوفًا من الإطاحة بهم فى نهاية العام، هذا القانون سبب فى تراجع المشاركة فى اتخاذ القرار.. أتمنى أن يكون هناك مجلس أعلى للشرطة فعال، ولكى يحدث هذا نحتاج أسلوب مختلف فى الإدارة، ويتم اختيارهم وفق معايير محددة ونمد فترة عملهم حتى 3 سنوات، ويجب وضع لجنة لاختيار أعضاء مجلس الأعلى للشرطة وفق معايير وكفاءات معينة أو أن يكون لديهم رؤية معينة ويتم مناقشة هذه الرؤية وبالتالى نستطيع أن نعرف خططهم أو ما سيقدمونه خلال فترة عملهم.

ما الهدف الأساسى من جمعية “الشرطة والشعب”؟

هى جمعية أنشئت عام 2007 لتحسين العلاقة بين الشرطة والشعب، لأنه منذ 2005 يدور الحديث فى كثير من وسائل الإعلام عن انتهاكات، وبدأ يحدث تضخيم لهذا الموضوع لدرجة أن البعض اعتقد أن “اللى هيدخل القسم هيضرب”، فكان هدف الجمعية هو معرفة حجم المشكلة ومساعدة وزارة الداخلية، كى تطور آلياتها، وتشرح للشعب الحقيقة دون تجميل صورة أحد.

ما الذى تم رصده من خلال الجمعية؟

عقدنا منذ 2007 إلى 2010 عدة لقاءات مع نحو 5000 شاب وشابة على مستوى الجمهورية، وكانت نتيجة هذه اللقاءات أن الصورة الذهنية المترسخة عند الشباب عن علاقة الشرطة بالشعب، سيئة، بنسبة تتراوح ما بين 85% لـ95% أما نسبة الواقع فمن 15% لـ20%، بمعنى أننا عندما سألأنا هؤلاء الشباب عن علاقتهم بالشرطة أجاب نحو 85% بأنها علاقة سيئة، لكن عندما سألناهم هل لدى أحد منهم تجارب واقعية مع الشرطة كانت النسبة 15%، ففرق هذه النسب تعتبر عن صورة ذهنية مغلوطة عن الشرطة مسؤولة عنها وزارة الداخلية بلا شك، والوزارة عليها توصيل الصورة الصحيحة للمواطن.

لكن الشرطة الأمريكية لا تتعامل بهذا المنطق.. ولا تحاول تصحيح مواقفها حتى لو

كانت خاطئة؟

لأن هناك صورة ذهنية لدى المواطن الأمريكى، بأن الشرطة الأمريكية عادلة، فعندما يُقال إن هذه المواقف أخطاء فردية، فالشعب الأمريكى يصدق ويتقبل هذا، لكن فى مصر الإعلام وجمعيات حقوق الإنسان استطاعوا ترسيخ صورة ذهنية لدى المواطن بأن الشرطة غير عادلة، وعلى الشرطة أن تنقل الصورة الصحيحة.

إلى أى مدى تتعامل الشرطة مع المرشدين، كلاعبين لهم دورهم ويتم حرقهم فى

النهاية، مثل ما عرضه فيلم الجزيرة؟

المرشد عنصر مهم جدًا بالنسبة للداخلية من المفترض أن حجمه ودوره يحددهما من يتعامل معه فى الداخلية، فمن الطبيعى أنه إذا توحش تستطيع الداخلية أن تتعامل معه، ووجوده من عدمه مرتبط بحجم الفائدة التى يقدمها “فائدة مجتمعية”، لكن فى فيلم الجزيرة كان هناك مبالغة أكثر لأنها دراما.

ما الفرق بين الإرهاب الآن وإرهاب التسعينيات؟

“مصر تواجه أو تحارب الإرهاب” شعار يجب ألا نستخدمه بكثرة كي لا نبعد السائحين. فى التسعينيات كنا نواجه أناسا لهم فكر دينى مختلف ويعتقدون أنهم على حق، فبدأوا يفرضون هذا الفكر المتشدد بالعنف، وعندما بدأت الأجهزة الأمنية مواجهتهم، نفذوا عمليات إرهابية ضد الشرطة والقوات المسلحة ومواطنين أبرياء، لكن حجم التسليح كان محدودًا جدًا وعقيدتهم كانت مختلفة عن العقيدة المنتشرة الآن، لأن فكرة الجهاد والدولة الإسلامية فى التسعينيات لم تكن منتشرة، فكان من السهل مواجهة الإرهاب فى هذه الفترة.

ما نواجهه الآن مختلف، لأننا نواجه أناسا لديهم طائرات ودبابات وتمويل خارجى وأجهزة مخابرات تغذّيهم ومن أهدافهم تفتيت الدول، المشكلة أنهم يستخدمون الشباب لتنفيذ أغراضهم، ويجب على أجهزة الدولة تطهير أذهان الشباب ولا أظن أن الدولة تقوم بهذا، ويجب أن ننقذ هؤلاء الشباب وهذا دور الداخلية والإعلام والأحزاب السياسية وقادة الرأى والفكر.

بما أننا نواجه إرهابا أقوى الآن.. كيف يمكن أن نواجه ذلك والداخلية ما زالت فى مرحلة

البناء؟

علم الإدارة مهم جدًا، ويجب أن نحدد حجم المعلومات التى لدينا، وحجم المتدربين، وهل يوجد جديد من الأعداء, بمعنى أنه يجب أن ندرس إدارة المخاطر والأزمات، لأن لدينا مخاطر محتملة تتمثل فى زيادة أعداد المنضمين للتنظيمات الإرهابية، وزيادة أعداد الأسلحة المهربة عبر الحدود، وأعمال استخبارتية ضدنا، ولدينا قوات أمن منهكة ومنشغلة، وليس لديهم أى فرص للتدريب.. نحتاج إعادة تخطيط فى هذه الجزئيات.

ما أبرز المشاهد التى لم تنسها خلال عملك؟

عندما تم ذبح عميد يدعى عصام شمس، كان رئيس مباحث شارع قسم عين شمس، فى الشارع، هذاهتعتبر ذكرى سيئة بالنسبة لى، لأننى لم أكن أتخيل أنه سيتم ذبح أحد لأنه يقوم بمهام وظيفته، وكان هذا موضوعًا قاسيًا جدًا.. فقدنا العديد من الضباط بسبب القصور فى المعلومات.

توجد اتهامات توجه لوزارة الداخلية بأنها تريد العمل بطريقتها السابقة.. فما رأيك؟

يجب استغلال عيد الشرطة المقبل فى بناء شراكة بين الشرطة والشعب، لأن الاتهامات ستظل موجودة، حيث توجد مخططات خارجية تريد لأجهزة الأمن السيادية أن تنهار، لذا يجب استغلال 25 يناير المقبل لوضع نموذج جديد يعبر عن علاقة الشرطة والشعب وإثبات أنهم شركاء فى الوطن، ويجب أن نعظم دور رجال الشرطة فى يوم 15 يونيو 2013 لأن ضباط الشرطة اجتمعوا فى هذا اليوم، واتفقوا أنهم ضد من يتعرض للشعب المصرى وأنهم سيساعدون المواطنين فى ثورتهم، وبذلك حدثت شراكة بين الشرطة والشعب، ونوضح هنا أن الشعب والشرطة كانوا يدا واحدة يوم 30 يونيو، ويجب العمل على كل هذه المحاور.

ومن ناحية أخرى، يجب تطوير أداء الشرطة، عن طريق رصد من تعرض لظلم من قبل الداخلية، فمثلًا من الممكن أن تعلن الداخلية أن كل من تعرض لظلم من بعد ثورة يناير حتى الآن من حقه أن يتقدم ببلاغ حتى يتم حصر كامل لكل البلاغات والشكاوى، ويتم بحث هذه البلاغات وحلها، وبعد ذلك لو جاء أحد ليشكو من الشرطة يصبح خاطئًا.

هل يتم تأمين الجامعات بصورة أفضل بعد الاستعانة بشركات خاصة؟

 

الفنادق والبنوك والفيلات تأمّن بشكل خاص.. وبعد صدور حكم فى 2010 بسحب الحرس الجامعى كان من المفترض أن يتواجد البديل ولكن لم يتم توفير البديل، وبالتالى شركة خاصة توالت مهمة تأمين الجامعات.

فرد الشرطة يكلف الدولة الكثير سواء للتدريب أو المرتبات، وبالتالى الدولة يجب أن تترك لفرد الشرطة المهام التى يصعب على الآخرين القيام بها، وبالتالى يمكن تقسيم الأماكن حسب الحاجة، فهناك مكان يحتاج لتدريب أمنى كبير ومكان آخر يحتاج تدريبا أمنيا متوسطا، وهكذا، ويجب أن نبدأ فى توزيع المهام بين الداخلية والشركات الخاصة.

السؤال هنا “هل يوجد شركات أمن تصلح للعمل فى مصر؟”.. أنا لا أعتقد هذا لأنه لا يوجد شركات تحصل على التدريب الكافى بما فيهم شركتى، لأن التدريب مكلف ولا يوجد “زبون” يدفع ثمن هذه الخدمة.

فى مصر ينقصنا علم إدارة المخاطر الأمنية وهو علم مهم لأنه يقيس المخاطر الموجودة وكيفية معالجة كل خطر، لكن ما نستطيعه هو تقليل احتمالات حدوث أزمة.

دائما تتحدث على الظلم الذى يتعرض له مجند الأمن أو القيادات الصغرى فى الداخلية..

كيف يمكن معالجة هذا الأمر؟

أى فرد يؤدى عمله يجب أن يأخذ مقابلا، يضمن له حياة كريمة ومن ضمن هؤلاء رجال الأمن.. فالشرطى فى الشارع معرّض للبرد والحر والاضطراب النفسى ويعمل لساعات طويلة ومطلوب منه أن يكون منضبطًا فى العمل ولا يرتكب أخطاء ويبتعد عن الفساد، فيجب أن يأخذ عائدا ماديا يستطيع العيش به.. بلا شك المرتبات ضعيفة وكلما انحفضت الدرجة الوظفية انخفض الراتب.

ما أخطاء الشرطة فى ثورة 25 يناير وبعد ثورة 30 يونيو؟

جميعنا أدرك فشل الداخلية فى رصد ما حدث فى 23 يناير.. صحيح الداخلية لم تقتل المتظاهرين لكن فى النهاية من قتلهم؟ يجب على الداخلية أن تقول من قتلهم وتوضح كيفية ضمان عدم حدوث ذلك مرة أخرى.

يوم 30 يوينو الشعب حمل أفراد الشرطة على أكتافه، وهذه أقوى علاقة بين الشعب والشرطة وحدث تلاحم بنسبة 100% وهذه معجزة، ولو قلّت هذه العلاقة يجب أن نعرف السبب سريعًا لنتداركه.

وزارة الداخلية أعلنت أنه يوجد 600 جهادى مصرى انضموا لـ”داعش” كيف تتعامل

معهم الدولة إذا عادوا لمصر؟

إنجلترا تتعامل مع هؤلاء بالحبس أو من الممكن أن تسحب منهم الجنسية، وتوجد دول أخرى كالدنمارك تقوم بعمل مراكز إعداد لاحتواء هؤلاء الأشخاص ومحاولة إدماجهم فى المجتمع.. ولكن بالنسبة لمصر، أعتقد أنه لا بوجد أى تصور أو استعداد، ولكن يجب السيطرة على أفكار هؤلاء.

إلى أى مدى يتصادم العمل الشرطى مع حقوق الإنسان؟

من أخطر الأفكار أن نقول إن العمل الشرطى يتعارض مع حقوق الإنسان بالعكس.. الأمن من أهم مفاهيم حقوق الإنسان، فكيف تعيش وتحيا دون أمن. والنظر لحقوق الإنسان على أنه ملف شرطى فقط خطأ، لأن ملف حقوق الإنسان به الحق فى التعليم والصحة والمواصلات وأيضا الحق فى الكرامة ولكن التركيز أكثر على الانتهاكات وحق المواطن فى الكرامة.

مثال بسيط، نحن 90 مليون مواطن فى مصر، ومن المفترض أن من لهم القدرة على الحركة هم 50 مليون فرد.. سنفترض أن 100 ألف شحص يتحرك يوميًا “هذا عدد قليل”، 100 ألف شخص فى 360 يوما بالسنة، سيكون رقمًا كبيرًا جدًا، ولو تم مقارنة هذا الرقم بعدد الانتهاكات التى تحدث ستكون النسبة قليلة.. هذا لا يمنع أن يحاسب من أخطأ للحصول على حق المواطن والقصاص من الشرطى المخطئ.. نحن ليسنا فى حالة سيئة لكن نحتاج أن نصبح أفضل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: