آدم وحواءتهانى ومناسبات

بعد تداول أخباره مؤخراً في وسائل الإعلام.. هل ينتشر انتحار الـ”كوبي كات” في مصر؟

35071421-300x180“كوبي كات”، ظاهرة عدوى الانتحار تقليداً لحالة انتحار سابقة، أخبر عنها وعن كيفيتها من خلال الجرائد أو وسائل الإعلام أو صور أو أخبار متداولة بين الناس، فالحالة الأولى للانتحار تمثل النموذج لحالات الانتحار اللاحقة لها، وكلما انتشر خبر الحالة الأولى والطريقة التي انتحر بها، زاد ذلك من نسبة الانتحار بعدها لاحقاً، حيث يعتبر تداول أخبار انتحار المشاهير في الإعلام بكثرة من الأسباب الرئيسية في انتشار عدوى الانتحار.

ومن أشهر حالات عدوى الانتحار، هي حالة المواطن التونسي “محمد البوعزيزي” الذي قام بحرق نفسهيوم 17 ديسمبر 2010، حيث تم رصد مئات الحالات من الانتحار في الشرق الأوسط وأوروبا بنفس الطريقة التي انتحر بها البوعزيزي، وكانت الحالة الأولى هي “محسن بولطيف” وهو مواطن جزائري والد لطفلين يبلغ من العمر 37 عاماً، والذي أحرق نفسه أمام مبنى حكومي بالجزائر، ثم انتحر بعد ذلك بنفس الطريقة “عبدالحفيد بودشيشا” 29 عاماً.

محمد البوعزيزي

وفي الست شهور التالية،  رصد حوالي 107 تونسي حاولوا الانتحار بنفس الطريقة التي انتحر بها البوعزيزي، وكان معظم هؤلاء أشخاص غير متزوجين وفقراء ويسكنون في مناطق ريفية، وفي إسرائيل تم رصد “موشي سلمان” وهو يحاول حرق نفسه بنفس الطريقة، وفي السعودية تم رصد مواطن يبلغ من العمر 65 عاماً حاول حرق نفسه يوم 21 يناير عام 2011 في منطقة جيزان، حيث تعتبر هذه أول حالة للـ “كوبي كات” في السعودية.

حالات عدوى أخرى

أشارت الجمعية الأمريكية لعلم الانتحار  إلى دراستين أجريت في عام 1990، حيث وجدت أن 90% من حالات الانتحار في فينا بالنمسا كانت عن طريق رمي الشخص نفسه على قضبان القطارات، تبع ذلك تغطية إعلامية لحالات الانتحار والموت أقل مما سبق خوف من انتشارها، كما نشرت دراسة في عام 2013، رصدت حالات انتحار في تايوان عن طريق الحرق بالفحم، حيث تم توصيف الحالة بانتحار “كوبي كات”، أو انتحار التقليد.

في 1980، قامت بنتان يعيشن في شمال سريلانكا، بالانتحار عن طريق أكل نبات “أولياندرز” الأصفر، وهي نبتة سمية تنمو في المناطق الاستوائية، في السنة اللاحقة، ظهرت حالات تسمم بلغت 23 حالة، ويرجح انها انتشرت بعد رصد حالة الانتحار الأولى، في السنة التي بعدها رصد حوالي 46 حالة، والتي بعدها تم رصد المئات من الحالات، حيث أصبح  تناول نتبة الدلفي الصفراء من أبرز طرق الانتحار في سريلانكا بعد ذلك، بالرغم من جهود الحكومة السريلانكية حتى الأن.

ومنذ فترة قليلة وبعد الحرب على غزة بعد أن تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، قرر ثلاثة جنود إسرائيليين الانتحار عن طريق سلاحهم الشخصي، وكان هذا الحادث صادماً نظراً لأن الجنود الثلاثة ينتمون لنفس الوحدة التابعة للواء غيفعاتى، رغم شهرة الوحدة بتدينها وتمسكها بتعاليم العهد القديم.

وأفادت بعض التقارير، أن الانتحار أكثر وقوعاً ما بين الأشخاص البالغ عمرهم 25 سنة فالأقل، ويكثر وقوع الانتحار بين المرضى النفسيين وبين أفراد الأقليات وبين الأشخاص الذين يعانون من مشاكل اقتصادية أو تمييز ثقافي أو في السجون، ومؤخراً تم رصد حالات انتحار ملحوظة بين الجنود الأمريكيين في أفغانستان والعراق.

الجمعية الأمريكية لعلم الانتحار

وفي السنين الأخيرة، أصبح الانتحار من أبرز خمسة أسباب للوفاة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الـ15 والـ 19 وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، وتذكر دراسة عن انتحار الشباب أجريت في عام 1987، أن نسبة 5% من الشباب ينتحر تباعاً نتيجة الصدمة التي يتعرضون لها بسبب مقتل صديق لهم في مراهقتهم، حيث أن متقل صديق من الممكن أن يحفز شخص عنده القايلية على الانتحار للقدوم على هذا الفعل.

الانتحار في مصر

كشفت إحصائية صادرة عن المركز القومى للسموم التابع لجامعة القاهرة عن تزايد أعداد الشباب المصريين المنتحرين بسبب العنوسة والبطالة، حيث أقدمت حوالى 2700 فتاة على الانتحار سنويا بسبب العنوسة، فضلا عن إقدام العديد من الشباب على الانتحار أيضا بسبب البطالة وصعوبة الزواج، خصوصا ممن يعيشون قصصا غرامية.

وأظهرت دراسة مصرية أن هناك 3708 حالات انتحار وقعت فى مصر خلال عام 2007، وأن نسبة المنتحرات من الإناث كانت أكثر من الذكور لتصل إلى 68% للإناث مقابل 32% للذكور، وسبق أن سجلت إحصائيات المركز القومى للسموم التابع لجامعة القاهرة وقوع 2355 حالة انتحار بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 22 و23 عاما خلال عام واحد طبقا للإحصائيات الرسمية.

وأكدت دراسة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية أن عام 2009 شهد محاولات للانتحار فى المدن والقرى المصرية بلغت 104 آلاف حاله تمكن 5 آلاف منهم من التخلص من حياتهم وأن الفئة العمرية الأكثر إقبالا على الانتحار هى مابين 25 و40 عاما حيث تمثل النسبة الأكبر لانتحار الرجال وأن معظم حالات الانتحار يرجع إلى الظروف الاقتصادية وعدم القدرة على الإنفاق على الأسرة.

وفي عام 2011  سجلت حالات الانتحار حوالي 18 ألف حالة فى مصر منها نحو 3 آلاف حالة انتحار لمن هم أقل من 40 عاماً، فيما تقول تقارير أخرى إن خمسة أشخاص من بين كل ألف شخص يحاولون الانتحار بهدف التخلص من مشكلاتهم.

Iran has lashed out at Western nations, saying a spate of executions in the Islamic republic was none of their business, as it defends the hanging of an Iranian-Dutch woman

وقد انتابت الشارع المصري حالة من الصدمة مع ارتفاع عدد حالات الانتحار، خاصة بعدما بلغت 15 حالة في أسبوع في شهر سبتمبر الماضي، بينها ثلاث سيدات وطفلة، وذلك بسبب تردي الأوضاع المعيشية والاجتماعية.

وشهدت البلاد خلال الأيام القليلة الماضية الماضية6 وقائع انتحار منها 4 انتهت بموت المقدمين عليها، و2 تم إحباطهما من قبل رجال الأمن والمواطنين، ولم يتوقف حتى الآن قطار المنتحرين والمتخلصين من حياتهم عند هذا الحد، ومازال مستمراً ليشمل ضغاف النفوس الذين لا يقدرون على مواجهة مصاعب ومتاعب الحياة وأول ما يلجأون له قتل أنفسهم.

وقال خبراء اجتماع “إن تزايد حالات انتحار الشباب يأتى نتيجة للبطالة وعدم توافر فرص العمل حتى سن متأخرة للشباب، كما تشير دراسات أمنية مصرية إلى أن نسبة من الشباب المصرى والعربى الذى أقبل على الانتحار ترجع إلى بطالة هؤلاء الشبان وشعورهم باليأس وأنهم عالة على أسرهم التى ربتهم وعلمتهم وظلوا فى كنفها حتى بلغت أعمار بعضهم سن 40 عاما بدون عمل أو زواج أو أمل فى مستقبل مهنى محترم.

وقال الدكتور هشام بحيري، رئيس قسم الطب النفسي جامعة الأزهر، لصحيفة المصريون، إن على رأس أسباب الانتحار في مصر ضغوط الأعباء المالية وضيق الحال من مرض وفقر وجوع. وأوضح أن مصر يوجد بها حوالي 900 ألف مواطن مقبل على الانتحار خلال الفترة المقبلة بسبب إصابة عدد كبير منهم بالاكتئاب العقلي، حيث إن نسبة الانتحار فيه أكثر من انتحار الإنسان الطبيعي.

وتزداد المخاوف من انتشار عدوى الانتحار بين المراهقين والشباب المصري مع الوقت، وخصوصاً وأن دوافع وأسباب الانتحار موجودة بسبب الظروف النفسية والاجتماعية والمعيشية الصعبة.

هل الإعلام سبب في انتشار الانتحار ؟

تعتبر قضية الانتحار من أهم القضايا التي تشغل العالم المتحضر، نظراً لازدياد معدل الانتحار في العقد الآخير،ففى كل عام يقضى أكثر من 800 ألف شخص نحبهم منتحرين، وهو ما يعنى حالة انتحار كل 40 ثانية تقريباً، وتمثل كل حالة انتحار مأساة تؤثر على الأسر والمجتمعات والبلدان بأكملها بما تحدثه من آثار طويلة الأمد على من تركوهم وراءهم، ويحدث الانتحار فى مختلف مراحل العمر، وكانت منظمة الصحة العالمية قد قررت الاحتفال باليوم العالمى لمنع الانتحار فى يوم 10 سبتمبر 2003 بالاشتراك مع الرابطة الدولية لمنع الانتحار.

وفي عام 2013، نشر مركز السيطرة على الأمراض والوقاية في الولايات المتحدة، أن الأشخاص الذين يموتون بسبب الانتحار أكثر من الذين يموتون في حوادث سيارات، إلا أن تركيز الإعلام على الانتحار، يمكن أن يؤدي إلى نتائج مأساوية إذا لم يتم التعامل مع القضية بحذر.

 alexandre-gabriel-decamps-the-suicide-ca-1836بسبب هذا أصدرت العديد من الجمعيات الأمريكية المعنية بقضية الانتحار بالاشتراك مع ائتلاف الصحفيين توصيات للإعلام يجب مراعاتها أثناء الحديث عن قضية الانتحار، حيث تمضنت التوصيات أكثر من 50 دراسة وبحث، أشارت إلى أن التغطية الإخبارية لحالات الانتحار من الممكن أن تؤدي إلى نقل عدوى الانتحار لأصحاب القابلية والرغبة في ذلك، وأشارات الدراسة إلى أن شرح تفاصيل حالات الانتحار في الإعلام من الممكن أن يكون أكثر إضراراً بالمجتمع.

توصيات الائتلاف

وتقول المجموعة الصادرة عنها الدراسة، أن نشر صور للعائلة أو الأصدقاء توحي بالحزن أو صور المكان الذي وقع فيه الحادث، من الممكن أن تسهم في نشر عدوى الانتحار، ويضيف الائتلاف أيضاً بجانب هذا صور مدرسة الشخص المنتحر أو العمل أو العائلة.

ويقول الائتلاف، إلا أنه رغم الآثار السلبية للإعلام فيما يتعلق بنشر عدوى الانتحار، من الممكن أن يكون ذات تأثير إيجابي من خلال نشر الوعي وتغيير المفاهيم الخاطئة والخرافات والتي تدفعهم للانتحار وتشجيع أصحاب القابلية على الانتحار لطلب المساعدة، وهنا نضع بعض توصيات الائتلاف:

1- تطوير خطة مجتمعية شاملة على يد أطباء نفسيين محترفين بالاشتراك مع مدرسين وأولياء أمور لمراهقين، والوكالات الإخبارية، بعد أن يأخذ الفريق دورات متخصصة في الأمراض النفسية وكيفية إدارة الصدمات النفسية والإجهاد، ومن ثمة يشرع الفريق في وضع خطة لمواجهة ظاهرة الانتحار.

2- عمل جلسات محادثة مع المراهقين الذين يعانون من مشاكل نفسية أو ميول للانتحار ومحاولة معرفة المشاكل التي يمرون بها، ووضع أرقام بإمكان أي شخص صاحب ميول انتحارية أن يقوم بالاتصال بها.

3- إذا كانت المحادثة غير كافية، فيمكن للمراهقين والشبان الصغار اللجوء إلى الاستشارة النفسية.

4-يجب على الأباء والمعلمين أن يميزوا بين الحالات الحرجة التي تحتاج للمساعدة، وفي إطار ذلك يجب وضع معايير حتى يتم تصنيف كل حالة ومن ثمة إرسالهم للمتخصصين.

5- يجب التأكيد على مسؤولية الإعلام فيما يتصل بالانتحار، حيث لا يمكن الاستهان بتأثير قصص الانتحار على المجتمعات التي تتعامل مع ظاهرة عدوى الانتحار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: